الخميس 28-03-2024 19:07:50 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

أسر المختطفين بصنعاء ابتزاز بلا حدود

الأربعاء 05 يوليو-تموز 2017 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت – خاص

   

يعاني ما يقارب 13 ألف مختطف في سجون الحوثيين بصنعاء وعدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتهم، أوضاعاً مأساوية بالغة السوء, إلى جانب التعذيب النفسي والجسدي داخل زنازين وسجون بعض منها سرية لم تكشف عنها وما يدور فيها حتى الآن, فيما يتحدث بعض الخارجين منها عن موت وتعذيب ليس له مثيل!

لا يقتصر الأمر على التعذيب النفسي والجسدي الذي يتعرض له المختطفون؛ إذ أن أسرهم هي الأخرى تتعرض لعمليات ابتزاز وإيذاء كبير في ظل غياب كامل لسلطات إدارية يحتكم إليها الناس وتوقف مثل هذه الأعمال المخالفة للقوانين المحلية والدولية.

تفيد تقارير محلية عن عشرات الأسر اليمنية خضعت لعمليات ابتزاز واسعة, واضطر البعض منها إلى دفع مبالغ مهولة كفدية لإنقاذ أولادهم وأقاربهم من غياهب السجون التي تفتقر لأبسط حقوق السجين، حسب ما تحدده المواثيق الدولية التي كانت اليمن واحدة من الدول الموقعة والمصادقة عليها.

وتحدثت تقارير محلية عن فرار عشرات الأسر من قراهم "الطبيعية" إلى مناطق داخل البلاد وخارجها بسبب نشاط الحوثيين المستمر في محاولة اختطافهم وتعرض أسرهم للاختطاف بين فترة وأخرى, حيث تعمد مليشياتهم إلى خطف كل المناوئين للجماعة, وهناك أسر تعرض أقارب لهم للسجن والاختطاف لمرات، وبعض منهم فارق الحياة. 

يذكر أحد السجناء في محافظة حجة لموقع "الإصلاح" أنه دفع مبلغ قرابة مليون ريال وتم الإفراج عن قريبهم بعد عشرة أشهر من الاختطاف دون مبرر سوى تهم ملفقة, إلا أن الحوثيين أعادوه إلى السجن مرة ثانية خلال شهرين فقط من الإفراج بدوافع ابتزاز، كون الأسرة تعمل في التجارة!

ليس ذلك فحسب, بل وتتعرض أسر المختطفين لعمليات ابتزاز مستمرة, من خلال الإجراءات التعسفية بحقهم, حيث منعت مليشيات الحوثي الوقفات الاحتجاجية بصنعاء التي تنظمها رابطة أمهات المختطفين وفرقتها في أوقات كثيرة بالقوة, ومنعت عنهم الزيارات وتعرضهم للإهانات والإيذاء الجسدي والنفسي, هذا فضلاً عن عشرات الأسر التي لا تعلم شيئاً عن ذويها المختطفين حتى الآن منذ سنوات. 

وفي أواخر مارس/ آذار الماضي تعرض المواطن سعيد قميلي، وهو تاجر محلي وشقيق نصر قميلي، من أبناء مديرية الخوخة، للابتزاز والتهديدات من قبل مسلحي الحوثي وصالح لإجباره على دفع أموال فيما يسمى «المجهود الحربي»، حيث قاموا باعتقال نجله الأكبر ولم يفرج عنه إلا بعد دفع مبلغ مليون ريال.

يقول ناشطون أن أسر المختطفين والمعتقلين في مدن الجنوب والشمال يتعرضون أيضاً لعمليات ابتزاز واسعة عبر عمليات تهديد ووعيد فيما لو أفصحوا عن المعاناة التي تعرضوا لها أو للمختطفين المقربين منهم.

أسرة أحد المختطفين تحدثت لموقع "الإصلاح" أن معاناة ولدهم في سجن الحوثيين بصنعاء وصل حداً لا يطاق من خلال الرفض المستمر لزيارته, حيث تخضع عمليات الزيارة لمزاج الحوثيين, ابتداءً من المماطلة والوعود في الزيارة إلى التفتيش المهين, إلى رفض اللقاء بالمختطف، وإنما عبر النظر إليه من بعيد, ويصل بعض الأوقات أن يحرموا من زيارته إلى شهرين وأكثر, كما حصل العام الماضي، حسب ما يورد أنس المليكي.

