الخميس 18-04-2024 10:51:19 ص : 9 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

المهمشون في اليمن.. وقود حروب الحوثيين في الجبهات الأمامية

الثلاثاء 30 مارس - آذار 2021 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد الرحمن أمين

 

 

"الخادم خادم ولو صرخ"، هكذا قال أحد قيادات المليشيا الحوثية تعليقا على أحد المهمشين الذين تم تجنيدهم للقتال في صفوف المليشيا، جملة عكست التوجه العام لدى الحوثيين ونظرتهم الاستعلائية للناس وتقسيمهم الطبقي لكافة فئات المجتمع، بين سلالة يعتقدون أن "الله ميزها واصطفاها"، وسلالة لا حظ لها من الحياة غير الخدمة والعبودية وتنفيذ الأوامر.

لم يشفع للكثير من أبناء القبائل والمهمشين تركهم لأسرهم ومجتمعاتهم، ودخولهم غمار الحرب وتقديم الدعم والمساندة ومقتل الكثيرين منهم، لم يشفع لهم ذلك بأن يحظوا ولو بالنزر اليسير من الكرامة، في الوقت الذي عرضوا فيه أنفسهم للأخطار والأهوال وذاقوا فيه الويلات دفاعا عن سيد الكهف وعن أفكاره الضالة.

وتعتبر فئة المهمشين من بين الفئات الأكثر استغلالا من قبل الحوثيين، إذ تقوم جماعة الحوثي باستقطاب المئات من المهمشين المراهقين والأطفال دون سن العشرين، مستغلة حالتهم المادية الصعبة ووضعهم المعيشي المزري، كونهم الأكثر تضررا وفقرا وفاقة في المجتمع اليمني، بالإضافة إلى حالة الأمية والجهل المتفشية في أوساطهم، إذ يكاد التعليم أن يكون صفرا في أوساط هذه الفئة المهمشة المنسية.

وعقب توجيهات سابقة لزعيم المليشيا الحوثية بدمج المهمشين في المجتمع، سارعت قياداتها ومشرفوها بتنفيذ تلك التوجيهات، ليتم دمجهم في الصفوف الأمامية للجبهات.

وتنقل وسائل إعلام عن مصادر طبية في مستشفيي الثورة والكويت بصنعاء، العام الماضي 2020، قيام عناصر الجماعة بدفن حوالي 715 جثة زعمت أنها مجهولة الهوية، وسط تساؤلات أثارها ناشطون وحقوقيون حول هوية تلك الجثث.

وتفيد تلك المصادر بأن معظم تلك الجثث تعود ليمنيين من أبناء الفئة المهمشة ولاجئين أفارقة، كانت المليشيا قد زجت بهم في السابق بعدد من جبهات القتال ثم أعادتهم جثثا مقطعة وهامدة.

ويبلغ تعداد المهمشين أكثر من مليون نسمة وفقا لإحصائيات محلية سابقة، يعيشون حياتهم في تجمعات سكنية منعزلة على أطراف المدن، ولا تكاد تخلو مدينة يمنية منهم.

وتكشف صحيفة "الشرق الاوسط" إحصائية أجرتها جمعية "أحفاد بلال" اليمنية، أظهرت بأن المليشيات استقطبت خلال السنوات الأربع الماضية أكثر من 800 مجند من محافظة صنعاء لوحدها للزج بهم في حروبهم المستعرة.

وتضيف الصحيفة أن الحوثيين استهدفوا تجمعات المهمشين في منطقة سعوان، والخرائب في منطقة مذبح، وتجمعي الربوعي والرماح في الحصبة، معظمهم من المراهقين والأطفال.

وتقول الصحيفة ذاتها إن المليشيا الإرهابية زجت خلال أسبوع واحد مطلع العام الجاري بنحو 700 من فئة المهمشين إلى جبهات القتال في مأرب.

وبحسب الصحيفة فقد جندت المليشيات 370 "مهمشاً" من مديريات أمانة العاصمة صنعاء وريفها، و176 من محافظة إب، و80 مهمشاً تم تجنيدهم من ذمار، و25 من حجة، و18 من الحديدة، و15 من المحويت، و15 من محافظة ريمة.

ووفقا لمنظمة حقوقية محلية فإن المليشيا الحوثية لا تزال تستغل "المهمشين" وتستخدمهم كوقود للحرب ودروعا بشرية في الكثير من معاركهم في مختلف الجبهات، مما أدى إلى مقتل 3 آلاف شخص منهم على الأقل خلال الفترات الماضية، بينهم الكثير من الأطفال.

وتتنوع صنوف الامتهان والظلم لهذه الشريحة من قبل الحوثيين، حيث يواصلون ارتكاب أبشع الجرائم والانتهاكات والتعسفات بحقهم في كافة المحافظات الخاضعة لسيطرتهم.

ففي محافظة إب أقدمت الجماعة على نهب رواتب أكثر من 60 شخصاً من كبار السن والمرضى العاملين في "صندوق النظافة والتحسين"، وجلّهم ينتمون إلى فئة المهمّشين في المحافظة.

