الخميس 28-03-2024 12:37:56 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

التجمع اليمني للإصلاح.. دراسة في البرنامج السياسي والأدبيات (الحلقة 2: الهدف المركزي)

الأحد 20 يونيو-حزيران 2021 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت-خاص / عبد العزيز العسالي

 

بحسب المقام سنقوم بقراءة البرنامج السياسي للإصلاح من الصفحة 4 وحتى منتصف الصفحة 32، تتمثل هذه القراءة في أربعة أبعاد: الأول، ما قبل البرنامج. والثاني، نصوص البرنامج. والثالث، الهدف المركزي. والرابع، الطريق المثلى في تحقيق الهدف المركزي.

البعد الأول: ما قبل البرنامج:

حضور ثلاث قضايا بارزة بين يدي البرنامج وهي:
1- عوامل وأسباب إخفاقات الحركات الإصلاحية خلال تاريخ اليمن الحديث.
2- الفضاء اليمني بل والعربي الرازح تحت سحب الثقافات الوافدة.
3- تحديد العلة الفكرية.
هذه القضايا الثلاث نجد أنها تدفعنا نحو:

البعد الثاني: نصوص البرنامج:

يلاحظ القارئ أنه أمام قضية كبرى تصدرت الأولوية قبل كل القضايا من جهة، واستغرقت حيزا بلغ قرابة ثلث صفحات البرنامج من جهة ثانية، فما هي هذه القضية التي أولاها البرنامج السياسي تلك المكانة؟ تلك القضية المحورية كشفتها القراءة التي تضمنها:

البعد الثالث: الهدف المركزي:

الهدف المركزي المحوري للبرنامج السياسي لحزب الإصلاح هو "بناء الإنسان اليمني"، ذلك أن عوامل وأسباب الإخفاق، وكذلك الانبهار بالثقافة الوافدة، تعود إلى الأمّيّة الفكرية والثقافية، وإن شئت قل الجهل والجهل المركب الذي تمخض عنه وهم المعرفة وعدم وعي الذات، وهما حاضران بصورة أو بأخرى عند الإنسان اليمني.

هكذا تم تشخيص المشكلة، ومن ثم تم تحويلها إلى هدف مركزي هو بناء الإنسان، وإن تحقيق هذا الهدف يعني:
1- خلق "الوعي الراشد".
2- خلق الوعي الراشد تنبثق منه كل الأهداف - اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا... إلخ.

هنا يقفز السؤال الأهم وهو: ما الطريق إلى خلق وترسيخ الوعي الراشد؟ جواب هذا السؤال يكشفه لنا:

البعد الرابع: الطريق المثلى في تحقيق الهدف المركزي:

هذا البعد القرائي نقف من خلاله على:
1- أن البرنامج السياسي لحزب الإصلاح قد عكس بوضوح الدور الذي التزم به الحزب في مجال بناء الفرد والأسرة والمجتمع، ومعه كل الوطنيين الشرفاء من أبناء اليمن.

2- تحديد الأسس والمنطلقات:

أ- الأساس الأول: الإسلام عقيدة وشريعة.
ب- الهوية والثقافة.
ج- هذه الأسس تمثل الأرضية- الخلفية العقدية والفكرية والثقافية واللغة والتاريخ والرقعة الجغرافية والهوية والحضارة.
د- التنصيص البرامجي على هذه الأسس والمنطلقات يحمل مدى التزام حزب الإصلاح في الحفاظ على العقيدة والهوية من الذوبان الناجم عن الثقافة الوافدة السائلة والتي لا تعرف حدودا جغرافية أولا، وأذابت بل وميّعت الحدود بين الثوابت والخصوصيات لكل مجتمع، وبين ما هو مشترك إنساني ثانيا.
هـ- حدد البرنامج الأسس والمنطلقات بأنها فلسفة العلاج، مؤكدا حرفيا أن معالجة الواقع بغير هذه الأسس هو إمعان في إضاعة هوية المجتمع اليمني - عقيدة وثقافة وتاريخا وحضارة أولا، كما أنه إضاعة للجهود والوقت والإمكانات ثانيا.

3- المنطلقات:

أ- النظام الجمهوري:
أكد البرنامج السياسي أن النظام الجمهوري هو الذي انتشل الأمة اليمنية من تحت نير الجهل والفقر والمرض والتخلف والاستبداد والكهنوت.

