الخميس 02-05-2024 20:22:03 م : 23 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

هل يتعمد الحوثيون إفشال اتفاق السويد؟

الأربعاء 26 ديسمبر-كانون الأول 2018 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد السلام قائد

 

ما زالت جماعة الحوثيين تواصل مراوغاتها بخصوص تنفيذ اتفاق السويد، خاصة ما يتعلق بملفي الحديدة والأسرى والمعتقلين، وتحاول الالتفاف على ما تضمنه الاتفاق بوسائل مكشوفة، كان آخرها ظهور أحد قيادات الجماعة المطلوبين للتحالف للعربي، يدعى أبو علي الكحلاني، بجانب رئيس الفريق الأممي المكلف بمتابعة وقف إطلاق النار في الحديدة الجنرال الهولندي باتريك كاميرت، بصفته كمدير لأمن الحديدة والمرافق الشخصي له، في انتهاك واضح للاتفاق الذي قضى بأن تنسحب مليشيات الحوثي من المدينة، على أن تتولى السلطات المحلية والوحدات الأمنية التي كانت في المدينة عام 2014 مهمة حماية الأمن هناك.

ويأتي هذا الإجراء ضمن سلسلة إجراءات استفزازية قامت بها جماعة الحوثيين منذ الموافقة على اتفاق السويد، الذي تم في 13 ديسمبر الجاري، وكلها إجراءت تؤكد بأن الجماعة تتخذ من المشاورات والاتفاقيات وسيلة لاستهلاك الوقت وإعادة ترتيب صفوفها، والرهان على أي متغيرات إقليمية أو دولية تحرف مسار المعركة لصالحها.

  

- لي بنود الاتفاق

تعمدت جماعة الحوثيين لي بنود اتفاق السويد بطريقة تحمل بعدين: الأول، الظهور أمام أنصارها بمظهر الرابح من الاتفاق، حتى لا يؤثر ما تضمنه جوهر الاتفاق على الروح المعنوية لمقاتليها. والثاني، السعي إلى إفشال الاتفاق من خلال محاولة تفسيره وتطبيقه في أرض الواقع بطريقة تصب في صالحها، وبطريقة استفزازية للطرف الآخر تجبره على عدم القبول بذلك، لإيجاد المبرر لإفشال الاتفاق من قبل الطرف الآخر.

في البداية، وبعد عودته من مشاورات السويد، قال رئيس وفد المليشيات محمد عبد السلام، في تصريح لقناة "المسيرة" التابعة للحوثيين، إنهم اتفقوا في السويد على أن تنسحب قوات الطرف الآخر من الحديدة، مقابل أن تخفي قواتهم هناك مظاهرها المسلحة. وفي الوقت نفسه، بدأ أفراد مليشياتهم هناك باستبدال ملابسهم المدنية بزي رجال الأمن، بغرض الالتفاف على الاتفاق الذي تضمن أن تتسلم المدينة السلطات المحلية (المدنية والأمنية) التي كانت قائمة في المدينة عام 2014.

وفي أول تصريح -عقب زيارة المبعوث الأممي باتريك كاميرت لميناء الحديدة الثلاثاء الماضي- أعلن الحوثيون عدم تسليمهم ميناء الحديدة، في انقلاب صريح على اتفاق السويد بشأن الحديدة الذي ينص على انسحابهم من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى قبل نهاية العام الجاري، والانسحاب الكامل من مدينة الحديدة.

وقال وكيل محافظة الحديدة المعين من قبل مليشيات الحوثييين عبد الجبار الجرموزي -في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تابعة للحوثيين- إن تسليم ميناء الحديدة ليس مطروحاً أبداً.

وذكر وكيل المليشيات أن الفريق الأممي اطلع على ميناء الحديدة، ووعد بإصلاح الرافعات، كما نقل عن الفريق تأكيده أن مهمة لجنة الأمم المتحدة محصورة بوقف النار ولا علاقة لها بالملف الاقتصادي.

وبموجب اتفاق السويد بين الحكومة الشرعية والحوثيين، التزم الحوثيون بالانسحاب من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى قبل نهاية العام الجاري، والانسحاب الكامل من مدينة الحديدة بموعد لا يتجاوز 7 يناير المقبل، كما صدر قرار ملزم من مجلس الأمن الدولي رقم 2451 يصادق على هذا الاتفاق.

وبخصوص ملف الأسرى والمعتقلين، فقد استبقت مليشيات الحوثيين تبادل الأسرى والمعتقلين بحملة اعتقالات طالت عددا كبيرا من المدنيين في مناطق سيطرتها، خاصة في محافظة الحديدة، بحسب تقارير إعلامية، لاتخاذ بعضهم ورقة للمساومة، واتخاذ البعض الآخر دروعا بشرية من خلال سجنهم في أماكن مستهدفة من قبل طائرات التحالف العربي، وأيضا استثمار ظاهرة الاختطافات والسجن التعسفي وسيلة لجني الأموال من خلال مساومة أهالي المعتقلين ميسوري الحال على دفع مبالغ مالية كبيرة مقابل الإفراج عنهم.

  

- ماذا تعني مراوغات الحوثيين؟

مع أن معركة الحديدة الأخيرة، وما شكلته من ضغط كبير على جماعة الحوثيين جعلها ترضخ للأمر الواقع وتذهب إلى السويد وتوافق مبدئيا على الاتفاق الذي تم التوصل إليه، لكن الجماعة التي تفكر بمنطق وأسلوب العصابات لا يمكن أن تقبل بحلول مستدامة للأزمة اليمنية، وتسعى إلى الالتفاف على كل اتفاق إما للحصول على مكاسب كبيرة ما لم فإنها لن تعدم الوسائل لإفشاله.

كما أن نهج الجماعة المتمثل في نقض كل العهود والاتفاقيات السابقة مع مختلف الأطراف جعل الآخرين يفقدون الثقة بها، كونها تتخذ من الاتفاقيات وسيلة للمراوغة أو امتصاص الهزائم ثم إعادة ترتيب صفوفها والاستعداد السريع لجولات جديدة من الحروب وسفك الدماء ونهب الممتلكات العامة والخاصة.

ولعل نهج الجماعة هذا هو الذي جعل مسؤولين في السلطة اليمنية الشرعية يؤكدون بأنهم لن يذهبوا إلى جولة جديدة من المشاورات مع المليشيات الانقلابية إلا بعد أن تلتزم بكل ما تم الاتفاق عليه في مشاورات السويد، وفي حال أفشلت هذا الاتفاق فإنهم سيتوقفون عن المشاورات العبثية معها، وسيكون الحسم العسكري هل الوحيد بدلا من المشاورات العبثية.

وأخيرا، يمكن القول بأن مليشيات الحوثيين لا يمكن أن تقبل بأي حل سياسي مستدام للأزمة اليمنية إلا في حال أدركت تماما أنها على وشك الهزيمة، وأنها ستخسر كل المكاسب التي حققتها منذ الانقلاب دفعة واحدة، ولذا، فهي ستقبل بالحل السياسي للحفاظ على بعض مكاسبها، وستظل تعمل خلال مرحلة ما بعد الحرب على الاستعداد للانقلاب مرة أخرى عندما تحين الفرصة المناسبة.

وهو ما يجب أن تتنبه له السلطة الشرعية والتحالف العربي، فالحل السياسي السلمي يجب أن تتبعه إجراءات احترازية تحول دون تكرار الانقلابات الطائفية مرة أو أخرى، ما لم فالحسم العسكري هو الأفضل لليمن وللدول المجاورة.