الجمعة 19-04-2024 21:12:54 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

التعذيب حتى الموت في سجون الحوثيين.. قصص تحكي إجرام المليشيات

الأربعاء 28 أكتوبر-تشرين الأول 2020 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد السلام الغضباني

تتكشف يوما بعد يوم أهوال الجرائم والانتهاكات التي تمارسها مليشيات الحوثيين ضد المعتقلين في سجونها، وثمة قصص وأحداث مروعة تتناقلها وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية بخصوص معتقلين أخرجهم الحوثيون من سجونهم وهم مجرد جثث هامدة وعليها آثار تعذيب وتنكيل تفضح بشاعة إرهاب المليشيات الحوثية، وتحكي قصصا أخرى ما زال ضحاياها يعانون التعذيب والتنكيل في السجون ولن يخرجوا منها إلا جثثا هامدة، حيث تتوازى مع يوميات الحرب يوميات تعذيب وتنكيل وقسوة تمارسها المليشيات في سجونها، في حين لا أحد يسمع أنين الضحايا ولا يعيش معاناتهم النفسية والجسدية وآهاتهم المكتومة داخل الزنازين والغرف المظلمة.

وبقدر ما تكشف تلك الجرائم مدى بشاعة إرهاب مليشيات الحوثي، فإنها في نفس الوقت تدين كل حكومات العالم والمنظمات الحقوقية الدولية التي عجزت عن الضغط على المليشيات الحوثية لوقف تلك الممارسات الإرهابية بحق مدنيين أبرياء في سجونها، رغم استمرار وتزايد حالات الوفاة تحت التعذيب منذ بدء الحرب وحتى الآن، والتي تشمل الرجال والنساء وكبار السن والقادة السياسيين والأسرى وغيرهم، وقد أثر ذلك على جميع أهالي المعتقلين الذين يتألمون طوال الوقت خوفا على ذويهم في سجون الحوثيين وما يعانونه فيها من تعذيب، علما بأن معظم ضحايا التعذيب حتى الموت هم من المدنيين الأبرياء الذين اختطفتهم المليشيات من بيوتهم ومن الطرقات ومقار أعمالهم.

 

- ضحايا بلا حدود

في سبتمبر الماضي، قالت منظمة "سام" للحقوق والحريات، مقرها جنيف، إنها رصدت أكثر من 154 ضحية "تعذيب حتى الموت" ضمن ما وصفتها بـ"جرائم التعذيب الممنهج في سجون الحوثيين".

وأشارت "سام" إلى أن مليشيات الحوثي تخفي العشرات من المدنيين من أبناء محافظتي وعمران وصعدة قسريا، وتمارس تعذيبا قاسيا أدى إلى وفاة اثنين من المخفيين قسريا، هما صادق أحمد يحيى الغاوي (37 عاما)، الذي توفي بتاريخ 26 يونيو 2020 في أحد سجون الحوثيين في صنعاء، والثاني محمد عبد الله محسن سلَبة، توفي بتاريخ 31 أغسطس 2020، في أحد سجون الحوثيين مدينة حجة.

وقالت المنظمة في بيان نشرته في موقعها الإلكتروني نقلا عن مسؤول الهيئة القانونية للمنظمة المحامي عمر الحميري: "أصبح الادعاء بانتحار الضحايا حجة مليشيا الحوثي التي تحاول إخفاء جرائمها خلفه"، مضيفا أن "جرائم التعذيب حتى الموت في سجون الحوثيين ليست مجرد أخطاء فردية بل سياسة ممنهجة وصل ضحاياها الذين رصدتهم منظمة سام إلى أكثر من 154 ضحية".

وذكر الحميري أن من بين الحالات التي سجلتها "سام" لمعتقلين قتلوا تحت التعذيب في سجون الحوثيين خلال العام الجاري، وفاة المحتجز علي عبد الله حسن العماري، في مارس 2020، في سجن الأمن السياسي في صنعاء نتيجة تعرضه للتعذيب الشديد على أيدي مليشيات الحوثي.

ودعت "سام" إلى فتح تحقيق دولي في جرائم التعذيب الممنهج في سجون الحوثيين وتقديم المسؤولين عن هذه الجرائم للمحاكمة.

وفي سبتمبر 2019، أكد التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان أنه رصد 455 حالة تعذيب ارتكبتها المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران خلال الفترة من سبتمبر 2014 وحتى ديسمبر 2018، موضحا أن أغلب حالات التعذيب سُجلت في أمانة العاصمة بواقع 295 حالة، يأتي بعدها سجون محافظة صنعاء بواقع 86 حالة، تليها محافظة إب بواقع 74 حالة.

جاء ذلك خلال الندوة التي نظمها تحالف رصد على هامش انعقاد الدورة الـ42 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة بمدينة جنيف السويسرية بالتعاون مع الاتحاد العالمي للجاليات اليمنية، والتي أشار فيها إلى أن 170 ضحية توفيت بسبب التعذيب بينهم تسعة أطفال وامرأتان و6 مسنين.

