الثلاثاء 08-10-2024 12:55:27 م : 5 - ربيع الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار

محافظة البيضاء.. مسرح مفتوح لإرهاب مليشيا الحوثيين

الثلاثاء 17 سبتمبر-أيلول 2024 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت-خاص

 

لا تزال محافظة البيضاء ضمن المحافظات المنكوبة والأكثر معاناة جراء سياسات مليشيا الحوثيين التي تمارس الإرهاب والقمع على نطاق واسع في محافظة البيضاء وغيرها من المحافظات التي ترزح تحت سطوة المليشيا منذ ما يقارب عقد من الزمان.

وفي ظل استمرار الانتهاكات الحوثية بحق أبناء محافظة البيضاء، كشف تقرير حقوقي صدر مؤخرا حجم الجرائم والانتهاكات الحوثية بحق أبناء المحافظة، التي تفرض عليها المليشيا الحوثية حصاراً خانقاً.

بين القتل والحصار

ووفقا للتقرير الذي أصدرته الشبكة اليمنية للحقوق والحريات قبل أيام، والذي حمل اسم "محافظة البيضاء بين القتل والحصار"، فقد ارتكبت المليشيا (7742) واقعة انتهاك وتضرر بشري ومادي تعرض لها السكان المدنيون والممتلكات العامة والخاصة، خلال الفترة الزمنية من 1 يناير 2015 وحتى 30 يونيو من العام الجاري 2024.

وبحسب الشبكة فإن محافظة البيضاء تعيش منذ أكثر من تسع سنوات تحت وطأة الحرب والحصار التي فرضتهما عليها المليشيا الحوثية، حيث تتواصل الانتهاكات ضد المدينة ومواطنيها، قصفًا وقنصًا وتفخيخًا واختطافًا ومصادرة ونهبًا، الأمر الذي تسبب بمضاعفة المعاناة الإنسانية، دون أي اعتبار للقوانين والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان.

وفي الوقت الذي فشلت فيه المليشيا الحوثية في تطويع المحافظة وإسقاطها عسكريًا رغم القوة التي تسلّحت بها لاقتحام المدينة، عمدت إلى ممارسة أبشع الانتهاكات ضدها، ضمن مساعيها الفاشلة لإخضاعها ومعاقبتها، وكان من بين هذه المحاولات قتل وتصفية المشايخ، ومداهمة منطقة خبزة وتفجير منازلها، ثم محاصرة قرية الصرار وغيرها من المحاولات الحوثية الفاشلة.

انتهاكات متعددة

وتقول الشبكة إن الانتهاكات التي رصدتها خلال الفترة الزمنية من 1 يناير 2015 وحتى 30 يونيو من العام الجاري، بلغت نحو (7742) واقعة انتهاك ارتكبتها المليشيا الحوثية ضد محافظة البيضاء.

وتضيف الشبكة اليمنية أن تلك الانتهاكات شملت العديد من فئات المجتمع، حيث رصدت مقتل (842) مدنيا، بينهم أطفال ونساء، موضحة أن طرق القتل تنوعت لتشمل (61) حالة قتل نتيجة القنص المباشر، و(285) حالة قتل نتيجة طلق ناري مباشر، و(198) حالة قتل نتيجة القصف العشوائي، و(214) حالة قتل نتيجة الألغام الأرضية، و(41) حالة قتل إعدام نتيجة تصفية جسدية، و(13) حالة قتل نتيجة تفجير المنازل، و(18) حالة قتل نتيجة اغتيالات نفذتها مليشيات الحوثي، و(14) حالة قتل نتيجة تعذيب أفضى إلى الموت، و(8) حالات قتل دهس بالأطقم والعربات التابعة لمليشيا الحوثي، و(17) حالة قتل نتيجة حوادث أخرى.

فيما وصل عدد المصابين الى نحو (931) حالة إصابة جسمانية، بينهم أطفال ونساء. أما من حيث طريق الإصابة فقد توزعت على النحو التالي: (93) حالة إصابة نتيجة القنص المباشر، و(271) حالة إصابة نتيجة طلق ناري مباشر، و(163) حالة إصابة نتيجة القصف العشوائي، و(309) حالات إصابة نتيجة الألغام والتي تسببت بالإصابة الدائمة والشلل التام عن الحركة أو الجنون والحالة النفسية، ز(34) حالة إصابة نتيجة تفجير المنازل، و(14) حالة إصابة نتيجة تعذيب أفضى إلى الإصابة والإعاقات المستدامة، و(16) حالات إصابة دهس بالأطقم والعربات التابعة لمليشيا الحوثي، و(29) حالة إصابة نتيجة حوادث أخرى.

