السبت 07-12-2024 15:15:54 م : 6 - جمادي الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار

إيران والحوثيون..تاريخ حافل من استهداف الحرم المكي

الأحد 30 يوليو-تموز 2017 الساعة 08 مساءً / الاصلاح نت - خاص/ أحمد ابو ماهر

 



للمرة الثانية على التوالي، استهدفت المليشيات الانقلابية في اليمن مكة المكرمة بصاروخ باليستي في الرابع من ذي القعدة قبل أيام من بداية موسم الحج لهذا العام.
وتصدت منظومة الدفاعات الجوية (باتريوت) لهذا الصاروخ وأسقطته على بعد 69 كيلو متراً من مكة المكرمة في منطقة الواصلية بمحافظة الطائف، وهي نفس المسافة السابقة تقريباً التي تم إسقاط صاروخ باليستي آخر يوم 28 أكتوبر من العام الماضي.


وقالت قيادة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن: إن إطلاق هذه الصواريخ تجاه مكة هي محاولة يائسة لإفساد موسم الحج، دون وقوع أية أضرار.
وأكدت قيادة التحالف، أن استمرار تهريب الصواريخ إلى الأراضي اليمنية يأتي بسبب غياب الرقابة على ميناء الحديدة، وسوء استخدام التصاريح التي يمنحها التحالف للشحنات الإغاثية والبضائع. في وقت يعجز المجتمع الدولي عن اتخاذ قرار لمنع تلك الانتهاكات التي تطيل أمد الحرب وتعرض حياة المدنيين للخطر.
واستنكرت الأوساط السياسية اليمنية المختلفة استهداف مكة بالصواريخ من قبل المليشيات الانقلابية.


حيث وصف نائب رئيس الجمهورية الفريق علي محسن الأحمر، محاولة الحوثيين استهداف قبلة المسلمين بـ"العمل الإرهابي الذي تدعمه إيران"، معتبراً إياه عملاً إرهابياً يجرح مشاعر مئات الملايين حول العالم، ويكشف حجم المؤامرة التي يقودها الحوثيون بتمويل إيراني، وقال: "إيران هي المسؤولة عمَّا حصل اليوم، من استهداف بإطلاق الصواريخ على مكة المكرمة، وعلى كل مسلم أن ينتفض في وجهها".
من جهتها دانت الحكومة اليمنية استهداف مكة المكرمة بالصواريخ من قبل الحوثيين. وبحسب وكالة الأنباء الحكومية (سبأ)، فإن الحكومة أصدرت بياناً تستنكر وتدين تكرار محاولة استهداف قبلة المسلمين، للمرة الثانية، في استفزاز سافر لمشاعر أكثر من مليار مسلم، من قِبل هذه العصابة الإرهابية التي تتحرك بأوامر ودعم وتمويل إيراني.


وأشار البيان إلى أن إصرار أدوات إيران وأذنابها في اليمن، على استهداف أقدس بقاع الأرض ومهبط الوحي وقبلة المسلمين، يكشف بوضوح من يقف خلف ذلك، ويحاول منذ سبعينيات القرن الماضي بكل الطرق والوسائل إثارة الفتنة المذهبية.
كما أعربت منظمة التعاون الإسلامي عن إدانتها الشديدة لإطلاق مليشيات الحوثي وصالح صاروخاً باليستيا تجاه مكة المكرمة.
وأكد أمين عام المنظمة الدكتور يوسف العثيمين -في بيان صحفي- أن محاولة "الاعتداء الآثم مرة أخرى على مكة المكرمة بعد المحاولة الأولى في أكتوبر من العام الماضي تؤكد إصرار مليشيات الحوثي وصالح على استهداف الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية".
إستهداف مكة المكرمة بالصواريخ الباليستية يدل على إصرار المليشيات الانقلابية بتجاوز الخطوط الحمر حتى على المقدسات الإسلامية ولا يوجد قداسة لأي شيء عند هذه المليشيات.


ويتهكم اليمنيون على المليشيات الحوثية وزعيمها عبدالملك الحوثي أنهم في الوقت الذي يدعون فيه إلى التظاهر وإنقاذ المسجد الأقصى من الإحتلال الإسرائيلي فإنهم يقومون باستهداف قبلة المسلمين في تناقض عجيب.
وقال كاتب يمني ساخراً من زعيم المليشيات الحوثية: "تريدون إنقاذ المسجد الأقصى؟! إنكم إن وصلتم إلى القدس فإن أول عمل لكم ستقومون به هو تفجير المسجد الأقصى كما فجرتم مساجد اليمن؛ فالذي لا يحترم المساجد في اليمن كيف سيحترم المسجد الأقصى؟! ومن حاول قصف مكة بالصواريخ كأقدس مقدسات المسلمين فلن يتوانى عن تفجير المسجد الأقصى"!


