الجمعة 19-04-2024 15:58:42 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

شرايين سبتمبرية تتكلم (الحلقة الأخيرة) سبتمبر وجيل الفداء

السبت 25 سبتمبر-أيلول 2021 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت-خاص-عبد العزيز العسالي
 

  

جيل الفداء يمتلك رصيدا فكريا ووحدة ثقافية وإرثا حضاريا، متكامل الرؤية تجاه القضايا المحورية التي لا تقبل المساومة حولها مهما كان الثمن غاليا، وهذا هو "خلق العظماء"، وهذا خلق القلة في كل زمان ومكان، وإليك البرهان الرباني: "فشربوا منه إلا قليل".

الله أكبر تلك القلة التي داست الحطام ورفعت شعار "نترك ما نحب ونتحمل ما نكره".
 
جيل الفداء يستحضر قيما عليا خلّدها القرآن، النملة نموذجا، "ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون".

جيل الفداء يستحضر قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لحكمة"، فاستحضر الشاعر السبتمبري ابن معجب الذي حدد بدقة البوصلة والمسار المنشود قائلا:  
ومن يساوم في حق الشعوب ومن
يطيع فرعون تضليلا وبهتانا
للثورة الأم يا أعداء صحوتنا
لها أقمنا من الهامات أركانا
كل الدسائس يا أيلول عاجزة 
عن أن تعوّق يا أخطار مسرانا
إرادة الشعب في إرساء نهضته
باتت يقينا وإصرارا وإيمانا
لنا إباء تعالى أن يدنسه 
كسب رخيص فقرّي يا ضحايانا
دماك والله ما زالت تعلمنا
أن السيادة تأبى الخلد أثمانا
يا ثورة الشعب يا منهاج وثبتنا
يا صيحة الحق يا فردوس عليانا
يا ثورة الشعب ما أسماك خالقة
ترسين للحق والأجيال بنيانا
إنّا حماتك ما عشنا وما عزفت
نفس بحبك أشعارا وألحانا
نفدي مباديك يا جيل الفداء فلا
تحزن فأيلول دنيانا وأخرانا
فاسحق ذوي البغي والأطماع مقتحما
أهل العمالات من جافى وعادانا
واحشد قوى الشعب وادفن ما يمزقها
تسبق بها العصر إعجازا وإتقانا
واستلهم العزم من سعد ومن عمر
ولا تضيعوا أباة الضيم قحطانا
الشعب أكبر من أعداء يقظته
سلوه كم دك طاغوتا وأوثانا
بالحقد موتوا وذوقوا نار حسرتكم
فقد نسجنا لجهل الأمس أكفانا
شبّت عن الطوق أرضي يا مراوغها
فانظر لدجلك كهانا وغلمانا

(العقيد عبد الله معجب، من قصيدته الرائعة "سبتمبر المجد").

إنها ترجمة صادقة ودقيقة للمسؤولية الأخلاقية التي حملها جيل الفداء السبتمبري، إنه القلب النابض، إنه الشرايين الوطنية الناطقة.

جيل الفداء كان وما زال وسيظل هو صاحب العطاء الجم، كيف لا يكون كذلك وهو الذي تشرّب السلطة الأخلاقية بمنظومتها الشاملة قيما وطنية وإنسانية والمتجذرة في أعماق عقيدة التوحيد.

فانطلق في لحظات الخذلان، لحظات تهاوت فيها الأيديولوجيا الزائفة، المغلفة بلمعان الكذب المزمن، لحظات كانت أمرّ من العلقم، بل أشد من السموم الفتاكة، لحظات أسقطت أنواع المكياج والمساحيق، لحظات أقسى وأصعب من غصص الردى، لكنها في ذات الوقت قدمت مفاجآت ينطبق عليها قول البردوني رحمه الله: كالنصر وسط مخافة الخذلان. 

مفاجآت أثبت فيها جيل الفداء أنه الوريد النابض بالمبادئ، ولسان حاله ومقاله: نحن الفداء لك يا وطن الأحرار.

