الجمعة 19-04-2024 07:52:24 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون والتضليل الإعلامي.. تفخيخ المجتمع بثقافة الكراهية والتشيع الإيراني

السبت 28 نوفمبر-تشرين الثاني 2020 الساعة 11 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد الرحمن أمين

من ملازم حسين الحوثي ومحاضراته إلى القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية والصحف المطبوعة والدوريات ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الإعلام، تقفز مليشيا الحوثي الانقلابية متخطية كل الحدود لتبدأ معركتها في حرب لا تقل شراسة عن معاركها العسكرية التي تشنها على مدى ستة أعوام.

ولم تكن مليشيا الانقلاب الحوثية في أدائها الإعلامي أقل خبثا وجرما عبر أبواقها الإعلامية من ممارستها في كافة مناحي الحياة ومختلف الأصعدة، منذ انقلابها في 21 سبتمبر 2014، إذ وظفت الإعلام لأداء أبشع وأسوأ الأدوار، متجاوزة كل القوانين والأعراف.

 

السلاح الأفتك

فما تبثه وسائل الإعلام الحوثية وتروج له وتمرره من خلال تغطيتها وبرامجها وفقراتها وعرضها عبر قنواتها التي أنشأتها، أو تلك التي استولت عليها بعد انقلابها المشؤوم، واجتياحها للعاصمة صنعاء ومحافظات أخرى أخطر بكثير من مختلف الجرائم التي أوغلت وتمادت فيها من قتل وخراب وتشريد ونهب وإفقار وتجويع وخطف وتنكيل وغيرها من الجرائم.

قناة "المسيرة" الفضائية واحدة من وسائل الإعلام المتعددة التي يملكها الحوثيون، والتي مثلت السلاح الأكثر فتكا بالمجتمع اليمني، إذ باتت أكثر إتقانا واحترافا في الكذب والتزوير والتلفيق والفبركة والتضليل الإعلامي.
فمنذ تأسيسها في العام 2012 دأبت القناة على نشر الأفكار الدخيلة على المجتمع اليمني، الضاربة في أعماق الفكر الشيعي، الطاعنة في صميم العقيدة الإسلامية الصحيحة، وغرس الكثير من المفاهيم المغلوطة في أوساط الشباب، وتضليل الرأي العام، واختلاق الأكاذيب، ونشر الأحقاد والكراهية بين أبناء المجتمع الواحد، والترويج للفكر السلالي وتمجيد الرموز والشخصيات السلالية ووضع الهالات وإضفاء القداسة عليهم، مستغلة جهل المجتمع وتدني المستوى الثقافي والمعرفي لدى معظم أبنائه.

ويدرك الحوثيون تمام الإدراك الدور الحاسم الذي تلعبه الصحافة في حرب اليمن، فبعد الانقلاب والسيطرة على العاصمة صنعاء كان أول عمل قامت به جماعة الحوثي هو السيطرة التامة على الإعلام، بدءا بوسائل الإعلام الحكومية وتسخيرها لخدمة مشروعها، وانتهاء بإغلاق كافة القنوات الفضائية والإذاعات والصحف الأهلية والحزبية، وإغلاق مكاتب القنوات الأجنبية.

 

التضليل بكافة أشكاله

ويمارس الحوثيون التضليل الإعلامي بأساليب عدة لتمرير سياساتهم وترويج الكثير من الأفكار التي تخدم مشروعهم، وإخفاء المعلومات وتغييب الحقائق وكسب تأييد وولاءات أبناء القبائل ووجهائها.

وقد بدأ التضليل واللعب بمشاعر الناس وعواطفهم منذ العام 2014 قبيل انقلابهم المشؤوم من خلال تكثيف حملاتهم الإعلامية وتبنيهم لمطالب شعبية بخفض أسعار المشتقات النفطية، إذ قدمت المليشيا نفسها كجماعة ثورية وحقوقية بامتياز، قبل أن تقفز أسعار المشتقات النفطية بزيادة تصل إلى 1000% في ظل سياستهم الرعناء.

ويعمد الحوثيون لإنجاح أدوارهم في التضليل إلى الاستحواذ والتفرد في نقل الصورة، وتطويق موقع الحدث بالمسلحين ومنع الصحفيين من الاقتراب منه وعدم إعطائهم أي فرصة لأخذ أي صورة، لضمان التحكم في تفاصيل الحدث وإبرازه على نحو يخدم سياستهم.

