الخميس 25-04-2024 02:21:27 ص : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

صعود وسقوط المشروع العائلي في اليمن الحلقة (2)

السبت 22 يوليو-تموز 2017 الساعة 04 مساءً / التجمع اليمني للاصلاح - خاص /فهد سلطان

يذهب الكاتب اليمني الراحل فوزي الكاهلي في مقالة نشرت له في يوليو/ تموز 2011م بأن "المرحلة الناعمة لمشروع التوريث الفعلية لعلي عبدالله صالح بدأت من عام 1997م وحتى 2004م؛ كونها أسست لواقع نظام حكم ملكي كان يمكن فرضه رسمياً عبر استفتاء شعبي قادم". (1) صحيفة المصدر الاسبوعية والمقالة منشورة على الموقع الالكتروني.


هنا نلاحظ أن نهاية هذه الفترة التي حددها الكاهلي كانت بداية لخطوات تصعيدية من قبل النظام "السابق" تمثل ذلك من خلال فتح حرب واسعة في محافظة صعدة شمال العاصمة صنعاء، والتي ستحقق أهدافاً عدة في السير نحو مشروع التوريث, فيما تلك الحرب ذاتها مثلت بداية النهاية الفعلية للمشروع العائلي والتي كانت لعبة، صحيح أن صالح حقق منها مكاسب عدة ولكن في المقابل فتحت عليه نوافذ للسقوط ختمت بانتهاء مشروعة وذهاب الحلم بالكامل.


في عام 2004م برزت معارضة - يمكن وصفها بالقوية إلى حد ما - لهذا التوجه أفسدت حسابات صالح - التي جرى التحضير لها منذ سنوات - ما دفعه إلى فتح معارك جانبية منها ملف الفساد وحكومات الإفقار وحروب صعدة, وكانت هذه الأخيرة تهدف إلى..


أولاً:حشد الرأي العام وصرفه عن قضية التوريث المثارة في الإعلام وبين الأوساط السياسية.
ثانياً:التخلص من رفيقه البارز علي محسن الأحمر، والذي كان يمثل هو الآخر عقبة كبيرة أمام مد التوريث.
ثالثاً:تعزيز قوات الحرس الجمهوري التي يشرف عليها نجله الأكبر "احمد علي" من خلال الدعم الذي حصل عليه المخلوع صالح من دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى, على حساب إضعاف وحدات في الجيش اليمني المتمثل في الفرقة الأولى مدرع [المنطقة الشمالية الغربية] بالدرجة الرئيسية.
أما الهدف الرابع: فتمثل في إضعاف الإماميين الحالمين بعودة الإمامة وكشفهم والتعرف عليهم عن قرب، وهو التيار الذي يعمل منذ نجاح ثورة سبتمبر/ أيلول 1962م....، وكان يرفض نظام صالح, وفي نفس الوقت خلق تيار جديد من أوساطهم يتجه نحو أحمد علي مقابل امتيازات كبيرة داخل أجهزة الدولة, ومنذ ذلك التاريخ عمد صالح على تعيينات لهاشميين داخل عدد من الوزارات منها الإعلام والخارجية والعدل وغيرها، محسوبين عليه بصورة فعلية.

 

الحراك السياسي يتصاعد
استشعرت جميع القوى السياسية الوطنية – في الشمال والجنوب- المخاطر التي تحاك للبلاد، وعلى نحو جديد، كان المد الشعبي الرافض للتوريث يسير على وتيرة عالية وسط قلق بارز للنظام والدائرين في فلكه, فقد رُفع سقف المطالب والنقد, واستطاع الإعلام المعارض -عبر عدد من السياسيين والصحفيين- رفع سقف النقد والمواجهة ضد التوريث ومشروعه السياسي وصل إلى عد غمز رأس النظام وكل أركان حكمه, وهو ما كان يعده النظام نفسه سابقة خطيرة حسب ما كانت تلمح إليه قنواته الإعلامية الرسمية وصحيفة الثورة بالتحديد.


وأمام هذا الوضع المتنامي, أراد صالح أن يطمئن القوى السياسية بأنه لا يرغب في التوريث، وأعلن عن مسرحية هزيلة - وذلك في يوليو/ تموز 2005م بأنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية قادمة, وأعاد نفس الخطاب أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة!


ورغم الترحيب والتشكيك في تلك الخطوة داخلياً وخارجياً, والتي لم تكن هناك أية خطوات حقيقية ملموسة للسير نحو هذا الاتجاه المتواجد في الإعلام فقط – التخلي عن السلطة-, فبعد أقل من عام تقريباً وفي مقابلة لصالح مع "بي بي سي عربي" بتاريخ 24 يونيو/ حزيران 2006 أعلن أنه سيرشح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة, لأنها إرادة الشعب أرغمته على العودة والتخلي عن ترك السلطة على حد تعبيره, وهو ما كشف نواياه حول - السلطة – أنها لم تكن حقيقية.
وبعد عودته إلى السلطة من جديد بفوزه في الانتخابات الرئاسية 2006م, وتعرض نظامه السياسي لأكبر هزة من نوعها, شعر على إثرها بالخطر الحقيقي, اتجه صالح نحو سياسة الإفقار وإرباك المشهد السياسي لمحولة إشغال القوى السياسية عن مشاريعه الخاصة والانتقام منه, وكانت خطواته في هذا الاتجاه أشبه بالخطوات الرسمية حسب مراقبين.


