الأربعاء 18-09-2024 14:38:39 م : 15 - ربيع الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار

مأساة تعز.. الحصاد المر لسنوات الحصار الحوثي

الثلاثاء 13 أغسطس-آب 2024 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - متابعة ورصد محمد عبد المعين

 

ما يقرب من عقد من الزمان عاشته محافظة تعز في ظل استهداف ممنهج وحصار خانق غير مسبوق فرضته مليشيا الحوثي الانقلابية، كواحدة من الكوارث التي خلفتها الحرب التي شنتها المليشيا على المحافظة نهاية مارس 2015، فقد ترك الحصار الذي فرضته على المدينة آثارًا كارثية على السكان وتداعيات اقتصادية وصحية خطيرة، يضاف لذلك إغلاق الطرقات الرئيسة للمدينة، وفرض طرق بديلة شاقة ووعرة، أدت إلى حصد أرواح المئات من السكان وتدمير الممتلكات وخلق معاناة يتجرعها المسافرون بشكل شبه يومي من وإلى المدينة، وهو ما تسبب بالنزوح القسري لكثير من المدنيين الذين فرّوا من منازلهم نجاة بحياتهم وحياة أسرهم من الموت، خاصة في مناطق التماس، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية لسكان المدينة، كما تسببت الحرب والحصار بأضرار كبيرة وواسعة النطاق في البنية التحتية الأساسية والخدمات العامة.

 

مأساة مستمرة

وقد رصد تقرير حقوقي صدر مؤخرا كثيرا من المعاناة التي يعانيها أبناء المناطق المحاصرة في محافظة تعز، وكشف عن حجم المأساة التي خلفها الحصار، والأضرار التي لحقت بالسكان، والأثر البالغ على حياة المدنيين في شتى النواحي الإنسانية في المديريات المحاصرة، إلى جانب القصف والقنص على الأحياء السكنية من قبل الحوثيين، والذي ما زال مستمرا حتى هذه اللحظة، وما نجم عن ذلك من قتلى وجرحى وإصابات ونزوح قسري وخلق واقع أكثر مرارة.

ورصد التقرير الذي أصدره المركز الأمريكي للعدالة (ACJ)، مطلع أغسطس الجاري، كثيرا من الانتهاكات التي قامت بها مليشيا الحوثي بحق أبناء محافظة تعز، وذكر التقرير العديد من جوانب الحرب الممنهجة التي شنتها المليشيا على المواطنين في المحافظة المنكوبة.

كما تضمن التقرير المزيد من التفاصيل والمعلومات التي وثقها خبراء تابعون للمركز، حول ممارسات القمع والجرائم التي ارتكبتها مليشيا الحوثي طيلة السنوات الماضية، حيث أورد تفاصيل متنوعة عن حرمان المدنيين في المناطق المحاصرة من أبسط الحقوق الإنسانية، كالحق في الرعاية الصحية والغذاء وتلقي المساعدات الإنسانية، والحق في التنقل بعد قطع الطرقات الرئيسية التي تربط المدينة بالمديريات المجاورة، وفرض طرق بديلة أشبه بطريق الرجاء الصالح للوصول إلى المدينة، بعد أن حولت مناطق الحصار إلى ما يشبه سجن كبير لمئات الآلاف من المواطنين، يفتقدون لأبسط مقومات الحياة، إضافة إلى منع سكان بقية مديريات المحافظة (20 مديرية) من إسعاف المرضى أصحاب الحالات المستعصية، كمرضى الفشل الكلوي إلى المراكز المتخصصة للعلاج داخل المدينة، لتضيف الطرق البديلة التي لجأ إليها المواطنون بوعورتها ومشقتها معاناة أخرى إلى معانات السكان.