وقد تضمّن القرار الصادر العام الفائت 2020 من القيادي الحوثي المدعو طارق الوصابي المعين من قبل الجماعة مديرا لصندوق النظافة والتحسين في إب إيقاف صرف رواتب المتقاعدين وأصحاب إصابات العمل الشديدة، لا سيما أن تلك الرواتب البسيطة لا تتجاوز 20 ألف ريال لكل عامل، إذ لا تستحق أن تصدر المليشيات قرارات عاجلة وهامة تتعلق بإيقافها، خصوصاً في الوقت الذي يتقاضى فيه المسؤولون الحوثيون في الصندوق ومن يقف خلفهم مبالغ كبيرة.

ويعتمد أغلب المهمشين في اليمن على أعمال النظافة أو احتراف التسول أو ممارسة بعض المهن البسيطة، وهو ما أوجد فيهم بيئة مناسبة للمليشيات لاستغلالهم في أعمال التحشيد والزج بهم في الجبهات.

تدريب المجنّدين من المهمّشين على القتال لا يتطلّب سوى دورات محدودة وزمن قصير يتم بعده إلقاؤهم في محارق الموت دون أدنى رادع لهذه الجماعة.

وتكشف معلومات موثوقة أن الحوثيين يدفعون المجندين من هذه الشريحة إلى مواقع متقدّمة في الصفوف الأمامية من الجبهات بالنظر إلى عدم الحرص على حياتهم، حيث لا يترّتب على مقتلهم وجرحهم دفع تعويضات أو تقديم تفسيرات لذويهم، كما هو الحال بالنسبة إلى أبناء بعض القبائل اليمنية التي تقاتل إلى جانب جماعة الحوثي، وتحرص الأخيرة على كسب ودّها مخافة أن تنقلب عليها فتخسر ما توفّره لها من زاد بشري، وهو أمر حدث بالفعل في بعض مناطق اليمن.

ويكشف مصدر حقوقي عن قيام مليشيا الحوثي بتجنيد 100 طفل من فئة المهمشين، في مديرية السبرة بمحافظة إب مطلع مارس الجاري، تمهيدا للزج بهم إلى جبهات القتال في مأرب، على إثر الخسائر البشرية في صفوفها.

ويقول المصدر وفق ما ذكرته وسائل إعلامية إن مليشيات الحوثي جندت 100 طفل من فئة المهمشين في مديرية السبرة عقب دفن الطفل “جلال سعيد” من ذات الفئة، الذي قتل في إحدى معارك الحوثيين مستغلة حالة غضب الأهالي.

ويضيف المصدر أن مشرف الحوثيين في إب، المدعو يحيى اليوسفي، تولى بنفسه الإشراف على عملية التجنيد لهؤلاء الأطفال المهمشين، حيث تجري عملية تجنيدهم بعيداً عن الأضواء بطرق قسرية ولاإنسانية، مستغلة أوضاعهم المعيشية المتردية.

وقد شوهد في العديد من الجبهات المشتعلة بمأرب والجوف ترك المليشيا الحوثية مئات الجثث لمهمشين قاتلوا معها، في الوديان والشعاب والصحاري، بحسب ما ذكرته العديد من وسائل الإعلام التابعة لقوات الحكومة الشرعية.

ولم تقتصر عملية التجنيد في أوساط المهمشين على الذكور فقط، بل طالت أيضا العديد من الفتيات من هذه الشريحة، إذ تستغل مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران الظروف المعيشية لفتيات من فئة المهمشين بتجنيدهن في صفوفها كما حدث في العاصمة صنعاء بحسب وسائل إعلام الحوثيين، فقد أعلنت في نوفمبر من العام الماضي 2020 عن بدء دورة لتدريب 15 فتاة "لتحقيق الذات لفتيات أحفاد بلال"، على حد وصفها.

ووفقا لقناة العربية الإخبارية فإن الحوثيين أعدموا 4 من المهمشين في يوليو من العام 2020 في محافظة عمران رفضوا الذهاب للقتال معهم، حيث أمر المشرف الحوثي المدعو أبو حسين بقتل 4 مهمشين نازحين في منطقة الجرفين بمديرية قفلة عذر في عمران.

وتذكر وسائل إعلام نقلا عن مصادر محلية في مدينة عمران شمال العاصمة صنعاء أن مليشيا الحوثي رفضت السماح لسيارة نقل الجثث بنقل إحدى جثث المهمشين الذين أطلقت عليهم الجماعة مسمى "أحفاد بلال".

وتؤكد المصادر أن المهمشين الذين ينتمي إليهم صاحب الجثة والذي لقي مصرعه وهو يقاتل في صفوف مليشيا الحوثي في جبهة مأرب، شيعوا قتيلهم مشياً على الأقدام من بوابة مستشفى عمران العام في الشارع العام إلى المقبرة المخصصة للمهمشين، والتي تبعد عن المستشفى أكثر من 4 كيلومترات.

وكانت وسائل الإعلام المختلفة قد تداولت في 7 مارس الجاري 2021 خبر المحرقة التي وقعت في صنعاء بمبنى الهجرة والجوازات، والتي راح ضحيتها المئات من المهاجرين الأفارقة على يد عناصر تابعة لمليشيا الحوثي، بعد رفضهم الاستجابة للذهاب والانضمام للقتال في صفوف الحوثيين.

كلمات دالّة

#اليمن #صنعاء