الخميس 28-03-2024 14:57:43 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون والتجنيد الإجباري.. أطفال ومهمشون في محارق الموت

الإثنين 22 مارس - آذار 2021 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص-زهور اليمني

  

على مدى الأسبوعين الماضيين اللذين شهدا وصول الأعمال القتالية إلى ذروتها في محافظات مأرب وتعز والحديدة، نفذت مليشيا الحوثي عبر مشرفيها والموالين لها في المديريات والمحافظات الواقعة تحت سيطرتها عملية تجنيد واسعة، طالت طلاب المدارس والنازحين والمهمشين من مختلف الأعمار، والدفع بهم إلى معسكرات التدريب ومن ثم نقلهم إلى جبهات مأرب وتعز.

ووفقا لما تم تدوينه في كشوف الهيئة الحوثية، فقد استقبلت صنعاء ومحافظات أخرى على مدى اليومين الماضيين فقط جثث عشرات القتلى وغيرهم من الجرحى، ولا زالوا مستمرين في استقبال الجثث، حيث يقومون بإيداع بعضها ثلاجات المستشفيات الحكومية، ودفن البعض الآخر بطرق سرية.

وكعادة المليشيات كل مرة في عدم الإفصاح عن عدد قتلاها في الجبهات خشية تحطم معنويات مقاتليها وأتباعها والموالين لها، وجهت قبل أيام بإيقاف عمليات تشييع جثامين قتلاها، مكتفية بتشييع جثث البعض ممن تصفهم بالهاشميين.

عقال الحارات في مهمة الحشد والتجنيد الإجباري:

بدأت مليشيا الحوثي الأسابيع الماضية حملات تجنيد واسعة لاستقطاب طلاب المدارس، لرفد جبهات القتال، وجندت لذلك عقال الحارات وقيادات دعويّة مهمتها الرئيسية اصطياد الأطفال للالتحاق بما يسمونها دورات ثقافية في العلن، لكن مضمونها طائفي وفيه دعوة للقتال والعنف، ومن ثم اقتيادهم للجبهات.

يحدثنا أحد المعلمين في العاصمة صنعاء حول هذا الموضوع قائلا: "في الأسابيع الأخيرة كثف عقال الحارات من عملية تجنيد طلاب المدارس، وتوجه البعض منهم إلى المدارس لطرح فكرة التجنيد أمام الطلاب أثناء الطابور الصباحي، بعد إلقاء محاضرات وخطب بأن البلد يتعرض للغزو من قبل العدو، وأن كثيرا من الناس يجاهدون في الدفاع عنه من العدوان ومن دول العدوان"، حسب وصفهم.

وأضاف: "بالنسبة للمدرسة التي أعمل مشرفا فيها قام أحد عقال الحارات بزيارة مدرستنا أكثر من مرة، واقترح فكرة التجنيد على الطلاب في طابور الصباح، ووافق عدد منهم، خاصة صغار السن الذين لا يدركون خطورة ذلك، خاصة أن معظمهم أولياء أمورهم غير موجودين، وبعض الطلاب يتامى وليس لهم أب، وبعضهم ممن لا يأبهون".

وتابع: "بالنسبة لحارتنا أصبح عاقل الحارة وكثير من عقال الحارات المجاورة لنا، يراقبون السكان الداخلين والخارجين إلى الحارات والمنازل، وهي وظيفة يقومون بها إلى جانب مهمتهم في حشد الناس والتجنيد الإجباري، والقليل يوافقون على مسألة التجنيد والعرض والطلب التي يقدمها عقال الحارات للسكان، خصوصا في تلك الأحياء الفقيرة التي يتواجد فيها مواطنون يعانون من أوضاع معيشية صعبة".

وأوضح أن "الطلاب يعيشون أسوأ أعوامهم الدراسية على الإطلاق، فتوقف الدراسة الذي سيكون نهاية هذا الشهر، سيجعل الحوثيين يقودونهم إلى جبهات القتال، وسيكون عليهم دراسة كتبهم الطائفية التي ستقودهم في النهاية لاعتناق أفكار مذهبية والذهاب إلى جبهات القتال في نهاية المطاف".

