الثلاثاء 16-04-2024 22:31:00 م : 7 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

مكاسب سياسية ومادية.. لماذا يفتعل الحوثيون أزمة في المشتقات النفطية؟

الأربعاء 21 أكتوبر-تشرين الأول 2020 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد السلام الغضباني

في الوقت الذي يزعم فيه الحوثيون انعدام المشتقات النفطية منذ خمسة أشهر في المحافظات التي يسيطرون عليها، متهمين التحالف العربي باحتجاز عدد من السفن في البحر الأحمر، انتعشت السوق السوداء لمشتقات النفط بشكل غير مسبوق في مناطق سيطرة المليشيات، وارتفعت أسعارها بشكل جنوني، رغم أنها مغشوشة، وسط تساؤلات شعبية حول مصدر تلك المشتقات التي تباع في السوق السوداء إذا افترضنا صدق المزاعم الحوثية بأن هناك أزمة حقيقية وليست مفتعلة.

ومع أنه تم بالفعل احتجاز عدد من السفن المحملة بالمشتقات النفطية في البحر الأحمر، لكنه يتم السماح بدخول بعض السفن بمبادرات من السلطة الشرعية حتى لا يتضرر المواطنون بشكل عام وتتعطل الحياة، مع العلم بأن دوافع الاحتجاز للسفن النفطية سببه صلف المليشيات الحوثية ورفضها تخصيص رسوم عائدات المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة لدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، ونقضها لاتفاقية سابقة بهذا الخصوص ونهب كل ما تم إيداعه في فرع البنك المركزي بالحديدة من رسوم عائدات النفط كانت مخصصة لدفع رواتب الموظفين حسب اتفاق بين الحكومة الشرعية ومليشيات الحوثي تم برعاية أممية.

 

- انتعاش السوق السوداء

استغلت مليشيات الحوثيين احتجاز عدد محدود من السفن المحملة بالمشتقات النفطية من قبل السلطة الشرعية والتحالف العربي في البحر الأحمر وجعلت ذلك في صدارة اهتماماتها الإعلامية خلال الأشهر الأخيرة، وانتعشت السوق السوداء التي يديرها مشرفون حوثيون في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات والمناطق التي تسيطر عليها المليشيات، وتباع المشتقات النفطية بأسعار خيالية، وأغلقت جميع محطات البترول بهدف سحب مخزونها وبيعه في السوق السوداء، كما أن المخزون الاحتياطي لشركة النفط اليمنية في مناطق سيطرة المليشيات يتم بيعه في السوق السوداء أيضا، بالإضافة إلى بيع كل ما يتم السماح بإدخاله من المشتقات النفطية في ذات السوق، والهدف تحقيق ثراء سريع لصالح قيادات المليشيات الحوثية، واستغلال أي أزمة، سواء كانت حقيقية أو مفتعلة، لنهب أموال المواطنين من خلال احتكار السلع الأساسية والتلاعب بأسعارها.

وتواصل مليشيات الحوثيين رفض مقترحات السلطة الشرعية بتخصيص رسوم عائدات النفط عبر ميناء الحديدة لصرف رواتب الموظفين المدنيين في مناطق سيطرة المليشيات، ورغم احتجاز بعض السفن المحملة بالمشتقات النفطية والسماح بدخول كميات محددة تضمن عدم تعطل حياة المواطنين، إلا أن مليشيات الحوثيين تواصل صلفها وترفض تلك المقترحات، وحولت تلك المقترحات إلى أزمة يتكبدها المواطنون في مناطق سيطرتها، متجردة من كل القيم الأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية، حيث تسعى للاستحواذ على كل شيء، وترفض أي مبادرة من أي طرفٍ كان للتخفيف من معاناة المواطنين، خاصة الموظفين المدنيين الذين تواصل المليشيات ذاتها نهب رواتبهم منذ سنوات.

وتشكل السوق السوداء الحوثية واحدة من أهم مصادر تمويل المليشيات في حربها على اليمنيين، وتتوالى الأزمات المفتعلة حتى تظل السوق السوداء مزدهرة، حيث درجت المليشيات على افتعال أزمات انعدام الغاز المنزلي والمشتقات النفطية، أحيانا بشكل متزامن وأحيانا بالتداول، في حين تم تعطيل مئات محطات تعبئة الغاز والبنزين والديزل، التي يتكبد ملاكها خسائر باهظة جراء توقفها واستمرارهم في دفع إيجارات الأرضيات التي أنشئت المحطات عليها. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، كانت مليشيات الحوثي تتعمد افتعال أزمات انعدام المشتقات النفطية والغاز المنزلي، من خلال احتجاز ناقلات النفط والغاز خارج المدن حتى استكمال بيع المخزون السابق من تلك السلع الضرورية في السوق السوداء.

