الخميس 28-03-2024 14:13:50 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

محمد قحطان..الشخصية المدنية في معتقل الإرهاب الحوثي

الخميس 08 إبريل-نيسان 2021 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت-خاص-عبد العزيز العسالي

 


أولا، فن التصريحات:

1- توالت تصريحات الأستاذ محمد قحطان وكانت لاسعة للنظام وتحديدا عام 2009 إبان الحوارات، والتقيت يومها بالأستاذ القانوني المخضرم ووزير الشؤون القانونية سابقا عبد السلام كرمان، وتبادلنا الحديث حول الحوارات، فقال الأستاذ عبد السلام كرمان: يذهلني الأستاذ محمد قحطان بدقة تصريحاته، وأنا أتساءل أين تعلم هذا الرجل فن التصريحات الممتلئة شجاعة؟ إنها تؤلم ولا تجرح. وأضاف: لا شك أنه تعلم فن التصريحات منذ نعومة أظفاره.

2- النظام السابق استبد به الزهو بعد أول انتخابات مباشرة لمنصب رئيس الجمهورية عام 1999، ولم يمر سوى عام واحد وإذا بالنظام يقلل من موقف الإصلاح في تلك الانتخابات، مشيرا إلى أن قيادة الإصلاح اكتفت بالتصريح بأنها مع النظام فقط.

وحصلت تسريبات إعلامية، وفي اليوم التالي تواصلَت مع قحطان قناة فضائية أجنبية حول موقف الإصلاح من تلك التسريبات، فجاء رد الأستاذ قحطان: نحن كقيادة حزب أعلنا موقفنا يومها بالفم المليان أننا مع ترشيح النظام كان ذلك قبل حزب الحاكم، لكن أن يْراد لقيادة حزب الإصلاح أن تقود الناخبين بالقوة إلى الصناديق، فهذا ما لا يقبله عاقل. هذا التصريح أسكت كل النفاق الرامي إلى التشكيك بموقف الإصلاح آنذاك.

3- السُّلطة مجنونة

بعد ميلاد اللقاء المشترك وتحديدا قبيل الانتخابات البرلمانية عام 2003، صدرت تصريحات حادة من بعض أعضاء اللقاء المشترك تجاه تزوير القيد والتسجيل، غير أن "الزنقلة" الصحفية وجهت السؤال للأستاذ محمد قحطان: أستاذ قحطان تنتقدون النظام.. أولستم من انتخب النظام عام 1999؟ أجاب قحطان: السلطة كالمجنون الذي يحمل حجرا بكلتا يديه.. فمن سيمنع المجنون؟ فحاولنا نغالط المجنون بالاقتراب منه ونخادعه قريبا بعيدا كي لا يلقي الحجر علينا.

4- في الانتخابات البرلمانية عام 2003 استحوذ النظام السابق على أغلب المقاعد، وحسب مراقبين أن عدن ولحج ستكونان من نصيب المشترك لكن ذلك لم يحصل، فتواصلت بعض وسائل الإعلام الدولية بقحطان متسائلة عن النتائح التي خيبت المعارضة اليمنية، فرد قحطان قائلا: أية نتائج ورأس النظام هو المشرف المباشر على النتائج؟ هاج النظام وعناصره يومها، فقال قحطان: ولم هذا اللغط؟ ألم تكن أجهزة الدولة كلها بيده؟ فمن المشرف إذن؟

5- أحداث سبتمبر:
بعد الـ11 من سبتمبر في أمريكا، بادرت إحدى الصحف الحزبية في اليمن بإقامة حلقة نقاشية حضرها عدد من الشخصيات، وكان الأستاذ محمد قحطان أحد الحاضرين، وقد تحكم بعض القوميين واليساريين في توجيه مسار النقاش أن أمريكا تريد إفراغ أحقادها تجاه جهات بعينها وتحت مبرر الدفاع عن نفسها وطال الكلام.

وجاء دور قحطان فقال: من حق أمريكا أن تدافع عن نفسها بلا خلاف، فقط المنطق العقلاني يطالب أمريكا بعدم التسرع وإجراء تحقيق شفاف.

