الجمعة 19-04-2024 09:37:18 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإعدام الميداني.. من أعطى الحوثيين الحق في قتل الأبرياء بكل وحشية؟

الأحد 10 مارس - آذار 2019 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

تتعمد مليشيات الحوثيين الإرهابية قتل العديد من الأبرياء بأساليب وحشية ومفزعة، في العديد من المناطق التي ما زالت تسيطر عليها، وتجاوزت بعض حالات الإعدام الميداني -في بشاعتها ووحشيتها- مختلف الأساليب التي تتبعها مختلف الجماعات الإرهابية في المنطقة والعالم، بهدف بث الخوف والذعر في أوساط خصومها.

وإذا كانت مختلف الجماعات الإرهابية تتعمد أن تكون أساليبها الوحشية في القتل موجهة ضد أشخاص محددين ممن تعتبرهم ألد خصومها، إلا أن جماعة الحوثيين الإرهابية طالت أساليبها الوحشية في القتل والإعدام الميداني عددا من الأطفال والنساء وكبار السن وغيرهم من الأبرياء، كما طال ذلك حتى بعض المقاتلين في صفوفها الذين حاولوا الفرار من بعض المعارك.

وتعد الأساليب الوحشية في القتل، التي تمارسها مليشيات الحوثيين الإرهابية، بمثابة مؤشرات يمكن على ضوئها قياس مدى الخطورة التي تشكلها هذه المليشيات على السلم والأمن والاستقرار، كما أنها تعكس الدوافع النفسية للعنف الذي تمارسه ضد المجتمع الذي تسعى لحكمه والتسلط عليه بالقوة، وأيضا توضح الطريقة التي ستحكم بها المليشيات في حال افترضنا أنها سيطرت على السلطة وانفردت بها.

- الإعدام بوحشية

تكررت حالات الإعدام الميداني بأساليب بشعة ومروعة في عدة محافظات يمنية تسيطر عليها مليشيات الحوثيين الإرهابية، ورغم أن تلك الأساليب المروعة في القتل أثارت سخطا شعبيا واسعا ضد المليشيات، إلا أن المليشيات لم تبالِ بذلك، وما زالت تواصل جرائهما تلك بدون أدنى اعتبار لمشاعر أهالي من يتم إعدامهم ومشاعر المجتمع المحيط بهم.

وكانت آخر جريمة إعدام مروعة ارتكبتها المليشيات الحوثية الإرهابية، تلك التي طالت المواطن ماجد فرحان الزراري في منطقة شرعب بمحافظة تعز، في 28 فبراير الماضي، بعد أن سلم نفسه لها مقابل إطلاق سراح شقيقتيه اللتين اختطفتهما المليشيات كرهائن لتسليم نفسه بعد أن بحثت عنه ولم تجده، كما فجرت أيضا منزل والده، ورغم تسليمه نفسه للمليشيات مقابل الإفراج عن شقيقتيه، إلا أن المليشيات الحوثية أعدمته فورا ولم تطلق سراح شقيقتيه بعد إعدامه واتهمتهن بالتخابر مع ما تسميه "العدوان".

وقبلها ارتكب الحوثيون جريمة قتل مروعة أثارت السخط في محافظة تعز وغيرها، وذلك عندما أعدموا زوجة ونجل وأخ التربوي طه حسن فارع، في 7 أكتوبر 2017، بعد اقتحام منزله الذي لم يكن متواجدا فيه، فأعدموا زوجته اتحاد قاسم محمد علي (35 عاما)، ونجله أنس (15 عاما)، وشقيقه محمد حسن فارع (40 عاما)، كما أنهم منعوا تشييع جنازة الشهداء الثلاثة.

وفي 8 فبراير 2019، أقدم الحوثيون على قتل الطبيبة هبة نبيل معجب أمام زوجها يوسف علي فرحان، من خلال استهداف مركبتها في حاجز تفتيش تابع للمليشيات الحوثية الإرهابية في نقطة الربيعي، أثناء انتقالها من مدينة تعز إلى بلدة هجدة غربي المحافظة.

