الخميس 25-04-2024 12:09:09 م : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

حين يغدو الموت أمنية.. شهادات مروعة من جرائم المليشيات الحوثية بحق المختطفين

السبت 02 مارس - آذار 2019 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت – مأرب

  

تستخدم مليشيا الحوثي أساليب وطرقًا ممنهجة لتعذيب ضحاياها من المختطفين حتى يصبح الموت أمنية للمعذبين.

وتواصل رابطة أمهات المختطفين نقل مشاهد من هذه الجرائم عن المختطفين الذين تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب في معتقلات المليشيا، وهي جرائم مروعة توضح الصورة الإجرامية التي وصلت إليها هذه المليشيات العدوانية.

وتستخدم مليشيا الحوثي عدة أساليب في تعذيب المختطفين، الذين يقدر عددهم بالآلاف، في عدة مناطق في اليمن، بينها العاصمة صنعاء؛ من بينها، وفقا لتقارير حقوقية، الحرق، وكسر العظام، والضرب المبرح بأعقاب البنادق، والسحل، بالإضافة إلى التعذيب النفسي.

وقضى أكثر من 130 مختطفاً في سجون مليشيات الحوثي نحبهم تحت سياط التعذيب ووحشية العدوان الحوثي، بينما آلاف المختطفين ما زالوا يواجهون الموت ووحشية العصابات الحوثية.

  

مشهد من أهوال التعذيب

يقول المختطف (ع . ب) (39 عاما) من محافظة صنعاء: "أُختطفت في 30/3/2016 م من قبل مجموعة مسلحة تتبع جماعة الحوثي ثم سلموني لمجموعة أخرى وقاموا بتغطية عينيّ وربطهما ووضع القيود على يدي وأصعدوني فوق الطقم (مركبة عسكرية مكشوفة) وغطوني ببطانية كبيرة الحجم ووقف بعضهم على أطرافها حتى شعرت بالاختناق، وكنت أطلب منهم إبعادها عني فكانوا يردون عليّ بالضرب بأعقاب البنادق والتهديد بالتصفية الجسدية، تجاوز ذلك الساعتين والنصف حتى أوصلوني إلى المعتقل الذي علمت فيما بعد أنه مركز الخياطة في مديرية متنة بني مطر محافظة صنعاء وسحبوني من رأسي حتى وقعت أرضاً".

وأضاف قائلا إن المسلحين الحوثيين حققوا معه ووجهوا له الاتهامات بينما سياطهم المفتولة من أسلاك الكهرباء واللكمات تنهال عليه حتى فقد الوعي، كما ضربوه بالسياط في أنحاء جسمه، وسحبوه إلى زنزانة صغيرة جداً شديدة البرودة يطلق عليها "الضغاطة"، ورفضوا السماح له بدخول دورة المياه وقاموا برمي قطعتي كدم (نوع من الخبز الرديء) طعمها لا يستساغ وكان الجو باردا جدا ولم يكن هناك بطانية أو أغطية، وعند المساء أخذوه معصوب العينين لغرفة التحقيق، وبدأ التعذيب بتكسير الأصابع بلفها إلى الخلف والضرب المبرح بأسلاك الكهرباء وأسياخ الحديد وأعقاب البنادق واللكم على الوجه، وكانوا يقومون بخنقه حتى الشعور بالموت.

ويتابع (ع. ب): "ثم قاموا بربط يدي بحبل بشدة وكذلك قدمي وقال لهم المحقق علقوه فأدخلوا عصا أو قضيبا من الحديد يمتد بين اليدين والقدمين (أي تعليق شبيه بتعليق الشاة عند الشواء) وجسدي معلق إلى أسفل، فكان الرشح يتصبب بغزارة، وظل المحقق يسأل ومعاونوه يضربوني بالسياط ويهددوني بنزع أظافري وغرز الإبر في مفاصلي"، وبقي على هذا الوضع لمدة تزيد على أربع ساعات يصرخ من شدة الألم، وحين طلب منهم ماء كانوا يريقونه على صدره وعنقه، وحين انتهوا لم يستطع الوقوف على قدميه فأعادوه إلى الزنزانة وهو في غاية التعب ويرتعد من البرد.

في اليوم التالي أخذوه قبل أن تلتئم جراحه، وهددوه بالعصي والكرسي الكهربائيين ونزع الأظافر وغرز الإبر، وبدؤوا بالتحقيق والضرب والتعليق لعدة ساعات، فدخل في غيبوبة لم يفتح عينيه منها إلا في الزنزانة، واستمر التعذيب لمدة أسبوع بنفس الوحشية؛ وتسبب ذلك في تورم الذراع واليدين وتمزق أنسجة الظهر والركبتين.

يستطرد: "ثم نقلوني إلى الزنزانة الجماعية لكنني كنت أعيش آلاما نفسية مضاعفة وأنا أسمع أصوات وصرخات الأبرياء بسبب التعذيب حتى أطلقنا اسم (المسلخ) على ذلك المعتقل حيث يصبح الموت فيه أمنية، وأذكر أنه في أحد الأيام أدخلوا أحد المختطفين علينا بعد جلسة تحقيق وكان يصرخ من شدة الألم لأنهم غرزوا الإبر في ركبتيه وآخر كانوا ينزعون جلده بآلة حادة".