وتضمن التقرير انتهاكات أخرى تتعلق بالحقوق الشخصية وانتهاك الكرامة وهي جرائم الاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب، حيث سجل الفريق الميداني للشبكة اليمنية للحقوق والحريات (2780) حالة اعتقال واختطاف، و(366) حالة إخفاء قسري، و(132) حالة تعذيب نفسي وجسدي.

معاناة متصاعدة

كما شمل التقرير الانتهاكات التي طالت الممتلكات والأعيان المدنية الخاصة والعامة، حيث رصد التقرير الفريق الميداني للشبكة (2691) واقعة انتهاك، طالت الأعيان المدنية العامة والخاصة.

وقد توزعت الانتهاكات بحق الممتلكات والأعيان المدنية في محافظة البيضاء بواقع (714) حالة تضرر جزئي لمنازل المواطنين نتيجة القصف العشوائي، و(346) حالة تضرر كلي طالت منازل المواطنين نتيجة القصف المباشر، و(171) حالة نهب مركبات خاصة بالمدنيين، و(103) حالات تفجير منازل، و(12) حالة هدم وإتلاف منشآت خدمية عامة، و(12) حالة تضرر مرافق صحية خدمية عامة، و(48) حالة تضرر مساجد ودور عبادة، و(52) حالة تضرر خزانات مياه عامة، و(17) حالة تدمير آبار مياه، و(62) حالة إتلاف مزارع المواطنين، و(178) حالة تضرر محال تجارية خاصة، و(114) حالة تضرر وإتلاف مركبات خاصة، و(38) حالة اقتحام منشأة حكومية، و(7) حالات اقتحام مقرات حزبية، و(476) حالة اقتحام ومداهمه وتفتيش منازل، و(312) حالة نهب مقتنيات خاصة بالمواطنين، و(23) حالة إغلاق مدارس تعليمية خاصة، و(54) حالة إغلاق مدارس تعليمية عامة حكومية.

وبحسب التقرير فقد أدى الحصار الذي فرضته مليشيا الحوثي على بعض المدن والقرى في محافظة البيضاء واستخدام المليشيا الحوثية للقوة المفرطة واستهداف القرى والعزل بالمقذوفات العشوائية كصواريخ الكاتيوشا والمدفعية وقذائف الهاون والطيران المسير، إلى نزوح 80.649 أسرة في 16 مديرية من مديريات المحافظة.

ويؤكد التقرير أن الحصار تسبب في تدهور الوضع الإنساني والمعاناة الشديدة للسكان في المحافظة، حيث يواجه السكان نقصًا حادًا في الغذاء والماء والدواء، بالإضافة إلى انقطاع الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، كما يعاني السكان من انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة، بما في ذلك القصف العشوائي والهجمات على المدنيين والاحتجاز والتهجير وتدمير البنية التحتية للمدنية.

قمع وردع

وقد تكررت الاعتداءات على العديد من مناطق محافظة البيضاء سعيا من المليشيا الحوثية لإخماد كل نفٓس ثوري وإسكات كل صوت معارض وفق إستراتيجيتها المميتة، في التفرد بالقرى والمناطق الصغيرة، للقضاء على أي بوادر للمقاومة، وهو ما حدث مؤخرا في حمة صرار إحدى القرى القريبة من مدينة رداع، حيث فرضت عليها المليشيا حصارا خانقا وطوقتها بالآليات العسكرية وعشرات المسلحين الذين ووجهوا بوقوف القبائل أمام الحملة الحوثية التي كانت متجهة لمداهمة القرية، واندلاع اشتباكات عنيفة.

ووفقا للمصادر فقد بدأت الأحداث في قرية حمة صرار بعد مقتل اثنين من سكان القرية التابعة لمديرية "ولد ربيع" في محافظة البيضاء، على يد مسلحي مليشيا الحوثي قبل أن يرد الأهالي بقتل 4 من عناصر المليشيا الحوثية، بيد أن المليشيا لم تتردد في حشد قواتها على مداخل القرية بهدف اقتحامها، مشترطة للتراجع عن ذلك ورفع الحصار تسليم عدد من أهالي القرية، بطريقة أكثر إرهابا وسطوة.

