فيس بوك
جوجل بلاس
الدكتور عبدالله العليمي يلقي كلمة اليمن في مؤتمر المناخ ويبحث مع ولي العهد الأردني تعزيز العلاقات
أمين عام الإصلاح يعزي رئيس دائرة الاعلام والثقافة في وفاة والده
الدكتور عبد الله العليمي يصل إلى أذربيجان للمشاركة في قمة المناخ
ناطق الإصلاح: اليمن والمملكة جذر واحد ومصير مشترك وعلاقة قوية وعريقة
الدكتور عبد الله العليمي يلتقي قيادة القوات المشتركة ويثمن وقوف المملكة إلى جانب الشعب اليمني
دائرتا التعليم والإرشاد للإصلاح بالمهرة تقيمان دورة في طرق التوجه التربوي والإرشادي
إصلاح حضرموت يعزي باستشهاد ضابطين سعوديين ويدين العمل الإجرامي
التكتل الوطني للأحزاب يدين جريمة قتل ضابطين سعوديين بسيئون ويعدها سلوكاً غادراً لا يمت للشعب اليمني
الهيئة العليا للإصلاح تدين الجريمة الغادرة بحق ضباط سعوديين وتدعو لتحقيق عاجل لكشف ملابساتها
الإصلاح يدين بشدة الاعتداء الغادر على الجنود السعوديين في سيئون ويعزي أُسر الشهداء
قال أمين المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح بساحل حضرموت، محمد بالطيف، إن ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر، تمثلان محطتين رئيسيتين في الكفاح اليمني ضد الاستبداد والاستعمار، وتجسدتا في حركة تحرير شاملة للشعب اليمني في الشمال والجنوب وإقامة حكم جمهوري.
وأضاف بالطيف في حوار مع الصحوة نت، إن حضرموت مثّلت عمقاً استراتيجياً للثوار في ذلك الوقت سواء على مستوى توفير الدعم اللوجستي أو البشري للمقاتلين، مشيرا إلى الدور البارز لأبناء المحافظة والتحاقهم في الكفاح المسلح في ثورة أكتوبر المجيدة.
وأوضح أن موقع اليمن الهام وما حباها الله من صفات ومميزات طبيعية وبشرية جعلها محط انظار الطامعين، سابقا ولاحقا، مشيرا إلى الأطماع الإيرانية التي قال إنها لا تقتصر على شمال الوطن، وإنما تهدف الى الوصول الى ما هو ابعد من ذلك شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، ثم السعي الى السيطرة الكاملة على شبه الجزيرة العربية.
وأكد أن هناك علاقة وثيقة بين ثورة 26 سبتمبر وثورة 14 أكتوبر، فهما تمثلان محطتين رئيسيتين في الكفاح اليمني ضد الاستبداد والاستعمار، وتجسدتا في حركة تحرير شاملة للشعب اليمني في الشمال والجنوب وإقامة حكم جمهوري، وكلا الثورتان تعبران عن نضال اليمنيين لتحقيق الحرية والكرامة والاستقلال، واستعادة لحمة الوطن ووحدته.
ولفت إلى أن ثورتي سبتمبر وأكتوبر أحدثتا تغييراً جذرياً في حياة اليمنيين جنوباً وشمالاً على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والبنى التحتية التي شهدتها البلاد، لافتا أن أكبر مكتسب حصل عليه اليمنيون على الاطلاق هو تخليص اليمنيين من كابوس الظلم والجهل والتخلف والاستعباد، ونيل الحرية والكرامة والاستقلال.
نص الحوار
هناك عوامل كثيرة أدت الى نجاح ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، منها وجود الإرادة والعزيمة والإصرار لدى الثوار اليمنيين على تحقيق الانتصار على هذا الاحتلال مهما كان الثمن ومهما كان حجم التضحيات، فهناك ثورات شهدتها المنطقة قدمت نماذج رائعة في التضحية والفداء كانت ملهمة للثوار في جنوب اليمن.
