الجمعة 29-03-2024 16:12:16 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

التحديات الإيرانية المؤثرة في أمن شبه الجزيرة

الثلاثاء 18 إبريل-نيسان 2017 الساعة 06 مساءً / التجمع اليمني للاصلاح - خاص

الإصلاح نت- عدنان هاشم

منذ فجر الثورة الإيرانية في 1979م، كان التحدي الإيراني كبيراً وواسعاً في منطقة شبه الجزيرة العربية التي يتأثر الأمن والسياسية فيها بناءً على محددات إقليمية ودولية. وعلى إثر تلك المحددات تنشأ التحالفات وتتوحد السياسات؛ فالأمن القومي لدول شبه الجزيرة أكثر حساسية للعالم بصفتها تمتلك 44 بالمائة من احتياطات النفط العالمي؛ ومهبط الرسالة السماوية الأخيرة (الإسلام).

منشأ التحدي الإيراني
ينشأ التحدي الإيراني في شبه الجزيرة العربية، والتي تضم (اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي الست) من استمرار النظام الحاكم في إيران بتصدير "الثورة" وفق رؤية استعادة الإمبراطورية الفارسية "الساسانية" التي هدمها العرب -وفق الذهنية الصفوية- بعد معركة "القادسية" (652م)، فحولوا تلك الأهداف تحت مصطلح "أم القرى"- التي حولها محمد جواد لاريجاني -رئيس جمعية الفيزياء والرياضيات في إيران- إلى نظرية تتحرك من خلالها إيران في الوطن العربي وفي سياستها الداخلية والخارجية، والشرق الأوسط هو محور المخطط وشبه الجزيرة العربية هي أصل تلك النظرية التي تأخذ مصطلح "أم القرى" من مكة المكرمة. والتي تهدف من خلالها إيران إلى أن تكون وجهة "وقبلة" العالم الإسلامي بأكمله لتُستمد منها التعاليم والسياسات.
هذه الذهنية موجودة والأهداف خُطت في دستور البلاد "قانون أساسی جمهوری إسلامی إيران"، لذلك من الصعب التعويل على تغيير السياسة الإيرانية من ذاتها دون أن تكون هناك قوة ردع خارجية وداخلية.

صور التحدي الإيراني
تتحرك إيران وفق عدة أُطر في شبه الجزيرة العربية تحفظ طموحاتها وتحرك سياستها، ليست الانتماءات الدينية وحدها المحرك والدافع الرئيس، بل التقاء الأهداف والمصلحة فستجدها تملك علاقات مع قيادات في الحراك الجنوبي في اليمن ذي الميول السياسي الاشتراكي-الانفصالي، والحركات التي تدعي اللبرالية في بقية دول الخليج. فالانتماءات الدينية والسلالية ليست محدداً لتلك الأطر بل الأهداف المرحلية التي تجد فيها طهران مرتعاً لتأسيس خلل بنيوي في نظام الحكم وزعزعته. ولأجل ذلك كان الإطار الأوسع في شعارات الثورة الإيرانية "نصرة المظلومين" والذي كُتب في ديباجة الدستور، ومن أجل ذلك أوجد الخميني تصدير الثورة. فدائماً ما يخاطب رجال الدين في إيران والسياسيين أن تدخلاتهم في شبه الجزيرة العربية ومصدر توتر العلاقات نتيجة لهذه "النصرة" المزعومة. مع أن تحكمها بتلك الأذرع يعتبر احتلالاً بأيدي داخلية.


لذلك وفقاً لهذا الشعار يتمثل الخطر الإيراني في عدة صور أبرزها:

1- الجماعات المسلحة:
تقوم إيران بإنشاء فِرق وتيارات وجماعات مسلحة، مدعومة بمبادئ ثورية ومذهبية وعرقية تعيد خطاب الأمجاد والحضارات على حساب المستقبل والحاضر. فتحاول إيران منذ ثمانينيات القرن الماضي العمل من أجل تفريخ تلك الحركات والتيارات والجماعات لتحصد من أجل ذلك خطتها خلال الربع الأول (2025) من هذا القرن، فحصدت ذلك باكراً في لبنان واتبعته في العراق ثم سوريا، واليمن كانت على ذات البوابة لولا تدخل دول التحالف العربي في (مارس/آذار2015).


