الأربعاء 24-04-2024 06:56:41 ص : 15 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

أراضي الأوقاف.. ساحة جديدة لصراع أجنحة المليشيات الحوثية

الإثنين 29 مارس - آذار 2021 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص / محمد العربي

 

بعد أن استكملت مليشيات الحوثي الإرهابية النهب المنظم لأراضي وعقارات الأوقاف في مناطق سيطرتها، تحولت تلك الأراضي والعقارات إلى ساحة صراع بين أجنحة المليشيات، ضمن صراعاتها البينية على المنهوبات والجبايات بذريعة المجهود الحربي، غير أن الصراع على أراضي وعقارات الأوقاف يأتي في وقت تمكن فيه جناح صعدة السلالي من تهميش بقية أجنحة المليشيات الحوثية، سواء من خلال التصفيات والاغتيالات أو الزج بهم في مختلف الجبهات واغتيال بعضهم في ساحات المعارك والزعم بأنهم قتلوا في المواجهات.

وبقدر ما تدره أراضي وعقارات الأوقاف من مبالغ مالية كبيرة لصالح المليشيات الحوثية والتي تستخدمها في تمويل حربها على اليمنيين وتهديد دول الجوار وطريق التجارة الدولية المار عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر، فإن المليشيات تستخدم تلك الأراضي والعقارات في التغيير الديموغرافي للمدن الرئيسية، خصوصا العاصمة صنعاء، من خلال توطين الموالين للمليشيات الحوثية وأنصارها من أبناء محافظة صعدة، وتفخيخ المدن الرئيسية بعناصر المليشيات الإرهابية في حال استعادة الدولة، وتفجير الوضع داخل كل مدينة وإسقاطها من داخلها في حال اقتضت الظروف ذلك وتهيأت الأسباب.

- الهيئة العامة للأوقاف.. لافتة جديدة للصراع

في مطلع فبراير الماضي، أعلنت مليشيات الحوثي تأسيس هيئة جديدة أطلقت عليها "الهيئة العامة للأوقاف"، يرأسها المدعو عبد المجيد حسن الحوثي، وهي هيئة تشير ظروف تشكيلها واسم رئيسها إلى صراع أجنحة مليشيات الحوثي على ممتلكات الأوقاف، ومن أهداف تشكيل الهيئة الجديدة مواصلة السطو المباشر على ممتلكات وأراضي وعقارات الأوقاف وأيضا أراضي وعقارات المواطنين بزعم أنها تتبع الأوقاف، وذلك ضمن نهج المليشيات الحوثية لنهب ممتلكات الأوقاف والمواطنين في مناطق سيطرتها من خلال إنشاء الهيئات الموازية لمؤسسات الدولة، وتعديل القوانين، والتزوير، وغير ذلك من التصرفات غير القانونية لشرعنة جرائمها بحق الشعب اليمني وشرعنة نهبها لأموال الناس حتى تتحول مع الأيام إلى إرث أسري بسجلات مكتوبة كحق للناهب الأول، كما هو حال الأموال التي نهبها الأئمة الأوائل ليتوارثها أحفادهم من بعدهم.

وأنشأت المليشيات الإرهابية الهيئة الجديدة للأوقاف في مناطق سيطرتها بقرار أصدره مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، ويتعامل جناح صعدة السلالي مع أراضي وعقارات الأوقاف كوسيلة لتطويع العوائل والأجنحة السلالية، وجعلها جميعا رهن خدمة عائلة زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وحرمانها من الامتيازات الكبيرة حتى لا تستطيع تشكيل نفوذ يهدد جناح صعدة أو دحره من الهيمنة على السلالة والامتيازات المترتبة على استمرار الانقلاب وعدم التسريع بالحسم العسكري.

الجدير بالذكر أن المليشيات الحوثية بدأت بالنهب والبسط على أراضي وعقارات الأوقاف منذ انقلابها على الدولة في سبتمبر 2014، ولطمس جرائم نهب ممتلكات الشعب اليمني، لجأت إلى إحراق الأرشيف الوطني التابع لوزارة الأوقاف في صنعاء.

- صراع الأجنحة الحوثية في الأروقة الدولية

وفي وقت سابق، قال فريق الخبراء المعني بشأن اليمن والتابع للأمم المتحدة، إن أحمد حامد، مدير مكتب مهدي المشاط، يعد أحد الطامحين بالسيطرة على المليشات الحوثية، وينافس عبد الكريم الحوثي ومحمد علي الحوثي، ويشكلون منفصلين تهديدا خطيرا على عبد الملك الحوثي في قيادة المليشيات الإرهابية.

