الثلاثاء 22-04-2025 20:04:20 م : 24 - شوال - 1446 هـ
آخر الاخبار

محافظة البيضاء تنزف.. انتهاكات حوثية جسيمة في عام 2024

الجمعة 21 مارس - آذار 2025 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - متابعة خاصة

  

تستمر مليشيا الحوثي في ارتكاب انتهاكات واسعة النطاق بحق المدنيين في محافظة البيضاء، وتمثل هذه الانتهاكات جزءًا من الإستراتيجية الإرهابية التي تعتمدها المليشيا لفرض سيطرتها على المناطق التي ترى أنها لا تدين لها بالولاء، حيث تقوم المليشيا بممارسات تعسفية تشمل الاعتقالات الجماعية ضد المواطنين، خاصة من المعارضين السياسيين أو الناشطين، إضافة إلى القصف العشوائي على المنازل والمنشآت العامة.

وفي هذا الصدد، كشف تقرير حقوقي أصدره مركز "رصد" للحقوق والتنمية عن تصاعد الانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الحوثي بحق أبناء محافظة البيضاء خلال العام 2024، حيث وثّق التقرير 373 انتهاكًا متنوعًا، شملت الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، والاعتداء على الحياة، ونهب الممتلكات، إضافة إلى انتهاكات ضد القطاعات الحيوية.

وأوضح التقرير، الذي تم إطلاقه خلال مؤتمر صحفي في محافظة مأرب تحت عنوان "الإنسانية المنكوبة"، أن الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري تصدّر قائمة الانتهاكات بـ153 حالة، يليه الاعتداء على الحياة بـ107 انتهاكات، بينما سُجّلت 78 حالة نهب واعتداء على الممتلكات الخاصة، إضافة إلى انتهاكين تعسفيين في الوظائف العامة.

وحسب التوزيع الجغرافي للانتهاكات، فقد أفاد التقرير بأن الانتهاكات الحوثية توزعت على مختلف مديريات محافظة البيضاء، حيث جاءت مديرية رداع في الصدارة بـ94 انتهاكًا، تليها مديرية ذي ناعم بـ90 انتهاكًا، ثم مديرية الزاهر ومديرية ولد ربيع بـ44 انتهاكًا لكل منهما، ومديرية العرش بـ31 انتهاكًا، بينما شهدت مديرية القريشية 21 انتهاكًا.

وفيما يتعلق بالفئات المستهدفة بالانتهاكات وفقا للتقرير، فإن 252 من الضحايا كانوا من الذكور، و4 من الإناث، و40 من الأطفال، ما يعكس عدم استثناء أي فئة من جرائم المليشيا، كما طالت الانتهاكات منشآت عامة وخاصة، حيث تم توثيق 27 حالة استهداف لمنشآت سكنية، و5 انتهاكات ضد قطاعي التعليم والصحة، و27 انتهاكًا للقطاع الزراعي، و6 انتهاكات لدور العبادة.

جزء من الواقع المأساوي

وأكد التقرير أن الحالات التي تم توثيقها لا تمثل سوى جزءٍ من الواقع المأساوي الذي تعيشه محافظة البيضاء، مشيرًا إلى أن هناك العديد من الانتهاكات التي لم يتمكن الراصدون من توثيقها بسبب صعوبة الوصول إلى الضحايا والمناطق المستهدفة.

وأوصى مركز "رصد" في تقريره بضرورة إيقاف آلة القتل والانتهاكات التي تمارسها مليشيا الحوثي يوميًا، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، وفتح تحقيق عاجل وشفاف في تلك الانتهاكات، لما لها من تأثير كارثي على المجتمع.

وفي هذا السياق، وثّق المركز حادثة حرق وتدمير الحوثيين لـ9 منازل في منطقة حنكة آل مسعود بمحافظة البيضاء، إلى جانب مقتل مدنيين وإصابة العشرات واعتقال المئات من الأهالي، وفرض حصار خانق على المنطقة، مطالبًا برفع القيود المفروضة على السكان وفتح تحقيق مستقل في هذه الجرائم.

حالات الإخفاء القسري

كما يشهد سكان البيضاء تزايدًا في حالات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري من قِبل مليشيا الحوثي، حيث تستهدف المليشيا الشباب والناشطين المدنيين بتهم الانتماء للأحزاب السياسية المناهضة أو التعاون مع القوات الشرعية، إذ يعاني الكثير من المختطفين من تعذيب جسدي ونفسي في المعتقلات غير القانونية، مع غياب تام للشفافية والرقابة.

وسجل التقرير الصادر عن مركز "رصد" انتهاكات بحق الموظفين في القطاع العام، حيث تقوم مليشيا الحوثي بممارسة التعسف الوظيفي ضد أولئك الذين يرفضون التعاون معها أو يتبعون النظام الإداري التابع للحكومة الشرعية، وقد طالت هذه الانتهاكات المعلمين والأطباء والموظفين في مؤسسات الدولة، مما يزيد من معاناة المواطنين في المحافظة.

