الخميس 14-11-2024 03:44:42 ص : 13 - جمادي الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار

70% من مقاعد الرقود والعمليات لجرحى المليشيات..

مستشفيات العاصمة بين الاحتكار والابتزاز للانقلابيين

الإثنين 21 أغسطس-آب 2017 الساعة 05 مساءً / الاصلاح نت/ العاصمة أونلاين

    

ما إن أحكمت جماعة الحوثي سيطرتها على العاصمة صنعاء نهاية سبتمبر 2014م، وأحكمت قبضتها على مؤسسات الدولة وهيئاتها المختلفة، حتى اتجهت نحو السيطرة على المستشفيات، وعبثت بمحتوياتها واحتكار خدماتها، بل وصل الأمر إلى اختطاف بعض الأطباء من داخل بعض المستشفيات بحجة أنهم ما يسمى "دواعش".

"العاصمة أونلاين" استطلع آراء العديد من الموظفين في المستشفيات الحكومية والخاصة، وتحدث إلى العديد من المرضى الذين يرتادونها، والذين بدورهم كشفوا عن جملة من الانتهاكات والممارسات العبثية والكارثية لجماعة الحوثي وصالح، والتي جعلت حياة المواطن اليمني في خطر، ونستعرض هنا بعض منها:

 

لا صوت يعلو فوق صوت المشرف

يقول أحد الأطباء بمستشفى الثورة (حكومي) في حديثه لـ"العاصمة أونلاين" إن "جماعة الحوثي عينت مشرفاً في المستشفى ولا يطير طائرا أو يتنفس أحد في المستشفى إلا بإذنه"، مشيراً إلى أن صلاحياته أكبر من صلاحيات مدير المستشفى نفسه.

وأضاف بأن المستشفى بكامله أصبح مخصصاً لجرحى جماعة الحوثي ومرضاها بمعدل 70% بالنسبة للعمليات والرقود وأسرة العناية المركزة، حيث يسمونهم المجاهدين القادمين من الجبهات.

وتابع: "معظم الأوقات تصل حالات من جرحاهم من الجبهات في أوقات متأخرة جداً من الليل، فيقومون بالاتصال بنا وإجبارنا على الحضور دون مراعاة الوقت أو غيره، وفوق ذلك لم يعطونا أي مقابل ولو حتى قيمة المواصلات كوننا نأتي بعد الدوام ومع ذلك لا نستلم مرتباتنا".

وفي حال تغيب الأطباء أو اعتذارهم عن التواجد قال: "إذا اتصلوا بأحد الأطباء ولم يتجاوب معهم، إذا بطقم المشرف على المستشفى يأت إلى المنزل أو يقوم المشرف بإصدار مذكرة بفصل الطبيب، وكل ذلك من أجل جرحاهم القادمين من جبهة نهم أو صرواح" ..

 

تواجد حوثي أقل وخدمات منعدمة

أما مستشفى الجمهوري فتعتبر من أقل المستشفيات احتكاراً من قبل المليشيات في صنعاء، فلا يوجد تواجد للجرحى الحوثيين بكثرة خلال هذه الفترة، حيث يصل جرحى الحوثيين بمعدل حالة واحدة في الأسبوع، لكنه أصبح لا يقدم خدمات للمواطنين كما في السابق، وأصبحت بعض أقسامه شبه معطلة.

يقول الدكتور (ش.ع) في حديث خاص لـ "العاصمة أونلاين": "بالنسبة لإدارة المستشفى هي بيد الحوثيين، وهم يتحكمون ويتصرفون بكل شيء، وكل ميزانيات المستشفى تحت تحكمهم، لكن بالنسبة للرقود والعمليات المخصصة لهم فهم يستضيفون فيها أقاربهم المرضى فقط خلال هذه الفترة، ولا توجد إحصائية دقيقة لما يقوم الحوثيون بنهبه من المستشفى" ..

 

ممنوع دخول المواطنين

وفي مستشفى السبعين بصنعاء (حكومي)، أكد أحد الأطباء الجراحين أن المستشفى أصبح تحت السيطرة الكاملة بيد جماعة الحوثي، وأن عناصر الجماعة تفتح المستشفى وتغلقه في وجه المواطنين متى شاءت.

وأضاف: "عندما تشتد المعارك في الجبهات يتم إغلاق المستشفى في وجه المواطنين كون المستشفى يختص بمعالجة جرحى الحوثي وصالح".

وأشار إلى أنه قبل فترة نزل تعميم من الوزارة بإخلاء 40% من كل مرافق المستشفى للمجاهدين وأسرهم، لكن الـ 40% تحول إلى 100% لهم خصوصاً عند اشتداد المعارك، وقد توقف الكثير من الأطباء عن العمل في المستشفى بسبب همجية المشرفين، وبعض الأطفال تم إيقافهم عن العمل.

