السبت 02-11-2024 17:33:19 م : 1 - جمادي الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار

الإصلاح حراك السياسة والوعي

الإثنين 18 سبتمبر-أيلول 2017 الساعة 06 مساءً / الاصلاح نت - خاص/ فهد سلطان (الحلقة الأولى)

    

انطلق التجمع اليمني للإصلاح منذ تأسيسه في 13سبتمبر/ أيلول 1990م وفق ثوابت ومنطلقات وطنية خالصة, يتواكب ذلك مع مفهوم التعددية الحزبية الذي كان جديداً على الحياة السياسية اليمنية بشكل عام, فيما كانت فكرة الاندماج بين شطري اليمن حالة من الاندفاع أكثر منها وحدة وفق أسس موضوعية, وكل ذلك -إلى جانب وضع دولي يتشكل مع سقوط الشيوعية وجدار برلين وتعزيز نظام القطب الواحد- خلق حالة من الإرباك لدى عدد من القوى السياسية التي وجدت نفسها في ميدان جديد ومربع جديد, بأدوات وأجندات جديدة مع تضارب في التحالفات الدولية. 

حجم التغيير الذي أحدثته الوحدة هائلاً، وانعكس ذلك على كل ما يتصل بها, إلا أن النظام السياسي ذاته، الذي كان يمسك بمفاصل الدولة، احتكر صنع القرار منذ اللحظة الأولى, فلم يعمل على تمدين العملية الديمقراطية قبل أن يتأكد إلى أين سيسير المركب الجديد, إضافة الى عدم رعاية الحالة السياسية الجديدة ليواكب التغير الكبير في مجتمع لا تزال الأمية ومخلفات الماضي تضرب أطنابها في مفاصله, مع عدم إغفال البيئة القبلية وبطء عملية التمدين.

 

استهداف العمل الحزبي

بدأ الاستهداف للحزبية باكراً من قبل النظام السياسي, والذي كان يريد من الديمقراطية والعملية السياسية ذاتها أن تدر عليه معونات الدول, خاصة وأن بعض الدول المانحة في ظل الانفتاح على الوضع الديمقراطي وشكل العالم الجديد كانت تشترط الخروج من بوتقة النظام الأحادي والدخول في الفضاء الديمقراطي لعدد من الاعتبارات، ليس هذا مجال لحصرها ونقاشها, وهو ما جعل المسؤولية أمام الأحزاب السياسية الوطنية الجديدة عملية شاقة وغاية في الصعوبة.

وهنا كانت الأحزاب السياسية أمام حراك سياسي عاتي تحتم عليها أن تسير في اتجاهات عدة, داخلي وخارجي, فلم يكن نضالها ينصرف نحو تمدين العمل السياسي داخل تركيبة المجتمع بقدر ما كان في كيفية الحصول إلى موضع قدم ثابت يستطيع أن يقف على قدميه لا من أجل البدء في تنفيذ استحقاقات العملية السياسية والديمقراطية، ولكن في مواجهة استهداف السلطة وهي القضية التي تتابعت ومرت بمنعطفات كثيرة. 

كانت الحركة الإسلامية الإصلاحية في اليمن تمارس أنشطتها الدعوية ضمن فضاء الدولة وتعمل وفق قوانين الدولة ذاتها أيضاً؛ فقد كان رجال الحركة الإصلاحية يدركون حجم الجهد الذي تحتاجه اليمن في مسيرة البناء, وهم الذين أخذوا على عاتقهم جانباً كبيراً في إعادة تمدين الحياة السياسية ومحاصرة كثير من الأفكار المناقضة لمفهوم الدولة في المقام الأول, وحماية الجمهورية مما تبقى من رواسب الإمامة أو الحروب التي خلفها الدفاع عن ثورة سبتمبر وأكتوبر المجيدتين. 

 

فضاء ما بعد الوحدة

كان للحركة الإسلامية (التجمع اليمني للإصلاح) قبل الوحدة أنشطة واسعة انطلقت على مسارين الجانب الاجتماعي والثقافي داخل تركيبة المجتمع اليمني, والآخر مسار سياسي محدود وفق المساحة التي تركها نظام الحزب الواحد وهو هي مشاركة ترتكز في أساسها في دعم مسار العمل الثقافي والفكري داخل البلاد, وانحصر العمل في تلك الفترة على المجالس المحلية المحدودة وشيء من الفضاء العام بحيث جعلها النظام هامش لوسائل الإعلام الرسمية وأمام العالم. 

وبالنظر إلى تلك المرحلة وما قبلها, فقد كانت اليمن محل تجاذبات لأفكار إقليمية ودولية وكانت أنشطة الحركة الإسلامية السلمية تحاول أن تعيد ربط اليمني بهويته مع التأكيد أنه في فترة من الفترات كانت توغل الأفكار القادمة من المحيط الإقليمي أشبه بالحاجة في مواجهة مد الشيوعية، وهو وإن كان له إسناد فاعل إلا أنه ترك أثره السلبي الذي لا يزال الإصلاح يعاني منه حتى اليوم, فيما تحتاج هذه الجزئية الى نقاش جريء وواسع من قبل النقاد والمراقبين والمتابعين لميسرة التجمع اليمني للإصلاح. 

ومع قيام الوحدة وخروج الإصلاح كحزب سياسي فاعل في الحياة السياسية, فقد استطاع أن يحصل على موقع متقدم في المرتبة الثانية بعد الحزب الحاكم وأكثر بقليل من الحزب الاشتراكي القادم من دولة الجنوب. كان التنافس شديداً، وكان يمكن الدفع بالجميع نحو المضي في استحقاقات العملية السياسية الانتقالية إلا أن النظام السياسي انطلق نحو عملية استقطاب باكرة تسير نحو إعادة انتاج النظام وضمان بقائه لمدة أطول, فقد كانت الانتخابات التي تلت قيام الوحدة بثلاثة أعوام وضعت النظام الحاكم حينها أمام مخاوف العمل الديمقراطي ذاته.

ففي اللحظة التي كانت الأحزاب السياسية أمام أسئلة كبيرة، وهي أسئلة المجتمع ذاته، كان النظام يبحث عن طرق وأساليب تفرغ هذه العملية من مضمونها بل تسير بالحياة السياسية نحو الحروب والمشكلات وهو ما عاد إليه النظام في فترات لاحقة لذات القصد بعد أن فشل كلت المحاولات والمشكلات التي كانت ينتجها.

اعتمد الإصلاح على المسار السياسي السلمي كخط واضح لا محيص عنه ولا تراجع لغيره من الوسائل والأدوات منذ اللحظة الأولى, وانطلق من فضاءين اثنين؛ الأول: داخل تركيبة الحزب والذي سار بخطى ثابتة، وإن كانت بطيئة حسب تعبير للقيادي محمد قحطان في حوار أجرته صحيفة الجمهورية 2013م, إلى جانب عدد من الملفات التي لم تحسم داخل أروقة الحزب, إلا أن النضال في العمل السياسي العام عرف به الإصلاح بشكل مبكر, وكان له إسهام لا يستهان به في عدد من القضايا كحماية الجمهورية ومقاومة التوريث وتعزيز العمل السياسي السلمي وحماية مكتسبات الوحدة والعملية السياسية والمشاركة في تجارب سياسية غاية في الأهمية كـ "اللقاء المشترك" جميعها تسير نحو تمدين اليمن وتعميق العملية السياسية الحزبية في الواقع اليمني.