الخميس 28-03-2024 22:45:41 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

المحويت: مليشيا الانقلاب "رصاصة" أصابت التعليم في مقتل .. "الحلقة الثانية"

الأربعاء 12 إبريل-نيسان 2017 الساعة 12 صباحاً / التجمع اليمني للاصلاح - خاص

ألقت الحرب الدائرة في اليمن، والتي أشعلتها مليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية، بظلالها على قطاع التعليم في البلاد ، نظراً لعدم توافر أبسط معايير الجودة التعليمية فيها ، كانت محافظة المحويت من ضمن بقية المحافظات التي تضررت من سطو المليشيا وتحويل المدارس إلى منابر للتعبئة الحوثية المقيتة .

 

الشمولية والاقصاء والعبث :-

قيام احدى المدارس بفصل الطالب من المدرسة بسبب اسمه؛ هو مجرد مثال كاشف للعقلية الاقصائية الشمولية ومنهج الفرز الطبقي والسياسي، ومؤشر للمستقبل القاتم الذي ينتظر العملية التعليمية بالمحافظة بعد أن صارت وسيلةً في يد حكم الميليشيا .

يبرهن سلوك القائمون على الإدارة التعليمية بالمحافظة، وسلوك قيادة الميليشيا، عن نواياهم في تحويل العملية التعليمية الى اداة لتطويع المجتمع، وتحويل المدارس الى ساحات للتعبئة وغسيل ادمغة النشء والترويج للمشروع الانقلابي وبذر العنف في نفوس جيل المستقبل.
اصدرت الميليشيا بالمحويت قرارات تقضي بتغيير مدير عام محو الأمية (علي حزام الجرادي) ورئيس شعبة التدريب (ناصر الصياد) فقط لأنهما إصلاحيان.. وفي مديرية شبام قامت ادارة التربية بتغيير مدراء مدارس بلقيس والقمة في المذوب عزلة الأهجر لذات السبب، وذات الشيء تكرر تجاه مدراء المدارس المناوئين للحوثي في كل المديريات. وخلال فترة امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية استبعدت الميليشيا - على مستوى المحافظة - كلّ من يشكُّون من ولائه لهم؛ من رئاسة وعضوية لجان مراقبة الامتحانات.

لم تكُفّ الميليشيا عن العبث بالعملية التعليمية وممارسة التدخل الفجّ والسافر في سير التعليم؛ ففي شهر (اغسطس) زار مشرف الميليشيا بالطويلة (ابو نجم) عبدالكريم الصيلمي، مدرسة الفتح بمدام، وقام بتمزيق حافظة الدوام؛ بِدعوى وصول أحد المفتشين المركزيين من مكتب التربية إلى المدرسة دون أن يأخذ الإذن منه.

 

ساحات للتحريض والتعبئة :-

يتردَّد مدير التربية بشبام على كل المدارس في كافة عزل المديرية، ويلقي على الطلاب محاضرة مقتضبة ويتم حقنهم بأفكار هدامة وعُنفية ، ويتم اجبارهم على ترديد الصرخة لتصير لازمة في طابور الصباح خلال حكم الميليشيا.

لا تتحرّج الميليشيا من تدخلاتها الفجّة في العملية التعليمية وسعيها لفرض اللون الواحد والرأي الواحد على مستوى ادارات التربية والادارات المدرسية ورئاسة الأقسام . ففي ملحان قامت الميليشيا بتغيير مدير مدرسة النجاح في مركز المديرية (بني حجاج) الأستاذ (علي عبدالله أدهم )؛ بتهمة أنّه لم يحضّ طلاب المدرسة والمدرسين على حضور احتفال المولد النبوي!.

وفي حفاش تم الزام المدارس بعمل مهرجانات وفعاليات وقفات احتجاجية وخطابات تحريضية وترديد الصرخة داخل الحرم المدرسي. وقامت الميليشيا في بعض المديريات بإغلاق بعض المدارس بمبرر عدم التفاعل مع الأنشطة التي تدين العدوان الخارجي على اليمن.

خلع كثير من المعلمين دورهم الرسالي والتنويري وتحولوا الى قفازات في يد الميليشيا، حطّموا مكانة المعلِّم في وجدان الطالب ؛ ففي ملحان قام موجه الانشطة بإدارة التربية (ناصر اللبخة) بإخراج الطلاب والطالبات من فصولهم الدراسية بمدرسة النور بعزلة الشرقي؛ لالتقاط صورة جماعية للطلاب، ومن ثمَّ تسويقها اعلاميًا على أنها وقفة احتجاجية للطلاب ضد العدوان !.

وتكرَّست مؤخرًا صورة (المُعلِّم المُخبِر)؛ الذي لم يعد يكترث بكونه صاحب رسالة جليلة، ولم يعُد لديه القابلية للقيام ببناء الأجيال وصناعة الوعي، بل يهمّه أن يتسلق الى الميليشيا على حساب زملائه وأن يقوم بتصفية الحسابات مع المختلفين معه .

كما حدث في إحدى مدارس حفاش - قبل أشهر - عندما قام أحد المدرسين بالوشاية باثنين من - ابناء مديرية بني سعد - زملائه بالمدرسة ؛ الى مكتب الحوثيين بالمديرية لتقوم الميليشيا باختطافهما بتهمة الانتماء لـ (داعش)!.


إفقار المُعلِّم وتجويعه :-

يرفل مشرفو الحوثي بالمديريات في النعيم، يتقاضى الواحد منهم راتبًا شهريًا لا يقلّ عن مائتي الف ريال عدا العلاوات والمكافآت ونسبة من اموال المجهود الحربي، ويشتهرون بتعدد الزيجات والاستثمار في العقارات ومعارض السيارات.