 

مستشفى الزنابيل

أما مستشفى الكويت (حكومي) فحدث ولا حرج، يقول أحد موظفي المستشفى: "أصبح مستشفى الكويت مستشفى خاص بزنابيل الحوثي، فأي جريح زنبيل يأتون به إلينا ويرمونه في ساحة المستشفى ويذهبوا، ونأتي نحن لنتفقدهم، خصوصاً الذين ليس لديهم أسر أو مرافقين" ..

وأضاف: "قبل ثمانية أشهر حصلت اشتباكات في جبهة نهم وسقط الكثير من قتلى وجرحى الحوثي، وكل من أتوا بهم إلى هنا كانوا قبل ولم نجد حتى واحد ممن يسمونهم بـ" آل البيت"، وبسبب ازديادهم كانت المليشيات ترمي بهم في بوابة المستشفى فيقوم المارة بإدخالهم".

وتابع: "وبسبب كثرة الجرحى وانشغال الأطباء، مات البعض في بوابة المستشفى، وهكذا أصبح مستشفى الكويت يسميه بعض الأطباء (مستشفى زنابيل الحوثي)".

وبالنسبة لمستشفى الشرطة (حكومي) فقد قال أحد الأطباء: "إن المستشفى أصبح مكتظاً بالجرحى من أتباع مليشيات الحوثي، ولم نستطع - أحياناً- حتى استقبال المرضى الذين يتبعون الجماعة"..

وأضاف: "على سبيل المثال أحد الضباط في الأمن السياسي أصيب بجلطة قبل خمسة شهور وهو يشغل منصب في قطاع الصحة الأمن السياسي ولم نقبله في مستشفى الشرطة بسبب الازدحام، وتم نقله إلى مستشفى خاص"..

وأشار إلى أن أشعة الرنين في المستشفى تعطلت بسبب إهمال الإدارة السيئة التابعة لجماعة الحوثي وتدخل المشرفين بعمل الأطباء، مشيراً إلى أن هناك احتكاراً لا يستوعبه العقل من قبل جماعة الحوثي لخدمات مستشفى الشرطة.

وأراد الطبيب أن يوجه رسالة من خلال موقع "العاصمة أونلاين" قائلاً: " أرجو أن تصل رسالتي من خلالكم إلى من يستطيع فعل شيء بأن ينتشلوا هذا المستشفى من بين ركام الحوثي".

واختتم حديثه لـ"العاصمة أونلاين" بقوله: "أنا طبيب وانتمائي السياسي مؤتمري، لكن هذا لا يجعلني أسكت عن تجاوزات الحوثيين في المستشفى؛ حيث أن خدماته كاملة أصبحت فقط لمرضى وجرحى الجماعة ولا يقدم أية خدمات للمواطنين العاديين".

 

صيدليات المسيرة

وعن صيدليات الجماعة الخاصة والمثيرة للجدل، أكد أحد المندوبين في مبيعات الأدوية، أن الحوثيين ليديهم صيدليات يطلق عليها "صيدليات المسيرة"، وأن هذه الصيدلية تقوم بتسليم الأدوية للجرحى الحوثيين فقط ومقرها في مستشفى الشرطة..

وعن مصادر الأدوية التي تصرف من هذه الصيدليات، قال أحد الأطباء في مستشفى الشرطة النموذجي، إن الأدوية يتم نهبها من المساعدات والإغاثات الدوائية التي تأتي من الدول والمنظمات الخارجية باسم الشعب اليمني وأن جماعة الحوثي تعمل على نهبها وتوزيعها لأتباعها فقط، عن طريق هذه الصيدليات، ويتم حرمان عدد كبير من المواطنين العاديين من هذه الأدوية.

 

تهديد الكادر الطبي

أكد أحد الموظفين بمستشفى 48 النموذجي (حكومي) بأن مليشيات الحوثي لديها مشرفون ومشرفات داخل المستشفيات الحكومية بشكل عام ومنها مستشفى 48 النموذجي.

وقال: "المشرفون التابعون لجماعة الحوثي يتسببون دائماً بمشاكل ويقومون بتهديد الكادر الطبي ويتم إيقاف العمل لعده أيام، وقد حصل ذلك في مستشفى 48 النموذجي وتوقف المستشفى عن العمل لعدة أيام"..

