السبت 20-04-2024 14:43:04 م : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

اختطاف النساء والمتاجرة بالأعراض.. لماذا يتمادى الحوثيون في السقوط الأخلاقي؟

الثلاثاء 12 مارس - آذار 2019 الساعة 07 مساءً / الاصلاح نت- خاص/ زهور اليمني

  

تتسع رقعة العنف ضد المرأة اليمنية بشكل كبير، ليمثل أحد أخطر الملفات الاجتماعية السوداء للمليشيات الحوثية، ممثلاً بالعنف الموجه ضد المرأة رغم أنها المحور الأهم في الأسرة والمجتمع بشكل عام.

ولعل آخر صور الانتهاكات ظاهرة اختطاف النساء، والتي تعد سابقة خطيرة في المجتمع اليمني، الذي يعلي من شأنهن، ويجرم المساس بهن، فكيف بالاختطاف والإخفاء القسري لأشهر دون أن يعلم ذووهن مصيرهن أو سبب اختطافهن.

قصص تحاكي حال الظلم والاضطهاد الذي تعيشه المرأة اليمنية، في ظل سلطة مليشيا تجردت من النخوة والأخلاقيات، وتعدت على الشرائع والأعراف بالاعتداء على النساء، والتي تزايدت في الآونة الأخيرة.

ويتوقع كثير من المراقبين أن تزداد مثل هذه الجرائم، في ظل استمرار تدهور الأوضاع الأمنية، وتعاطي المجتمع اليمني مع هذه الظاهرة بوصفها من الأمور المحظور الحديث عنها.

 

النساء في سجون سرية

كشفت المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر أن هناك المئات من النساء معتقلات بسجون الحوثيين، وأنهن يتعرضن لصنوف من التعذيب والانتهاكات
خلال التحقيق معهن.

وأكدت أن النساء يتم أخذهن عنوة من المنازل والأسواق بتهم مختلفة ونقلهن إلى سجون سرية، وبعضهن يتم إخفاؤهن قسريا لشهور بهدف إجبارهن على دفع مبالغ مالية مقابل الخروج من السجن.

كما أكدت وكالة "الأسوشيتد برس" فى تقرير لها أن عمليات اعتقال النساء تعسفيا بدأت بشكل موسع منذ تعيين شخص يدعى "سلطان زابن" رئيسا لقسم التحقيقات الجنائية بصنعاء، بينما أكدت منظمات حقوقية يمنية أن ضحايا الحوثيين من النساء 274 امرأة خلال 6 أشهر من بينهن 122 مصابة و129 قتيلة و23 مختطفة.

 

تنازلت عن كل ما تملك مقابل الإفراج عنها

إحدى ضحايا الاختطاف ( س.ع) تتحدث بعد الإفراج عنها قائلة: "تم مداهمة منزلي ونهب مجوهراتي وممتلكاتي وتم إخفائي لأكثر من شهرين، وأثناء التحقيق معي تم إجباري على أن أبصم في عدد من الأوراق، وبعد شهرين من اختطافي تنازلت عن كافة أغراضي من مجوهرات ومال مقابل الإفراج عني".

وأكدت (س.ع) أنها تعرضت للاحتجاز في فلة بشارع تعز، والتي حولها الحوثيون إلى معتقل خاص بالنساء، حيث تتواجد عشرات النساء والفتيات اللاتي لا يعرف أهلهن عنهن شيئا.

من جانبها أفادت (ف. ص) بأنه تم احتجازها في عدد من الأماكن منها البحث الجنائي وإحدى الفلل في شارع تعز المليئة بالمحتجزات والخاضعة لحراسة شديدة، وأن المحتجزات يرددن أن هناك شخصين يدعيان "أحمد مطر" و"حسن بتران" هما المسؤولان عن التحقيق والتعذيب، إلى جانب آخرين بأسماء وهمية.

يعتقد الناشط الحقوقي (ح. ف) أن قيام الحوثيين بتلك الممارسات يأتي في سياق فكر الحوثيين الذي انتهك حرمات اليمنيين وقيمهم ودماءهم وأموالهم، طالما وهم لا ينتسبون للسلالة الهاشمية.

وقال إن هناك العديد من المختطفات في سجون الحوثيين منذ أكثر من عام ولا يعلم أهلهن أي شيء عنهن، مؤكدا إجبارهن كذلك على الإقرار بارتكابهن قضايا أخلاقية رغم براءتهن، مستغلين صمت المجتمع تجاه ما يعرف بـ"العيب الأسود".