نظرة الحوثيين تجاه مكة المكرمة لا تختلف كثيراً عن نظرة ملالي إيران من الشيعة الاثناعشرية الذين يريدون نقل الحج إلى كربلاء، وأن كربلاء عندهم أقدس منها، ولذلك فلا يرعوون عن استهدافها بالصواريخ بين فترة وأخرى!
لكن المليشيات الانقلابية تنكر استهدافها لمكة المكرمة وتقول إنها إنما كانت تستهدف قاعدة الملك فهد الجوية في الطائف.


الاعتداءات التاريخية الشيعية لمكة
وبالنظر لما تقوم به إيران وأذرعها في المنطقة اليوم من افتعال مشاكل مختلفة في مواسم الحج، فإنه ليس جديداً عليها؛ إذ أنها منذ نشأتها كدولة صفوية وحتى ما قبل الصفوية والتمهيد لقيام تلك الدولة وفي أيام الشيعة القرامطة.
• ففي عام 317هـ، زحف القرامطة، وهم فرقة من فرق الشيعة الموالية للفاطميين في مصر، إلى مكة فقتلوا الناس، ودفنوهم في المسجد الحرام وبئر زمزم، بعد أن نزعوا قبته، ونزعوا كسوة الكعبة، وقلعوا الحجر الأسود من مكانه، وحملوه معهم إلى بلادهم في الإحساء من أرض البحرين، ورفضوا إعادته، فظل في حوزتهم إلى أن ردوه في عام 339هـ، أي بعد 22عاماً.
• في عام 413هـ حصل اعتداء آخر على الحجر الأسود قام به مجموعة من عشرة فرسان، استغواهم الحاكم العبيدي في مصر، وكان يقودهم رجل مصري بيده دبوس، قام فضرب وجه الحجر ثلاث ضربات متوالية بالدبوس، وهو يقول: "إلى متى يعبد الحجر الأسود؟ ولا محمد، ولا علي يمنعانني عما أفعله، فإني أريد اليوم أن أهدم هذا البيت وأرفعه. وكان على أبواب المسجد عشرة فرسان لنصرته، فقام إليه رجل يمني فطعنه بخنجر واحتوشه الناس فقتلوه، وقطعوه وأحرقوه بالنار. وأقام الحجر على حاله ذلك يومين، وكان قد تكسر منه ثلاث قطع صغيرة ثم أن بعض بني شيبة جمعوا ما وجدوا مما سقط منه، وعجنوه بالمسك واللادن والعلك وأعادوا لصق تلك القطع.
• أما في عهد الشيعة الإثنى عشرية فقد ظهر أول حدث في الحج وفي الحرمين عموماً أحدثته الشيعة الإثنى عشرية الفارسية في أوائل سنة 716هـ في عهد السلطان المغولي خدابندة الذي اعتنق المذهب الإثنى عشري للتو من إسلامه.
حيث يذكر المؤرخون أن "سلطان المغول حفيد جنكيز خان خدابندة اعتنق المذهب الشيعي الاثنى عشري منذ عهد قريب بتأثير العالم الشيعي المعروف بـ"العلامة الحلي"، فتمكن حميضة (أحد أشراف مكة المعزولين عنها) من التأثير على خدابندة عن طريق تعصبه المذهبي الجديد، وحرضه على أن يرسل معه جيشاً من المغول لاحتلال مكة والخطبة له على منابرها".
كما يذكر المؤرخون أيضاً أن "حميضة زيّن لخدابندة بعد احتلال مكة الذهاب إلى المدينة ونبش قبر الشيخين أبي بكر وعمر وإخراجهما من الحرم النبوي". "وكان خدابندة قبل موته بسبعة أيام أمر بتجهيز جيش من ثلاثة آلاف مقاتل من فارس للزحف إلى المدينة المنورة وإخراج جثماني أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من مدفنهما فعجل الله بهلاكه".
• وفي منتصف القرن الحادي عشر الهجري اتخذ الشاه الصفوي عباس الأول (الكبير) من الصراع بينه وبين العثمانيين ذريعة لافتعال المشاكل حول قضية الحجيج، فـ"حاول الشاه الصفوي عباس الأول أن يقنع الإيرانيين بالتخلي عن الذهاب إلى مكة لأداء فريضة الحج والاكتفاء بزيارة قبر الإمام الثامن علي بن موسى الرضا في مدينة (مشهد)؛ لأن مكة كانت تحت سيطرة العثمانيين، والواجب القومي يحتّم عليهم ألا يسافروا عبر الأراضي العثمانية ويقوموا بدفع رسوم العبور".