وفي محافظة إب، أقدم الحوثيون على إعدام التربوي عبد الرقيب صالح غلاب الشرعبي، في 22 نوفمبر 2017، أثناء مروره من نقطة تفتيش للمليشيات في منطقة أدمات بمديرية السبرة، وقالت المصادر حينها إن مسلحا حوثيا أطلق 15 رصاصة على التربوي مما أسفر عن قتله فورا.

وفي 24 ديسمبر 2017، أطلق مسلحون حوثيون النار على سائق باص في مدينة إب وأردوه قتيلا على الفور، بسبب رفضه نزع صورة الرئيس الراحل علي صالح الملصقة على باصه، وتأتي هذه الجريمة بعد أيام من قتل الحوثيين لحليفهم علي صالح في صنعاء بعد انتهاء تحالفهم معه.

كما قتلت مليشيات الحوثيين الإرهابية شابين أمام المارة وسط مدينة إب، في 29 سبتمبر 2018، أحدهما يدعى محمد فؤاد القدسي، اختطفه الحوثيون بذريعة أنه مطلوب أمنيا، وعندما حاول الفرار أطلقوا عليه النار وأردوه قتيلا، كما قتلوا المهندس محمد أمين اليافعي، الذي صادف وجوده أثناء الحادثة.

وفي محافظة ذمار، أقدم الحوثيون على إعدام الأستاذ التربوي علي أحمد صبر أمام زوجته وأبنائه، في 15 نوفمبر 2017، بعد أن قدموا على متن عربات (أطقم) عسكرية لاختطافه أثناء تواجده في حقل زراعي يمتلكه، في قرية حمل بمديرية جبل الشرق غربي ذمار، وحينما رفض الذهاب معهم لعدم ارتكابه أي جريمة، أطلقوا عليه وابلا من الرصاص وأردوه قتيلا على الفور، وجاء ذلك بعد أيام من قتل المليشيات للدكتور أحمد الجعماني داخل منزله وأمام زوجته وأطفاله في ذات المنطقة.

وفي 16 سبتمبر 2018، أعدم الحوثيون تاجرا في ذمار يدعى "النماري" بسبب تعامله في تجارته بالعملة الجديدة، وبعد إعدامه في متجره الواقع في شارع المغرب الأسفل بمدينة ذمار، رموا جثته وسط متجره ونهبوا المال كاملا والمقدر بـ4 ملايين و750 ألف ريال.

وفي 30 أكتوبر 2018، أعدمت مليشيات الحوثيين الإرهابية المواطن يحيى محمد الفقيه داخل منزله وأمام زوجته وأطفاله، في منطقة معبر شمال مدينة ذمار، بتهمة انتقاده الفساد والاستبداد الذي يمارسه ما يسمى "المشرفون" الحوثيون.

وفي محافظة الحديدة، أعدم الحوثيون المواطنة إيمان محمد الفتيح، في 1 يونيو 2018، بسبب عدم سماحها لهم بدخول منزلها والتمركز فيه.

وفي محافظة المحويت، أعدم القيادي الحوثي عبد العزيز الحمزي مواطنا مسنا يدعى حسن صالح السليب (70 عاما)، في 22 نوفمبر 2017، في قرية القاهي بمديرية الرجم، بسبب خلاف بسيط.

وفي محافظة عمران، أعدم الحوثيون شيخا قبليا وضابطا سابقا في الجيش، يدعى العميد كاتب الدبا، في 7 نوفمبر 2018، في أحد مساجد حرف سفيان بعد صلاة الفجر.

وفي محافظة البيضاء، أقدم قناص حوثي على قتل الفتاة عادلة عبد الكريم المنصوري، في 3 فبراير 2018، أثناء خروجها من منزلها في منطقة أعشار.

وفي محافظة صنعاء، أعدمت مليشيات الحوثيين الإرهابية الشاب عامر الحطابي في يوم عرسه، في 12 نوفمبر 2018، بعد اختطافه إلى قسم شرطة دوران، بذريعة أنه دفع مهرا لعروسته زائدا عما حدد له.