 

المحافظة الأكثر دموية

ويركز التقرير على جرائم القتل التي حدثت وما زالت تحدث بشكل متكرر على أيدي قناصة المليشيا الحوثية، إذ عد محافظة تعز أكثر المحافظات اليمنية التي تعرضت للقتل من بين المحافظات الواقعة تحت سيطرة المليشيا، حيث تعرض السكان فيها إلى أعمال القتـل بشكل مباشر، بفعل الحرب والحصار الذي فرضته مليشيا الحوثي على مدينة تعز، والتي تدخل عامها التاسع، إضافة للاشـتباكات الدائرة بين القوات الحكومية ومليشيا الحوثي التي كان لها أثر كبير في سقوط قتلى من المدنيين.

ويشير التقرير إلى أنه وعلى مدى ثمانية أعوام تعرضت القرى والأحياء السكنية الواقعة على خطوط النار للقصف الكثيف من قبل مليشيا الحوثي مستخدمة أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وهو ما تسبب بسقوط مئات الضحايا من المدنيين.

وقد رصد المركز الأمريكي للعدالة خلال فترة إعداد التقرير -التي استمرت من منتصف العام 2015 وحتى نهاية العام 2023- سقوط (1.778) قتيلا منهم (529) طفلا و(228) امرأة و(1021) رجلا وإصابة ( 4427) منهم (1717) طفلا، و(691) امرأة و(2019) رجلا في (7) مديريات، كانت مديرية صالة هي الأعلى نسبة، تليها مديرية المظفر، ثم مديرية القاهرة.

ووفقا لتقرير المركز فإن مليشيا الحوثي "تستخدم سلاح القنص كأحد الأسلحة الأكثر فتكاً بالمدنيين الساكنين في أطراف المناطق العالقة والمحاصرة في محافظة تعز، وغالبًا ما يكون القنص للضحايا
أثناء خروجهم من منازلهم لجلب الماء أو الحطب أو لممارسة أعمال الزراعة أو الرعي أو أثناء عودة النازحين لتفقد منازلهم، وكذا أثناء ذهاب أو عودة الطلاب من المدارس".

وبحسب ما وثقه التقرير فقد خلفت أعمال القنص سقوط (824) قتيلا منهم (166) طفلا و(87) امرأة و(571) رجلا وإصابة (1155) منهم (302) أطفال و(182) امرأة‏ و(671) رجلا من المدنيين، نتيجة القنص المباشر من قبل مليشيا الحوثي في مديريات المدينة (صالة، القاهرة، المظفر) والمديريات المحيطة بالمدينة (التعزية، جبل حبشي، صبر الموادم، مقبنة).

وعلى الرغم من شمول الانتهاكات والجرائم التي تقوم بها مليشيا الحوثي لكافة المحافظات والمناطق التي تسيطر عليها إلا أن محافظة تعز -وفقا للتقرير- قد تصدرت بقية المحافظات بأعلى نسبة للضحايا المدنيين نتيجة لأسباب الموت التي وزعها الحوثيون.

وقد دأبت مليشيا الحوثي على زرع الألغام الأرضية والعبوات الناسفة، إذ تُعد زراعة الألغام ظاهرة مصاحبة لتواجد مسلحي مليشيا الحوثي، في كل منطقة يستولون عليها أو يتمركزون فيها.

ويبين التقرير أنه وعلى امتداد المناطق المحيطة بمدينة تعز، قامت مليشيا الحوثي بزراعة الألغام بمختلف أنواعها المضادة للأفراد، والعبوات الناسفة محلية الصنع، والتي زرعت بشكل عشوائي، ما أسهم في زيادة معدلات الفقر وارتفاع مؤشر انعدام الأمن الغذائي في مدينة تعز، إضافة لسقوط المئات من الضحايا المدنيين خلال سنوات الحرب والحصار، حيث وثق فريق المركز الأمريكي للعدالة خلال فترة التقرير سقوط (419) قتيلا منهم (105) أطفال و(43) امرأة و(271) رجلا وإصابة (779) منهم (189) طفلا و(56) امرأة و(534) رجلا في المديريات الـ(7) فقط، دون غيرها من المديريات الأخرى التي تعاني من زراعة الألغام.

