الجمعة 19-04-2024 03:46:46 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تصدير الإرهاب الطائفي.. كيف أسهمت إيران في صناعة مليشيات الحوثي؟

الأحد 25 أكتوبر-تشرين الأول 2020 الساعة 04 مساءً / الاصلاح نت-خاص /عبد الرحمن أمين

 

لم يكن صعود جماعة الحوثي في اليمن إحدى أذرع إيران في المنطقة وتصدرها للمشهد السياسي وتشكيلها لقوة عسكرية لا يستهان بها، ومحاولتها السيطرة على البلاد عقب الثورة اليمنية، لم يكن ذلك اعتباطا أو محض صدفة، بل كان نتاجا لجهود كبيرة بذلها الإيرانيون لعقود من الزمان، سعيا منهم لتوسيع نفوذهم والبحث عن موطئ قدم في اليمن، وإنشاء أذرع ومليشيات موالية لهم للقيام بتنفيذ الكثير من أجنداتهم، على غرار ما فعلوه في الكثير من البلدان العربية والإسلامية.

فدعم إيران لمليشا الحوثي له أبعاد كثيرة، يتمثّل أهمها في الصراع الفكري والمذهبي بين السُنة والشيعة في المنطقة، بالإضافة إلى العداء المستحكم بين السعودية ودول الخليج من جهة وإيران من جهة أخرى، فضلا عن سعي إيران لتوسيع نفوذها في المنطقة، وهو ما يمليه عليها التوتر السياسي مع الكثير من القوى المناوئة لنهجها وسياستها.

وقد بدأ التغلغّل الإيراني في اليمن منذ أواخر الثمانينيات من القرن الماضي من خلال استقطاب الكثير من رموز وأنصار المذهب الجارودي، إذ عملت إيران على تلقينهم الكثير من الأفكار والأدبيات، لتبدأ بعدها بتصدير المذهب الشيعي بشقيه "الفكري" و"السياسي".

وفي العام 2004 كثفت إيران من دعمها لجماعة الحوثي وعلى أكثر من صعيد، حين بدأ الحوثيون نزاعا مسلّحا مع الحكومة المركزية في صنعاء بهدف إسقاطها، وهذا ما دفع صنعاء لتوجيه أصابع الاتهام إلى طهران خاصةً بعد ضبط عدد من السفن الإيرانية مُحمّلة بأسلحة مُرسلة إلى الحوثيين.

وفي عام 2012، تمكّنت السُلطات اليمنية من اعتقال خلايا تجسُّس لصالح إيران، ووصل الصراع إلى ذروته في 2013، عندما قامت البحرية اليمنية باعتراض سفينة إيرانية تحمل أسلحة متجهة للحوثيين.

وتشير المعلومات إلى أن قاسم سليماني القائد السابق لما يسمى "فيلق القدس"، والذي قُتل بغارات أمريكية مطلع العام الجاري، لعب دوراً بارزاً في تنمية الأواصر بين الطرفين وإيصالها إلى قمة التعاون.

وعادة ما كان قاسم سليماني يلتقي قيادات الحوثيين الموجودين في الخارج، كما أن "فيلق القدس" اعترف أكثر من مرة بتدريب الحوثيين في البلاد.

ووفقا لتقرير سابق صادر عن مركز "أبعاد للدراسات الإستراتيجية"، فإن "سليماني" كان على رأس لجنة إيرانية خاصة تسلم تقريرها إلى لجنة الخبراء بشأن اليمن ووضع جماعة الحوثي وكيفية مساعدتهم.

وبحسب مركز "أبعاد" أيضا فقد ظل "سليماني" منذ 2015 يجتمع بانتظام مع كبار مسؤولي الحرس الثوري في طهران لبحث سبل تمكين الحوثيين.

وعادة ما كان سليماني يؤكد ضرورة زيادة حجم المساعدة من خلال التدريب والسلاح والدعم المالي، حيث يعتقد سليماني أن اليمن هي الحرب الحقيقية التي تخوضها إيران دون تكاليف باهظة، وكسب معركة اليمن سيساعد في تحديد ميزان القوى في الشرق الأوسط.

قال سليماني في مايو/أيار 2016، إن نتائج الحرب في اليمن "كرست وأثبتت قدرة جماعة الحوثيين على نحو لا يمكن تجاهله".

كان ذلك قبل أن يحصل الحوثيون على صواريخ باليستية تصل إلى الرياض، وطائرات انتحارية مفخخة. ويبدو أن "سليماني" كان يوجه خطابه للإيرانيين بمن فيهم المسؤولون السياسيون والقادة العسكريون أن قدرات الحوثيين قوية وتتطلب سلاحاً أقوى وأكثر فعالية.

