الجمعة 29-03-2024 12:51:52 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

تضييق الحوثيين على السلفيين.. من التهجير إلى المطاردة والسجون

الإثنين 30 أغسطس-آب 2021 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت-خاص-عبد الرحمن أمين


تأبى جماعة الحوثي الانقلابية إلا أن تكشف عن وجهها الحقيقي وتفصح عن نواياها الخبيثة، رغم محاولاتها المتكررة للتستر خلف شعارات ومصطلحات براقة، لإيجاد نظرة مجتمعية وخارجية تبدو من خلالها أنها تتعايش مع جميع المكونات بعيدا عن الإقصاء والتهميش، محاولة إخفاء وجهها الطائفي البغيض.

ومنذ ثورة الشباب السلمية التي اندلعت شرارتها في العام 2011 ضمن ثورات الربيع العربي، بدأت جماعة الحوثي بتزييف الوعي وخلق صورة مغلوطة عنها لتبدو أكثر سلمية ومدنية، فقد تخلت الجماعة في تلك الفترة عن سلاحها لتكون أحد مكونات الثورة السلمية، في خطوة تهدف من خلالها إلى التغلغل في أوساط المجتمع وتسويق نفسها كجماعة مدنية سلمية.

غير أن ذلك القناع لم يلبث طويلا، وسرعان ما سقط وانكشف الوجه الحقيقي للجماعة فور سيطرتها على السلطة وانقلابها على الحكومة الشرعية، إذ باشرت المليشيا ملاحقة ومطاردة كل المكونات والأحزاب السياسية بما فيهم المؤتمر الشعبي العام الحليف الإستراتيجي لها.

وتعتبر الجماعة السلفية وجماعة "التبليغ" آخر ضحايا النزق الطائفي الإجرامي، فقد شنت المليشيا الحوثية مؤخرا حملة واسعة من المطاردة والاعتقالات وإغلاق المراكز والجمعيات وحظر الأنشطة ومنع الخطب في بعض مساجد العاصمة صنعاء وغيرها.

ولم تكن أحداث دماج وما سبقتها من تجاوزات وتراكمات سوى نقطة البداية للحملة التي تركزت ضد الجماعة السلفية والتضييق عليها.

ووفقا للناطق الرسمي باسم أبناء دماج "سرور الوادعي" فقد سقط خلال مئة يوم، وهي مدة الحرب والحصار الذي ضربه الحوثيون على أهالي دماج، المئات من القتلى والجرحى في دماج وهدمت المنشآت السكنية والمدارس في حرب شرسة شنتها جماعة الحوثي على أهالي دماج.

ويؤكد "الوادعي" سقوط 211 قتيلا، وجرح 650 شخصا، وهدم 3 مستشفيات، و8 مساجد، ومدرستين، و361 منزلا، ونزوح أكثر من عشرة آلاف شخص من أبناء المنطقة.

لم تنتهِ معاناة السلفيين وجماعة الدعوة وتضررهم من ممارسات الحوثيين عند هذا الحد، بل استمرت المليشيا الحوثية في الاستهداف والتضييق عليهم في الكثير من المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتقول مصادر إعلامية متطابقة إن المليشيا الحوثية اختطفت خلال أشهر قلائل من العام الجاري 2021 أكثر من 150 شخصاً من السلفيين وجماعة الدعوة والتبليغ في صنعاء وتعز وذمار وإب وحجة والمحويت وغيرها.

وتفيد المصادر بأن المليشيا نقلت المختطفين إلى سجون سرية في المدن التي اختطفتهم منها، بهدف وقف تحركات وأنشطة أفراد الجماعتين وتضييق الخناق عليهم.

وقد وسع الحوثيون حملاتهم ضد مراكز ومساجد السلفيين، في خطوة تبدو جزءا من إستراتيجية هذه الجماعة، لفرض لون مذهبي وسياسي وفكري واحد في مناطق سيطرتهم، إذ ينظرون لكل من يختلف معهم في الرأي أو الفكر أو المذهب كخونة ومرتزقة ودواعش حسب توصيفاتهم، ويتحينون الفرص لخلق ذرائع للإجهاز عليهم، والتخلص من أي جيوب فكرية وسياسية ومذهبية، خارجة عن الفكر والمذهب اللذين تفرضهما الجماعة، خصوصا بعد مجيء الحاكم العسكري الإيراني إلى صنعاء "حسن إيرلو" منتحلا صفة "سفير".