واستناداً إلى روايات المدرسين وأولياء الأمور الذين التقينا بهم، وجدنا أن هناك عملا ممنهجا من قبل الحوثي للتحريض على العنف، وأنشطة تجنيد الأطفال والدعاية في المدارس، وأكدت مصادرنا أن 429 لجنة تابعة للجنة التعبئة والحشد الحوثية، تستهدف المدارس على مستوى محافظة صنعاء، شملت الأنشطة في المدارس عرض الأسلحة، وإلزامهم بالاستماع لخطب وكلمات عبر الراديو والفيديو، يلقيها كل من قادة الحوثيين والطلاب والمعلمين المواليين للحوثيين، والذين يقومون بتشجيع الطلاب على الذهاب إلى جبهات القتال، والتدريب العسكري للأطفال في ساحات المدارس.

2021 العام الأكثر حصاداً لأرواح الأطفال المجندين:

طبقا لتقرير دولي حديث صادر عن "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" ومنظمة "سام" اليمنية للحقوق والحريات، فقد جندت مليشيا الحوثي أكثر من 15 ألف طفل منذ الانقلاب أواخر 2014. 

وطالب التقرير المشترك للمنظمتين الأمم المتحدة بضرورة التصدي لظاهرة استغلال الأطفال كجنود باليمن من قبل مليشيا الحوثي، والتي تورطت بزج نحو 10333 طفلا بشكل إجباري إلى جبهات القتال.

وكشف التقرير عن استخدام مليشيا الحوثي نحو 52 معسكرا تدريبيا لآلاف الطلاب والأطفال تتراوح أعمارهم بين 10 - 18 عاما، تزامنا مع حملات تجنيد مستمرة تستهدف المدارس في المحافظات التي تسيطر عليها المليشيات.

وحذر التقرير من عواقب خطيرة وموت محقق يواجه مصير الأطفال المجندين، حيث اعترفت مليشيا الحوثي بمقتل نحو 1410 أطفال في محارق الموت العام الماضي.

ووفقا للتقرير فهناك 4 أطفال قاصرين جندتهم مليشيا الحوثي يقتلون بالفعل كل يوم، حسب الحصيلة الصادمة للقتلى الأطفال الذين تزج بهم المليشيا في جبهات القتال، واعترفت بهم في وسائل إعلامها أثناء حملات التشييع والدفن.

وأشار التقرير إلى أن أعمار الأطفال الذين قتلوا تترواح بين 10-17 عاماً فقط وينتمون إلى 16 محافظة يمنية.

ويقول تقرير خبراء الأمم المتحدة المقدم لمجلس الأمن في يناير الماضي، إن وزارة الدفاع اليمنية أسرت نحو 200 طفل في ساحة المعركة وهم يقاتلون مع مليشيا الحوثي، وتم إعادة معظمهم بعد تأهيلهم إلى عائلاتهم وأُحيل البعض منهم للتأهيل في منظمات غير رسمية.

وأكدت تقارير رصدتها منظمات حقوقية يمنية أن بداية هذا العام كان الأكثر حصاداً لأرواح الأطفال المجندين في صفوف الحوثيين، فقد قتل 111 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاماً، ويتحدر الغالبية منهم من محافظة ذمار (إجمالي 28 طفلاً)، في حين جاءت محافظة صنعاء في المرتبة الثانية (19 طفلاً) وحجة ثالثة (17 طفلاً)، أما بقية العدد فتتوزع على محافظات متفرقة، مشيرة إلى أن أعمار الأطفال الذين قتلوا تترواح بين 10-17 عاماً فقط.

تقاتلون معنا أو نقتلكم:

في خطاب متلفز أطلق زعيم مليشيا الحوثي عبد الملك الحوثي تسمية "أحفاد بلال" على المهمشين اليمنيين، ودعا إلى دمجهم في المجتمع بهدف استعطافهم بطريقة عنصرية، من خلال فرزهم في تسمية مختلفة عن جميع مقاتليهم.

عقب دعوته تلك سارعت المليشيات إلى تجنيد المئات منهم وإجبارهم على القتال في صفوفهم، وأظهرت عدد من الصور ومقاطع الفيديو تداولها ناشطون مجموعات كبيرة من المهمشين وهم يستعدون للقتال تحت مسمى "النفير العام"، في حين أجبروا آخرين بالقوة على الالتحاق بصفوفهم.