كما أن نجاح حركات التحرر الوطني في تلك الفترة كان رافداً مادياً ومعنوياً شكل طاقة رهيبة ضمنت الاستمرارية والنجاح، وعلينا أن لا نغفل الظروف الموضوعية لتلك الفترة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وأثرها على أوربا والغرب بشكل عام وما أصابها من ضعف، إضافة الى بدئ نظام عالمي جديد وقيام منظمات دولية وقوانين مشتركة تنص على حق تقرير المصير للشعوب، ورفض الاحتلال للدول، وغيرها من الظروف التي ساهمت في نجاح الثورة، غير أن تضحيات الشعب اليمني وثواره تظل هي من صنعت هذا المجد العظيم.
هناك اختلاف جوهري بين علاقة بريطانيا بحضرموت وعلاقتها ببقية المناطق التي احتلتها، وتحديداً عدن ومحمياتها في الجنوب، حيث لم تخضع حضرموت للحكم المباشر والكامل للاحتلال، إنما كانت بريطانيا قد وقعت اتفاقيات ومعاهدات مع السلطنات الحضرمية القعيطية والكثيرية بموجبها توفر لهم بعض الحماية، وتقدم لهم بعض المشورات السياسية والأمينة التي تكفل استقرار وأمن المنطقة تحت نفوذ غير مباشر لبريطانيا، بينما يحتفظ السلاطين المحليين بسلطاتهم على أرضهم مقابل تقديم الولاء والتنسيق المشترك.
غير أن مد الفكر القومي الذي كان طاغياً حينها على المنطقة وحركات التحرر الوطنية كان له اثر بالغ على بعض أبناء حضرموت مما دفع بهم إلى التحرك والتفاعل مع رجال ثورة 14 أكتوبر في جنوب اليمن وهذا الأمر جعلهم ينخرطون في التنظيمات السياسية حينها سواءً جبهة التحرير أو الجبهة القومية أو حزب الرابطة والتنظيمات القومية والإسلامية أو الحركات الطلابية والعمالية وغير ذلك من الحراك السياسي والحقوقي والثوري التي شهدته المنطقة حينها لذلك لم تكن حضرموت في منأى مما يجري في عدن وضواحيها من حراك ثوري مسلح أو غير مسلح ضد الاحتلال البريطاني، ومثّلت حضرموت عمقاً استراتيجياً للثوار في ذلك الوقت سواءً على مستوى توفير الدعم اللوجستي أو البشري للمقاتلين، فهناك من أبنائها من انضم الى الثورة وكانت لهم أدواراً بارزةً في الكفاح المسلح نذكر منهم على سبيل المثال: محمد سالم باسندوه ، خالد عبدالعزيز، علي سالم البيض، صالح باقيس، فيصل العطاس، وغيرهم.
وهناك من كان لهم دور في المكلا من أمثال: خالد محمد باراس، عبدالله البار، سالم الكندي الديني، سعيد باعمر العكبري، وغيرهم، ولا ننسى أيضاً المناضل: سعيد الجعيدي، والمفكرعبدالله عبدالرزاق باذيب وعلي باحميش، وغيرهم الكثير.
كما هو معلوم للجميع لقد كانت بريطانيا في ذلك الوقت تمثل القوة الاستعمارية الكبرى حيث كانت تسيطر على كثير من دول العالم الممتد من الامريكيتين غرباً وحتى شرق آسيا، هذا الأمر جعلها في حاجة ماسة الى تأمين الطرقات الكافية بين مستعمراتها لذلك كانت تطمح الى السيطرة على أبرز الممرات البحرية والموانئ الرئيسة في العالم، فكانت اليمن وباب المندب ومدينة عدن محل أطماعها لموقعها الاستراتيجي.