مسلسل الاعتداءات على أقارب المختطفين والمغيبين في سجون الحوثيين بدأ باكراً عقب سقوط العاصمة صنعاء في 21سبتمبر/ أيلول 2014م, ونشط في العامين الماضيين بشكل كبير, وخاصة بعد مغادرة كل سفارات العالم ومؤسساته العاملة في العاصمة صنعاء إلى جانب تغييب الإعلام المحلي المستقل والعالمي, وهو ما جعل الجماعة تنفرد بالمختطفين والسجناء وأقاربهم وتمارس بحقهم أبشع الجرائم دون حسيب أو رقيب. 

في الـ 3 من فبراير/ شباط 2017م أقدم أحد المسلحين الحوثيين على الاعتداء المباشر على والدة أحد المختطفين وصفعها على وجهها أمام بوابة السجن المركزي بصنعاء, كما توالت الاعتداءات بشكل كبير في أكثر من مدينة، غير أن صنعاء سجلت أعلى مستوى من تلك الاعتداءات.

وفي الـ 9 من أبريل/ نيسان فض الحوثيون وقفة احتجاجية لأهالي وأسر المختطفين بالقوة واستعملت العصي والهراوات إلى جانب مجيء نساء حوثيات اعتدين على الأمهات بالضرب المبرح وتفريق الوقفة بالقوة.

في الأول يوليو/ تموز هذا العام، توفي المواطن أحمد مبارك الكربي تحت التعذيب في سجون الحوثيين بعد خطفه قبل عام كامل لتعيده إلى أهله في مديرية ساقين بمحافظة صعدة جثة هامدة وعليه آثار تعذيب شديد وفي مناطق حساسة, فيما خضعت أسرته لعمليات ابتزاز واسعة وضغط نفسي كبير كونه مريضاً وكل جرمه هو الرفض في الانخراط في نشاط الجماعة العسكري، حسب ما تؤكد الأسرة.

وفي منتصف مايو/ أيار الماضي قالت أمهات المختطفين في بيان صادر عن المنظمة "إن أبناءهن المختطفين يتعرضون للإهمال الصحي المتعمد من قبل مشرفي سجن هبرة بصنعاء"، والذي أدى إلى إصابة العشرات منهم بأمراض خطيرة ومزمنة كأمراض الكلى والجلطات وفقد القدرة على الحركة، كما يمنع عرضهم على طبيب، ولا يسمح لأهاليهم بإدخال الأدوية الضرورية.

وفي محافظة الحديدة غرب البلاد استنكرت رابطة أمهات المختطفين -في بيان نشر في الثالث من يوليو/ تموز الماضي- قيام مليشيات الحوثي وصالح المسلحة التحضير لمحاكمة هزلية لعدد من أبنائها المختطفين دون إشعار أهاليهم، ناهيك عن اختطافهم من بيوتهم ومقار أعمالهم دون مسوغ قانوني وفي ظل ظروف احتجاز غير قانونية، وهي خطوات وصفت أنها لابتزاز الأهالي والضغط النفسي على المختطفين.

 

التعذيب حتى الموت

تقرير لمنظمة "رايتس رادار" أشار إلى ارتفاع وتيرة التعذيب للسجناء القابعين في سجون الحوثيين وإهانة أهاليهم، حيث تحدث العديد من الناشطين عن سوء المعاملة في هذه السجون أثناء مدة اعتقالهم، في حين قدرت بعض منظمات حقوق الإنسان الوفيات من المدنيين الذين يتعرضون للتعذيب بحوالي 71 حالة وفاة في مختلف أنحاء اليمن, ويطلب الحوثيون أحيانًا فدية كبيرة من أهل السجين مقابل إطلاق سراحه.

وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أنه تم العثور على "مجاهد محمد حمد الزيدي" - وهو أحد مواطني منطقة بعدان - مقتولًا في يوم 7 فبراير 2016 في سجن الأمن السياسي الذي تستخدمه ميلشيات الحوثي كسجن لمعارضيها، مبيّنة أنه تم احتجاز مجاهد وإخوته في السجن لأكثر من 47 يومًا، في حين قالت أسرته إنه تعرض لجلسة تعذيب وحشية في اليوم الثالث من اختطافه على أيدي المتمردين أدت إلى وفاته على الفور.

وفي 29 يناير 2016، تلقت عائلة "الجابري" ابنها "منيف" البالغ من العمر 27 عامًا مقتولًا نتيجة لشدة التعذيب الذي تلقاه على أيدي جماعة التمرد داخل السجن في حي الكرامة في أمانة العاصمة، حيث وُجدت آثار كثيرة للتعذيب في كافة أنحاء جسمه، كما تم تهديد عائلته بعدم نشر هذه القضية في وسائل الإعلام أو منظمات حقوق الإنسان، حسب تقرير المنظمة.