الصحفي مقاطعا: يا أستاذ قحطان أنت تقول إن من حق أمريكا أن تدافع عن نفسها؟

قحطان: ومن الذي يقول إنه ليس لأمريكا أن تدافع عن نفسها؟ فاحترقت الطبخة.

6- في ندوة أظنها في مؤسسة العفيف عام 2005 كان محورها "حقوق المرأة السياسية"، دلف عبده الجندي متحدثا وبصورة مباشرة قائلا إن الإصلاح يزايد على المرأة، وكان الأستاذ قحطان لتوّه داخلا باب القاعة فصرح بأعلى صوته قبل أن يجلس: نحن سنرشح امرأة لرئاسة الجمهورية في الدورة القادمة فهل المؤتمر سيوافق؟

امتقع الجندي باهتا وابتلع جلاجل صوته فدوّت القاعة بالتصفيق، وسكت الجندي حتى نهاية الندوة.

7- تشبيه إبداعي:
بعد خروج الإصلاح من الائتلاف الثنائي في انتخابات 1997، وفي جلسة حاشدة، كاتب هذه السطور وجّه سؤالا للأستاذ محمد قحطان خلاصته: يا أستاذ قبل الانتخابات بعام وعد الإصلاح أنه سينزل منشورا يتضمن ما قدمه الإصلاح من دور في الائتلاف الثلاثي ثم الثنائي، ولكن لم يفِ الإصلاح بوعده، فهل من سبب؟

قحطان: ومن قال لك إننا كنا في ائتلاف؟ أرأيت لو أن شخصا معلق عرض عمارة يحاول النظر من خلف الزجاج، فيرى أناسا داخل المجلس وهم يحركون أيديهم وشفاههم فقط فهل سيفهم أي عبارة؟ تلك هي حالة مشاركتنا.. فدوّى الحشد بالضحك.

8- تم الإعلان أن فرج بن غانم شكّل الحكومة في المساء وصادف مقيلنا في القرية اليوم الثاني بحضور الأستاذ قحطان، فسأله عدد من الحاضرين عن مستقبل اليمن في ظل نزاهة بن غانم المعروف بالتخطيط، فقال: ليس لدي جواب غير ما قاله عمر الجاوي إن بن غانم لن يكمل العام؟
- أحد الحاضرين: هل صرح الجاوي بهذا؟
- قحطان: اتصل به وتأكد.

9- عام 2009 وفي ليلة 27 رمضان حضر مجلسي أحد المهرجين الداعين إلى طرد النظام، وقبل حضور السّمّار قال لي: اتصل بي الزعيم وقال لي أتعرف محمد قحطان؟ فقلت له: أتقصد رجل الإصلاح؟ قال الزعيم: نعم. فقلت له: طبعا أعرفه ولم السؤال؟ فرد الزعيم: ذاك ملحد.

وأضاف: اتصلت بالأستاذ محمد قحطان وأخبرته.. فرد علي قائلا: أرجوك هل قالها لك خصوصا أم بحضور آخرين؟ قلت له: خاص.. فقال قحطان: إذن لا حديث لديَّ.

انفض السمر عند السحر، فبادرتُ متصلا بالأستاذ وكان يومها في القرية فسلمت عليه وقلت له: كيف سيتقبل الله صيامك يا ملحد؟ فقال: ملحد إلى حد النخاع بنظامه الفوضوي وفساده وإفساده. فتعجبت من دقة العبارة التي تشرّح الفعل، ولم تتعرض للشخص.

