الثلاثاء 19-03-2024 14:03:54 م : 9 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون وممتلكات اليمنيين.. من الإتاوات الجائرة إلى التأميم والمصادرة

الثلاثاء 27 يوليو-تموز 2021 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت- خاص / عبدالسلام الحاتمي

 

تواصل مليشيات الحوثي نهبها لأموال اليمنيين وتأميم ومصادرة مؤسسات القطاع الخاص وممتلكات الخصوم السياسيين، في أكبر عملية نهب ولصوصية لم يسبق أن مارستها أبشع الجماعات الإرهابية أو الحكومات الديكتاتورية عبر التاريخ. وتعتزم المليشيات حاليا إنشاء كيان جديد يحمل اسم "المجلس الاقتصادي الأعلى" لاستكمال التدمير الممنهج للاقتصاد الوطني ونهب ما تبقى من ممتلكات ثمينة للمواطنين وتأميم مؤسسات القطاع الخاص، وقد انعكس ذلك سلبا على الأوضاع المعيشية للمواطنين، بينما قادة المليشيات الحوثية الجهلة والأميون يحققون ثراء فاحشا من الأموال والممتلكات المنهوبة.

 

- نهب البنوك الحكومية والخاصة

بدأ الحوثيون مسيرة اللصوصية بنهب البنوك الحكومية والخاصة فور انقلابهم على السلطة الشرعية، لتمويل حربهم على اليمنيين وتكوين إمبراطوريتهم المالية الخاصة. ففي النصف الأول من العام 2015، اقتحم مسلحو الحوثي مبنى البنك المركزي اليمني في صنعاء ونهبوا منه 107 ملايين دولار، بعد أن رفض محافظ البنك حينها صرف 23 مليارا لمجهودهم الحربي، وفرضوا 25 مليار ريال شهريا لما يسمى المجهود الحربي، وكان ذلك خلال النصف الأول من العام 2015.

وفي النصف الثاني فقط من العام نفسه، كشفت تقارير البنك المركزي في صنعاء عن نهب الحوثيين 258.5 مليار ريال يمني، وفي ذات الوقت نهب الحوثيون نصف مليار دولار من عدد من البنوك الخاصة والحكومية، منها: بنك التسليف الزراعي، والبنك اليمني للإنشاء والتعمير، والبنك الأهلي، ثم تواصل النهب في السنوات التالية بوتيرة متسارعة، لدرجة العجز عن وضع إحصائيات بكمية الأموال المنهوبة من مختلف البنوك والشركات التجارية الخاصة ومختلف مؤسسات القطاع الخاص.

- تأميم القطاع المصرفي

رغم المضايقات والابتزاز الحوثي الذي طال القطاع المصرفي، وإنهاكه بالإتاوات والجبايات الجائرة، منذ الانقلاب على السلطة الشرعية، إلا أن المليشيات لم تكتفِ بذلك، وتسعى حاليا لتأميم ما تبقى من موسسات القطاع المصرفي في مناطق سيطرتها، بعد إفلاس عدد من تلك المؤسسات ومغادرة ملاكها.

وكشفت مصادر إعلامية، في أواخر يونيو الماضي، عن توجه مليشيات الحوثي لتأميم القطاع المصرفي في مناطق سيطرتها، وذلك بعد سطوها على على أرصدة بنك التضامن الإسلامي التابع لمجموعات هائل سعيد أنعم.

 واتخذت المليشيات الحوثية من مزاعم أزمة سيولة خطة للسيطرة على القطاع المصرفي، وتهدف من افتعالها لتلك الخطة إلى إجبار ملاك المصارف على بيع مراكزهم المالية من العملة الأجنبية لصالح تجار حوثيين لتأمين وارداتهم من السلع من الخارج.

وفي مقابل ذلك، شجعت المليشيات قياداتها على إنشاء شركات صرافة لتقديم جميع الخدمات المالية التي تقوم بها البنوك من فتح حسابات واستقبال ودائع، وتقديم خدمة التحويلات المالية الخارجية بمبالغ كبيرة للتحايل على القيود المفروضة عليها.