 

مخاطر وانتهاكات

واستكمالا لحصارها الشامل الذي فرضته مليشيا الحوثي على محافظة تعز، عملت المليشيا على قطع الطرق الرئيسية التي تمثل شريان الحياة لأبناء المحافظة، مما اضطر سكان المدينة للبحث عن طرق بديلة غير معبدة، وأكثر وعورة، تمر عبر سلاسل جبلية شاهقة، لدخول المدينة أو الخروج منها، بالإضافة إلى نقل الغذاء والدواء والمواد الأساسية إلى داخل المحافظة.

ونظرا لوعورة الطرق التي استحدثها السكان مجبرين، وافتقارها لأدنى متطلبات السلامة، وطبيعتها غير المحصنة من انهيارات التربة، وانزلاقات الصخور، فقد تعرضت للعديد من الانهيارات بفعل الأمطار الموسمية، الأمر الذي تسبب في كثيرمن الأحيان بإغلاق الطريق بشكل كامل أمام المسافرين، وتوقف حركة دخول الشاحنات التي تزود المدينة بالطاقة والغذاء وسبل الحياة، علاوة على ذلك الحوادث المرورية التي يروح ضحيتها سنوياً العشرات من المسافرين عبر هذه الطريق وغيرها من الطرق البديلة، إضافة إلى تسبب ذلك بسلسلة من الانتهاكات للمدنيين سواء
المحاصرين داخل المدينة، أو القادمين من مديريات المحافظة.

ووفقا لإحصائيات فريق المركز فقد بلغ عدد الحوادث المرورية في الطرق البديلة خلال (9) أعوام من الحصار (561) حادثا مروريا، نتج عنها وفاة (434) حالة وإصابة (807) فيما بلغت الخسائر المادية لتلك الحوادث مبلغ (511.612.028).

كما تسبب قطع الطرقات الرئيسية واضطرار الأهالي لسلوك الطرق البديلة المكتظة بنقاط وحواجز التفتيش التابعة لطرفي النزاع في اختطاف وإخفاء وتعذيب العديد من المدنيين، خاصة خلال الفترة من منتصف 2015 وحتى نهاية العام 2021، جُل تلك الانتهاكات كانت قائمة على أسباب تمييزية أساسها انتماء الضحايا لمنطقة معينة، أو لفصيل سياسي معين، وفقا لما تضمنه التقرير، حيث وثّق فريق الرصد التابع لـ(A.C.J)
قيام مليشيا الحوثي باعتقال (477) ضحية في مديريات المدينة والمديريات المجاورة لها المتأثرة بشكل مباشر بالحصار منهم (29) طفلا و(3) نساء و(445) رجلا والإخفاء القسري لعدد (9) ضحية منهم (75) رجلا و(3) أطفال وامرأة واحدة، كما تعرض للتعذيب عقب الاعتقال والإخفاء (59) ضحية منهم (56) رجلا وطفلان وامرأة واحدة.

ويعرج التقرير على مشكلة أخرى من المشاكل التي يعانيها الموطنون نتيجة للحصار وقطع الطرقات، فقد ارتفعت أجور المواصلات بشكل كبير ووصلت إلى نسبة 10,000%، فقبل الحصار كانت أجرة الانتقال من وإلى بعض المناطق داخل المدينة لا تزيد عن (100) ريال يمني، غير أنه وبعد الحصار ارتفعت الأجرة عبر الطرق البديلة إلى مبلغ عشرة آلاف ريال، أي ما يعادل (22) دولارا، وهو ما أدى إلى تزايد عدد الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي الحاد في المحافظة عما كانت عليه في العام 2014.

 

مشاكل متنوعة

ولا تنتهي المشاكل والأزمات التي خلفها الحصار المفروض على محافظة تعز وألقى بظلاله على المدينة، فقد تحدث التقرير عن تردي مستوى العلاقات الأسرية نتيجة لغياب الآباء عن أسرهم لفترات طويلة، بسبب معاناتهم وصعوبة التنقل عبر الطرق البديلة، حيث "ساهم ذلك في زيادة معدلات البطالة، نتيجة لفقدان كثير من العاملين لفرص عملهم في القطاع الحكومي والقطاع الخاص، كما تسبب الحصار بقطع حبال الوصل بين الساكنين في المدينة وأهاليهم في المناطق المحيطة بها، وهو ما أثار العديد من المشاكل الأسرية التي انتهت بالطلاق والتفكك الأسري.