وهكذا يتضح من خلال الأمثلة السابقة لجرائم الإعدام الميداني التي نفذتها مليشيات الحوثيين الأرهابية، مدى إجرام هذه المليشيات وإيغالها في سفك دماء الأبرياء بدون وجه حق أو ذنب ارتكبه من أعدمتهم بدون محاكمة أو تهمة تستدعي ذلك.

علما بأن ما ذكر أعلاه مجرد نماذج قليلة من عدة محافظات، كونه من الصعب رصد جميع الجرائم المشابهة، وهي متوفرة في شبكة الإنترنت لمن أراد الاطلاع عليها من الباحثين والمهتمين، وهناك العديد من الحالات يتم التكتم عليها أو أنها تحدث في مناطق نائية ولا تصل للإعلام، هذا فضلا عن الإعدام الميداني الذي تنفذه المليشيات الحوثية ضد المقاتلين في صفوفها الفارين من المعارك، كما أنها تعدم بعض جرحاها لتتاجر بأعضائهم.

- دوافع التوحش

لا يبدو أن تعمد القتل الميداني بوحشية من قبل مليشيات الحوثيين مجرد ممارسات فردية، ذلك أن تكرار مثل تلك الأساليب الوحشية في القتل يعني أنها أساليب مدروسة ومخطط لها، بدليل أنها حدث خلال فترات زمنية متقاربة منذ مرحلة التخطيط للانقلاب على السلطة الشرعية وحتى يومنا هذا، كما أنها حدثت في مختلف المحافظات والمديريات التي سيطرت أو ما زالت تسيطر عليها المليشيات الحوثية.

أما دوافع مثل تلك الأساليب الوحشية في القتل، التي تستهدف الأبرياء ذكورا وإناثا ومن فئات عمرية مختلفة، فتتمثل في سعي مليشيات الحوثيين إلى بث الرعب في أوساط أفراد المجتمع في المحافظات التي تسيطر عليها، حتى لا تظهر أي معارضة ضدها، ولجعل الجميع يستسلمون للمليشيات خشية إرهابها، والتسليم الكامل لكل ما تريده بدون أدنى اعتراض أو قول كلمة "لا" في وجهها.

وزاد من حدة تلك الممارسات الإرهابية أنها نجحت في تنامي المخاوف في أوساط المجتمع من بطش المليشيات الانقلابية، فوجدت في ذلك وسيلة فعالة لترسيخ نفوذها وبسط سيطرتها في المحافظات التي لم يتم تحريرها بعد، كما أن صمت المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان عن الممارسات الإرهابية والقتل المتعمد بوحشية ضد الأبرياء أو المعارضين للانقلاب، شجع المليشيات الحوثية على التمادي في جرائمها.

أضف إلى ذلك، العامل الطائفي والعنصري الذي يمثل أيضا أحد أبرز الدوافع لمليشيات الحوثيين لقتل الآخرين بوحشية، وبدون أدنى اعتبار للتعاليم الدينية التي تحرم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، كالإعدام قصاصا، وأيضا بدون أدنى اعتبار لمشاعر أهالي من يتم قتلهم ومشاعر المجتمع المحيط بهم، ذلك أن عقيدة الاصطفاء السلالي التي يميز بها الحوثيون أنفسهم تدفعهم لقتل الآخرين وانتهاك أعراضهم ونهب أموالهم باعتبار كل ذلك حلال لهم، وأن الآخرين مجرد عبيد لهم وما يمتلكونه من أموال فهي حلال لهم.

- دلالات التوحش

يعكس توحش الحوثيين وأساليبهم الإرهابية في القتل العديد من الدلالات، وفي ما يلي أهمها:

- تعد جماعة الحوثيين من أسوأ الجماعات الإرهابية التي عرفها اليمنيون مثل تنظيمي القاعدة وداعش، فبالرغم من أن هذه الجماعات خرجت من مشكاة واحدة، إلا أن جماعة الحوثيين فاقتها جميعا في العنف والإرهاب، والدليل على ذلك أنه عندما سيطر تنظيم القاعدة الإرهابي على أجزاء من محافظتي حضرموت وأبين قبل سنوات، فإنه لم يمارس أساليب وحشية في قتل المواطنين الأبرياء كما تفعل مليشيات الحوثيين.