وقد وقعت 113 منظمة حقوقية يمنية على بيان يدين ما تقوم به مليشيا الحوثي، من اعتداء سافر وحصار غاشم على قرية حمة صرار القريبة من مدينة رداع في محافظة البيضاء.

وذكر البيان الحقوقي أن مليشيا الحوثي قامت بمحاصرة قرية حمة صرار بالدبابات والمدرعات، وحشد قواتها حول مداخل ومخارج القرية، ووصل بها الأمر إلى إرسال الطائرات المسيّرة وتحليقها فوق القرية وتفجير مآذن مسجدها.

اختطاف وإعدام

وتعود الذاكرة كل عام إلى شهر أغسطس من العام 2016 والذي ارتكبت فيه مليشيا الحوثي جريمة شنعاء بحق أبناء محافظة البيضاء، حيث أقدمت المليشيا الحوثية على تصفية أربعة مشايخ من قبيلة آل عمر، في محافظة البيضاء، بعد اختطافهم إلى مكان مجهول.

ووفقا لمصادر إعلامية فقد قامت المليشيا المتمردة باختطاف المشايخ الأربعة من مديرية ذي ناعم قبل أربعة أيام فقط من تصفيتهم، حيث عثر المواطنون على جثثهم بإحدى الشعاب بمديرية الملاجم بمحافظة البيضاء، موضحة أن القتلى هم الشيخ أحمد صالح العمري، والشيخ محمد أحمد العمري، والشيخ صالح سالم بنه، وصالح أحمد صالح العمري، وينتمون إلى مديرية ذي ناعم، وهي المديرية التي شهدت عمليات استنزاف للمليشيا الحوثية داخل محافظة البيضاء، وسقط فيها العديد من القيادات الحوثية، كان آخرهم ماجد العوكبي، الذي قتل في كمين نفذه مقاتلو المقاومة الشعبية.

وبحسب المصادر فقد سبق عملية قتل المشايخ الأربعة، رسالة وجهها كل من الشيخ عبد الولي الهياشي، الذي يكن عداوة تقليدية لقبيلة آل عمر، وكذلك حسين عيدروس الحميقاني، وعبد الله إدريس، إلى الأمم المتحدة يصفون فيها أبناء البيضاء بـ"الدواعش"، وهي التهمة التي اتخذ الحوثيون منها ذريعة لقتل مشايخ القبيلة، كما تم تفجير عدد من المنازل في المديرية نفسها.

تنسيق مشترك

محاولات الحوثيين تبرير جرائمهم والتستر بأقنعة مزيفة وتحريك أوراق حساسة كورقة القاعدة التي لجأت إليها المليشيا، لم تصمد أمام الحقائق الواضحة والمعلومات والوقائع، فقد كشفت صحيفة عكاظ السعودية في وقت سابق عن تنسيق بين مليشيا الحوثي وتنظيم القاعدة في محافظة البيضاء.

وقالت الصحيفة نقلا عن مصادر قبلية إنه في إطار التنسيق بين مليشيا الحوثي وتنظيم "القاعدة" الذي يتخذ من منطقتي "قيفة" و"يكلا" بالبيضاء مركزاً له، أن هناك تحركات لعناصر القاعدة بناء على توجيهات من الحوثي لتنفيذ هجمات تستهدف مواقع حيوية في المناطق المحررة في المحافظة.

وأوضحت أن تنظيم القاعدة نفذ هجوماً على أنبوب الغاز في شبوة في إطار التنسيق المشترك مع المليشيا الحوثية، مؤكدة أن مليشيا الحوثي بعد أن فشلت في تحقيق أي اختراق لجأت إلى الاستعانة بالتنظيمات الإرهابية للقيام بالمهمة.

كما كشفت الصحيفة عن وجود اجتماعات سرية تعقدها قيادات حوثية بين فترة وأخرى مع قيادات القاعدة في "قيفة" و"يكلا"، وسط تأكيدات بأن توجيهات أصدرتها المليشيا للتنظيم بضرورة التحرك لتنفيذ هجمات إرهابية في المناطق المحررة، مضيفة أن المليشيا وعدت تنظيم القاعدة بإطلاق مزيد من عناصره الإرهابية المقبوض عليهم منذ ما قبل الانقلاب مقابل تنفيذ عمليات إرهابية ضد منشآت وقيادات حكومية.