أما الناشطة (و. م) فإنها تستغرب من تشدق الحوثيين بأمن وأمان العاصمة قائلة: "إن الحقيقة هي عدم وجود إعلام معارض في صنعاء، وخوف الناس من الإرهاب الحوثي يصنع حالة من التعتيم الإعلامي عن أهوال تحدث هناك".

وذكرت أنه "يتم اختطاف النساء من المتاجر والحدائق، وأن العائلات تبحث عن بناتها المفقودات من دون جدوى، فأي أمان هذا الذي يتحدثون عنه؟".

  

وشهد شاهد من أهله

تتكشف يوماً بعد يوم جرائم جماعة الحوثي الانقلابية، حتى إن أصواتاً من داخل الجماعة بدأت تتعالى انتقاداً لجرائم الاختطاف واحتجاز النساء بصورة غير قانونية في أقسام الشرطة.

فقد نشر الناشطان الحوثيان محمد الديلمي وعصام العواوي رسالة موجهة إلى المفتش العام بوزارة داخلية الحوثيين، تضمنت معلومات عن تعرض عشرات النسوة للاختطاف من قبل العميد سلطان صالح عيضة زابن، المعين من قبل الجماعة مديراً للبحث الجنائي بأمانة العاصمة.

وأشار الديلمي إلى أن مدير البحث الجنائي في صنعاء قام بإحالة 8 نساء إلى النيابة المختصة، إلا أن الأخيرة اضطرت لإحالتهن إلى السجن المركزي بعد أن عجزت عن البت في ملفاتهن بسبب عدم وجود أدلة، كما رفضت النيابة استقبال عشر آخريات قام بتحويلهن "زابن" لعدم توفر الأدلة، الأمر الذي دفعه لاستئجار فلة في شارع تعز بصنعاء، وتحويلها إلى معتقل للنساء المختطفات، حيث يقوم بالمتاجرة بأعراض اليمنيات، واستباحة أموال وأعراض ودماء وكرامة الناس، مشيرا إلى أنه حقق من وراء ذلك ثروة كبيرة.

أيضا تحدث الإعلامي الحوثي "الكرار المراني" -في تغريدة على حسابه في تويتر- عن قيام سلطة الحوثيين باستخدام النساء للإيقاع بالناشطين والإعلاميين، وقال إن "هذه الطرق القديمة والحقيرة لا تجدي معنا يا أنذال"، في إشارة منه لجماعته، مهددا بالتخلي عنها.

وتعليقا على كلام "الكرار اليماني"، قال عضو اللجنة الثورية العليا محمد المقالح -في تغريدة له على حسابه في تويتر- إن لديه يقين بأن سلطات الأمن القومي والمباحث في صنعاء تستخدم النساء ضد من أسماهم الأحرار، كما تقوم بتلفيق مكالمات غزل للإيقاع بالناس.

وأضاف "أي انحطاط وصل إليه القوم.. لعنة الله عليها سلطة تقوم على أساس استخدام الدعارة وسيلة لتثبيت ملكها المزعوم".

  

انتهاكات المليشيات

تعددت جرائم المليشيات بحق المرأة اليمنية بين القتل خارج القانون والاختطاف والاغتصاب والإخفاء القسري، فقد ذكرت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، وهي هيئة يمنية مستقلة، أنها حققت مؤخرا في 760 حالة انتهاكات وقعت ضد النساء في اليمن تضمنت 314 حالة قتل لنساء و400 حالة إصابة، إضافة إلى 16 حالة إصابة بالألغام الأرضية من النساء وتعذيب 11 امرأة وحالة إخفاء قسري والتي وقعت منذ بداية الحرب مطلع 2015 وحتى نهاية 2017.

وشملت حالات الانتهاكات التي تعرضت لها المرأة في اليمن منذ الانقلاب الحوثي حالات قتل وإصابات واحتجازات وعنف وحالات تحرش لفظي وجنسي وانتهاكات جسدية وصلت حد الاختطاف للفتيات والاغتصاب والقتل وحالات زواج القاصرات.

ويأتي ضمن انتهاكات الحوثيين ضد المرأة اليمنية ما فرضته المليشيات من حالة الإقامة الجبرية على عشرات من الناشطات والقيادات النسائية ومنعهن من ممارسة أي نشاط في صنعاء وعدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرتها.

كما تعرضت العديد من النساء للتهديد بالتصفية الجسدية في حال مخالفتهن تعليمات المليشيات مما اضطر الكثير منهن إلى النزوح إلى أماكن بعيدة عن سيطرة المليشيات الحوثية.