وأدنى منهم؛ يُكثِر مدراء التربية من الزيارات المكوكية الى مدارس المديرية لحقن الطلاب والمدرسين بالعنف وقياس الوطنية بترديد الصرخة الخمينية داخل الحرم المدرسي. في حين يعود المعلم طوال ستة اشهر بثناء فقير عن صموده بدون راتب و وعود سرابيّة عن منحه كل اربعة اشهر نصف راتب بالتقطير.

مَن يصارع من اجل إبقاء أسرته على قيد الحياة من الصعب أن تنتظر منه أن يصنع وعيًا او يبني جيلاً !.

أحد التربويين في الخبت ، مشهود له بالكفاءة والتفاني غادر الحياة قبل شهر بعد أن ساءت حالته الصحيّة ولم يجد ثمن قنينة الدواء. وفي مدرسة الفتح بالرعني منطقة الأهجر شبام لجأت المدرسة ذات مرّة الى فرض مبلغ 100 ريال على كل طالب تسلَّم للمدرسين كأجور مواصلات.

تبدو كثير من مدارس المحافظة خلال هذه الأيام خاوية على عروشها ويكتسح اضراب المعلمين عن التدريس بشكلٍ كلِّي أو جزئي ما نسبته 65 % من المدارس.

وسط كومة من الفشل تبحث الميليشيا عن حلول ترقيعية ومسكِّنات، ففي مذكِّرة من السلطة المحلية بجبل المحويت يعِد مدير المديرية المعين من الميليشيا (محمد الطياري) إدارة التربية بأنه سيتم صرف حالة غذائية لكل مُعلِّم في المديرية . وفي مدارس الطويلة اقرت الإدارات المدرسية فرض مبلغ مالي شهري على كل طالب في المدرسة ؛ لتوزيعها بشكلٍ متساوٍ على جميع المعلِّمين.

 

تدجين المعلِّم :-

منذ سيطرت الميليشيا على المحافظة سعت إلى تدجين المعلِّم لدرجة يصبح فيها خانعًا بل ومنافحًا عن انتهاكات الميليشيا حتى وإن كان هو الضحية؛ فليس من حقّه أن يسأل عن مصير الراتب ، وكما صادرت راتبه فقد صادرت حقه في السؤال عن المستقبل ، ففي مديرية شبام كلَّف المشرف الامني السابق مجموعة من الجواسيس بمهمة رصد كل المعلمين الذين يتساءلون عن المرتبات .

وقبل أيام توعد مدير عام مديرية جبل المحويت (محمد علي الطياري) كل من يضرب عن التدريس احتجاجًا على توقف المرتبات؛ بالفصل النهائي، وإحلال أشخاص آخرين مكانهم. كما قام مشرفو الحوثي في المديريات بزيارة بعض المدارس وهدّدوا بفصل كل المضربين عن التدريس وتوظيف آخرين بدلاً عنهم.

 

انتهاكات أخرى :-
مسيرة الميليشيا في العبث بالتعليم لم تتوقف، وهذه مجرد أمثلة سريعة :
• أخذ مفاتيح مدرسة الفلاح الواقعة على الشارع العام لمدينة الطويلة؛ بِحجَّة أن لديهم دورات ثقافية سيتم عقدها خلال الأيام القادمة للشباب .
• تعليم الشباب والطلاب صغار السن في قريتَي الهجرة والعرَّة بالأهجر شبام الصرخة في المراكز الصيفية التي أقاموها.
• إحداث تغييرات في الإدارة المدرسية لكثير من المدارس؛ واقصاء المدراء الاصلاحيين وبعض الموجهين في مدينة المحويت
• اصدار تعميم الى جميع مدراء المدارس بالخبت من اجل القيام بجمع التبرعات من طلاب المدارس لدعم البنك المركزي اليمني.
• اختطاف أحد معلمي مدرسة الفوز المركزية بمدينة المحويت بعد أن دار بينه وبين أحد زملائه نقاشاً حول الوضع العام للبلد والأحداث التي تشهدها البلاد منذ عامين.
• الزام المدارس بمديرية حفاش بتنظيم مهرجانات وقفات احتجاجية وخطابات تحريضية وترديد الصرخة داخل الحرم المدرسي.
• إدارة التربية بشبام تُلزِم جميع المعلمين بالحضور والمشاركة في فعالية - ما أسموها - ذكرى الشهيد ! .

 

ختاما :-
بالطبع لم يكشف هذا التقرير سوى النزر اليسير من خروقات الميليشيا الحوثية بالمحويت في حقل التعليم، ما تقوم به الميليشيا هو مسلسل طويل من العبث يصعب أن يحتويه تقرير صحفي واحد، غير أن هذا التقرير سلّط الضوء على جوانب مهمّة من عبث الميليشيا بالتعليم؛ الذي بدأ من تشريد خيرة معلمي المحافظة ومصادرة مرتباتهم ووظائفهم، الى تحويل المدارس الى اوكار للتحريض والشحن المذهبي، الى اقصاء كل المناوئين للانقلاب من ادارات التربية وحتى ادارات المدارس، الى تدجين المعلم وتكريس صورة المعلم المُخبر، إلى النظر الى الطلاب كحصّالات نقدية.

إنّ حال التعليم المُزري في المحافظة هو الأمر الوحيد الذي لا يختلف عليه اثنان، ولاريب أن ثمة أنينٌ مكتوم في نفوس المعلمين والطلاب والأهالي تجاه الميليشيا التي مارست كل هذا العبث. وما لاشكّ فيه ايضًا أنه قد يأتي اليوم الذي يخرج الجميع ليقطعوا هذه اليد التي أخذت تتمادى في العبث بحاضر ومستقبل الأجيال.