طبيب آخر يعمل بمستشفى 48 قال في حديث لـ"العاصمة أونلاين": "كان التأمين الصحي بمستشفى 48 شاملاً للأدوية والفحوصات والأشعة ووو ...الخ، وبعد سيطرة جماعة الحوثي والتعيينات العشوائية التي قامت بها أصبح المستشفى خارج الجاهزية؛ فالمختبر الخاص به يفتقد العديد من المحاليل والأشعة المقطعية متوقفة".

وأشار إلى أن "الأدوية في المستشفى لا يوجد إلا الشيء البسيط منها وتقدم كإسعافات أولية فقط لغير جراحهم (جرحى جماعة الحوثي)، أما جرحى جماعة الحوثي فلديهم صيدليات المسيرة الخاصة بهم"..

 

المستشفيات الخاصة

المستشفيات الخاصة في العاصمة صنعاء، تعرضت هي الأخرى لعمليات ابتزاز مهولة، ورغم تحفظ الكثير من المسؤولين عليها والموظفين فيها بسبب القبضة الحديدية الحوثية إلا أن البعض منهم أفصح عن جزء منها، نستعرض منها التالي:

مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا (خاص)، ويعتبر من أهم وأكبر المستشفيات الخاصة في اليمن، وقد كان لها النصيب الأكبر من الابتزاز والعبث من قبل مليشيات الحوثي.

يقول أحد موظفي المستشفى في حديث خاص لموقع "العاصمة أونلاين": "عند دخول المليشيات أتت إلى المستشفى وطردت حراسة المستشفى بالقوة، وكانت تدخل المسلحين وأصحاب القات إلى حرم المستشفى، وكانت هي الآمر والناهي في حركة العمل بالمستشفى، كما قامت بفرض حراسة من عناصرها للمستشفى وأجبرت إدارة المستشفى على دفع مرتبات لهم"..

وكشف عن جملة من الممارسات الاستفزازية ومنها أن الحوثيين يرسلون مشرفيهم إلى إدارة المستشفى لطلب مبالغ مالية بالقوة، ولم يكن أمام المستشفى إلا إعطائهم إياها، مشيراً إلى أن هذه المبالغ تصل إلى الملايين أحياناً.

ولفت إلى أنه بعد نقل البنك المركزي إلى عدن جاء مشرف كبير في جماعة الحوثي إلى المستشفى وطلب من المستشفى مليار ريال، وهدد وتوعد، لكن إدارة المستشفى ردت عليه بأنها ستغلق أبوابها وإنها لا تمتلك ذلك المبلغ.

وكشف أن الحوثيين أجبروا المستشفى على توظيف أشخاص يتبعونهم وأنها - حالياً- تأخذ نسبة 30% من العمليات وقسم الرقود وغير ذلك في المستشفى، وما خفي كان أعظم- حسب قول الموظف.

وبحسب المعلومات التي حصل عليها موقع "العاصمة أونلاين" فإن جماعة الحوثي أجبرت المستشفيات الخاصة على إخلاء أكثر من 40% من المقاعد في العمليات والرقود وغيرها، وهددت بإغلاق أي مستشفى يرفض التعليمات أو طلبات الجماعة، وأن بعض المستشفيات تضطر لتخصيص نسبة أكبر من ذلك.

أحد الموظفين بالمستشفى اليمني الألماني (خاص)، قال إن "النسبة المخصصة لجماعة الحوثي في المستشفى إذا لم يتوفر لديهم مرضى أو جرحى فإنهم يأخذوا مقابلها مبالغ مالية، مشيراً إلى أن ذلك أصبح متعارفاً عليه وكأنه حق مشروع للجماعة".

أما أحدث أسلوب ابتزاز تمارسه جماعة الحوثي فهو إنها تأخذ ما نسبته من 5 – 10 % من قيمة كل عملية لصالح ما يسمى بـ"لمجهود الحربي" وأن هذه المبالغ تدفع للجماعة تحت مسمى ضرائب، وبحسب المصادر فإن هذا الإجراء تم تفعيله لأول مرة.

هذا العرض هو جزء يسير من وضع المستشفيات في العاصمة صنعاء، بعد سقوطها في قبضة جماعة الحوثي وحليفها المخلوع صالح، نهب وابتزاز واحتكار وتهديد وفرض أوامر وعبث لا طائل له.

ولكن الجزء الأكثر سوءً هو حال المواطن المريض الذي لا يحصل على خدمة العلاج من هذه المستشفيات لأنه ليس مقاتلاً مع الجماعة فيحصل على سرير في المستشفيات الحكومية ودواء من "صيدليات المسيرة" ولا يملك مالاً فيرتاد المستشفيات الخاصة.

ويبقى السؤال الذي يطرحه الغالبية هنا، متى ينتهي عبث الغزاة؟ ومتى تعود المستشفيات لحضن الدولة، ويحصل المواطن الغلبان على الدواء؟