الثلاثاء 23-04-2024 21:53:29 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

إصلاح الخطاب الإسلامي (1-5)

الأربعاء 28 أكتوبر-تشرين الأول 2020 الساعة 05 مساءً / الاصلاح نت-خاص / عبد العزيز العسالي

 

مستهل:

دوافع الكتابة حول إصلاح الخطاب الإسلامي:
- موضوع إصلاح الخطاب الإسلامي تناوله كتاب ومفكرون إسلاميون ويساريون ومستقلون.
- تعددت أساليب الكتابة بين فلسفية وفكرية وثقافيه ودينية، وهي إسهامات جيدة بما في ذلك كتابات العلمانيين واليسار والناقمين، ذلك أنهم أثاروا قضايا بغض النظر عن دوافعهم وأهدافهم.
- الخلاصة هي أن الخطاب الإسلامي يعيش أزمة فكرية.

 

جديد الكتابة.. تشخيص أزمة الخطاب:

في حدود اطلاعي لم أجد كاتبا تعمق في بحث جذور وعوامل وأسباب أزمة الخطاب الإسلامي، ذلك أن أزمة الخطاب ضاربة في أغوار عقلية النخبة المسلمة - سلطة ومثقفون ووعاظ وفقهاء وكتاب ومفكرون إسلاميون وغير إسلاميين.

- وإذا سلّمنا أن تشخيص الطبيب لحالة المريض يساوي نصف العلاج، فإننا بأمس الحاجة لتشخيص الداء الذي أنتج أزمة الخطاب الإسلامي المعاصر.

وعليه، فإن طريقتنا في تشخيص الأزمة وتحديدها بدقة تبدأ من
تقديم سؤال مفاده: ما هو السبب الكامن وراء أزمة الخطاب الإسلامي المعاصر؟

الجواب: السبب يعود إلى أزمة التفكير التي يعيشها العقل الإسلامي المعاصر. هذا الجواب يفتح تساؤلا أكثر دقة مفاده: بما أن هنالك أزمة فلا شك أن لها مظاهر.. فما هي مظاهر أزمة الفكر الإسلامي المعاصر؟

 

مظاهر الأزمة:

يمكننا تحديد مظاهر أزمة الفكر الإسلامي المعاصر في كلمتين هما:
1- الجمود.
2- التقليد.
بصيغة أخرى نقول الفكر الإسلامي بمجموعه - اليساري والقومي، والإسلامي على مستوى الحكام والمثقفين.. يحملون فكرا سلفيا مقلدا جامدا، فاليسار والقومي مرتهن للوافد الغربي- ماركسيا وليبراليا وعلمانيا جمودا وتقليدا أعمى وانبهارا وكراهية لما هو إسلامي.

بالمقابل الفكر الإسلامي بشتى تواجهاته مرتهن للتراث إلى حد التقديس والجمود.
باختصار، الفكر الإسلامي عموما ينطبق عليه توصيف رهين المحبسين
(جمود وتقليد).

 

هذا الارتهان والجمود أفرز العقليات التالية:
- عقلية متكيفة مع الواقع ولم تلفت إلى تغيير الواقع.
- عقلية مذبذبة بين الوافد والماضي تعيش حالة من العجز إلى حد أنها لا تقدر كيف تفهم.
- عقلية منتسب إلى الجماعات الدينية المجتمعية.. وتنقسم إلى شرائح مختلفة منها ما ترفض الهيئات الدينية الرسمية، ومنها ما ترفض الهيئات الرسمية قولا.. ولكنها تعمل لصالح ولاة الأمر.

ومنها تمارس العلمنة في التدين - بعض المتصوفة وبعض المنتسبين إلى السلفية وتختلف شعاراتها.. مرددة كلاما معلبا ومنامات.. لا يجوز تلويث الإسلام.. وترفض معالجة الواقع وتسميه غرقا في الواقع.. وبالتالي إما نأخذ الإسلام كله.. وإما نترك تلويث الدين بالسياسة.. ترفض التعاطف مع المجتمع، لأنه جاهلي ومرتزق وغير ثوري عباد مصالح.

يقابلها عبارات هلامية خادعة ومضللة متوارثة في لغة المتصوفة، مثل: دع الملك للمالك.. أقام العباد فيما أراد..
الله يعطي الملك من يشاء.. ما من زمن إلا وما بعده أشد منه فاصبروا.. لا يجوز الاعتراض على الظالم.. كما لا يجوز الاعتراض على الخالق إذا أنزل كوارث طبيعية- زلازل، براكين، عواصف، قحط، أمطار... إلخ. فذلك ملكه وميدان كوارثه، والإنسان ميدان كوارث الطغاة.. فكما أنه لا يجوز الاعتراض على الله في ملكه فكذلك لا يجوز الاعتراض على السلطان.