وفي حقيقة الأمر كانت بريطانيا قد وضعت عينها على جزيرة سقطرى، وأرسلت أحد ضباطها ويسمى الكابتن هينز ليدرس وضع الجزيرة حيث استقر فيها لمدة من الزمن وبعد تأمل ودراسة للوضع هناك، تبين له عدم صلاحية الجزيرة لأسباب كثيرة منها الظروف المناخية وتقلباتها وشدة الرياح الموسمية فيها، وقد قادته الأقدار للوصول الى عدن فافتتن بجمال المدينة وما تتمتع به من خصائص ومزايا فريدة، فتم اتخاذ القرار باحتلال مدينة عدن وبناء على هذا المقترح كُلف الكابتن هينز بتنفيذ هذه المهمة، وهذا ما تم بالفعل صبيحة يوم التاسع عشر من يناير 1839، حيث هاجمت القوات البريطانية ميناء عدن وسيطرت عليه بعد مقاومة شرسة من قبل اليمنيين قدموا فيها أكثر من 130 شهيد رغم عدم تكافؤ موازين القوة بين الطرفين.
على الرغم من ازدهار مدينة عدن كميناء تجاري دولي، إلا أن بريطانيا أهملت باقي المناطق فلم تعرها أي اهتمام يذكر في شتى مجالات التنمية فقد كانت تعاني من الفقر المدقع بسبب اهمال البنية التحتية والتعليم والصحة والطرقات، وكان الهدف من هذا التهميش هو الحفاظ على السيطرة البريطانية ومنع نشوء حركات قوية تطالب بالاستقلال مما ترك تلك المناطق غارقة في الفقر والجهل والتخلف.
كما أن بريطانيا انتهجت سياسة التفرقة العنصرية والتمييز بين المواطنين المحليين من جهة وبين المستعمرين البريطانيين من جهة أخرى، حيث كان البريطانيون يتمتعون بامتيازات اقتصادية واجتماعية راقية بينما حُرم السكان المحليون من حقوقهم في التعليم الجيد والوظائف الجيدة، والخدمات العامة مما جعل البريطانيين يتعاملون مع السكان المحليين بنوع من الفوقية، وكان هناك تمييز عنصري واضح في التعاملات اليومية، سواء في الوظائف أو في تقديم الخدمات، إضافة الى ما حصل من نهب للموارد واستغلالها لصالح المحتل البريطاني حيث استغلت مدينة عدن كميناء تجاري وممر استراتيجي في الملاحة الدولية، خصوصا بعد افتتاح قناة السويس عام 1868، وهذا ما جعل ميناء عدن يدر الكثير من الموارد للاقتصاد البريطاني بينما يعاني اليمنيون اشد المعاناة.
كما عمل الاحتلال البريطاني على زرع الخلافات المحلية بين السلطنات والمشيخات وحتى بين القبائل ليظل أبناء هذه المناطق متفرقين فيما بينهم ولا يلتفتوا لما تقوم به بريطانيا من جرائم في حقهم وحق وطنهم، في المجمل، تركت بريطانيا جنوب اليمن يعاني من آثار اقتصادية واجتماعية وسياسية طويلة الأمد نتيجة لسياساتها الاستعمارية والانتهاكات التي ارتكبتها خلال فترة استعمارها للجنوب.
خلال فترة الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن (1839-1967)، ارتكبت بريطانيا العديد من الجرائم والانتهاكات بحق الشعب في الجنوب، والتي أثرت بشكل كبير على الأوضاع السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية في المنطقة.
فقد عانت كثير من المناطق في جنوب اليمن من القمع العسكري والقتل الجماعي وقصف الطيران لمناطقهم وقراهم سواء خلال فترة توسع نفوذها في المناطق الداخلية لجعلها محميات لوجودها في عدن، أو أثناء فترة النضال الذي قاده ثوار الجنوب ضد الاحتلال، بعد اندلاع ثورة 14 أكتوبر 1962، فقد ارتكبت قوات الاحتلال البريطاني عدة مجازر بحق السكان المحليين، خاصة في جبال ردفان والمناطق الريفية، حيث كانت مراكز لمقاومة القوات البريطانية، فقد قصف الاحتلال بالطيران والمدافع القرى.
وفي عدن استخدم الاحتلال أساليب شتى من أساليب القمع في مواجهة الاحتجاجات والمظاهرات السلمية التي كانت تطالب بالاستقلال، فتطلق النار على المتظاهرين مما أدى الى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى من المدنيين، ناهيك عن الاعتقالات التعسفية التي طالت آلاف اليمنيين دون محاكمات عادلة، وما رافقها من تعذيب بصور بشعة وغير إنسانية ولا أخلاقية، فقد كانت السجون البريطانية في عدن سيئة السمعة بسبب الظروف اللاإنسانية التي كان يعيشها المعتقلون.