وفي أواخر عام 2016، رصدت رابطة أمهات المختطفين في صنعاء عشرات الحالات من الموت تحت التعذيب، وتنشط الرابطة في احتجاجات سلمية نسوية، وترفع اللافتات المطالبة بإنقاذ المعتقلين والمختطفين من التعذيب وإطلاق سراحهم فورا.

وتحدثت الرابطة عن "تكسير رؤوس المعتقلين على الجدران والضرب بأعقاب البنادق حتى الإغماء، هكذا يستعرض الحوثيون قوتهم على المختطفين العزل".

وتقول الرابطة إن "أمهات المختطفين يعشن قلقا متزايدا مع كل حكايات الموت تحت التعذيب البشعة"، وتدعو باستمرار إلى الإفراج عن المعتقلين خصوصا الصحفيين.

وأطلق ناشطون وصف "الداخل مفقود والخارج مولود" على سجون الاعتقال الحوثية التي تمارس فيها المليشيات أساليب تعذيب ممنهجة تقود في النهاية إلى الموت.

 

- نماذج من ضحايا التعذيب

وهنا سنستعرض نماذج متفرقة من حالات التعذيب حتى الموت في سجون الحوثيين ومن تواريخ مختلفة، للتأكيد بأن التعذيب متواصل وممنهج منذ بداية الانقلاب وحتى اليوم. ففي ديسمبر 2016، كشف ناشطون عن وفاة تحت التعذيب للشقيقين جهاد وسليم عبد الكريم القوسي، اللذين اعتقلا من منزلهما بمنطقة السحول بمحافظة إب وسط اليمن.

وكانت أبشع جريمة هزت محافظة إب ما تعرض له الشيخ محمد زيد السبل من مديرية القفر، الذي اعتقل مع مرافقه، حيث قيدت يديه بالقيود الحديدية، وجرى تعذيبه بشكل غير مسبوق، فقطع لسانه وفقئت عيناه وسحل بالشارع، ثم أعدم مع مرافقه بالرصاص.

وفي صنعاء المكتظة سجونها بمئات المعتقلين من معارضي الانقلاب، كان صارخا ما تعرض له الشاب وليد الإبي، حيث اعتقله الحوثيون من أمام منزله ثم بعد أيام وجد مقتولا برصاصة في الرأس.

واتهمت عائلة الإبي في بلاغ للنائب العام مليشيات الحوثي بقتل ابنها داخل أحد السجون في إدارة البحث الجنائي بصنعاء، بعد أن خطفوه بالقوة من أمام منزله منتصف نوفمبر 2016.

وأشارت العائلة إلى أن الحوثيين أبلغوهم بعد أسبوع من اختطاف وليد أن جثة ابنهم موجودة في ثلاجة المستشفى، زاعمين أنه انتحر بإطلاق الرصاص على رأسه من مسدس.

وهناك قصص لعشرات المعتقلين الذين جرى تعذيبهم حتى الموت، وكانت أبرز حادثة ما تعرض له الناشط بثورة التغيير السلمية صالح البشري في صنعاء عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة في سبتمبر 2014، حيث اختطف وعذب حتى الموت، ثم رميت جثته بشارع رئيسي في صنعاء.

وفي 5 سبتمبر 2019، توفي القيادي في فرع حزب الإصلاح بالحديدة علي العمار تحت التعذيب في السجن المركزي الذي تسيطر عليه مليشيات الحوثي في العاصمة صنعاء.

وأوضحت المصادر أن "العمار" توفي في معتقله بالسجن المركزي الخاضع لسيطرة الحوثيين بصنعاء إثر تعرضه لتعذيب وحشي من قبل مليشيات الحوثي منذ اختطافه في مارس من العام 2017 من منزله.

وبينت المصادر أن العمار أصيب في معتقله بالعديد من الأمراض جراء التعذيب الشديد، ورفضت المليشيات الحوثية السماح له بالخضوع للعلاج رغم تحذيرات الأطباء.

وفي 20 نوفمبر 2019، كشفت منظمة حقوقية يمنية أن معتقلا توفي داخل سجن لمليشيات الحوثيين في صنعاء بسبب حرمانه من تلقي العلاج.

وقالت منظمة "سام" للحقوق والحريات في بيان لها إن خالد الحيت (43 عاما) والمعتقل لدى الحوثيين منذ العام 2016، توفي في السجن المركزي التابع للمليشيات في صنعاء.

وأضاف البيان أن "الحيت" لم يكن يعاني من أي مرض قبل اعتقاله من قبل الحوثيين في 26 فبراير 2016، إلا أن تعذيبه وإساءة معاملته، وهو حال عشرات المعتقلين، وحرمانه من حقه في العلاج، كل ذلك تسبب بوفاته.

واتهم البيان مليشيات الحوثيين باستخدام الأمراض التي يعاني منها المعتقلون لديها كوسيلة للتعذيب المفضي إلى الموت.

وأوضح بيان منظمة "سام" أن خالد الحيت أصيب بانسداد في الغدد الصفراوية وظل داخل السجن يطالب هو وأهله بنقله للعلاج، منذ نوفمبر 2018، حتى ساءت حالته وتدهور وضعه الصحي مما أدى لوفاته.