الدكتور المحاضر في جامعة صنعاء (ن. غ) يحدثنا عن الهدف من إطلاق الحوثيين تسمية "أحفاد بلال" على المهمشين، وكيف استغلوا هذه التسمية لصالحهم، حيث قال: "مليشيا الحوثي تعيش حالة من المأزق العسكري، وحالة من التمرد الداخلي من قبل القبائل، وظهور وعي لدى الناس بخصوص عبثية هذه الحرب وعدم انتهائها، لذلك لجأت إلى استغلال حالة العوز والفقر التي يعيشها المهمشون وأطلقت عليهم هذه التسمية، وهذا ديدن المليشيات في استغلال العامل الديني لكسب مشاعر الناس وتحريك عواطفهم، ومحاولة إضفاء نوع من الصبغة الدينية على حروبهم التي يخوضنها ضد خصومهم".

وتابع حديثه قائلا: "تحت مسمى دمجهم قامت بتجنيد الآلاف من المقاتلين المهمشين في مناطق متفرقة من أمانة العاصمة صنعاء، وكثفت من إقامة الدورات الطائفية لاستقطاب أبناء عدد أكبر منهم، بالإضافة إلى إغراء أهاليهم بمساعدات غذائية بسيطة واستغلال ظروفهم البائسة التي يعانون منها، لكن كما يبدو أنهم أصبحوا أكثر وعيا بعبثية الحرب، حيث ‏أقدم مشرف حوثي نهاية العام الماضي على إعدام أربعة من المهمشين رمياً بالرصاص في منطقة الجرفين بمديرية قفلة بمحافظة عمران، بعد رفضهم الذهاب للقتال في صفوفهم، وعقب ذلك قامت نساء القتلى بقتل المشرف الحوثي المدعو أبو علي الخولاني وجرح آخرين بعد أن قامت النساء بسلبهم البنادق".

في سياق متصل، قال نعمان الحذيفي، رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين، في تغريدات له على توينر: "نحن يمنيين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولن تفرق بيننا الألوان ولا الأعراق ولا المذاهب ولا السلالة ولا الجغرافيا ولا الدراهم ولا تآمر المتآمرين وبائعي الأوطان في أسواق الخساسة والنذالة والعمالة، كل ذلك لن يؤثر فينا طالما نحمل هوية واحدة اسمها اليمن".

وعلق الحذيفي على حادثة قتل أربعة من المهمشين الذين رفضوا الذهاب إلى الجبهات قائلا: "هي خطوة تهدف لترهيب وإجبار المهمشين على القتال بصفوف مليشيات الحوثي بقوة السلاح، تحت شعار: إما تقاتلوا معنا وإلا نقتلكم".

وأضاف في تغريدة أخرى: "المهمشون ذوو البشرة السوداء من اليمنيين واللاجئين الأفارقة يواجهون عملية تطهير عرقي من قبل المليشيات، التي زجت مؤخرا بالمئات منهم إلى جبهات القتال".

وتابع: "المليشيات تدفع بالمغرر بهم من الأطفال والشباب ذوي البشرة السمراء كدروع بشرية، من خلال تقديمهم في الصفوف الأمامية للقتال وعناصرها في مؤخرة الجبهة، وهو ما أدى إلى وقوع الكثير منهم قتلى وجرحى".

وفي السياق نفسه، كشفت مصادر أن المليشيات جندت طوال سبعة أيام ماضية أكثر من 700 شخص من المهمشين ذوي البشرة السمراء، بينهم أطفال وكبار في السن، وأخضعتهم بصورة عاجلة لدورات عسكرية، ثم نقلتهم على شكل دفعات كتعزيزات لعناصرها في محافظة مأرب.

كما قامت عبر مشرفيها وأتباعها بحشد 370 مجندا من مديريات أمانة العاصمة صنعاء وريفها، و176 مجندا من نحو 20 مديرية في محافظة إب، و80 مهمشا تم تجنيدهم من 12 مديرية في ذمار، و25 مجندا من محافظة حجة، و18 من مدينة الحديدة، و15 من المحويت، ومثلهم من محافظة ريمة.

وفي تقرير حديث، كشفت المنسقية الأممية للشؤون الإنسانية في اليمن، عن ارتفاع عدد المهاجرين الأفارقة المحتجزين في ظروف غير ملائمة لدى مليشيات الحوثي إلى 8 آلاف لاجئ أفريقي.

وأوضح التقرير أن ظروف المعتقلات التي تحتجز فيها المليشيات مهاجرين أفارقة بصنعاء مروعة، والمنشآت مكتظة بشكل خطير مع قلة فرص الحصول على المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي الآمنة.

وذكر التقرير أنّ مليشيا الحوثي استحدثت في الأشهر الماضية كتائب قتالية في صفوفها، تضمّ المقاتلين المهمّشين والأفارقة، وأسندت إليهم مهامّ هجومية في جبهات مأرب.