وفي خضم الضخ الهائل من الأكاذيب والترويج لها، نجحت المليشيات في تضليل فئة كبيرة من الشعب في كون الحوثيين أحفاد النبي صلى الله عليه وسلم، مع عدم وجود ما يثبت هذه الفرية، التي يحاول الحوثيون ترسيخها كما لو أنها حقيقة تاريخية لا تقبل النقاش، حيث لاقت هذه الفرية قبولا في أوساط الكثير من المواطنين خاصة الأكثر جهلا منهم.

واستكمالا لهذا الدور عمد الحوثيون إلى قطع خدمة الإنترنت مرات عدة، كما حجبوا كل المواقع الإخبارية المناوئة لسياساتهم على شبكة الإنترنت، حتى يتسنى لهم تطبيق سياسة الصوت الواحد، ويبقى المجتمع أسيرا لما تبثه وسائل إعلامهم وأبواقهم الدعائية من معلومات كاذبة ومضللة، ليصل الأمر بهم إلى اختراق العديد من المواقع الإلكترونية والشبكات الإخبارية على برنامج "الواتساب" والتحكم فيها ونشر سيل من الإشاعات والأخبار الكاذبة كما حصل مع مجموعات "الصحوة" و"المركز الإعلامي لإقليم تهامة" و"شبكة الحطامي عاجل" وغيرها من الشبكات، وهذا يأتي ضمن سياسة التعتيم الإعلامي والمغالطات.

 

دمار شامل

آلة الحوثيين الإعلامية الضخمة لم تستثن شيئا من وسائل الدعاية والإعلام في إدارة معركتها الإعلامية، حيث ركزت في معركتها أيضا على الفنون الشعبية التراثية ليكون "الزامل" أحد أخطر الأسلحة التي أعملت في العقل المجتمعي اليمني، إذ أخرجته المليشيا بأداء فني يتناسب مع ميول وأذواق قطاع عريض من أبناء القبائل، ليتم شحنه بالكراهية والتحريض ضد أبناء المجتمع، ووصفهم بالإرهاب والخيانة والعمالة والارتزاق وغيرها من الصفات، وتسويق هذه التهم والافتراءات بين أبناء القبائل بأسلوب فني يحظى بالقبول.

مصطلحات ومشاهد الموت والقتل والدماء والخراب والأشلاء والجنائز والدمار والرصاص و"الجعب" والقذائف والقنابل والبنادق والبارود والأدخنة، هي ما بات يسيطر على إعلام الحوثيين كخطاب واحد يستهدف كل شرائح المجتمع وفئاته.

وبحسب خبراء فإن تلك المشاهد والمصطلحات باتت تشكل مصدر قلق للهيئات والمنظمات المعنية بالرعاية وحقوق الطفل، لما تمثله المشاهد التي تعرض في قناة "المسيرة" وغيرها على مدار الساعة من خطورة على وعي الطفل الذي يتلقى كل ما يعرض عليه بلا قدرة على التمييز.

 

قنابل موقوتة

ويكشف الخطاب الإعلامي للحوثيين الموجه للشعب اليمني مدى الخطورة التي تشكلها المليشيا على حاضر اليمن ومستقبله، جراء الضخ الإعلامي الهائل الذي يبث ثقافة الكراهية ويزرع الأحقاد والثارات والتحريض العنصري الطائفي، خاصة أن ذلك يتم في بيئة تتسم غالبا بالجهل، لا سيما في المناطق التي تمثل حاضنة اجتماعية ومذهبية للجماعة، ويلقى الخطاب الإعلامي للحوثيين فيها قبولا كبيرا كونه مغلف بالدين وما يسمونه بـ"الثقافة القرآنية" وادعاء النسب النبوي، إذ بات من المألوف أن تجد الكثير من العوام بل ومن المثقفين أيضا من غير الهاشميين يستميتون في الدفاع عن الأفكار التي يسوقها السلاليون أنفسهم، اعتقادا منهم أن للهاشميين ميزة وأفضلية على غيرهم، وأن تلك المزايا والفضائل هي منحة من الله لهم.

ويرى (عبد الناصر. م. ي)، أحد خريجي كلية الإعلام، أن الثقافة التي يتلقاها مناصرو جماعة الحوثي أكثر خطرا من السلاح الذي في أيدي مليشياته.