وتفيد مصادر إعلامية أن قادة الحوثيين ينشئون الهيئات والمؤسسات الخاصة بهم التي تمكنهم من تحقيق أهدافهم داخل المليشيات، وتأتي ردا من أحمد حامد على محمد علي الحوثي الذي أنشأ في وقت سابق ما تسمى "المنظومة العدلية"، والتي من أهدافها السطو على أراضي وعقارات الأوقاف، وتأتي ضمن صراع أجنحة المليشيات على تلك الممتلكات.

وكان زعيم المليشيات الإرهابية، عبد الملك الحوثي، قد وجه بتشكيل لجنة يشرف عليها محمد علي الحوثي، تضم "قضاة صعدة" فقط، لإدخال تعديلات على قوانين ما سموها "المنظومة العدلية" تحت غطاء البرلمان غير المعترف به، والهدف شرعنة السيطرة على أراضي وعقارات الأوقاف كافة في المحافظات التي تسيطر عليها المليشيات.

ورغم أن هذه التعديلات قوبلت بموجة تنديد واسعة من قِبَل قضاة ومحامين وقانونيين، ورفضتها أيضا نقابة المحامين اليمنيين بصنعاء، إلا أن المليشيات الحوثية تواصل تشكيل هيئات جديدة لشرعنة سطوها ونهبها لممتلكات الأوقاف، وعمدت إلى إجراء تغييرات في أدنى تراتبية السلطة القضائية والتشريعية، بدءًا من الأمناء الشرعيين المكلفين بإصدار وثائق بيع وشراء العقارات إلى النيابات والمحاكم الابتدائية والاستئنافية وحتى المحكمة العليا ومجلس القضاء الأعلى، وتهدف المليشيات الإرهابية من كل ذلك التمهيد لاستكمال السيطرة على السلطة القضائية وتحويلها إلى أداة لشرعنة الجرائم بحق الشعب اليمني.

- صراعات معقدة ومزمنة

تعد الصراعات بين أجنحة المليشيات السلالية الإرهابية معقدة ومزمنة، وقد ألقت هذه الصراعات بظلالها على مساعي المليشيات الحوثية لاستكمال السيطرة على أراضي وعقارات الأوقاف كافة، وأيضا السطو على عقارات وأملاك المواطنين في مناطق سيطرة المليشيات، كما أن أملاك وعقارات بعض العوائل السلالية المصنفة على أجنحة غير مرغوب بها لدى جناح صعدة، تحولت إلى ساحة للصراع أيضا، حيث يحاول جناح صعدة الاستيلاء عليها والتصرف بها وفقا لرغباته.

وتقاقمت الصراعات بين أجنحة المليشيات على أراضي وعقارات الأوقاف، بعد موجة تصفيات جسدية وخلافات متفاقمة بين أجنحة صعدة وصنعاء برزت خلال الأشهر الأخيرة، حيث يسعى جناح صعدة المتطرف لتهميش وإضعاف الأجنحة السلالية الأخرى من أسر بقايا الأئمة والتي حكمت شمال اليمن لفترات زمنية طويلة، وكان الجناح الذي تنتمي إليه عائلة الحوثي أكثر الأجنحة تهميشا خلال فترة حكم الأئمة السلاليين العنصريين، ويبدو أن الصراع الحالي يستدعي معه الميراث الأسواد لصراعات العوائل السلالية الدخيلة على اليمن خلال سنوات حكمها مناطق واسعة شمالي البلاد.

ويأتي هذا النهج الحوثي السلالي كامتداد لأجدادهم الأئمة من قبلهم الذين كانوا يقدمون على نهب أموال المواطنين بعد قتلهم أو تشريدهم أو مصادرة أموالهم بطرق شتى، وكذلك أموال الأوقاف، وأموال الأراضي التي يحتلونها، ونتيجة لذلك كونوا ثروات ضخمة بلغت عقاريا أكثر من نصف أراضي صنعاء والمحويت وعمران وذمار وحجة وصعدة وغيرها من المناطق التي وصلت سيطرتهم إليها، واليوم يتكرر ذات النهج ويتحول إلى مسرح لصراع أجنحة المليشيات.