التزم البرنامج بتوعية المجتمع بأهمية النظام الجمهوري وأنه البوابة نحو بقية المنطلقات والأهداف.

ب- العدل:
شدد البرنامج على ضرورة ترسيخ مفهوم العدل في الوعي المجتمعي باستمرار، وأنه الهدف والغاية من الرسالات السماوية التي جاءت لإقامة القسط- العدل في المجتمعات، مؤكدا أنه يجب توعية المجتمع أن العدل يصنعه المجتمع بوعيه وثقافته وأنه ثمرة لوعي المجتمع وجهوده.

ج- المساواة:
جاءت لغة البرنامج مكثفة وفي غاية المتانة تحت منطلق المساواة بين أبناء اليمن رافضا رفضا قاطعا كل أنواع التمييز- سلاليا أو مهنيا أو جهويا أو جنسا، مؤكدا بأن هذا يتنافى مع مبادئ الإسلام العظيم التي كرمت الإنسان، ومع مبادئ النظام الجمهوري المنبثقة من روح الإسلام الحنيف، مشددا على ضرورة توعية المجتمع بمكانة هذه المبادئ العظيمة والتي تمثل أسس الانطلاق الحضاري لليمن.

د- الحرية:
وقف البرنامج عند هذا المبدأ بنفس اللغة التي تعاطاها مع مبدأ المساواة، مضيفا أن الحرية هي التي أعطت الإنسان مكانة سامية في كل مجالات الحياة.

هـ- الدستور:
تحدث البرنامج عن الدستور بلغة فكرية وثقافية يصدق فيها وصف "السهل الممتنع"، عكست تلك اللغة عمق الاهتمام بترسيخ الوعي الدستوري في الجيل ومدى أهميته القانونية في تنظيم علاقة الحاكم بالمحكوم، موضحا أن الدستور هو بمثابة الوجه الآخر للنظام الجمهوري.

و- الوحدة:
هذا المنطلق والمبدأ في آن، تعاطى معه البرنامج بلغة مسؤولة خلاصتها يجب وجوبا على الشعب اليمني الحفاظ على الوحدة والسعي لإزالة كل ما يسيء إلى الوحدة - تصرفات أو أقوال من أي كان وإزالة كل مظاهر التشطير ثقافيا أو إداريا أو جغرافيا... إلخ.

4- العناية بالتعليم:
هذا الميدان الحيوي استغرق حيزا من صفحات البرنامح تقارب 8 صفحات، شاملا كل مؤسسات التعليم الابتدائي والمعاهد المهنية والجامعات ودور المعلمين، واضعا رؤية الحزب تفصيلا حول كل المؤسسات التعليمية والبحث العلمي وإصلاح اللغة العربية وعقد الدورات التأهيلية والتجديدية للمعلمين، مؤكدا حرفيا حول أهمية الآثار ودورها في بناء الهوية والثقافة والحضارة وترسيخها في الوعي المجتمعي، مشيرا بلغة تحمل دلالة التوكيد إلى أهمية إسهام المجتمع في مجال التعليم، ولسان حاله يقول: هذا هو الوجه التعبدي الأمثل في بناء المجتمع.

وإن ظهر أن هذا الطريق طويل، نعم هو طويل وشاق، نعم بل هو بطيء، لكنه أكيد المفعول، ويشير ظلال الكلام إلى أن هذا الطريق يعكس فلسفة التغيير الواردة في القرآن العظيم: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

5- التغيير السلمي:
هذه الأسس والمنطلقات والمدخلات والوسائل كلها تشير إلى أن حزب الإصلاح اختار طريق التغيير السلمي لا غير، وفوق ذلك نص البرنامج حرفيا على أن التغيير السلمي هو الطريق المثلى، وهذه النصوص الحرفية سنوردها في الحلقات المقبلة.

باختصار، هذا التنصيص وهذه الظلال وفحوى الخطاب تتضمن دلالة على مبدأ التعايش السلمي والقبول بالآخر بلا أدنى ريب.

نلتقي بعونه سبحانه مع الحلقة الثالثة "القيم والمبادئ".

كلمات دالّة

#اليمن