  

جلسات النساء (التفرطة) مكان لاختطاف النساء

تحدث شقيق إحدى الفتيات المختطفات عن قصة اختطاف أخته قائلا إنه وبعد خروج شقيقته من الجلسة النسائية، قامت إحدى ما يسمى "الزينبيات" المتواجدات في نفس الجلسة باللحاق بها سرا ومراقبتها لتعرف مكان منزلها، وفي صبيحة اليوم التالي تم اعتقال شقيقته من جوار منزلها لحظة خروجها لشراء بعض الحاجيات.

وبعد اختفاء دام أربعة أيام وصل شقيق الفتاة معلومات أن شقيقته معتقلة في أحد السجون السرية للحوثيين بالعاصمة، بسبب انتقادها لعبد الملك الحوثي في إحدى جلسات "التفرطة" النسائية.

وبعد أن تبين لشقيق الفتاة بأن من أقدم على اختطاف شقيقته هي مليشيات الحوثي، باشر على الفور بتهديد عدد من الأشخاص الذين ينتمون للأسر (الهاشمية) بأنه في حال عدم الإفراج عن شقيقته فسوف يقوم باختطاف (الهاشميات) متوعداً بأن يلحق بهم العار لو كلفه حياته، ليتفاجأ بعدها بيوم بتلقي اتصال هاتفي يدعوه لتسلم شقيقته التي عند تسلمها وجد على جسدها آثار التعذيب الوحشي وهي في وضع صحي مؤلم.

  

كتائب الزينبيات

هن مجموعة نساء داخل مليشيات الحوثيين، مهمتهن التعامل مع التظاهرات النسائية التي تخرج في المحافظات التي تسيطر عليها تلك المليشيات، إلى جانب تنفيذ مهام خطف لبعض القيادات النسائية اليمنية المعارضة، ونشر الأفكار الطائفية الحوثية في الأوساط النسائية، ومهام تجسسية بمجالس النساء ثم مهمات وعمليات أمنية واستخباراتية.

المجموعات الأولى من هذه الكتائب تضم زوجات وفتيات قيادات الحوثيين، حيث تلقين تدريبات عسكرية على يد خبراء إيرانيين ولبنانيين وبعدها دورات طائفية، ثم أسندت إليهن مهام توسيع هذه الكتيبة النسائية.

قامت تلك الكتائب باستقطاب العشرات من الفتيات السجينات لحضور دوراتها الطائفية ثم تدريبهن عسكريا لتنفيذ المهام الموكلة إليهن من قيادة المليشيات الحوثية.

وتقوم "الزينبيات" باقتحام المنازل بغرض النهب والترويع والتعذيب تحت مبررات واهية، واختطاف العديد من الفتيات من شوارع العاصمة صنعاء واقتيادهن إلى جهة مجهولة، ليتم بعد ذلك مقايضة حريتهن بحضور دورات طائفية لهن، ثم القيام باستدراج واستقطاب عدد من صديقاتهن من الفتيات وتدريبهن، كما يقمن باختطاف العديد من الناشطات اللاتي لا يزال بعضهن مخفيات، في أفعال تعد منافية للأعراف والتقاليد اليمنية.

  

اختطفوا أمه وخالته ولفقوا لهما تهمة الدعارة

ذكرت منظمة مكافحة الإتجار بالبشر أنها تلقت بلاغا من أحد المواطنين حول تعرض أمه (60 عاما) وخالته (55 عاما) للاختطاف من قبل مجموعة مسلحة.

حيث أفاد المواطن بأن طقمين عسكريين هاجما منزله أثناء غيابه، وقاموا باقتحامه ونهبوا كل ما بداخله من أموال وذهب وأثاث واقتادوا أمه وخالته إلى مكان مجهول، وحينما عاد أبلغه الجيران أن عسكريين اقتحموا المنزل واعتقال والدته وأختها وأغلقوا المنزل، مشيرا إلى أن الجيران قالوا إن الضابط المسؤول عن هذا قال إنه مدير البحث الجنائي في محافظة صنعاء.

وأشار إلى أنه حينما ذهب للبحث عنهن، أجابوا عليه في البحث أن عليهن تهمة دعارة.

  

مليون ونصف مقابل الإفراج عنها

تكررت بشكل ملفت حالات اختفاء النساء في المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة جماعة الحوثي كما ذكرنا سابقا، وكان آخر تلك الحوادث اختطاف المواطنة "إيمان محمد البشيري"، وهي أم لثلاثة أطفال، من جوار منزلها في شارع 16 بصنعاء بعد أن تم تعقبها، وأخفاها الحوثيون في أحد السجون التابعة لهم.