ظلت إيران عبر تاريخها تستخدم ملف الحجاج الإيرانيين ورقة لإثارة الصراعات السياسية والطائفية والابتزاز بينها وبين السلطات الإسلامية التي تنظم شؤون الحج حتى ما قبل قيام المملكة العربية السعودية.
• وبعد الشاه عباس الكبير وفي عهد الشاه طهماسب الأول جدد هذا الشاه الجديد افتعال المشاكل حول قضية الحج مع السلطات العثمانية.
وقد جاء في التاريخ الصفوي أنه تم الصلح بين العثمانيين بقيادة السلطان سليمان القانوني والشاه طهماسب الأول في 8 رجب عام 962هـ سمي بصلح "أماسيا" حول كثير من الأمور كان من بينها موضوع الحج والحجيج.
حيث "تناول الصلح الجانب العقائدي الذي سمح فيه العثمانيون للصفويين بالحج إلى العتبات المقدسة [في العراق] وإلى مكة. والمعروف أن سلامة الحجاج الإيرانيين كانت من أسباب النزاع بين الطرفين، نظراً لاتهام الإيرانيين السلطات العثمانية الحاكمة، والسلطات المحلية في العراق، والعشائر العراقية، بابتزاز أموال هؤلاء الحجاج ومعاملتهم معاملة سيئة، مع أن العثمانيين كانوا يعاملونهم معاملة حسنة نظراً للاستفادة المادية التي كانت تغذي الخزينة العثمانية".
• توالت مشاكل الرافضة في الحج وخاصة بعد تعزيز الدولة الصفوية وظهورها دولة قوية تقارع الدولة العثمانية، فتعمد الرافضة الإيرانيون مواصلة هذه المشاكل، حيث يذكر كثير من المؤرخين، ومنهم يحيى بن الحسين القاسمي في اليمن، والدكتور علي الوردي من العراق، أحمد السباعي، وعبدالملك العصامي، أن الشيعة في سنة 1088هـ قاموا بتلطيخ الكعبة وأستارها والحجر الأسود بالقاذورات والنجاسات أثناء الحج، مما أحدث فتنة عظيمة في الحج، إلا أنه تم اكتشاف ستة منهم فأمر الوالي بقتلهم درءاً للفتنة.
ويذكر المؤرخون كذلك "أنه أشيع عند الشيعة الإثنى عشرية أنه لا يتم حجهم في مذهبهم إلا إذا لوثوا الكعبة بالنجاسة".
• وكرر الشيعة الرافضة حادثة التلطيخ سنة 1143هـ بنفس الأفعال من تلطيخ الكعبة بالقاذورات، فخرج الفقهاء بانتزاع أمر منعهم من الحج من الوزير التركي في ذلك الموسم، إلا أن شريف مكة في ذلك العهد محمد بن عبدالله ألقى القبض على مفتعلي الفتنة وأعاد الشيعة إلى مكة للحج بعد أن هدأت الفتنة.
• وفي عام 1942 تكررت حادثة تلويث الكعبة بالنجاسات من قبل رجل إيراني اسمه سيد أبو طالب اليزدي، وقد صدر الحكم عليه بالإعدام فأعدم بين الصفا والمروة على مرأى ومشهد من الناس.
• عند احتلال الحرم المكي من قبل جهيمان نهاية عام 1979، إستغلت إيران الحادثة لأغراضها السياسية والأيديولوجية، بما لا يخلو من مكر سياسي، حيث صرح الخميني من إيران بأن الولايات المتحدة الأمريكية تقف وراء هذه الحادثة. كان المكر السياسي الخميني الإيراني هو إظهار الأمر كما لو أنه تدخل أمريكي في تلك الأحداث لغمز المملكة العربية السعودية في الاستعانة بغير المسلمين في أحداث الحرم وتأليب المسلمين عليها.
وقد تسببت تلك المزاعم في سريان حالة من الغليان في المنطقة. الجموع الغاضبة اقتحمت مبنى السفارة الأمريكية في العاصمة الباكستانية إسلام آباد في اليوم التالي لبدء العملية وحطمته تماماً ثم أحرقته، وفى 2 ديسمبر 1979 أحرق متظاهرون ليبيون مبنى السفارة الأمريكية في العاصمة الليبية.