10- حذر أذكى:
في آخر عام 1994 أيام الائتلاف الثنائي كانت مخيلة المجتمع تجاه الإصلاح أنه متقاسم مع حزب الحاكم للكعكة، وكان أحد التجار من منطقة الأستاذ قحطان قد أقرت المحكمة العليا للحكم الخاص به وأحيل الحكم لمكتب رئيس الجمهورية للتوقيع والتنفيذ لكنه تأخر هناك طويلا، فخطط صاحب الحكم متوسطا لدى الأستاذ أن يقوم بالوساطة لاستكمال التوقيع، فصادف قدوم الأستاذ
محمد قحطان من القرية، اقترب الوسطاء الأعزاء من الأستاذ وعزموه على القات والغداء بحكم الصداقة لا غير دون أن يعلم، فرد: اعذروني غدا هناك اجتماع مع الزعيم، فقاطعه صاحبي: الحمد لله إذن بالإمكان لفتة بشأن توقيع حكم فلان، غير أن الأستاذ محمد قحطان قاطعه قائلا: اطلب مني أي شيء من خارج اليمن أو أو.. وأقسم غير حانث أن النظام منتظر أدنى طلب من أي واحد في قيادة الإصلاح سيوقع بالخشب لا بالقلم وهدفه هنا اقتناص وتلبيس.. فأرجوكم تفهموا موقفنا، اطلبوا أي شيء غير هذا. وأضاف: على صاحب الحكم أن يصبر القليل.. وتخلص من أعز أصدقائه.

ثانيا، تقشف وتمويه:
1- أما التقشف.. فقد شوهد الأستاذ قحطان في منطقة صبر - لحج إبّان حرب 94 وهو تحت شجرة قاحلة الساعه11 ظهرا وقد فتح علبة صلصة بخنجره ولديه حبة بصل لا غير فقطعها وغمسها في الصلصة وأكل.

- التمويه.. فقد كان لابسا جرم أسود مليئا بالغبار ومنكمشا جدا.. ومعوز نقشته الحمراء قد اسودّت ولديه بندقية آلي حقيرة الثمن يومها وفوهتها مفتوحة كأنها قمع.. وتلبيساتها البلاستيك مسحوجة مخدوشة جدا.. أيش هذا يا أستاذ محمد؟ بسمته العذبة كعادته أردفها قائلا: أنت بين قبائل الفيد لو شاهد بندقيتك نظيفة قتلك لأجل الفيد.

2- من يدخل منزل الأستاذ بصنعاء يجد مجلسا صغيرا وغرفتين، وطيب غرفة في حياته تلك الغرفة التي فيها التلفون الثابت والحاسوب والهاردات المختلفة والسيديهات والفاكس والنت والتلفاز والصحف وهاتفه الجوال والقات وقارورة الماء.. كل ذلك على الأرض، لا مكتب.. ولا كرسي.

المدهش حقا أنك إذا دخلت عليه غرفته تلك.. يستقبلك بصدره الرحب ويستمع إليك بأريحية وكأنه غير منشغل أبدا.

3- رجُل المدَنية والسلام:
قرر النظام السابق إلغاء المعاهد العلمية، وكان الأستاذ محمد قحطان يومها في طريقه من القرية مرورا بتعز ثم إلى صنعاء، وتجمع البعض حوله متسائلين عن القرار، رد الأستاذ: التعليم مدمّر تماما، ويا ليتنا نجد مدخلا لإصلاح التعليم حقا، ولكن هيهات فالأصوات تتعالى، فقال: سنتخذ الأسلوب المدني الدستوري الهادئ في مواجهة القرار وهذا هو الخط لا غير.. فسكت الجميع.

4- في عام 2007 قدم من القرية متجها صنعاء وبطبيعة الحال اعترضه الشباب، المهم صرخ المرحوم فيصل: يا أستاذ محمد تعبنا انتظارا لقناة سهيل فمتى؟ فقاطعه الأستاذ محمد قحطان قائلا: هل أنت متأكد أنك لن تعترض أو تتحول طرزان إفتاء إذا شاهدت مذيعة كاشفة الوجه تقرأ الأخبار؟ فسكت السائل، فتلطف به الأستاذ قائلا: أنا أعلم أنك تفهم الثوابت والمتغيرات ولكن هناك كثير لا يفهمون فهمك، فترك صاحبنا التزمت من يومها.

نلتقي بعونه سبحانه مع قيم العدل والإنصاف والشجاعة.

كلمات دالّة

#اليمن