وأشارت المنظمة إلى أن هناك 41 معتقلا لدى الحوثيين يعانون آلاما مبرحة ويحتاجون لتدخل طبي عاجل.

وفي سبتمبر الماضي، كشفت مصادر حقوقية عن وفاة مواطن تحت التعذيب في سجون الحوثيين، بعد أشهر من اختطافه وإخفائه مع سبعة من أفراد أسرته الذين لا يزال مصيرهم مجهولا.

وأفادت المصادر بأن صادق أحمد يحيى الغاوي من أهالي مديرية خمر بمحافظة عمران اختطفته مليشيات الحوثي قبل نحو خمسة أشهر وأخفته مع سبعة من أفراد أسرته.

وحسب مصادر حقوقية، فإن اختطاف الغاوي جرى في محافظة صعدة، (معقل الحوثيين)، من بيته ومزرعته قبل نحو خمسه أشهر دون أي تهمه تُذكر، ودن علم أهله بمكان اختطافه.

وبشكل غير رسمي تم تسريب الخبر إلى بعض أقربائه أن جثته في ثلاجة الموتى بمستشفى الشرطة بصنعاء، وبعد حضور بعض أقربائه تبين أنه توفي بتاريخ 26 يونيو 2020.

وأوضحت المصادر أن أسرة صادق الغاوي تأكدت بصعوبة من جثته في مستشفى الشرطة بصنعاء نتيجة التعذيب المستمر والبشع الذي غير ملامحه، بينما لم يتمكنوا من الحصول على أي معلومات عن بقية أفراد أسرته الذين تم اختطافهم معه.

وفي بداية أكتوبر الجاري، توفي أسير من قوات الجيش الوطني في سجون مليشيا الحوثي في الوقت الذي كانت أسرته تنتظر الإفراج عنه بعد تضمين اسمه ضمن كشوفات الأسرى الذين تم الإفراج عنهم ضمن اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين الموقع مؤخرا برعاية الأمم المتحدة في مونترو السويسرية.

وقالت مصادر حقوقية إن مليشيات الحوثي أبلغت أسرة المقدم عادل محمد كعوات بوفاة ابنهم في أحد المعتقلات الحوثية بعد ستة أشهر من أسره في جبهة القتال بمحافظة الجوف.

وتأتي هذه الجريمة البشعة الجديدة بحق أسير مشمول باتفاق سويسرا الذي لم يجف حبره، بعد أيام على تسليم المليشيات جثة الأسير محمد الصباري مشوهة بآثار تعذيب وحشي وحروق وثقوب.

 

- ضحايا مغيبون

بلغ إجرام مليشيات الحوثية والإرهاب الذي تمارسه ضد اليمنيين لدرجة أن منظمات حقوق الإنسان عجزت عن رصد وتوثيق كافة حالات الاختطاف والإخفاء القسري وحالات الوفاة تحت التعذيب لضخامة تلك الأعداد، مع أن ما يصل لوسائل الإعلام يمثل العدد الضئيل من تلك الانتهاكات، ذلك أن المليشيات الحوثية الإرهابية تفرض تعتيما شديدا على انتهاكاتها بحق المدنيين من خلال تهديد ذوي الضحايا بالاعتقال والسجن أو التصفية الجسدية بحق من تم اعتقالهم في حال الحديث لوسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية عن الاعتقالات والإخفاء القسري والانتهاكات التي تطال ذويهم.

وتؤكد تقارير حقوقية أن مليشيات الحوثي ارتكبت 12 ألفا و636 حالة اختطاف وإخفاء قسري خلال العام 2019 فقط، حيث بلغت حالات الاختطاف عشرة آلاف و99 حالة، بينهم سياسيون وعسكريون وطلاب ونشطاء، منهم 52 امرأة وسبعة أجانب، وعدد المخفيين قسريا 2537 حالة بينهم 231 امرأة و158 طفلًا.

وقبل أيام، أعلنت مليشيات الحوثي عن دفن 35 جثة في محافظة ذمار تقول إنها مجهولة الهوية، في حين تؤكد مصادر محلية أنها لمختطفين مدنيين قتلوا تحت التعذيب في سجون المليشيات.

ودفنت المليشيات الحوثية، منذ مطلع العام الجاري، 232 جثة من أصل 715 جثة تنوي دفنها بذريعة أنها مجهولة الهوية، غير أن هناك شكوكا حول هذه الجثث، خاصة أن المليشيات قتلت العديد من معارضيها في داخل وخارج السجون.

 

- 200 قتيل تحت التعذيب

كشف وكيل وزارة حقوق الإنسان وعضو وفد الحكومة الشرعية في المشاورات الخاصة بالأسرى والمختطفين، ماجد فضائل، عن مقتل 200 مختطف وأسير في سجون الحوثيين.

وقال فضائل: "قدمنا لمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، في جولة مشاورات سويسرا، كشفا تفصيليا لـ158ضحية، تم التحقق من قتلهم تحت التعذيب من قبل الحوثيين حتى نهاية 2019، فيما تبقى الكثير".

وطالب فضائل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالضغط والقيام بواجبهم لمنع هذه الانتهاكات الجسيمة في حق المختطفين.