الحملات الحوثية طالت مؤخرا مراكز ومساجد سلفية في سعوان وجدر وشميلة في صنعاء ومنع الدروس العامة وحلقات القرآن الكريم، والمحاضرات والأنشطة الثقافية والعلمية وغيرها، كما طالت أربعة مراكز في محافظة ذمار، وسعي المليشيا الحثيث للسيطرة على "دار الحديث" في مدينة معبر، إلى جانب سيطرتها على مركز "الإمام الذهبي" في منطقة الدليل بمحافظة إب بفرعيه (الرجال والنساء).

ويذكر مؤسس المركز الدكتور عبد الله بن غالب الحميري جملة من الانتهاكات التي ارتكبها الحوثيون في محافظة إب حيث يقول: "أغلقوا مركز الإمام الذهبي في منطقة الدليل بمحافظة إب، الذي تم تأسيسه قبل أكثر من ثلاثين عاما، حيث لا يزال مغلقا حتى هذه اللحظة، وأخذوا مكتبته العامرة، وحولوها إلى ملتقى لمضغ القات، كما تم الاستيلاء على مركز آخر مجاور له تم تخصيصه للنساء، ومصادرة الأوقاف التابعة لهما، إضافة إلى اختطاف إمام المسجد المقرئ نشوان الآنسي والذي لا يزال مختطفا حتى هذه اللحظة".

ويضيف الحميري: "تم الاستيلاء على منزل الشيخ خالد الوصابي، مدير مركز الذهبي، ومصادرة مكتبته، واقتحموا مركز البيحاني، ومركز الشوكاني، وجامعة القلم، ومركز الفضيلة، وتم مصادرة مجموعة من الحواسيب، وقاموا باختطاف حراس تلك المراكز، كما اعتقلوا شبابا ومشايخ تابعين للجماعة أفرج عن بعضهم والبعض الآخر لا يزال في سجون الحوثيين حتى اليوم بتهمة واهية أبرزها مناصرة ما يسمونه العدوان، كما اختطفوا آخرين من أجل الضغط على ذويهم للفدية بمبالغ مالية".

ووفقا للحميري، فإن "السلفيين وإن هادنوا الحوثي وسالموه إلا أنهم عدوّه الأول، كونهم يحملون منهجاً عقدياً مغايراً لمنهجه، وهم الأقدر على كشف باطله والتصدي لشبهاته، ولأنه يرى أنه لا يمكنه الصلح معهم سياسياً، وهم أول من حاربه".

ويرى الكاتب والصحفي نبيل البكيري أن "الحوثيين جماعة عقائدية مذهبية منغلقة لا يمكنها أن تسمح بأي تواجد لأي جماعة إسلامية أخرى في مناطق تواجدها، سلفية أو غير سلفية، وهذا التصرف الطبيعي بالنسبة لفكر وتوجه هذه الجماعة المغلقة، وغير الطبيعي هو السماح للجماعات الأخرى بالحضور العام في مناطقها".

ويردف البكيري بالقول: "لم تكتف المليشيا اليوم بمنع الجماعات المختلفة معها مذهبيا بالحضور العام من خلال مصادرة المساجد فقط، وإنما تسعى لما هو أخطر من ذلك كله، بتغيير المناهج الدراسية، وتشييع المجتمع خارج ما تدعيه الحوثية أنها مناطق الزيدية التاريخية".

وعلى الرغم من أن الجماعة السلفية في المناطق المشار إليها وغيرها قد تجنبت الانخراط في النزاع السياسي والصراع المسلح الدائر في اليمن ولزمت الصمت والحياد، وركزت اهتمامها على التعليم والدعوة والعمل الإنساني، إلا أن المليشيا الحوثية لم تتح لها المجال لتجنب التضييق والمعاناة.

كلمات دالّة

#اليمن #دماج