- ممارسات مليشيات الحوثيين في القتل والإرهاب ونهب الأموال تحت مسميات مختلفة، تعيد إلى الأذهان سياسة الحكم الإمامي الفاسد والمستبد الذي أطاحت به ثورة 26 سبتمبر 1962، وهو ما يعني أن المليشيات الحوثية (الإمامة الجديدة) تسلك نفس مسلك الإمامة القديمة التي تجرع الشعب اليمني ويلاتها خلال مدة زمنية تجاوزت الألف ومئة عام خلال مراحل زمنية متفرقة، بل وتؤكد الشواهد أن ممارسات مليشيات الحوثيين الإرهابية ستكون أسوأ وأشد عنفا من ممارسات الحكم الإمامي البائد، نتيجة تطور أدوات القتل والعنف، والسعي لترسيخ سيطرتها بوحشية بسبب تعدد الفئات الشعبية الرافضة لحكمها.

- إذا افترضنا أنه استتب الأمر لمليشيات الحوثيين، وتمكنت من الانفراد بحكم البلاد، أو على الأقل تم إشراكها في السلطة بدون نزع سلاحها في حال انتهت الأزمة بحل سياسي رغم استحالة ذلك، فإن ذلك يعني أن اليمنيين سيكونون على موعد جديد مع الدموع والدماء الغزيرة التي ستسيل بسبب ممارسات مليشيات الحوثيين الإرهابية، بعد سنوات الخراب والدمار والجنازات التي عمت مختلف مناطق الوطن منذ الانقلاب على السلطة الشرعية في سبتمبر 2014.

- تأثيرات متعددة

لا شك أن لأساليب الحوثيين الوحشية في قتل الأبرياء آثارا كبيرة من شأنها جعل المجتمع في حالة قلق دائم، وتفخيخ العلاقة بين أفراد المجتمع في مرحلة ما بعد الحرب، من خلال زرع الأحقاد والثارات والحروب القبلية والطائفية والمناطقية والأسرية، وستدفع المليشيات الحوثية والمتحوثون غدا ثمن ما يزرعونه اليوم.

إن اعتماد مليشيات الحوثيين على قيادات محلية متحوثة في المحافظات التي تسيطر عليها، وتجنيد متحوثين يتبعون تلك القيادات، ومن خلالهم يمارسون العنف والإرهاب ويصدرونه إلى كل قرية ومدينة، كل ذلك من شأنه جعل كل شخص يعرف من هو غريمه، ومن هو الذي أوشى به لدى المليشيات بتهم كيدية، ومن قاد المليشيات إلى منطقته ورفع إليها الكشوفات بأسماء الرافضين للانقلاب ولممارساتها الوحشية والعبثية، كل ذلك من شأنه تفخيخ مستقبل العلاقات الاجتماعية، وسيدفع كل من ساند المليشيات الإرهابية وكان عونا لها الثمن غاليا.

وبالتالي، يمكننا القول إن ظهور مليشيات الحوثيين بهذه الوحشية والعنف كان نتاجا للماضي المفخخ بالفكر الإمامي الطائفي العنصري والاختلالات التي رافقت العهد الجمهوري في عهد الرئيس الراحل (المخلوع) علي عبد الله صالح، الذي مكّن الدولة العميقة للإمامة من التغلغل في جسد اليمن الجمهوري، قبل أن يسلم لها إمكانيات الدولة بكاملها.

ومثلما أن ظهور المليشيات الحوثية الإرهابية بسبب الماضي المفخخ بالفكر الإمامي، فإن هذه المليشيات تسعى اليوم لتفخيخ مستقبل المجتمع اليمني، من خلال ممارسات إرهابية وعنصرية، وتغيير مناهج التعليم ونشر فكرها العنصري الإرهابي الطائفي السلالي وزرعه في أوساط الأجيال الناشئة، ويعني ذلك أن الفكر الإمامي هو السبب الرئيسي في دمار اليمن أرضا وإنسانا في الماضي والحاضر والمستقبل، فهل آن الأوان للقضاء على هذا الفكر الإرهابي العنصري بشكل جذري وإلى الأبد؟