الجمعة 29-03-2024 17:00:12 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

تجمع الإصلاح أبرز ضحاياه.. الإرهاب في اليمن من الابتزاز الرخيص إلى التوظيف السياسي

الثلاثاء 27 أكتوبر-تشرين الأول 2020 الساعة 11 مساءً / الاصلاح نت-خاص / عبد الرحمن أمين
 

 

من فكر متطرف متشدد إلى لعبة سياسية قذرة يتحول الإرهاب في اليمن، ليصبح ورقة رابحة رائجة تفننت الكثير من الأطراف في الداخل والخارج اللعب عليها والمساومة بها، لتحقيق مكاسب سياسية حينا، وابتزاز المجتمع الدولي للحصول على المكافآت المالية بحجة محاربة الإرهاب أحيانا أخرى.

الإرهاب في اليمن تم توظيفه سياسيا، وهذا ما كشفته الأحداث وتفاصيلها لأكثر من عقدين من الزمان، حيث تحولت الساحة اليمنية إلى مسرح لممارسة الألاعيب القذرة وحقل لتجارب مختلف الأدوار الإجرامية والابتزاز الرخيص الذي مارسته قوى عديدة وجنت ثماره وحققت من ورائه الكثير من المكاسب المادية والسياسية من خلال تحويل الإرهاب إلى ورقة ضغط وفزاعة قديمة متجددة.

الرئيس الراحل علي عبد الله صالح كان أبرز اللاعبين على هذه الورقة رغم خطورتها، فبالرغم من تهويلاته وتحذيراته المتكررة عبر الكثير من خطاباته من تنامي نفوذ "تنظيم القاعدة" في الأراضي اليمنية، إلا أن الكثير من المعلومات المتطابقة كشفت عن التسهيلات والدعم الذي كان يحظى به التنظيم الإرهابي من قبل نظام "صالح" وسلطته الأمنية، لاستدرار مبالغ طائلة، وإبراز نفسه كشريك في محاربة الإرهاب.

وكشفت وكالة "سبوتنيك" في حوار خاص مع العضو السابق في تنظيم القاعدة "أيمن دين" عن العلاقة بين الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح والتنظيم.
وذكر دين أن الرئيس الراحل كان يطلب من "القاعدة" زيادة العمليات الإرهابية في بلاده، من أجل الحصول على المزيد من الأموال لمكافحة الإرهاب، حيث كانت الولايات المتحدة قد رصدت ميزانية ضخمة لمكافحة الإرهاب في اليمن.

ووفقا لمصادر اعلامية وثقت اعترافات ناشط سابق في تنظيم القاعدة تحول لاحقاً إلى مُخبر لحساب الحكومة اليمنية، يَكشف فيها ما يقول إنها خفايا علاقة الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح بالقاعدة.
ويؤكد "هاني مجاهد" القيادي السابق في تنظيم القاعدة أن صالح كان يدعم فرع القاعدة في اليمن ويوجهه، وأنه كان يمارس ما سمّاه "لعبة مزدوجة".

ويضيف "مجاهد" أن ابن أخي الرئيس اليمني المخلوع العقيد عمار محمد عبد الله صالح هو المسؤول الأمني الذي كان وراء تشغيله مخبرا، وأكد أن العقيد قام بترتيبات لضمان وصول مواد متفجرة إلى "قاسم الريمي" القائد العسكري لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

وبحسب تقرير لمركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية، فقد أشار إلى أحداث مرتبطة بشخصيات في جهاز الأمن لنظام الرئيس صالح ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في سيطرة القاعدة في أبين ورداع.