وفي هذه الأثناء حاولت القوى السياسية المعارضة، وتحديداً تكتل اللقاء المشترك، أن تسير بالبلاد أولاً نحو إصلاحات سياسية ودستورية تقلص من دور السلطة وتعزز النظام البرلماني, فيما كان النظام ذاته يسير نحو تعديلات دستورية تخوله تقويض العملية السياسية والسير نحو مشروع التوريث بوتيرة عالية وتعزيز النظام الرئاسي.

 

ومع استمرار الحروب – العبثية - بصعدة وتفشي الفساد داخل أجهزة الدولة, وتأزم العلاقة بين القوى السياسية, صُنفت اليمن 2007م عبر تقارير لمنظمات دولية, أنها من أكثر بلدان العالم فساداً - سياسياً واقتصاديا - فالموارد ليست مستغلة ونسبة من يعيشون تحت خط الفقر تقترب من النصف, وباتت البلاد على حافة الانهيار!


وكلما توسعت الضغوط على النظام مطالبة بالحل الجذري لمشكلات البلاد وإصلاح مسار العمل السياسي وإعادة الشراكة الفعلية بين النظام والشعب كان صالح يتحرك في كل اتجاه كالذي أصابه مس من الشيطان.

 

الحراك الجنوبي في الجنوب
وفي 7 يوليو/ تموت 2007م أعلن في المناطق الجنوبية عن تشكيل جمعية المتقاعدين العسكريين والأمنيين المسرحين من أعمالهم، وطالبت الجمعية في أول بيان لها النظام الحاكم بصنعاء المساواة، وإعادة المسرحين العسكريين والمدنيين، كما طالبت للمرة الأولى باستقلال الجنوب, وهي الخطوة التي سيقلل منها صالح تارة ومحاولاً عبرها تهديد القوى السياسية تارة أخرى, ولكن على أية حال ساهمت في إضعاف مشروعه السياسي, وأصاب نظامه العبثي والفاسد بالخلل.

 

استمرت فعاليات الحراك الجنوبي بوتيرة عالية, وتوسع بشكل لافت, حيث لاقت المطالب التي يطرحها قبولاً لدى اغلب المحافظات الجنوبية, يقابله تعاطف كبير من قبل القوى السياسية في الشمال, باستثناء مطالب العودة الى التشطير والتي كان ينظر لها على أنه تفاقم المشكلة السياسية في البلاد ولا تسير بها نحو الحل الفعلي والواقعي.


وفي أبريل/ نيسان 2008م اعتقلت قوات الأمن بعدن 12 من قيادة الحراك الجنوبي وقامت باحتجازهم لقرابة ستة أشهر إلى أن عفا عنهم علي عبدالله صالح في سبتمبر/ ايلول من نفس العام، لغرض التأثير عليهم وتطويعهم لرغباته, بعد التنكيل الذي تعرضوا له داخل زنازين الأمن السياسي, كان بين الزعامات حينه أحمد بن فريد، وعلي الغريب، وحسن باعوم وآخرون.


في أواخر أبريل ومطلع مايو 2009 وقعت مصادمات مسلحة بين أتباع الحراك الجنوبي من قبائل ردفان وقوات الأمن في جبال الأحمرين بالقرب من الحبيلين، على بعد 100 كيلومتر تقريباً شمال شرق عدن، وذلك بسبب قيام قوات الجيش باستحداث مواقع عسكرية على جبال الأحمرين المطلة على مديريات ردفان الأربع, وهو ما خلق حالة من الاستهجان والرفض لدى الحراك الجنوبي، وهو ما أشعل فتيل الحرب التي أدت مقتل عدد من الجنود وفي صفوف المدنيين.


في العام 2008م أيضاً، وحتى 2010، شهدت البلاد جولات حوارية متقطعة توصل خلالها الفريقان إلى الاتفاق على معظم مطالب أحزاب المشترك حول الإصلاحات الانتخابية وتضمينها مشروع التعديلات الدستورية, إلا أن ذلك الاتفاق كان يفشل في الوصول إلى نتائج نهائية ومثلت تلك السنوات أشبه بالملهاة من خلال تعنت النظام, حيث كانت البلاد على وشك الانهيار ودخلت مرحلة النفق المظلم التي حذر منها رئيس مجس النواب السابق الراحل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر.


وأمام المشاريع المتباينة تبدو الهوة كبيرة بين طرفي المعادلة السياسية – سلطة ومعارضة - نظراً إلى أجندة كل طرف وخصوصاً في قضية الإصلاح السياسي؛ القضية الأساسية التي تترست خلفها المعارضة وتصلبت كونها هي المعادل الموضوعي لحماية البلاد والسير به نحو حل المشكلات المتفاقمة.


على الجانب الآخر كان الحزب الحاكم – نظام صالح – يسير نحو إقرار مشروع للتعديلات الدستورية والتي تتضمن تعديلاً للمادة 62 من الدستور يقضي بتحويل مجلس الشورى إلى غرفة تشريعية ثانية إلى جانب البرلمان وزيادة عدد أعضائه إلى 151 عضواً ينتخب معظمهم من أعضاء المجالس المحلية, ويعين الباقون من رئيس الجمهورية مع إعطائه صلاحيات لمناقشة القوانين إلى جانب مجلس النواب في اجتماع مشترك.