هذه الأزمة الفكرية تعود إلى موروث ولد مطلع القرن الرابع الهجري في كتاب الفقيه ينتسب إلى الحنابلة اسمه البربهاري إفغاني.. وتبلور ت هذه الأوبئة في القرن الخامس، وصدرت أوامر سلطانية بعدم قبول الفقيه مهما بلغ كعبه فلا بد أن يدخل مدرسة الزهد - التصوف ويخرج بخرقة - مرقعة على كتفه تمنحه إجازة التحدث والخطابة والإرشادية... إلخ.

 

أهم مظاهر الانحطاط:

تجسدت مظاهر الانحطاط في ثقافة وتفكير المسلمين فيما يلي:

- غثاء الماضي طاف على سطح الفضاء الفكري والثقافي.. نعم هناك تفكير إيجابي لكنه يترسب ويهمل.. كما سنوضح لاحقا.

إذن سيطر الغثاء فأثمر جمودا فكريا، وتقليدا مذهبيا، عالة على القديم، تقعر في الألفاظ في متون المذهب على حساب النص القرآني أو الحديث الصحيح.. عقلية جبرية تواكلية.

 

النتيجة كارثة:

تضارب بين الدين كعقيدة، والسنن الحاكمة للاجتماع والعلوم الطبيعية.

غياب تام بل انحراف عن مقاصد الشرع ومبادئه وقواعده المنهحية.
ضياع بوصلة الأولويات.
شلل فكري بسبب غياب التنوع والتعدد الفكري، ونفور عن النقاش مهما كان حقا وصوابا، وإذا حصل فهو للاستهلاك وعدم الأخذ به.

رفض المنهج المقاصدي والسنني.. يرافقه شعار الدين حلّ جميع مشاكل الحياة، مستندا إلى القرون الغابرة.
خلط بين الموروث والوحي فولّد تقديسا للموروث.

 

الجانب النفسي والتربوي:

سيطرة الروح الانهزامية أمام الوافد الإيجابي والمنحط.
رفض القول الجديد تحت شعار من سبقك إلى هذا؟
تنميق ألفاظ الخطاب وتشبث بمفردات الرواية وإغفال المضمون الذي يحمل مقتل الرواية وينسفه- روايات الخمس والبطنين والقرشية والسلاليه والأئمة الـ12 ووصية الغدير، وطاعة المنقلب المتغلب.. وغيرها كثير نماذج صارخة على غياب اتساق الفكر الإسلامي.
الدوران في دائرة الجزئيات والسنن وصوم النوافل والاستماتة حولها.. على حساب قضايا كبرى - كرامة الإنسان وحريته وحقوقه والشرعية السياسية.
عجز عن التأصيل فضلا عن القول بإخراح نظريات.
الأكاديميون نموذجا هم عقول حاسرة مغادرة وبعضها يفاخر أنه قرأ نظرية لشخص غربي.
كسل عقلي وفصام بين الفكر والعمل.
اعتقاد وهمي أن هناك تعارضا بين الدين والعقل.

 

جراثيم وأوبئة:

تشويش واختلاط في المفاهيم - الديمقراطية كفر.
فإذا قيل له ما رأيك في فصل السلطات وحرية التعبير ومراقبة الحاكم؟ الجواب: مليح! لكن هذه الديمقراطية كافرة.

خلط مشين وفاضح بين العدوات والوسائل والمقاصد.
الانقلاب بدلا من الإصلاح.. ومن هنا لا غرابة إذا وجدنا تقريبا 65 انقلابا بين عامي 1946 و2005.
تعطيل العقل خوفا على الوحي وكأنهما خصمان لا يلتقيان.
القول عقولنا صغيرة عاجزة عن فهم النص ومقاصده بل إن النص يحتول مصدر ظلال للفهم وعليه فلا بد من وسيط من القرون الغابرة.

 

تخدير العقول:

حشو الأذهان بالمتون والهوامش وبالذات لغير المتخصص.
الوصاية على عقول الآخرين- إرهاب فكري صادر عن أشخاص ومؤسسات تحمل لافتات دينية.
هيام وامتداح للماضي نظريا في الفروع لا في المنهج.
شيوع سياسة ردود الفعل.
صناعة معركة بين الدين والدنيا.
نظرة أحادية وسطحية ساذجة.
أمية فكرية وثقافية.
فصل تام بين العقيدة والفكر..
الفكر ليل والرواية نهار.
تحول التشريع كله احتياطات وهذا له خطره القاتل المخالف للشرع المقدس إن الأصل في الأشياء الإباحة.
تولد عن فقه الاحتياط كراهة للفقه والتوجه نحو الوافد.

وعليه، نحن إزاء جنون جزئي اسمه التقليد لكنه كارثي وأخطر من الجنون الحقيقي.. ذلك أن المجنون يعزله المجتمع والعقل المقلد يعزل المجتمع عن روح الشرع وإصلاح المجتمع.. النتيجة تقديس للتراث وضياع المنهج

 

خلاصة القول حول التراث أنه قسمان:
- منهج مضيع مغيب ومعدود في الرواسب.
- تراث تطبيقي جاء إجابات على واقع تلك الحقب وهو واقع يختلف عن واقعنا 97% على أقل تقدير.

كلمات دالّة

#اليمن #الإسلام