وشملت أساليب التعذيب الضرب المبرح، والصعق الكهربائي، والعزل الانفرادي لفترات طويلة وغير ذلك من مصادرة للحريات وانتهاك للكرامة وحرمان من الخدمات الضرورية وانتشار الفقر والإهمال التنموي والتهميش الاقتصادي، ناهيك عن تشجيع الانقسامات القبلية والسياسية والتفرقة والتحريش بين أبناء الوطن الواحد واثارة الفتن فيما بينهم فيما كان يعرف بسياسة "فرق تسد"، والتي استخدمتها لتفتيت الجنوب إلى عدة سلطنات ومشيخات صغيرة من خلال توقيع اتفاقيات حماية منفصلة مع كل كيان، هذه السياسة عمقت الانقسامات القبلية والمحلية، ومنعت توحيد الجنوب تحت قيادة وطنية واحدة، ما جعل من السهل على بريطانيا السيطرة على المنطقة.
بلا شك أن موقع اليمن الهام وما حباها الله به من صفات ومميزات طبيعية وبشرية تجعلها محط انظار الطامعين، فهي درة الشرق الأوسط وحجر الزاوية فيه أرضاً وإنساناً، وحضوراً وتأثيراً، فهي تصنع فارق مهم لدى من له سيطرة عليها، هذه المميزات اليوم وفي ظل الصراع والتجاذبات الإقليمية والدولية وما تشهده المنطقة من استقطابات تدفع بالكثير نحو هذه الأرض لتكون بمثابة "بيضة القبان" في أي ترجيح بين كفف التوازنات في المنطقة وربما في العالم كله، هذه المميزات ذاتها هي التي تدفع بالأطماع الخارجية نحو السيطرة على هذه الأرض، وهو الذي دفع بالبريطانيين في تلك الفترة للسيطرة عليها، وهو نفس الدافع اليوم الذي جاء بالأطماع الإيرانية.
ولا يغيب علينا أن الأطماع الإيرانية اليوم لا تقتصر على الشمال فقط انما تهدف الى الوصول الى ما هو ابعد من ذلك شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، ثم السعي الى السيطرة الكاملة على شبه الجزيرة العربية وعلى الأخص منها أراضي المملكة العربية السعودية، وهذه الأطماع ليست وليدة اليوم إنما هي امتداد لإرث قديم تمثل في ما كانت قد سعت إليه وحققت بعضه الإمبراطورية الفارسية الساسانية آنذاك، و الصراع القادم الذي سيشهده العالم يتمحور في أهم محاوره حول خطوط الملاحة الدولية فهي شريان الحياة الاقتصادية، وبما يمثله الاقتصاد من ثقل وأهمية بالغة على حياة البشر عموماً وعلى مر العصور، ولاشك أن التموضع على مضيق باب المندب والبحر الأحمر يعد نقطة حاسمة وبالغة الأهمية لكل من يعنيه شأن خطوط الملاحة وما يتعلق بها من أمور، لذلك ستظل اليمن تعاني كثيراً من تعرضها للأطماع الخارجية مالم تعزز قوتها الذاتية ولحمتها الوطنية وسيادتها على كامل أرضها وانسانها.
انضم المناضل غالب لبوزة الى صفوف الثوار في الشمال وشارك في القتال في ثورة 26 سبتمبر 1962 التي قامت ضد نظام الإمامة في شمال الوطن وهذا جعله شخصية مميزة في الثورة اليمنية ككل وليس فقط في الجنوب، حيث أن مشاركته في ثورة 26 من سبتمبر ضد الإمامة يبين عمق نظرته الى أن مصير هذا الوطن مترابط شمالا وجنوباً وأن أي تغيير سيحدث في أي جهة سيكون له تأثير مباشر على الجهة الأخرى لذلك جعل من نجاح ثورة سبتمبر في الشطر الشمالي من الوطن يعد مؤشراً أكيداً على إمكانية تحقيق نفس النجاح في جنوب الوطن، فلم ينتظر كثيراً حين توجه ومعه عدد من رفاقه صوب الجنوب لهدف بدئ النضال المسلح ضد المستعمر البريطاني واستعادة ارض الجنوب من قبضته، حيث اندلعت الشرارة الأولى للثورة بقيادته في 14 أكتوبر 1963، وبعد عام واحد تقريبا من ثورة الـ 26 سبتمبر 1962.