لا تريد إيران -على الأقل حالياً- أن تسيطر جماعاتها - التي استباحت السلطة عن طريق تمزيق هويات المجتمع في الدولة القطرية- على السلطة؛ فتجربة العراق مثلت كابوساً، لكنها تفضل أن تتحكم في توجهات تلك السلطة داخلياً وخارجياً على أن يكون الفشل مُلحقاً بالسلطة الفعلية (المكونة من الجميع)، والتي يملك ذراعها وأداتها "حق التعطيل" أو "الفرض"؛ مثلما كانت تجربة حزب الله عبر الثلث المعطل. وتحاول استنساخه في اليمن.


2- تهريب السلاح والخلايا النائمة:
تمتلك إيران عبر وحدة عسكرية تابعة لفيلق قدس قدرة فائقة على تهريب السلاح إلى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بغطاءات متعددة "مساعدات إنسانية"، "تجارة الإلكترونيات حساسة"، "قطع غيار معدات" وبحراً، تتحرك وفق مخطط متعرج لتغيير وتمويه السفن واستبدالها بعدة أعلام، وجواً معظم الشركات الإيرانية يتم استخدامها من قبل الحرس الثوري إذ تعود لملكيته في ظل سيطرته على الاقتصاد الإيراني. إلى جانب ذلك قامت إيران طوال السنوات الـ37 الماضية بزراعة خلايا نائمة داخل المجتمع تضطلع بمهمات عديدة: "تفجيرات، واغتيالات، تجسس، تفكيك المجتمعات والهويات داخل بلدان شبه الجزيرة العربية"؛ إلى جانب الخبرة التي اكتسبتها إيران من خلال إظهار مزاعم "المظلومية" -التي تعيشها في ظل العقوبات الدولية- أمام المنظمات الدولية والرأي العام الدولي، حولّت تلك العلاقات والمنظمات التي صنعتها إلى مدافع عن انتهاكات تلك المليشيات وأذرعها المخابراتية والمسؤولة عن تفكيك المجتمع أمام الرأي العام الدولي وأروقة الأمم المتحدة.

سُبل المواجهة
تظهر عمليات عاصفة الحزم باليمن، رداً فعلياً للتحديات الإيرانية لكنها لن تكون كافية لوقف هذا التحدي الذي ينعكس على أمن شبه الجزيرة العربية، ولابد من مسارين مهمين لا علاقة لهما بالحرب.


الأول: إيجاد المكونات المجتمعية الممتدة التي تستطيع استعادة الهوية الوطنية الجامعة في الدولة القطرية، وهذه المكونات ستكون بالتأكيد سياسية واجتماعية وقبلية، لكنها لا تتبع سياسة عنصرية في تكويناتها من حيث المبادئ، وهذه المكونات هي التي ستعيد الهوية الوطنية بعد عمليات الفرز التي خاضتها أدوات الجماعات الإيرانية في بلداننا بالشرق الأوسط. الثاني: هو مساندة القضايا القومية في إيران، ومساعدة النزعة الهوياتية في تحقيق مطالبها الحقوقية والإنسانية؛ فالنظام الإيراني لا يعيش إلا على هذه السياسة الملعونة وبالضغط من أجل وقف انتهاكاتها بدعم الحراك الحقوقي والإنساني في إيران سيسبب حالة شرخاً هوياتيا في النظام ويشغل نظامها في كيفية الخروج من ذلك المأزق إلى رحاب الاستقرار المالي والاقتصادي والسياسي بدلاً من "تصدير الثورة".

 

على كل حال لن يكون كافياً ما لم تتواجد استراتيجية عربية تقودها المملكة العربية السعودية "أم القرى" للحفاظ على أمن شبه الجزيرة الإقليمي، وعلى عاتق دول شبه الجزيرة العربية الكثير من ضرورة توحيد الخطاب السياسي والفعل الاستراتيجي المواجهة لإيران، وبدون ذلك ستلتهم إيران الدول قطعةً- قطعة.