ويضيف عبد الناصر: "بإمكانك السيطرة على الأسلحة والاستيلاء عليها أو تدميرها، لكنه ليس بإمكانك تدمير مجتمع تأثر أبناؤه بأدبيات وثقافات مشوهة تلقاها عبر ماكنة إعلامية ضخمة".

أما عبد الله الحبيشي، أديب وشاعر، فيبدي اندهاشه من التأثر الذي يقع فيه مناصرو المليشيا الحوثية والتفاعل مع كل ما يطرح من قبل الحوثيين.

يقول عبد الله: "استغل الحوثيون عبر وسائل إعلامهم جهل العوام، والنزعة السلالية لدى الكثير من الهاشميين الذين استجابوا للأفكار الضالة التي عمل شيعة إيران جاهدين على نشرها في بلدان عربية وإسلامية عدة، فاضطر السلاليون للقبول بالفكر الشيعي دفعة واحدة من أجل إشباع تلك النزعة، على اعتبار أن الشيعة وحدهم من يعرفون فضل الهاشميين ويعطونهم حقهم، وفقا لما تطرحه وسائل إعلام الحوثيين وأخواتها".

 

كذب منقطع النظير

ويركز الحوثيون في إعلامهم على إبراز الجانب الإنساني في اليمن والوضع المأساوي المتدهور والحالة المتفاقمة جراء استمرار أمد الحرب، ليتم تسويقه في وسائل إعلامهم المرئية والمسموعة والمقروءة على أنه إحدى نتائج ما يصفونه بـ"العدوان"، وعادة ما يكون هناك نزول ميداني لقنواتهم لتصوير بعض الحالات والمشاهد الإنسانية الأكثر معاناة والأكثر بؤسا.

وفي الوقت الذي يحاول فيه الحوثيون إبراز بطولاتهم التي يدعونها من خلال الفبركة لبعض المشاهد التي غالبا ما يتم اجتزاؤها وإخراجها، وانتصاراتهم الوهمية التي يتحدثون عنها، ونشر الإشاعات والأخبار الكاذبة عن إحراز تقدمهم في الميدان، يعمل الحوثيون على إظهار المشهد بوجهه الآخر، حيث يعمدون إلى إبراز الجماعة من خلال التضليل الإعلامي بثوب المظلوم المسلوب حقوقه المعتدى عليه، ومحاولة تصوير الحرب على أنها قائمة بين التحالف العربي واليمنيين وليس بين حكومة معترف بها دوليا وانقلاب مسلح، في واحدة من كبرى كذباتهم الرائجة.

الآلة الإعلامية الحوثية تعمل ليل نهار على الحديث عن الإنجازات الأمنية التي تحققها المليشيات والقضاء على الجريمة وفق خطابهم الإعلامي، في الوقت الذي يبلغ فيه مستوى الجريمة أعلى مستوياته من قتل واختطاف وسرقة ونهب وتقطعات وغيرها من الجرائم.

الإسفاف في إقحام المصطلحات واحدة من الأساليب التي ينتهجها الإعلام الحوثي، أو ما يسمى بـ"الإعلام الحربي" والذي يعد مصطلحا إيرانيا بامتياز، إذ بات "الجهاد" و"الشهيد" و"حب الوطن" و"التضحية" و"المجاهدين" و"أولياء الله" وغيرها من المصطلحات التي يطلقونها على أنفسهم ويروجونها بين عامة الناس، وفي المقابل فإن إعلامهم ينضح بمصطلحات عدائية لخصومهم من قبيل "الدواعش" و"العدوان" و"مرتزقة آل سلول" و"الخونة" وغيرها.

ويمضي الحوثيون في تبني الخطاب الإيراني الشيعي بكل حذافيره، والسير في نهج باقة القنوات الشيعية المختلفة الرسمية وغيرها، التي تدعو إلى الأفكار العدائية والتحريض ليل نهار ضد البلدان والمجتمعات السنية، وبث الفرقة والخلاف بين المسلمين، لا سيما المناوئين منهم للمشروع الإيراني التوسعي.

بعثات متواصلة ودورات مكثفة عن التضليل الإعلامي، والتغطيات العسكرية، والخدع التصويرية، وأساليب الفبركة الصحفية يتلقاها إعلاميو الحوثيين من خلال إيفادهم إلى ضواحي بيروت على أيدي مليشيات حزب الله أساطين الكذب والتزوير.

كلمات دالّة

#اليمن