السبت 20-04-2024 13:03:47 م : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

خطفوا وطن وأفرغوا جيب المواطن.. ماذا يعني احتفال القتلة ومجرمي الحرب بمولد نبي الرحمة؟

الأحد 25 أكتوبر-تشرين الأول 2020 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت -خاص / زهور اليمني

 

منذ أكثر من شهر والمليشيات الحوثية تستعد للمولد النبوي، وكما أصبح متعارفا عليه فإنها لا تترك مناسبة إلا وتحولها إلى موسم للنهب والسلب، وفرض الإتاوات غير القانونية على المواطنين ورجال المال والأعمال ومنظمات المجتمع المدني تحت مبرر تمويل الاحتفال.

مناسبة ظاهرها الدين وحب النبي، وباطنها الثراء الفاحش وجمع المليارات، وإيصال رسائل للداخل والخارج بأن المليشيات هي المسيطرة على زمام الأمور وجموع الناس.

مناسبة يسعى من خلالها الحوثيون إلى العبث بكل مقدسات المجتمع الدينية، وهدمها من قلوبهم بصورة تسلخهم من الانتماء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى الدين كمنهج حياة ومحبة.

العبث الحوثي لا يرتوي من دماء الناس إلا وقد نضجت، فإن خسر المعركة فهو لم يخسر شيئاً، وإن انتصر استحوذ على كل شيء.

 

أفرغ الحوثيون المناسبة من روحانيتها:

التقينا بإحدى الأخوات التي تعمل في التجارة الحرة والتي بدورها تحدثت معنا عن مظاهر احتفال الحوثيين بذكرى المولد النبوي حيث قالت: "لقد كنا نحتفل بمولد النبي الكريم بمشاعر صادقة وبكل حب، بعيداً عن التكلف والبهرجة السياسية والجبايات المفروضة التي أتى بها الحوثيون والذين جعلوا من هذه المناسبة عقاباً إجبارياً يُرغم فيه الناس على دفع تكاليفه، أو تعليق الخرق الخضراء والطلاء الأخضر عبر ابتزازهم لتحصيل ملايين الريالات من أجل فعالية صارت سياسية أكثر منها دينية".

وأضافت: "لقد أفرغ الحوثيون المناسبة من روحانيتها وأصبح الكل يحتفل بها مكرهاً، بعدما أصبحت تشاركهم قوتهم ومدخولهم، بينما يأكل السواد الأعظم من النفايات ويُطرد موظفو الدولة من منازلهم بعد انقطاع رواتبهم، وينتحر المعلمون الذين تكالبت عليهم الظروف وعجزوا عن إطعام أطفالهم".

وتابعت: "هذه الملايين التي تنفق من أجل الاحتفال بالمولد النبوي، بذخ وتبذير في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها المواطن لاسيما الموظفين الذين يعانون من أوضاع سيئة نتيجة انقطاع رواتبهم لسنوات، لكن الحوثي لا يهتم لأمر من مات جوعا أو تشرد أو حُرم أبناؤه من التعليم، طالما والأموال تورد لجيبه هو وأتباعه".

 

القتلة يحتفلون بمولد نبي الرحمة:

سكان صنعاء والمناطق الخاضعة للمليشيا يعيشون مأزقا وضيقا كبيرين، تحت سلطة أصبح همها الوحيد جمع الأموال والتنافس فيما بين قياداتها حول جمع أكبر المبالغ من خلال مناسبات مفروضة أو احتفالات أو غيرها من مصالح الوزارات أو الجبايات المختلفة.

أبو إبراهيم أحد مالكي المخابز في صنعاء، تحدث عن الشعارات التي يرددها الحوثيون بخصوص التكافل الاجتماعي، ومدى مصداقيتها، حيث قال: "الحوثيون يناقضون شعاراتهم، فهم يتحدثون عن أنهم يسعون لنشر ثقافة التكافل والتراحم بين أبناء المجتمع بمناسبة المولد النبوي، وهم يمارسون النهب والسلب ويُشرعون تلك الانتهاكات، فهم لا يهتمون كثيرا بالرقابة على أحجام الخبز إلا عندما يكون معهم فعالية، فهدفهم الرئيسي الحصول على المال وابتزاز التجار تحت أي مبرر، فعندما يأتي المشرفون إلى المخبز أعلم مسبقاً أنهم يريدون المال فقط وليس أي شيء غيره يهم المواطنين ومعيشتهم".

وأضاف: "ينهبون أموال الناس ويسرقون أقواتهم ويسفكون دماء اليمنيين، ويقنصون الأطفال والنساء، ويمارسون الإخفاء القسري للرجال، ثم يأتون للاحتفال بالمولد النبوي". 

واختتم حديثه قائلا: "يحتفل القتلة والمجرمون بمولد نبي الرحمة، ويمارسون أبشع الجرائم".