وذكرت مصادر إعلامية أن بنك كريدت أجريكو الفرنسي أغلق لفرعه في اليمن، مع اعتزام بنك يونايتد ليمتد الباكستاني إغلاق فرعه هو الآخر، إضافة إلى وصول بنك اليمن والخليج لدرجة الإفلاس غير المعلن.

وتفيد المصادر بأن المليشيات تفكر جديا في الاستحواذ على عدد من البنوك المحلية الأهلية، مثل: بنك سبأ، ومصرف البحرين الشامل، وبنك اليمن والكويت، من خلال إجبار بعض المساهمين على بيع أسهمهم، أو الاستحواذ عليها بقرارات وأوامر من النيابة الجزائية المتخصصة التابعة للمليشيات، وتعيين حارس قضائي على بعض الأنشطة الاستثمارية للبنوك أو وضعها تحت تصرف ما يسمى الحارس القضائي كبنك التضامن الإسلامي.

كما تعتزم المليشيات إصدار قرار برفع رؤوس أموال البنوك ثلاثة أضعاف ما هي عليه لإيجاد المبرر لإدخال قياداتها كشركاء بأسهم بنسب كبيرة في البنوك الخاصة من أجل السيطرة على القطاع المصرفي، بعد سنوات من الشلل الذي أصابه للتمهيد للاستحواذ عليه.

- تشكيل مجلس اقتصادي للنهب والتأميم

وفي سياق مساعي المليشيات وخططها لاستكمال مصادرة وتأميم ما تبقى من مؤسسات القطاع التجاري والأملاك الخاصة، كشفت صحيفة "الشرق الأوسط" عن استعدادات تجريها مليشيات الحوثي لتشكيل ما يسمى بـ"مجلس اقتصادي أعلى" هدفه استكمال فرض السيطرة الكاملة على ما تبقى من مكونات القطاع التجاري والاقتصادي الخاص في مدن ومناطق سيطرة المليشيات.

وكانت مليشيات الحوثي قد أوكلت في وقت سابق مهام إدارة ذلك المجلس للقيادي الحوثي والمقرب سلاليا من زعيم المليشيات المدعو محمد أحمد الهاشمي المنتحل لصفة نائب وزير الصناعة والتجارة بحكومة الانقلابيين غير المعترف بها دوليا.

وكشف موظفون وعاملون في الغرفة التجارية بصنعاء أن بعض الضغوط الحوثية أفضت إلى إجبار قيادة الغرفة مؤخرا على إصدار بيان ينص على مباركتهم وترحيبهم بما يسمى خطة حكومة المليشيات بإنشاء المجلس الاقتصادي الأعلى.

وأشاروا إلى أن الهدف من تشكيل المجلس ليس كما تدعيه المليشيات من أجل تعزيز الشراكة بينها وبين القطاع الخاص بل لمعرفة وتتبع كافة أنشطة المجموعات والبيوت التجارية العاملة بنطاق مدن سيطرتها، وأن الحديث عن تأسيس مجلس اقتصادي حوثي هو في الأساس استكمال لمخططات ومساعي المليشيات المستميتة لتضييق الخناق على منتسبي ذلك القطاع المهم وصولا إلى إحكام فرض السيطرة الكاملة عليه.

ونقلت الصحيفة عن بعض التجار ورجال المال بأن المليشيات لجأت على مدى السنوات الماضية إلى ابتكار الكثير من الإجراءات والأساليب والحيل بغية السيطرة بشكل كلي على القطاع التجاري والاقتصادي بعموم مناطق سطوتها.

وقالوا إن "من بين تلك الإجراءات تأسيس المليشيات لكيانات عدة داخل الغرفة التجارية بصنعاء من أجل بسط نفوذها على الأنشطة التجارية وتأسيس تكتل حوثي لتجارة واستيراد الأدوية وفرضها بمقابل ذلك قيودا مشددة على شركات الاستيراد، إلى جانب إنشاء المليشيات مطلع العام الجاري لهيئة جديدة تحت اسم تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة هدفها السيطرة على أهم القطاعات الاقتصادية الحيوية".