لكن لحظة جيل الفداء قالت: نحن رجالك يا وطن في اليوم الأصعب عزيمة واستبصار.
لحظة أثبت فيها جيل الفداء أن عزيمته عالية فوق السحاب، وأن عزيمته فولاذية تدك الصخر الصّوان، لحظة استحضر فيها جيل الفداء صوت أبي الأحرار الزبيري رحمه الله الذي أطلقه مدوّيا في أذن التاريخ قائلا:
كي تعلم أمتنا إننا
 ركبنا الخطوب حنانا بها
فإن نحن فزنا فيا طالما
تذل الصعاب لطلابها
وإن نحن متنا فيا حبذا
تجيء المنايا لخطابها

قيمٌ وشعار

لحظة تجلت فيها القيم الشامخة، والتضحيات الراسخة في ذهنية وسلوك جيل الفداء كما رسم لوحتها أ. د. عبد العزيز المقالح قائلا: 
تكسري أيتها الأقلام
تراجعي أيتها الكلمات
أشرف منك صوت حرٍّ مات 
وهو ينازل الظلام ويغمد الرايات
ويحفظ الأطفال في عينيه

لحظة لم تدع الكهنوت يستمتع بانتفاشته البلهاء، وإنما أرسلت إليه الصفعات في اللحظات الأولى قائلة له: أمامك حملة مبادئ، أمامك أنبل وأشرف جيل جمع الآباء والأبناء والأحفاد، أمامك جنادل عتيدة، وأعمدة باسقة فوق الضحى تشربت القيم في أغوار الفطرة هوية وتاريخا وحضارة.

إنها لحظة سكبت الطمأنينة في روع الوطن ولسان حالها يقول: 
يا وطني الجريح أبشر، ها هو جيل القيم السبتمبرية منتشر في الأوساط القبلية، والحضرية، والأكاديمية والإدارية، والحزبية، والمهنية.

فلا تكترث بسقوط قيم علاقمة هذا الزمان، ولا تكترث بخيانات علاقمة الأيديولوجيات التي رفعت شعار حيادية الجيش والأمن، ذلك الشعار الفج أفل سريعا ولم يصمد أمام بيت شعري واحد للشاعر السبتمبري، مختار، قائلا: 
كالمليشيات من لاذوا بصمت 
كرصاص الغدر تنظير الحيادِ

كما أن بيتا شعريا بردونيا تولى دفن عاهات تنظير الحياد، فتوارت مغموسة بالعار حد توصيف البردوني رحمه الله.

جيل الفداء قليل، ولكن ما أكثرهم في ربوع الوطن اليمني. لقد انطلق جيل الفداء بإمكاناته الشحيحة ليسجل موقفه الوطني المبدئي القيمي الخالد لا يريد جزاء ولا شكورا.

إنه جيل ارتضع القيم من المعين القدسي الكوني الأعلى فانطلق حافي الأقدام ضامر البطون غير عابئ بتأخير الرواتب طيلة أشهر سبقت و9 أشهر لحقت من هذا العام وحتى اللحظة.
 
جيل وعى قصص الطغيان والخيانات كما رسمها القرآن: "أتواصوا به بل هم قوم طاغون"، فواجه الكهنوت ومليشيا الإرهاب ببسمات ساخرة بكل قوى الكهنوت، مجسدا شاعرية البردوني رحمه الله القائل: 
أغلى المبادئ ما صاغت لحاملها
من الهدى والضحايا نصب تذكارِ
تدافعت في الفداء حواليك أنفسهم 
كأنهن قلاع خلف أسوارِ

عاشت شرايين سبتمبر متسنمة أعلى مراتب الشرف الخالد، عاش قلب اليمن النابض بالمبادئ والقيم الوطنية، عاش وطننا اليمني محروسا بجيل الفداء السبتمبري، وليخسأ الكهنوت ولتذهب عفونته ملعونة وليولّي عهدها النّتنُ.

رفع الله درجة شهداء الوطن في علّيين، كما نسأله سبحانه أن يمد الجرحى بالشفاء العاجل.. النصر لجيل مبادئ سبتمبر، ولا نامت أعين الخونة الجبناء. 
-----------------------------
* العنوان العام هو عنوان قصيدة للشاعر عبد الله معجب

كلمات دالّة

#اليمن