اشعال المناضل لبوزة للثورة في الجنوب وفي مسقط رأسه في جبال ردفان بالتحديد وفور عودته مباشرة من الشمال كانت ذات دلالة رمزية قوية تؤكد على مبدأ واحدية الثورة، وأنها ضد الاستبداد والظلم، سواء كان في شكل نظام إمامي في الشمال أو احتلال في الجنوب، وتأكيد على التضامن والتعاون بين القوى الوطنية في شمال وجنوب اليمن وواحدية الأهداف والمصير المشترك، ودليل على ايمانه بأن نجاح الثورة في أحد شطري اليمن سيعزز فرص تحقيق الاستقلال والوحدة في الشطر الآخر، هذه الفكرة أصبحت أساساً في حركة النضال الوطني في اليمن، حيث كان الثوار في الشمال والجنوب يتعاونون ويتبادلون الدعم والخبرات، ورغم اختلاف طبيعة العدو في كل من الشمال (نظام الإمامة) والجنوب (الاحتلال البريطاني)، إلا أن لبوزة كان مقتنعاً بأن الهدف المشترك هو تحقيق التحرر الوطني وإعادة الوحدة الوطنية، وفي سبيل ذلك قدم روحه شهيداً مع أول أيام الثورة فكان بحق يمثل رمزاً لوحدة هذه الأرض.
بلا أدنى شك في أن هناك علاقة وثيقة بين ثورة 26 سبتمبر 1962 في شمال اليمن وثورة 14 أكتوبر 1963 في جنوب اليمن، هاتان الثورتان تمثلان محطتين رئيسيتين في الكفاح اليمني ضد الاستبداد والاستعمار، وتجسدتا في حركة تحرير شاملة للشعب اليمني في الشمال والجنوب وإقامة حكم جمهوري، وكلا الثورتان تعبران عن نضال اليمنيين لتحقيق الحرية والكرامة والاستقلال، واستعادة لحمة الوطن ووحدته.
لذلك كانت وحدة الهدف والمصير المشترك تخلق تقارباً بين الحركتين الثوريتين، وقد كان لـ 26 سبتمبر تأثيراً مباشراً على تصاعد الحراك الثوري في جنوب اليمن وكان لنجاحها دوراً كبيراً في الدفع بثوار الجنوب لبدء شرارة ثورتهم وتصعيد مقاومتهم ضد الاحتلال البريطاني، فقد أثبتت ثورة 26 من سبتمبر إمكانية التغيير وتحقيق الانتصار، وأن بإمكان اليمنيين التخلص من أنظمة الحكم التي تهيمن على حياتهم، كما أن علينا أن لا ننسى التنسيق والدعم المتبادل، فبعد نجاح ثورة سبتمبر الوليدة قدمت الدعم اللازم لثوار الجنوب، سواءً من خلال تقديم التدريب العسكري أو الدعم اللوجستي في ما يشبه رد للجميل الذي قدمه رجال الجنوب من دعم مادي ولوجستي أيضاً لإخوانهم في الشمال بما ضمن نجاح ثورتهم ومساندتها فيما بعد، بل إن هناك من الثوار من شارك في كلا الثورتين بصورة مباشرة من أمثال لبوزه وغيره، كما أن كلتا الثورتين تلقيتا دعماً واهتماماً من قبل ثورات التحرر العربي وقادتها من قبيل دول عربية مثل مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.