بقي (ع . ب) ستة أشهر في ذلك المكان ثم نقلوه إلى السجن المركزي بصنعاء وبقي فيه ستة أشهر وتم نقله إلى سجن سري ليمارسوا معه من جديد نفس الأساليب الوحشية التي تعرض لها في معتقله السري السابق ولمدة عشرين يوما قبل أن يعيدوه إلى السجن المركزي بصنعاء في حالة يرثى لها، وبعد أربعة أشهر تم الإفراج عنه في عملية مبادلة بأسير حرب، وكانت المفاجئة الصادمة أنه فقد والده قبل الإفراج عنه بيوم واحد ولم يتمكن من إلقاء نظرة الوداع عليه.

  

عام من البطش والوحشية

حمدي أبو الغيث (38 عاما) من محافظة الحديدة، اختطفه مسلحون من مليشيا الحوثي في 1 ديسمبر 2015 واحتجزوه في أمن المنطقة وأدخلوه غرفة مظلمة وربطوا عينيه ثم أدخلوا في أنفه إبرتي خياطة عن اليمين وعن اليسار حتى خرجت الإبر من الجانبين واستمر ذلك عدة ساعات، بعدها ضربوه بخشبة على وجهه وبطنه وقدمه حتى سالت الدماء من سائر أنحاء جسمه ورفضوا إسعافه، وفوق هذا أفرغوا مادة مجهولة في وريده عن طريق إبرة.

يقول حمدي: "ثم نقلوني إلى معتقل آخر (مبنى مؤسسة الغيث الخيرية) وهناك قاموا بضربي بكيبل الكهرباء من الساعة الثانية عشر ليلا إلى الساعة الخامسة فجرا ضربا مزدوجا من قبل شخصين حتى أغمي عليّ ويريدون مني الاعتراف بأشياء لم أقم بها ولا أعرف عنها شيئا".

بعدها نقله الحوثيون إلى إحدى المزارع والتي استهدفها طيران التحالف واستشهد 4 من رفاق حمدي وكان ضمن الجرحى، فنقلته مليشيا الحوثي في ثلاجة سمك محكمة الإغلاق حتى كادوا أن يموتوا بسبب انعدام التهوية وألم الجراح، ورغم أنهم لم يتلقوا العلاج إلا يوما واحدا فقط فقد أعادوا احتجازهم في مكان آخر معرض للقصف، في حين كانت دماؤهم ما زالت تنزف، وبالفعل تعرضوا للقصف ثانية ونجوا من الموت بأعجوبة.

ويواصل حمدي سرد هول ووحشية التعذيب في معتقلات الحوثيين بالقول: "ظللنا لمدة عام ونحن مقيدي الأرجل وممنوعين من الاتصال والتواصل بأهلينا وممنوعين أيضا من التعرض للشمس، وكانوا يغلقون الأبواب والنوافذ علينا رغم حرارة الجو المرتفعة، وكان الطعام الذي يقدم إلينا متعفنا وبكميات قليلة للغاية، ولم يكن يسمح لنا بالخروج إلى دورة المياه مما يضطرنا للتبول وقضاء الحاجة في نفس الغرفة".

  

حتى أفقدوه عقله

(ح. س. ج) (20 عاما) من محافظة ريمة، تم اختطافه من إحدى نقاط مليشيات الحوثي واحتجازه في احتياطي الثورة رغم أنه كان يعاني من حالة نفسية ويستخدم أدوية لذلك، وكان يصرخ في السجن ويناشد القائمين عليه أن يسمحوا له بإدخال علاجه، ويحدثهم أنه كان في طريقه إلى مستشفى الأمل للأمراض النفسية والعصبية، وأن لديه ملفا في المستشفى المذكور وبإمكانهم الرجوع إليه والتأكد من ذلك ولكن دون جدوى، وكانت حالته تسوء يوما بعد يوم ولم يستجب أحد لمناشداته، وبدلا من تلقيه العلاج النفسي كان يتلقى الصفعات وجلسات التعذيب التي لم يكن جسمه الهزيل يقوى على تحملها لدرجة أن الدماء كانت تسيل من أذنه جراء الاعتداء عليه بالضرب في وجهه ورأسه، ثم تحول الدم إلى قيح وصديد يخرج من أذنه وهو يصرخ من الألم، وكلما عبر عن ألمه أو وجعه زادوا في تعذيبه.

يقول رفيقه (م. ع) والذي كان محتجزا معه في احتياطي الثورة: "كنا في عنبر 5 وأخذوا (ح. س. ج) إلى الانفرادي وفي الليل كنا نسمع صراخه وعويله بشكل مقلق، فاستفسرنا عن ذلك وقمنا بعمل ضجة كبيرة في السجن حتى أعادوه إلى العنبر وكان يبكي بحرقة شديدة، وعندما سألناه حكى لنا أن أبو خليل (مشرف حوثي في السجن) قام بتكبيله بوضع السمكة بحيث يكبل يده اليمنى مع رجله اليسرى ورجله اليمنى مع يده اليسرى، ثم أدخل عليه أحد المجرمين قام بضربه واغتصابه وهو في هذه الوضعية؛ فشعرنا بالأسف الشديد لحاله وتحدثنا مع أبو خليل ولماذا يقوم بمثل هذا العمل الإجرامي فادعى أنه أنقذه قبل أن يتم الاعتداء عليه ولكننا نعرف كذبهم وإجرامهم".

ساءت حالة (ح. س. ج) النفسية بعد هذه الانتهاكات الصارخة والتعذيب المروع حتى فقد التمييز وصار يدعى بالمجنون.