وأوضح التقرير أنّ استخدام المهمّشين والأفارقة في الأعمال العسكرية ارتفع بشكل غير مسبوق عقب توجيه زعيم المليشيا عبد الملك الحوثي، منتصف العام الماضي، بإدماج المهمّشين بالمجتمع، ضمن برنامج طويل الأمد، وتأهيلهم لشغل مناصب مهمّة، على حدّ زعمه.

الموت جوعا أو الموت في ساحات القتال:

في حين أن الحوثيين ليسوا الوحيدين من قام باستخدام المساعدات الغذائية كوسيلة لتعزيز النفوذ، إلا أنهم الوحيدون من أضفى الطابع المؤسسي على هذه الممارسة غير المشروعة، حيث استخدموها كوسيلة لفرض السيطرة وحشد المقاتلين إلى جبهات القتال، وإثراء من هم في السلطة.

يحدثنا أحد السكان في مديرية خولان أن شيخ قريتهم جند ما يقارب 70 شاباً مقاتلا في جبهات قتال الحوثيين العام الماضي، وأضاف قائلا:
"لقد وصلت مكافأة أي شخص يأتي بمقاتل إلى 200 ألف ريال، كما أنهم يقومون باستدراج الشباب إلى جبهات القتال باستخدام تكتيك تجنيد معروف "الغذاء مقابل المقاتلين" بعد أن يتم منع المساعدات الغذائية الإنسانية أو حجبها شريطة توفير 
مقاتلين من العائلات المسجلة لتلقي المساعدات".

وأضاف: "هناك الكثير من الأسر تواجه الموت جوعا وهي ترى مستحقاتها الغذائية تذهب إلى غير المستحقين، لذا تجد كثيرا من هذه الأسر نفسها أمام خيارين: الموت جوعا أو الموت في ساحات القتال".

العزف على وتر قضايا الشرف لاستقطاب المقاتلين:

كشفت الشرطة في محافظة مأرب، الشهر الماضي، عن أدلة موثقة توصلت إليها التحقيقات عن قيام المليشيات الحوثية بتجنيد النساء والأطفال لتنفيذ أعمال إرهابية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

واتهمت شرطة مأرب في مؤتمر صحافي زعيم المليشيات بتأسيس جهاز سري لاستقطاب النساء لتنفيذ هذه الهجمات، بعد أن تكون قد قامت بتوريط المجندات قسريا في أعمال غير أخلاقية لسهولة السيطرة عليهن.

وتأتي هذه المعلومات التي أفاد بها مدير شرطة مأرب للصحافيين عقب أيام من ضبط نساء في مدينة مأرب، قالت الأجهزة الأمنية إنهن كن في مهام عدائية بأوامر حوثية، وهو الأمر الذي وظفته المليشيات في حشد المزيد من المقاتلين باتجاه مأرب.

وقال مدير عام شرطة مأرب العميد يحيى حُميد إن تحقيقات الأجهزة الأمنية مع عدد من الخلايا التابعة لمليشيا الحوثي الإرهابية التي تم ضبطها، كشفت أن جهازاً سرياً خاصاً تابعاً لزعيم الحوثيين ينشط في كثير من الأحيان تحت لافتة منظمات إغاثية ومدنية، ويقوم باستقطاب واستدراج النساء من الأسر الفقيرة وتجنيدهن أمنياً وتدريبهن على تنفيذ أعمال إرهابية وجمع المعلومات عن المستهدفين.

وأشار أن المليشيات تقوم بإرسال المجندات لتنفيذ المهام في مناطق الشرعية ومحافظة مأرب خاصة، بعد توريطهن بمستمسكات غير أخلاقية، ضاغطة عليهن لضمان عدم تراجعهن والفرار من قبضتهم وتنفيذ الأعمال الإرهابية المطلوبة منهن.

وأكد أن المليشيا تسعى من خلال العزف على وتر قضايا الشرف لاستقطاب المقاتلين، والتغطية على فضيحتها وانكشاف أمرها في تجنيد النساء، وإرسالهن لتنفيذ أعمال إرهابية تستهدف المدنيين الآمنين في محافظة مأرب، التي تكتظ بالنازحين والمهجرين من قبل هذه المليشيا من مختلف محافظات الجمهورية، بحسب تعبيره.

كلمات دالّة

#اليمن