كما تمّ تهجير العديد من الأسر من المناطق المستهدفة بالقصف في محافظة البيضاء، حيث يتعرض المدنيون للتهجير القسري في محاولة لتغيير التركيبة السكانية لمناطق معينة، كما تسعى مليشيا الحوثي إلى تدمير البنية التحتية للمحافظة، بما في ذلك المستشفيات والمدارس، بهدف كسر إرادة السكان المحليين وتدمير النظام الاجتماعي والتعليمي.

وجاءت الانتهاكات الحوثية في البيضاء لتؤثر بشكل كبير على الاقتصاد المحلي، حيث تسببت القيود الحوثية المفروضة على حركة السكان والاستهداف المستمر للقطاع الزراعي في تدهور الوضع الاقتصادي للمزارعين والمواطنين الذين يعتمدون على الأنشطة الزراعية كمصدر دخل لإعالة أسرهم.

وفي هذا الصدد، جدد مركز "رصد" في تقريره دعواته إلى المجتمع الدولي بضرورة التحرك السريع من أجل وقف هذه الانتهاكات، مع تأكيده على ضرورة فتح تحقيقات دولية مستقلة ومحايدة لتوثيق الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في البيضاء ومحاسبة المسؤولين عنها.

إدانات حقوقية واسعة

وكانت 115 منظمة حقوقية يمنية قد أدانت، مطلع العام الجاري، الجرائم المروعة التي ارتكبها الحوثيون بحق المدنيين والأعيان المدنية في قرية الحنكة، قبيلة آل مسعود، بمنطقة قيفة رداع في محافظة البيضاء، ووصفت منظمة "ميون" لحقوق الإنسان الهجوم الحوثي على المدنيين بمنطقة قيفة بـ"الانتقامي".

وأوضحت أن المدنيين في قرى آل مسعود بمديرية القريشية بمحافظة البيضاء يتعرضون للإعدام والاعتقالات التعسفية والتعذيب بتهم وذرائع لا أساس لها وإنما هدفهم تصفية المدنيين جسدياً أو إخفاؤهم قسرياً، معربة عن إدانتها بأشد العبارات للقصف العشوائي والحصار الخانق الذي تفرضه مليشيا الحوثي منذ مطلع العام الحالي على قرى آل مسعود، حيث سقط على إثر ذلك عدد من المدنيين قتلى وجرحى وخسائر جسيمة في الممتلكات.

وقالت المنظمة إن المليشيا استخدمت الطائرات الهجومية والمفخخة المسيرة عن بعد وقذائف الهاون وعربات BMB، مما أدى إلى مقتل وإصابة ما لا يقل عن 12 مدنيا واحتراق منزلين ومسجد وتعرض 17 منزلا لأضرار جزئية، ونقلت المنظمة عن سكان تلك القرى المجاورة تأكيدهم أن الحوثي قطع جميع الطرق المؤدية إلى آل مسعود ومنع دخولهم إليها لإخراج أقربائهم المتزوجين في تلك القرية وأطفالهم، كما منع إسعاف المصابين مما يجعلهم عرضة للموت.

وكانت منظمات المجتمع المدني في اليمن قد أدانت بأشد العبارات الجرائم الحوثية، مؤكدة أن الحوثي دمر وأحرق عدداً من الأعيان المدنية ودور العبادة، وشرد مئات الأسر، وطالبت منظمات المجتمع المدني في اليمن المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وكافة الآليات الدولية، بإدانة هذه الانتهاكات والجرائم والعمل على ملاحقة مرتكبيها والمسؤولين عنها، وضمان توفير الحماية للسكان المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا.

لماذا البيضاء؟

ويرى مراقبون أن مليشيا الحوثي تستهدف محافظة البيضاء بسبب عدة عوامل إستراتيجية وعسكرية هامة، حيث تقع البيضاء في موقع جغرافي حيوي وسط اليمن، مما يجعلها نقطة وصل بين شمال البلاد وجنوبها، وهو ما يجعل السيطرة عليها ضرورية لتعزيز النفوذ الحوثي.

إضافة إلى ذلك، تحتوي البيضاء على العديد من القبائل التي تتمتع بتاريخ طويل في مقاومة الإمامة، وتعتبر المقاومة الشعبية في البيضاء من أكبر التحديات التي يواجهها الحوثيون، ولذا فقد بادروا للسيطرة على المحافظة عقب سيطرتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 كأول محافظة.

كما أن استهداف الحوثيين للبيضاء يأتي في إطار سعيهم لتقويض المقاومة الشعبية وضرب الحاضنة الشعبية المؤيدة للحكومة الشرعية، وفتح الطريق للسيطرة على المناطق المجاورة مثل مأرب، ناهيك عن كون البيضاء تمثل أيضًا هدفًا رئيسيًا في إستراتيجية الحوثيين لتوسيع سيطرتهم على باقي المناطق اليمنية.

كلمات دالّة

#اليمن