ولفتت الصحيفة إلى أن تنظيم القاعدة أعلن مقتل أحد قيادييه المدعو صالح الخضر المكنى "أبو محمد الخضر" في اشتباكات زعم أنها في مديرية قيفة بالبيضاء، فيما أكدت المعلومات أن الخضر قتل في منطقة صدف بحضرموت أثناء مداهمة القوات الأمنية لأحد المخابئ، في محاولة من التنظيم للتغطية على تحالفه مع الحوثيين.

وكان مركز صنعاء للدراسات قد كشف عن إطلاق الحوثي نحو 70 في المئة من عناصر القاعدة البارزين الذين قبض عليهم قبل الانقلاب، وممن يواجهون تهما في قضايا إرهابية، ووفقاً للمركز فإن من أطلقتهم المليشيا الحوثية من عناصر التنظيم، ويصل عددهم إلى نحو 400، يأتي ضمن صفقة بين الطرفين مقابل عمليات إرهابية قام بها التنظيم، من بينها اغتيال قائد محور العند اللواء ثابت جواس الذي يعد أبرز مطلوب للمليشيا وألد أعدائها، على خلفية قتله مؤسس المليشيا الحوثية حسين بدر الدين الحوثي في الحرب الأولى أثناء قيادته للجيش في صعدة.

موقع مهم

وتحتل محافظة البيضاء موقعا جغرافيا بالغ الأهمية، نظرا لاشتراك حدودها مع ثماني محافظات، هي شبوة والضالع وأبين ولحج من محافظات الجنوب، ومأرب وصنعاء وذمار وإِب من محافظات الشمال، وهو موقع إستراتيجي يجعل المحافظة تلعب دوراً حاسماً في تطورات الصراع اليمني الحالي لصالح الطرف الذي يسيطر عليها ويتحكم بها.

وقد سعت المليشيا الحوثية إلى تحييد العديد من القبائل وكسب ولائها من خلال تمكين بعض أبنائها وتوليتهم مناصب محلية وغير محلية، إلى جانب عقد صفقات تهدئة مع البعض الآخر، لضمان عدم المواجهة مع أبناء القبائل، واستكمال وسهولة السيطرة على المحافظة.

ومنذ وقت مبكر من الانقلاب الذي نفذته المليشيا الحوثية في 2014، تركزت أنظارها على محافظة البيضاء بهدف السيطرة عليها، فقد زحف الحوثيون إلى البيضاء للسيطرة عليها قبل التوجه إلى عدن أو تعز أو الحديدة أو أي محافظة أخرى.

ووفقا لمراقبين فإن وضع الحوثيين لمحافظة البيضاء كأولوية عسكرية لا يفصح فقط عن أهمية المحافظة الإستراتيجية التي تتمتع بها المحافظة، بل يشير أيضاً إلى إدراك الحوثيين لتاريخ البيضاء وقبائلها الموسوم بالتمرد على الإماميين، وعدائها المستمر تجاههم، ليكون إخضاع البيضاء أولوية بالنسبة لمليشيا الحوثيين التي تحالفت مع السيف القبلي الذي قاتل مع الإمامة ضد الجمهورية.

وتبدو الحكومة اليمنية الشرعية أكثر حرصا في السيطرة على محافظة البيضاء، لإدراكها مدى الأهمية الجغرافية والإستراتيجية للمحافظة، حيث إنها ستشكل نقطة تحول في الصراع العسكري المحتدم، كونها تطل على محافظة ذمار جنوب صنعاء، وفي حال نجاح الحكومة في السيطرة على المحافظة فستتمكن من الضغط على خطوط إمداد الحوثيين -وربما قطعها- المتجهة نحو جبهاتهم في إب وتعز والضالع، كما ستؤدي السيطرة عليها إلى منح قوات الحكومة مسارا مباشرا للالتحام بجبهة دمت في محافظة الضالع والضغط على قوات الحوثيين هناك، وتحرم الحوثيين من فرصة ممارسة أي تهديد على محافظتي شبوة وأبين الجنوبيتين.

ويمنح موقع محافظة البيضاء الإستراتيجي الطرف المسيطر عليها مفاتيح التصعيد والتهدئة في الجبهات المفتوحة على ثماني محافظات مختلفة.

كلمات دالّة

#اليمن