لقد أحدثت الثورتان تغييراً جذرياً في حياة اليمنيين جنوباً وشمالاً على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والبنى التحتية التي شهدتها البلاد من تشييد وتعمير وصناعة وزراعة وغيرها، وإن أكبر مكتسب حصل عليه اليمنيون على الاطلاق تخليص اليمنيين من كابوس الظلم والجهل والتخلف والاستعباد، ونيل الحرية والكرامة والاستقلال، ثم أنه ما كان للوحدة اليمينة أن تتحقق لولا نضال رجال الثورتين وسعيهم الدؤوب نحو تحقيق هذا الحلم وإقامة نظام جمهوري ديمقراطي ليعيد للمواطن حقه في المشاركة في الحكم وتحقيق العدالة والمساوة وتوفير فرص للمشاركة السياسية، وفي حقيقة الأمر أن للثورتين فضل كبير على سائر اليمنيين حيث وفرت لهم فرصة حقيقية في بناء دولة عصرية حضارية تليق بهم وبحضارتهم وتاريخهم العريق.
هناك الكثير من الدروس التي يجب علينا أن نستلهمها من هاتين الثورتين الخالدتين، منها على سبيل المثال: وحدة الكلمة وتوحيد الصف في مواجهة كل هذه التحديات، فما أحوجنا الى وحدة وطنية تحدد فيها الوجهة والمقاصد ويسند بعضنا فيها بعضاً حتى نتجاوز هذه الظروف المعقدة ونحقق ما نسعى اليه مجتمعين، وأن الايمان بعدالة القضية والتضحية في سبيل تحقيق ما نؤمن به أمر لابد منه وأن مواجهة التحديات مهما كانت صعبة أمر ضروري لتحقيق الانتصار.
من الدروس أيضا أن إرادة الشعوب لا تقهر وأن الوقوف أمامها ومجابتها لن يصمد طويلا مهما كانت القوة التي تقف أمامها، لذلك علينا أن نراهن على تحرك الجماهير ولابد لهذا التحرك من دوافع، علينا أن نوفرها ونحفزها حتى تفعل فعلها ويشتد عودها وتقوم على اقدامها منتصبة في وجه الظلم والطغيان، كما قامتا ثورتي سبتمبر واكتوبر من اجل استعادة السيادة الوطنية والقرار المستقل لأبناء هذا الشعب وأنه لن يحصل أي تقدم ولن تتحقق اية تنمية حقيقية مالم يكن القرار بيد أبناء الوطن ولابد من تحقيق قدر كافي من الشفافية والشراكة في الحكم والتوزيع العادل للسلطة والثروة، وإن الحوار والحوار القائم على أسس صحيحة وحده هو الكفيل بتذويب الاختلافات والتباينات وتقريب وجهات النظر بين أبناء الوطن الواحد لما فيه بناء دولة عصرية حديثة تنعم بالأمن والاستقرار والرفاهية.
للحفاظ على مكتسبات الثورتين العظيمتين لابد علينا من السعي الجاد لبناء دولة مدنية عصرية حديثة تضمن العدالة والمشاركة وتحقيق البناء والتنمية للمواطن، ولن يكون ذلك إلا إذا تم بناء الإنسان اليمني بناءً صحيحاً علمياً من خلال التركيز على التعليم منهجاً وأداء وبنى تحتية بما فيها الاهتمام بالمعلم نفسه بما يمثله من محور أساسي في العملية التعليمية، كما أننا في حاجة ماسة الى تعزيز الديمقراطية بكل ما تحمله من مضامين تجعل من المواطن محور العملية السياسية والتنموية، ولابد من إيجاد مصالحة وطنية تعيد للمجتمع اليمني الأمل في بناء دولة وطنية ضامنة للحقوق والحريات ومحققة لطموحات واحلام الجميع دون استثناء.
لابد من نبذ العصبيات والجهويات وكل اشكال التخلف التي ثار عليها الشعب اليمني في ثورتيه وظل يناضل في سبيل التخلص منها حتى اليوم، لابد من السعي لتعزيز الهوية الوطنية اليمنية الجامعة ومحاربة كل ما يؤدي الى تشويهها او تقويضها.