• في عام 1987م - 1407هـ، قام الحجاج الإيرانيون بأحداث شغب وتخريب ووصل بهم الأمر حد قتل بعض الحجاج وقتلهم بالسواطير، وقاموا بإحراق بعض السيارات ومحاولة إحراق بعض العمارات السكنية والتجارية قرب الحرم، كما حاولوا اقتحام الحرم المكي الشريف، ونادوا بمبايعة الخميني "إماماً للمسلمين".
رافق هذه الأعمال التخريبية محاولة إدخال متفجرات وكميات كبيرة من المخدرات – بحسب روايات السلطات الأمنية- إلا أن السلطات الأمنية اكتشفت الأمر قبل حدوثه، وأحبطت أعمال الشغب والتخريب.
ونتيجة لهذه المظاهرات وأعمال التخريب والشغب الإيرانية، وتدخل الأمن السعودي لفضها، راح ضحية هذه المواجهات 402 شخص من الإيرانيين، وقوات الأمن، والحجاج الآخرين، كما أصيب 649 آخرون.
ولأول مرة يعلن الإيرانيون حجاجاً وسياسيين أهدافهم الخاصة من وراء تلك الأعمال وهي مبايعة الخميني "إماماً للمسلمين".
• في موسم الحج لسنة 1409هـ - 1989م كشفت السلطات الأمنية السعودية عن عصابة تخريبية مكونة من 20 حاجاً كويتياً نسقوا مع السفارة الإيرانية في الكويت للقيام بأعمال تفجيرية في الأماكن المقدسة بمكة. حيث حدث انفجاران؛ الأول في أحد الطرق المؤدية للحرم المكي والآخر فوق الجسر المجاور للحرم المكي، ونتج عن ذلك وفاة شخص واحد وإصابة ستة عشر آخرين.
وذكرت الرواية الرسمية للمملكة أن المتهمين تلقوا تعليمات من قبل محمد باقر المهري وبالتنسيق مع دبلوماسيين إيرانيين في السفارة الإيرانية لتدبير تلك التفجيرات، وقاموا باستلام متفجرات من نوع حربي (تي إن تي) من الباب الخلفي للسفارة الإيرانية بالكويت، ثم نقلها إلى داخل السعودية حيث قاموا بزرعها وتفجيرها.
• في عام 1430هـ - 2009م أوعزت إيران إلى جناحها الحوثي في اليمن بافتعال صدامات مع السعودية قبل موسم حج عام 1430هـ، حيث حاول بعض المجموعات الصغيرة التابعة لجماعة الحوثي التسلل للحدود السعودية متخفين بملابس نسائية وباكستانية؛ بقصد خداع رجال الأمن السعودي في نقاط التفتيش لعدم تنفيذ الإجراءات الأمنية على النساء كما تطبق على الرجال على خلفية اعتبارات اجتماعية، وبالتالي الدخول إلى مخيمات الإيواء التي أقامتها السلطات السعودية باعتبارهم نازحين يبحثون عن الأمان وتشكيل خلايا إرهابية لخدمة إيران.
• في عام 1432هـ حول الحجاج الإيرانيون بعثتهم في الحج إلى أشبه بمظاهرة عامة وأخذوا يرددون شعارات وهتافات "لبيك ياحسين"، ولم تكن تلك الشعارات إلا في إطار عمليات استفزازية في الحج يحدثونها كل عام وبهدف ما يسمونه "تصدير الثورة الإيرانية" إلى قلب المشاعر المقدسة.
• وفي كل عام من مواسم الحج – تقريباً- تحاول إيران افتعال تلك المشاكل وتحول حجاجها إلى مظاهرات صاخبة في الحرمين المكي والنبوي كما حدث في عامي 1402هـ و 1433هـ ورفع صور الخميني فيهما.
• قبل عامين دعا نوري المالكي، رئيس وزراء العراق، إلى تحويل القبلة إلى كربلاء في العراق، كما دعى إلى نقل الكعبة إليها، كواحدة من الهرطقات الشيعية التي لا يتقبلها عقل ولا منطق ولا تشريع؛ إذ أن الحج ومكانه ليس مجرد بناية تنقل أو شعائر تقام هنا وهناك، بل هو مكان اختاره الله للمؤمنين منذ بداية الخليقة قبل أن توجد إيران أو العراق ذاتها، وقبل أن يكون هناك شيء اسمه شيعة.