وبحسب المصادر، فإن سبب اختطاف إيمان جاء على خلفية اعتراضها على نهب الميليشيا للإغاثة وبيعها في الأسواق، والتسبب بمجاعة لأبناء الشعب. وبعد مضي أسبوعين على اختطافها قامت المليشيات بالتفاوض مع أخيها على إخراج شقيقته مقابل مليون و500 ألف ريال، وبعد دفع المبلغ أفرج عن شقيقته.

  

بعد اختطافها صدر حكم بإعدامها

وصل العنف الاجتماعي الذي تمارسه مليشيا الحوثي تجاه المرأة اليمنية إلى ساحات المحاكم ومنصات العدالة في جرائم ضد الإنسانية، فهي ستخدم سلطات القضاء الخاضعة لسيطرتها بصورة تعسفية ضد النساء.

مؤخرا صدر حكم إعدام بحق "أسماء العميسي" بتهمة التواصل مع ما يسمونه "العدوان"، وهي التهم التي يلفقها الحوثيون لخصومهم دوما.

وتواجه أسماء العميسي (أم لطفلين) منذ نهاية شهر يناير من العام الماضي تنفيذ حكم الإعدام الجائر بحقها من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة والتابعة لمليشيات الحوثي، والتي افتقدت أدنى معايير الشفافية والنزاهة.

وكانت ميليشيات الحوثي قد اعتقلت "أسماء" في 5 أكتوبر 2016 مع والدها واثنين من جيرانهما أثناء سفرهم من مدينة إب إلى صنعاء، وتعرضت للتعذيب والإخفاء القسري وسوء المعاملة قبل أن تصدر المليشيات حكما بالإعدام ضدها.

  

موقف القانون اليمني من مسألة خطف النساء

لأهمية الشرف والعرض في المجتمع، فقد نصت المادة (28) من قانون العقوبات اليمني على إباحة قتل من يرتكب جريمة اختطاف المرأة أو ارتكاب أي جريمة ماسة بالعرض.

وجاء في نص المادة: "لا يبيح الدفاع الشرعي القتل العمد إلا إذا قصد به دفع فعل يتخوف منه وقوع جريمة من الجرائم الآتية إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة:
1-القتل أو جراح بالغة إذا كانت الجراح على المدافع نفسه أو أحد أقاربه.
2- الشروع في الزنا أو اللواط بالقوة على المدافع أو زوجه وأي محرم له.
3- اختطاف المدافع أو زوجه أو ولده أو أحد محارمه بالقوة أو بالتهديد بالسلاح ويؤخذ في كل صور الدفاع الشرعي بالقرائن القوية فإذا دلت على ذلك فلا قصاص ولا دية و لا أرش".

كما أن اختطاف النساء غالباً يصاحبه اعتداء على جسد وعرض المرأة ومساس بعرضها وخدش لشرفها، وهنا شدد القانون اليمني العقوبة في هذه الحالة حتى وصل الى أقصى عقوبة وهي الإعدام، حيث نصت المادة (249) من قانون العقوبات اليمني على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من خطف شخصاً، فإذا وقع الخطف على أنثى أو على حدث أو على مجنون أو معتوه أو كان الخطف بالقوة أو التهديد أو الحيلة كانت العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات، وإذا صاحب الخطف أو تلاه إيذاء أو اعتداء أو تعذيب كانت العقوبة الحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات، وذلك كله دون إخلال بالقصاص أو الدية أو الأرش على حسب الأحوال إذا ترتب على الإيذاء ما يقتضي ذلك وإذا صاحب الخطف أو تلاه قتل أو زنا أو لواط كانت العقوبة الإعدام".

تشديد المنظومة العقابية اليمنية لعقوبة جريمة اختطاف النساء يعود إلى أن المرأة هي في الأصل محل حماية ورعاية المجتمع، وليست طرفا في نزاع أو خصومة، لذلك فهي "مهجرة" ممنوع الاعتداء عليها أو المساس بها.

كما أن خطورة اختطاف النساء تؤدي إلى فزع وخوف المجتمع وعدم الشعور بالأمان ولا يتحقق الأمن إلا بردع مرتكبي هذه الجريمة بعقوبة رادعة وهي الإعدام.

وقد شدد المشرع اليمني وضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الجريمة موظفا عاما أو أحد أفراد القوات المسلحة والأمن وفقاً لما نصت عليه المادة (8) من قانون الاختطاف والتقطع اليمني والتي نصت على أن "تضاعف العقوبة الواردة في المواد السابقة إذا كان الجاني من أفراد القوات المسلحة والأمن أو موظفا عاما".