 

البعد السياسي والاقتصادي لاحتفال الحوثيين بالمولد النبوي:

في ورقة له تناول الدكتور والباحث في الفكر الإسلامي كمال القطوي البعد السياسي والاقتصادي لاحتفال الحوثيين بالمولد النبوي نلخصها في هذه النقاط:

– ترسيخ الشرعية الدينية للحكم الحوثي، إذ الرسالة التي يوحيها المولد الحوثي أن ابن رسول الله وقائد المسيرة القرآنية -كما يزعمون- يحتفي بمولد جده، ومن مقتضيات طاعة الجد والاحتفاء به أن يُطاع الحفيد ويتبع.

– إلهاء الجماهير بالطقوس العاطفية للتغطية على الفشل السياسي والاقتصادي والعسكري الذي تتكبده المليشيا، ففي المولد شحنة عاطفية تروي ظمأ الجماهير العطشى لتحقيق مقاصد ما تسمى ثورة 21 سبتمبر، كما يصورها الحوثي لأتباعه.

– تحشيد المقاتلين وتعبئة الجبهات بالأطفال الذين يسقطون في فخ المولد، ويكونون فريسة سهلة للاصطياد بعد الشحن العاطفي الذي يتم في المولد.

– التغطية على الحقيقة اللادينية للمشروع الحوثي، من خلال الشعائر الدينية، فجوهر المشروع الحوثي مشروع لا ديني، يعادي جوهر الدين الإسلامي من خلال تجهيل الناس، ومحاربة دور القرآن وتهجير علماء الإسلام وإِشاعة الفساد الخلقي والمالي، وتصنيم فئة من دون الناس لتكون هي الممثل للدين في الأرض.

– إضفاء الشرعية السياسية والجماهيرية للانقلاب، فبمثل هذه الاحتفالات يرجو الحوثي من خلالها إيصال رسائل للمجتمع الدولي بأن الجماهير معه، والشعب يستجيب لندائه في كل موسم، وأن الشرعية شرعية الشارع المحتشد خلف الحوثي.

– إشباع حاجات الأتباع، فالحركة الحوثية تقتبس من الإمامة فكرة تمويل العساكر والأتباع من خلال إطلاق أيديهم في أموال الناس جباية وجمعاً، فيتشكل ولاء متين من قبل الأتباع لقيادة الحركة باعتبارها تمنحهم شرعية النهب والسلب، كما أن في توريطها لهذه العصابات في مثل هذه الأعمال الإجرامية يجعل المصير واحد، فينعقد الولاء لقيادة الحركة الحوثية ومسيرتها حتى لا تقع هذه العصابات تحت طائلة المساءلة المجتمعية حال سقط مشروع الانقلاب.

– ممارسة الإذلال للمناطق الرافضة للانقلاب، من خلال الإتاوات التي تجمع باسم المولد، إذ تمثل ضريبة المولد واحدة من أدوات إخضاع المجتمع الرافض للانقلاب، وتطبيعه للقبول بالأمر الواقع واستنزافه مالياً بكل وسيلة، حتى يفقد القدرة على المقاومة أو يهاجر أحراره وتجاره، فيسقط تحت هيمنة شاملة لمشروع الانقلاب وفي ضريبة المولد ترسيخ للولاء لدى الأتباع، بحيث تتأكد الحركة من مدى ولائهم واستعدادهم لدفع رسوم رمزية لإثبات قناعتهم بالمسيرة الانقلابية وفكرها، وإن كانت رسوما رمزية للتأكد وترسيخ القناعات الطائفية لا أكثر.

 

من يرفض طلبهم سيكون مستهدف بشكل يومي:

خلال الثلاثة الأسابيع الماضية، وفي سياق حملة الجبايات التي تنفذها تزامناً مع استعداداتها لإقامة احتفالات المولد النبوي، شنت المليشيات حملات واسعة ضد أصحاب المحال التجارية والصيدليات والمطاعم والمستشفيات والمراكز والشركات الخاصة، وأجبرتهم على دفع مبالغ مالية كبيرة.

وعلى المنوال ذاته، فرضت على جميع مؤسسات الدولة والمدارس العامة والأهلية ومنظمات المجتمع المدني إتاوات وجبايات تعسفية.

"أحمد" يملك محلا في شارع تعز لبيع الطلاء ومستلزماته، حدثنا بأن الحوثيين فرضوا عليه منحهم أربعة جالونات كبيرة أصباغ، وأضاف متسائلا: "لا أدري ما هو الهدف الذي يسعى له الحوثي من وراء جعل هذه المناسبة الدنية كابوسا بالنسبة للمواطن، ففي كل سنة يتم النزول الميداني إلى المحال وإجبار أصحابها على دفع الأموال بقوة السلاح، والتهديد بالزج في السجون والمصادرة للممتلكات، كما يرغمونهم على وضع شعارات حوثية طائفية تمجد زعيمهم، وقطع قماشية تحمل اللونين الأخضر والأبيض على منازلهم ومحالهم التجارية، وعوضاً من أن تكون هذه المناسبة الدينية مناسبة روحانية لتكريس قيم المحبة، حوّلت المليشيات هذه الذكرى إلى موسم للخوف والبطش بسبب تعسفها ضد التجار وفرض الجبايات، وحوّلت هذه المناسبة إلى يوم للاستغلال والابتزاز والنهب والبطش والسلب".