ويذكر (ACJ) أنه حصل على إحصائية تضمنت عدد حالات الطلاق في مديريات المدينة، حيث تم توثيق عدد (2.819) واقعة طلاق خلال سبعة أعوام من الحصار.

كما تسببت مليشيا الحوثي خلال فترة الحصار بوضع عراقيل "أعاقت وصول الإمدادات الطبية الأساسية المنقذة للحياة إلى المدينة المحاصرة، وهو ما أثر بصورة كبيرة على المرضى الذين هم بحاجة إليها، خاصة مع تفاقم الأمراض المزمنة لـدى عشرات الآلالف من المصابين، وانتشار الأوبئة والحميات مثل حمى الملاريا والضنك (الشيكونغونيا) والحمى الصفراء ،وتفشي فيروس (كوفيد -19) خلال لعام 2020، الأمر الذي أسهم في خلق وضع إنساني صعب ومعقد فاقم من الوضع الإنساني الذيي يعيشه معظم سكان المدينة".

ويؤكد فريق المركز الأمريكي للعدالة أنه في العام الأول للحصار المطبق على المدينة "منعت مليشيا الحوثي دخول الأدوية والمستلزمات الطبية وإسطوانات الأكسجين للمستشفيات، ما أدى إلى إغلاق عدد كبير من المراكز الصحية وفقدان المدنيين للرعاية الصحية، خاصة النساء الحوامل والأطفال، الأمر الذي تسبب بوفاة العشرات من المدنيين من جميع الفئات العمرية، نتيجة الحرمان من الرعاية الصحية بسبب الحصار".

ويقول الفريق إنه وثّق خلال العامين (2015 و2016) (26) حالة وفاة نتيجة انعدام الأكسجين، منهم (9) أطفال فارقوا الحياة عقب ولادتهم و(7) نساء و(10) رجال توزعوا على مديريات المدينة المحاصرة (القاهرة، صالة، المظفر).

 

معاناة متفاقمة

وقد خلق الحصار معاناة أخرى لسكان محافظة تعز لا تقل شدة عن غيرها من المشاكل والأزمات التي خلفها الحصار، حيث "حرم سكان المديريات الريفية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من تلقى الخدمات الطبية في المراكز الصحية النوعية المتخصصة الموجودة وسط مدينة تعز وهي (مركز الأمل لعلاج مرضى السرطان) و(مراكز الغسيل الكلوي)، فيما تعرض مركز الغسيل بالمستشفى العسكري للقصف، مما تسبب بتدمير كلي لأجهزته، كما توقف مركز الغسيل بالمستشفى الجمهوري لعدة أشهر بسبب نفاد المحاليل والأدوية".

إلى جانب ذلك، فقد تفاقمت معاناة المرضى ومرافقيهم عبر الطرق البديلة، فبدل أن كانت المسافة لا تزيد عن ربع ساعة يقطعها المرضى والمسافرون عموما قبل إغلاق الطرقات من قبل الحوثيين، باتت تستغرق مدة لا تقل عن (6) ساعات للوصول إلى الضفة الأخرى المقابلة للمدينة.

ويمثل مرضى السرطان والفشل الكلوي القادمون من مديريات المحافظة نسبة 8096 من مرضى المركزين، يعانون في سفرهم الأمرين، ويتكبدون عناء مضاعفا للوصول إلى داخل المدينة لإجراء جلسات العلاج، والذي يتطلب سرعة الحضور والانتظام في الجلسات، بينما يؤدي تأخرهم لمضاعفات صحية كبيرة تصل إلى الوفاة.