- استكمال تأميم المؤسسات الخاصة

مساعي مليشيات الحوثي لتأميم المؤسسات الخاصة لن تقف عند حد، فبعد نهبها وتأميمها لجامعات ومدارس وشركات اتصالات وبنوك ومستشفيات وشركات استيراد أدوية وغيرها، فإنها، في الأسابيع الأخيرة، اتخذت إجراءات تعسفية جديدة ضد قطاع الأعمال، خصوصا ملاك الفنادق، مما دفع ملاك أكبر فنادق صنعاء، موفنبيك، لعرضه للبيع، حيث يتوجه قادة في المليشيات للاستحواذ عليه، في سياق سعيهم لإحكام قبضتهم على ما تبقى من هذا القطاع الحيوي.

ويعتزم ملاك فنادق ضخمة بصنعاء إغلاق منشآتهم وتسريح جميع العاملين فيها، بسبب ما قالوا إنه "نتيجة تصاعد حملات الاستهداف الحوثية وركود العمل وتراكم الأعباء المالية عليهم"، وفقا لصحيفة "الشرق الأوسط".

وكانت مصادر يمنية مطلعة حذرت في وقت سابق من مساع حوثية للاستيلاء على عدد من الفنادق والمؤسسات الخاصة في العاصمة صنعاء، في وقت كانت تواصل فيه المليشيات استغلال أجهزة القضاء الخاضعة لها لشن حملات تأميم ومصادرة واسعة بحق المئات من المنازل والفنادق والعقارات والمؤسسات الخاصة المملوكة لمعارضين لها.

وقالت المصادر إن المليشيات سعت، في أواخر فبراير الماضي، وعبر إحدى المحاكم التابعة لها، إلى مصادرة أحد الفنادق السياحية بصنعاء تعود ملكيته لمغترب يمني في أمريكا، تحت ذريعة أن هذا الشخص مقرب من الرئيس السابق علي صالح.

وأكدت المصادر أن محكمة المليشيات بصنعاء أصدرت حينها قرارا قضى بمصادرة وحجز الفندق السياحي الواقع بمنطقة دار سلم جنوبي العاصمة.

واعتبر حينها محامون يمنيون أن قرار الحجز باطل، وليس له أي مسوغ قانوني. وأكدوا أن ذلك الإجراء يأتي بسياق تحركات الجماعة عبر سلطة القضاء غير الشرعية نحو مصادرة وحجز المئات من منازل ومؤسسات وعقارات وممتلكات المعارضين لها.

- نهب شامل

عندما بدأت مليشيات الحوثيين بنهب مؤسسات القطاع الخاص وممتلكات المواطنين، ساد اعتقاد لدى كثيرين بأن النهب والمصادرة والتأميم سيقتصر على مؤسسات وممتلكات الخصوم السياسيين، بالإضافة إلى نهب ممتلكات الدولة وأراضي الأوقاف، لكن بعد استكمال المليشيات لنهب ممتلكات الدولة ومؤسسات وممتلكات الخصوم السياسيين، بما فيها حتى بيوتهم، فإنها اتجهت لنهب كل ما تبقى من مؤسسات وأملاك المواطنين في مناطق سيطرتها، ولم تستثنِ إلا من كانوا ينتمون لسلالتها العنصرية.

وبما أن النهب صار سلوكا متأصلا لدى المليشيات، لا يردعها عنه أي ضابط، فإنها تعمل على شرعنته من خلال محاكم تابعة لها ليست شرعية ولا تكتسب أي صفة قانونية والأحكام الصادرة عنها باطلة، إلا أن الأخطر في الأمر هو أن المليشيات صارت مظلة للصوص ونهابي أموال وممتلكات الآخرين، أي أن كل من يريد أن ينهب ممتلكات الآخرين وأموالهم فإنه ينضم للمليشيات الحوثية للاحتماء بها ويتخذها مظلة للنهب.

وبما أن قادة المليشيات صاروا أثرياء ولديهم إمبراطوريتهم المالية الضخمة، فقد منحوا صغار المنتمين للمليشيات تصريحا بنهب أموال وممتلكات المواطنين، بذريعة دعم المجهود الحربي، وصار النهب المليشياوي يطال الجميع، من أكبر مؤسسة تجارية في العاصمة صنعاء إلى أصغر بقالة في قرية نائية تقع في نطاق سيطرة المليشيات.

 

كلمات دالّة

#اليمن