وجاء في التقرير "حين دخل تنظيم القاعدة زنجبار في أبريل 2011 واستولى على معسكر الأمن المركزي بدون قتال كان يفترض وقتها مساءلة قائده (عقيد ركن عادل محمد رشاد المصري) ابن شقيق وزير الداخلية آنذاك اللواء الركن مطهر رشاد المصري، لكن العكس هو الذي حصل، ففي 25 نوفمبر 2011 وبعد يوم من توقيع الرئيس على المبادرة الخليجية أصدر الوزير المصري لقريبه قرارا بتعيينه مديرا لمباحث رداع، وبعدها تمكن هذا الشخص من أن يكون المسؤول الأمني الأول في المنطقة لتأتي القاعدة بعد ذلك وتدخل رداع بدون مواجهات بذات الطريقة التي دخلتها في زنجبار".

لم يتوقف هذا الدور عند الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، بل انتقل الملف مع حساسيته إلى أيدي مليشيات الحوثي الانقلابية، والتي كانت هي الأخرى صنيعته، إذ لعب من خلال هذه الورقة نفس الدور الذي لعبه مع ورقة "تنظيم القاعدة"، حيث ظل الراعي الرسمي والداعم والملهم لها لأكثر من عقدين من الزمان.

فقد بدت مليشيا الحوثي ومنذ انقلابها على الحكومة الشرعية في العام 2014 كما لو أنها امتداد لنظام المخلوع، حيث بدا التنسيق جليا وبما لا يدع مجالا للشك بين طرفي الإرهاب في اليمن، "القاعدة" من جهة، ومليشيا الحوثي من جهة أخرى.

ففي أغسطس من العام الجاري، قال الناطق الرسمي باسم الجيش اليمني العميد عبده مجلي إن هناك علاقة تنسيق وتكامل بين المليشيات الحوثية والتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيما الدولة والقاعدة، مؤكدا أن هذه التنظيمات فتحت الطرق أمام الحوثيين في البيضاء وتسهيل مرورهم.

وأضاف مجلي -في تصريحات صحفية- أن حديث الحوثيين عن معارك مع "القاعدة" و"تنظيم الدولة" لتسويق أنفسهم أنهم يحاربون الإرهاب، محاولة لنفي علاقتهم بهذه التنظيمات الإرهابية، مشيرا إلى أن الحوثيين هم جماعة إرهابية متمردة، تنسق وتعمل مع تنظيم الدولة والقاعدة لقتل الشعب اليمني.

ويؤكد وزير الإعلام معمر الإرياني أن مليشيا الحوثي لم تخض أي معارك تذكر مع العناصر الإرهابية منذ انقلابها وحتى اليوم، وأنها تقدمت في معارك قيفة رداع بعتادها الثقيل وأطقمها صوب مواقع الجيش الوطني والمقاومة وأبناء القبائل المساندين للشرعية بتنسيق وتسهيل من "داعش" و"القاعدة" دون أن يتم إطلاق رصاصة واحدة بين الطرفين.

ويضيف "الإرياني" أن مليشيا الحوثي أطلقت عددا من العناصر الإرهابية من سجن الأمن السياسي بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء بينهم عدد من قيادات تنظيم القاعدة، بناء على تفاهمات سابقة، حيث أفرجت في 13 نوفمبر 2018 عن عشرين عنصرا إرهابيا بينهم 16 من عناصر تنظيم القاعدة و4 آخرين من تنظيم داعش الارهابي.

وفي ديسمبر 2019، أطلقت المليشيا 6 من عناصر تنظيم القاعدة، كما أطلقت منتصف هذا العام 2020 ثلاثة من أخطر عناصر التنظيم الإرهابي المتورطين في جريمة اغتيال الدبلوماسي السعودي خالد سبيتان العنزي بالعاصمة صنعاء في 28 نوفمبر 2012، إضافة لتورطهم في عدد من العمليات الإرهابية.

وفي 22 أبريل 2020، أطلقت 43 من عناصر تنظيم القاعدة من سجونها بالعاصمة صنعاء ومدينة الصالح من جنسيات مختلفة، بينهم المدعو عبد الله المنهالي، الذي اعتقل بعملية خاصة في "حلفون" بمحافظة حضرموت، مقابل قيامهم بتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف التحالف العربي، وإقلاق الأمن والاستقرار في العاصمة المؤقتة عدن.