ويضيف التقرير: "تقوم وحدة متخصصة تدعى الوحدة (190) في فيلق قدس بمهمة تهريب السلاح إلى الحوثيين، كانت تحظى بإشراف مباشر من قاسم سليماني ونائبه "إسماعيل قاآني" الذي خلفه حالياً في قيادة الفيلق".

إن أبرز ما يشير إلى علاقة "فيلق قدس" بالحوثيين وجود القيادي المقرب لـ"قاسم سليماني" في صنعاء، حسب إفادة الخارجية الأمريكية، إضافة إلى الإعلان عن مقتل قيادي آخر.

إذ يعتبر العقيد عبد الرضا شهلائي الذراع اليمنى لـ"سليماني" وقد أعلنت واشنطن وجوده في اليمن في ديسمبر/كانون الأول 2019، ووجهت له اتهامات بالمسؤولية عن نقل السلاح والذخيرة إلى الحوثيين ومساعدتهم في التخطيط للعمليات العسكرية، والمساهمة في تطوير قدراتهم القتالية.

وتعتقد الخارجية الأميركية أن شهلائي يستخدم عدة أسماء، من بينها: عبد الرضا شهلائي، الحاج يوسف، الحاج ياسر، وقدمت واشنطن جائزة بقيمة 15 مليون دولار لأي معلومات عنه، وقد فشلت محاولات متعددة لاغتياله.

وبحسب فريق للأمم المتحدة في تقرير سابق، فقد لوحظ أن الصواريخ من طراز "تاو" وما يتصل بها من منظومة إلكترونية تحمل علامات بأسماء شركات صناعية إيرانية، وتبين أن الصواريخ من طراز "كونكورس" تحمل علامات لها خصائص تشبه العلامات الروسية والإيرانية، مما يشير إلى أنها خضعت، على الأرجح، للصيانة أو الإصلاح في جمهورية إيران.

وبالرغم من الحظر البحري وتعقيد وصول السلاح إلى المليشيا الحوثية إلا أن طهران تمكنت من إيصاله عبر عدة أساليب وطرق بحرية وبرية، وأكد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال "جوزيف دانفورد" في مقابلة مع مجلة (Breaking Defense)، أن إيران لم تغير تصرفاتها العدوانية فما زالت تدعم الحوثيين بصواريخ كروز ومعدات متطورة لاستهداف السفن على مضيق باب المندب.

وفي أغسطس/آب 2016 اعترفت الوكالة الإيرانية الرسمية "إيرنا" أن الصاروخ "زلزال 3" صناعة إيرانية،
وقالت الوكالة إن "الصاروخ الذي أطلق على نجران السعودية من الأراضي اليمنية كان من نوع (زلزال 3)، يملكه الحرس الثوري الإيراني.

وأشار تقرير لمنظمة "مراقبة أبحاث التسلح" أثناء النزاعات في مارس/آذار 2017 إن الطائرات من دون طيار التي عُثر عليها في اليمن، كانت من نوع زعم الحوثيون أنها صُنعت محلياً وأطلقوا عليها اسم "قاصف1"، على الرغم من أن الأرقام التسلسلية فيها وتصميماتها تشير إلى أنها ليست سوى شكل آخر من خط إنتاج للطائرات الإيرانية من دون طيار المعروفة باسم "أبابيل".

وفي تقرير سري اطلعت عليه وكالة الأنباء الفرنسية قدم إلى الأمم المتحدة تسعى لجنة الخبراء أيضا إلى تأكيد معلومات مفادها أن الحوثيين يستفيدون من مساعدة مادية شهرية من إيران على شكل وقود، في وقت تؤكد طهران أنها لا تدعم أبدا الحوثيين ماليا.

كما ذكر خبراء أمميون في تقرير آخر أنهم يحققون في هبات من الوقود بقيمة 30 مليون دولار، تقدمها إيران شهرياً إلى الحوثيين، أي نحو 300 مليون دولار سنوياً.

كذلك كشفت مؤسسة «ريكيورديد فيوتشر» الأمريكية المتخصصة فى أمن شبكات المعلومات، عن دور المخابرات الإيرانية فى دعم ومساعدة الحوثيين فى السيطرة على الفضاء الإلكتروني، ما يسمح للمليشيا بقيادة مزود خدمة الإنترنت الرئيسى فى البلاد، وفرض الرقابة على الإنترنت، واختراق المواقع الحكومية، والاستيلاء على الأموال من الحسابات السرية.

وكان قد وصل سفير إيران الجديد إلى صنعاء، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، في خطوة اعتبرتها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا أنها تؤكد على تبني طهران ورعايتها الكاملة للانقلاب الحوثي، والوصاية على قرار المليشيات السياسي والعسكري بانتداب حاكم عسكري إيراني لصنعاء.

كلمات دالّة

#اليمن