بدوره أخبرنا أحد التجار في سوق شميلة أن الحوثيين طلبوا منه مبلغ 300 ألف ريال مخصصة لإحياء المولد، وإذا رفض فسيعتبر عدوا لهم وسيكون مستهدفا بشكل يومي.

وأضاف: "المليشيات الحوثية تقوم بتلميع نفسها على حساب المشاعر الدينية، ويتخذون المولد النبوي ذريعة لاستغلال ونهب المواطنين وتسخيرها لطلاء الجدران والأرصفة والسيارات والمنازل باللون الأخضر، وتعليق قصاصات الأقمشة واللافتات على الشوارع وواجهات المباني والمحال التجارية، فضلا عن السيارات الحاملة لمكبرات الصوت التي تجوب الشوارع والأحياء منذ الصباح الباكر حتى المساء، بينما الناس يعيشون الفقر والعوز ولا يملكون قوت يومهم، في ظل نقص كبير في الاحتياجات الضرورية اللازمة مثل الغاز والدقيق وغيرها من الاحتياجات الضرورية، مع العلم أن ما صرفته من إمكانيات للتجهيز والإعداد لهذه المناسبة، يكفي لإضاءة صنعاء نصف عام وصرف رواتب الموظفين مدة مماثلة".

 

مناسباتهم تعزز البغضاء وتغذي الكراهية داخل المجتمع:

لم يعد البذخ الحوثي في المناسبات الدينية التي تضيف عليها المليشيات بصمات طائفية دخيلة على المجتمع مفاجئاً لسكان صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرتها، فإخضاع الرقاب واستعباد الناس والتسلط عليهم وإذلالهم وإخضاعهم والتركيع لكل من يخالفوهم، أهم ما يميز احتفال الحوثيين بمناسبة المولد النبوي.

أحد العاملين في الضرائب تحدث معنا عن الآثار السلبية لبعض مظاهر احتفال الحوثي بذكرى المولد النبوي قائلا: "ارتبطت ذكرى المولد النبوي الشريف في أذهان اليمنيين كفعالية دينية بحتة، يجري إقامتها غالباً في المساجد والبعض يحتفي بها في المنازل، إلا أنه منذ انقلاب الحوثي خرجت المناسبة الدينية التي كان يمارسها النزر اليسير من الناس عن سياقها الطبيعي ومسارها المعهود لتأخذ بعداً سياسياً صرفاً، تذكي النزعات الفئوية الضيقة التي من شأنها تعزز البغضاء وتغذي الكراهية داخل المجتمع اليمني".

وأضاف قائلا: "من أبسط المظاهر المنفرة وأهمها انتشار كثير من المنتمين لفكرة الحوثي في بعض أحياء العاصمة متجهمين وبأسلحتهم".

هذه الظاهرة تذكي النزعات الفئوية الضيقة التي من شأنها تعزز البغضاء وتغذي الكراهية داخل المجتمع، إذ تفرط في تحويل المناسبات الدينية إلى مهرجانات وموالد سياسية استعراضية للقوة.

 

الحوثي يقوم بتغييب للعقل المسلم:

الحوثي لطخ هذه المناسبة بسوط الفكر الذي يحمله، فكر يبرر الإرهاب ويستلذ بالانتقام، ويحرق عقول من استحوذ عليهم بثوب ادّعى بهتاناً وزوراً أنه للنبي، وجعل منها فرصة لتكريس الطائفية بصورة دخيلة على المجتمع اليمني، وشقه على قاعدة من ليس معنا فهو ضد النبي.

أحد العاملين في وزارة الأوقاف نتحفظ على ذكر اسمه تحدث إلينا قائلا: "جرت عادة إيران وأدواتها ومليشياتها ركوب مثل هذه المناسبات، والاستفادة من تلك الطقوس والخرافات، لاستدرار الأموال من البسطاء لتمويل مشروعاتهم الفكرية واستمرارا لتربحهم غير المشروع من مثل هذه الطقوس والمناسبات، ومصير هذه الأموال وسيلة من وسائل الربح والتمويل للشخصيات الكبرى التي تقود مثل هذه المشاريع لبقاء التزييف وإغفال العقل وتغييبه أيضا، وما يقوم به الحوثي إنما هو تغييب للعقل المسلم، وتحويل الإسلام إلى شركة عائلية وطبقاتية سلالية".

الحوثيون للأسف قدموا المولد النبوي كورشة احتكارية، يتم من خلالها تلوين الناس وتجييشهم معنويا وماليا، لتمويل مشروعهم السلالي الآسن، وإحياء نزعات الجاهلية بين العباد.