لأجل ذلك لابد من التحرك بشكل عاجل وقوي نحو تحقيق جملة من الأمور أهمها: تفعيل الجانب الإعلامي بشكل مكثف رسمياً وشعبياً من خلال حملات توعية مستمرة تصحح المفاهيم المغلوطة وايجاد حالة أمل مستمر ومحاربة حالة اليأس والإحباط التي يعاني منها البعض وعدم الاستسلام للأمر الواقع الذي فرضه الانقلابيون.
إيجاد قاعدة صلبة لتحالف وطني عريض يضم جميع القوى والمكونات السياسية والمجتمعية وتوحيد جهودها جميعاً نحو استعادة الزخم الثوري ومواجهة الانقلاب كونه خطر حقيقي وماثل ويهدد الجميع، كذلك تعزيز الثقة لدى المواطن في قيادته السياسية، وتحريك الشارع العام في حركات احتجاجية تزعزع اركان الانقلاب وتسعى الى اسقاطه، ودعم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بشكل يكفل لها كامل متطلباتها فلن يكون هناك أي دحر للانقلاب وبناء مؤسسات ضامنه بدلا عنه الا ببناء جيش وطني قوي ومتماسك ومنسجم مع نفسه ومع أهداف الثورتين الخالدتين، التركيز على المناهج التعليمية والسعي لبناء أجيال متسلحة بفكرة الثورتين ومؤمنة بأهدافهما. وغيرها من الإجراءات الكفيلة باستعادة الزخم الثوري واستعادة مؤسسات الدولة والقضاء على الانقلاب.
على جميع الأحزاب السياسية والمكونات أن تدرك أنها جميعاً تعيش في سفينة واحدة وأنها جميعاً مستهدفة من قبل القوى المتربصة بهذا الوطن وفي مقدمتها القوى الانقلابية الحوثية ومن يقف خلفها، وأنه لا سبيل أمام اليمنيين اليوم بمختلف توجهاتهم السياسية والمجتمعية غير توحيد الكلمة ورص الصفوف نحو تحقيق الأهداف المشتركة في استعادة مؤسسات الدولة واسقاط الانقلاب وتحقيق الأمن والاستقرار الذي يفتقده المواطن اليوم، الأمن والاستقرار بجميع أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والعسكرية على حد سوى، لذلك على الجميع ان يتعالى فوق الصغائر وان يقدم القضايا الجامعة على المصالح الضيقة وأن يمتلكوا الشجاعة والفطنة لتحديد وتمييز ما هو الأولى والضروري وما هو الثانوي والغير ضروري، لابد من الجلوس على طاولة الحوار وتفهم وجهات النظر وترتيب الأولويات بشكل صحيح، مالم فإن الجميع يتحمل مسؤوليته أمام الله أولا ثم الوطن والشعب والتاريخ والأجيال القادمة.
عليها القيام بالدور المرجو منها فهناك قضايا كثيرة تحتاج من الجهات الرسمية وقفة جادة أمامها، أهمها، الاهتمام بالجيش الوطني والمؤسسة الأمنية واعطاءها ما تستحق فهي اليوم صمام أمان لهذا الوطن وطليعة إعادة مؤسسات الدولة واسقاط الانقلاب، كما أن بناء مؤسسات الدولة الشرعية وفق أسس علمية صحيحة وتوفير الشفافية في عملها ومحاربة الفساد الذي ينخر جسدها الضعيف.
ولابد من عودة مؤسسات الدولة للعمل من داخل ارض الوطن مهما كان الثمن فلن تستعاد مؤسسات الدولة على يد اشخاص قد اسسوا حياتهم ومستقبلهم ومستقبل اسرهم خارج الوطن، ولابد من تفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة وتفعيل أجهزة السلطات المحلية وفق قانون السلطة المحلية، كذلك السعي الجاد الى إقرار مشروع دستور الدولة بأسرع وقت ممكن وتحقيق مخرجات الحوار الوطني باعتبارها المخرج الصحيح الذي توافق عليه اليمنيون بمباركة دولية وإقليمية ووطنية، ولابد من وضع معايير صحيحة لشغل المناصب في الدولة بما يحقق الكفاءة والنزاهة.