 

- ابتزاز المجتمع الدولي

وفي مسعى منها لابتزاز المجتمع الدولي، هددت مليشيات الحوثي، خلال الأسابيع الأخيرة، بإغلاق مطار صنعاء أمام الرحلات الأممية بذريعة انعدام المشتقات النفطية، في الوقت الذي تنتشر فيه السوق السوداء لبيع تلك المشتقات في مختلف شوارع وأحياء العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات والمدن التي تسيطر عليها المليشيات، واستمرار محطات توليد الكهرباء التجارية المملوكة لقيادات في المليشيات بالعمل، فضلا عن الكميات الكبيرة من المشتقات النفطية التي يتم صرفها لمختلف جبهات القتال، ويعني ذلك أن مشتقات النفط متواجدة وبكميات كبيرة في مناطق سيطرة المليشيات.

كما أن احتجاز بعض السفن التي تحمل مشتقات نفطية لم يؤثر على الاحتياج المحلي لتلك المشتقات، خاصة أنه يتم السماح بدخول كميات متوسطة تلبي احتياجات المواطنين وتحول دون بروز أزمة فعلية تعطل الحياة وتثقل كاهل المواطنين، غير أن ما يثير التساؤل هو أن مليشيات الحوثي تمنع شراء النفط المحلي بذريعة أنه مغشوش، في حين أنها تمارس الغش على أوسع نطاق في السوق السوداء التي تديرها، والحقيقة هي أن مليشيات الحوثي ترى في مثل هكذا أزمات تفتعلها فرص لتحقيق مكاسب سياسية من خلال التغرير على البسطاء بأن الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها هما السبب في تلك الأزمة، بالإضافة إلى ابتزاز المجتمع الدولي من خلال إغلاق مطار صنعاء أمام الرحلات الأممية والإنسانية.

 

- لماذا الأزمة مستمرة؟

حولت مليشيات الحوثي المشتقات النفطية والغاز المنزلي إلى كابوس يلاحق المواطنين منذ انقلابها على السلطة الشرعية قبل ما يقارب ست سنوات وحتى الآن، وهناك العديد من العوامل التي شجعتها على استمرار تلك الأزمات المفعلة، لعل من أهمها انعدام الوعي الشعبي بحقيقة تلك الأزمات، ذلك أنه بمجرد الحديث عن أزمة بترول يهب المواطنون للاصطفاف في طوابير طويلة أمام محطات البترول أو السوق السوداء، ويشترون حاجياتهم منها بالسعر الذي تحدده المليشيات مهما كان باهظا، مع أنه يفترض في هذه الحال مقاطعة السوق السوداء والإحجام عن شراء مشتقات النفط كلما افتعلت المليشيات أزمة لتحقق من ورائها ثراء سريعا وتقتل اليمنيين بأموالهم التي تتفنن في نهبها بمختلف الوسائل.

يضاف إلى ذلك انعدام الضغوط الدولية والأممية على مليشيات الحوثي لزجرها عن نهب أموال المواطنين من خلال افتعال أزمات في المشتقات النفطية ومادة الغاز المنزلي، ولا يوجد أدنى احتجاج أو إدانة لتلك الممارسات غير الإنسانية التي تعكس تجرد المليشيات الحوثية من كل القيم والأخلاق والإمعان في الإجرام، كما أن وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية لم تثر استغلال المليشيات لظروف الحرب وافتعال أزمات وتحويل حياة المواطنين إلى جحيم لا يطاق، وتحقيق الثراء السريع على حساب ملايين المواطنين المتضررين من الارتفاع الجنوني لأسعار المشتقات النفطية، حيث ينعكس ذلك على أسعار مختلف المواد الغذائية التي ترتفع هي الأخرى نظرا لارتفاع تكاليف النقل، وأيضا ارتفاع تكاليف الري بخصوص المنتجات الزراعية وتكاليف نقلها.

ومع استمرار مختلف الأزمات التي تفتعلها مليشيات الحوثي، وتفننها في نهب أموال المواطنين بمختلف الوسائل، فإن سرعة الحسم العسكري ضدها يعد واجبا إنسانيا قبل كل شيء، فالإمعان في نهب أموال المواطنين والتضييق عليهم وتحويل حياتهم إلى كابوس وجحيم ونشر الخوف والذل والقهر وكتم الأنفاس وانتهاك الأعراض والقتل والخطف والتعذيب في السجون والمعتقلات، كل ذلك ترفضه الأديان السماوية والقوانين الوضعية وتأباه النفوس السوية، ومثل هذه الممارسات الإجرامية بحق المواطنين لم يسبق أن مارستها حتى أبشع الجماعات الإرهابية في أي مكان في العالم سيطرت عليه، فضلا عن الحكومات الديكتاتورية، وبالتالي فالقضاء على الانقلاب الحوثي الإرهابي يعد مهمة أخلاقية قبل أن يكون ضرورة وطنية.

كلمات دالّة

#اليمن