ومع كل عبث أمني أو عمل إرهابي يحدث في المجتمع اليمني، كان التجمع اليمني للإصلاح يجدد رفضه واستنكاره وإدانته للإرهاب بكافة أشكاله، تعبيرا منه عن مدنيته ونهجه السلمي ومنهجه الوسطي ورؤيته الواضحة، غير أن موقفه الثابت ذلك أضر به كثيرا وكلفه أثمانا باهضة ما زال يدفع فاتورتها حتى اليوم.

إدانات الإصلاح المتكررة للعنف وتعبيره عن رفضه للإرهاب بكافة أشكاله وتحت أي مسمى، ونبذه للأعمال المخلة بالأمن، ومطالبته بالتقيد بالدستور والقانون وإلزام الجميع به، وتعزيز قيم الاعتدال والتسامح والتعايش بين بني الإنسان، أدى إلى استهدافه من قبل الجماعات المتشددة مصنفة له عدوا لدودا وحجر عثرة أمام مشاريعها الهدامة.

ووفقا لبيان أصدره إصلاح عدن في العام 2018، فإن عدد الانتهاكات بلغ 22 انتهاكا منها 9 اغتيالات و4 حالات اعتقال وإخفاء قسري، و5 عمليات حرق واقتحام لمقرات الحزب، و4 اقتحامات ومداهمات لمنازل تابعة لقيادات ونشطاء بالحزب.

وقد خسر الإصلاح في المحافظة الكثير من قياداته ورموزه وناشطيه كان أبرزهم القيادي "عوض فدعق"، والأستاذ "شوقي كمادي" رئيس دائرة التنظيم والتأهيل وإمام وخطيب جامع الثوار في المعلا.

محافظة تعز هي الأخرى لم تكن أقل سوءا في معدل الاغتيالات والجرائم بحق قيادات وكوادر الإصلاح، إذ شهدت الستة الأعوام الماضية ازديادا للعمليات الإرهابية التي استهدفت العديد من قيادات الإصلاح وناشطيه كان أبرزهم القيادي البارز "صادق منصور" الأمين العام المساعد للتجمع اليمني للإصلاح.

إصلاحيو ذمار وإن سلموا من رمضاء القاعدة تلقفتهم نار المليشيا الحوثية بإرهابها وجرائمها الممنهجة، فقد طالت يد الإرهاب الحوثي قيادات وأعضاء بارزين عرفوا باعتدالهم ووسطيتهم، ولعل أبرز من شملتهم الاغتيالات رئيس فرع الإصلاح في مديرية الحدأ "عبد الرزاق الصراري"، والأستاذ "صالح العنهمي" عضو مجلس شورى الإصلاح في محافظة ذمار، ورئيس مجلس شورى الحزب في المحافظة "حسن اليعري"، وعضو مجلس شورى الحزب "علي العنسي".

مدنية الإصلاح ووسطيته واعتداله جعلت منه هدفا لمليشيات لا تؤمن بغير العنف والإرهاب سبيلا لتحقيق أهدافها، فقد طالته قبل غيره يد الإرهاب والإجرام، وخسر جراء تلك الاعتداءات الكثير من قياداته وكوادره ما بين اغتيالات واختطافات وتصفيات، إضافة إلى اقتحام للمقرات وإغلاق للمؤسسات التابعة له ومصادرة للممتلكات واقتحام للمنازل التابعة لقياداته وقواعده ونهبها وتفجيرها وأبرزها منزل الشيخ "منصور الحنق" عضو الإصلاح وعضو مجلس النواب، ومنزل الشيخ "عبد الرحمن العماد" عضو شورى الإصلاح، ومنزل الشيخ "الحسن أبكر"، ومنزل الاستاذ شيخان الدبعي الأمين العام المساعد، والأستاذ عادل الروحاني ومنزل رئيس كتلة الاصلاح، وغيرها من الاعتداءات.

كلمات دالّة

#اليمن