 

نزوح جماعي

وقد شملت فترة الرصد الذي قام به فريق المركز جوانب أخرى من معاناة السكان تمثلت بالنزوح الجماعي الذي شهدته المحافظة، فقد "أدت الحرب التي تشهدها تعز منذ العام 2015 إلى تشريد ونزوح وتهجير أعداد كبيرة من الأفراد والأسر، بما في ذلك قرى هُجّر سكانها بشكل كلي، وثق فريق المركز تهجير مليشيا الحوثي لسكان (14) قرية بمديرية التعزية و(3) قرى بمديرية جبل حبشي و(3) قرى بمديرية مقبنة و(4) قرى بمديرية صبر الموادم، حيث أصبحوا يعيشون أوضاعاً إنسانية سيئة أحدثت تغيرات في حياتهم المعيشية لا سيما بعد نزوحهم إلى مخيمات تفتقد لأبسط الخدمات الأساسية، أو إلى أماكن أخرى داخل المحافظة وخارجها، فقد مثّل النزوح لكثيرين الوسيلة الوحيدة لإنقاذ حياتهم من القصف والعنف".

وبحسب المركز ففد كان لاستمرار الحرب والحصار على المحافظة الأثر الأكبر في عدم تمكن كثير من النازحين من العودة إلى مناطقهم ومنازلهم التي تدمرت كلياً أو جزئياً أو لا تزال تقع في مناطق المواجهات.

ويشير المركز في تقريره إلى أن الحرب والحصار أحدثا تغيرات اجتماعية واقتصادية سيئة على الأسر نتيجة النزوح القسري وعلى الوضع الصحي والغذائي، كما ساهم في ازدياد حالات زواج القاصرات الذي نتج عنه ارتفاع حالات الوفيات من الأمهات والأطفال، إضافة لسوء حالات التغذية، وفقدان فرص التعليم للنازحين ونقص الموارد، الأمر الذي أدى إلى خلق مشكلات نفسية واجتماعية واقتصادية حادة، يعيشها النازحون والمتضررون من الحرب، والتي شملت (17) مديرية من أصل (22) مديرية، ويشار إلى أن عدد مخيمات ومواقع النازحين وصل إلى (107) مخيمات تضم (7195) أسرة نازحة، و(39,416) فردا.

ولم يكن القطاع الصحي أحسن حالا من القطاعات الأخرى التي تضررت بفعل الحرب والحصار، فقد ذكر التقرير العديد من منشآت القطاع الصحي التي "تعرضت للقصف على يد مليشيا الحوثي منذ بدء الحرب في العام 2015، واستمرت الاعتداءات بصورة شبه متكررة خلال سنوات الحصار بخاصة بعض المستشفيات كمستشفى الثورة العام، والمختبر المركزي، والمستشفى العسكري، فيما تعرض مركز الأمل للسرطان والمركز السويدي بالنقطة الرابعة للتدمير بفعل القصف، ونهب الأدوية والأجهزة الطبية، فيما يستمر إغلاق مركز الدرن الخاص بالسل الرئوي وهو المركز الوحيد بالمدينة منذ بداية الحرب والحصار، كما تعرض القطاع لخسائر بشرية تمثلت بوفاة (3) من موظفيه وإعاقة (2) ونزوح (252) قسراً إلى خارج المدينة".

وعن الخسائر المادية والاقتصادية التي تعرض لها القطاع الصحي خلال الفترة من 2015 وحتى 2020، يذكر التقرير أنها وصلت إلى مبلغ (16.311.030) دولار، تمثلت بأضرار بالغة في المباني، وتدمير وضياع أثاث وسلع ووسائل نقل.

 

أزمات فوق أخرى

وفيما يتعلق بقطاع المياه فقد تعرض القطاع لأضرار ومخاطر بالغة، في الوقت الذي يعاني فيه أبناء المحافظة من أزمة كبيرة في مياه الشرب سابقة للحصار، لتزيد الأزمة سوءا، فقد كانت المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي بمدينة تعز تعتمد قبل الحصار في إمدادات المياه من (86) بئرا من مختلف الحقول المائية، وتسببت الحرب والحصار على مدينة تعز بخسائر بشرية في قطاع المياه حيّث تعرض (21) من موظفيه للوفاة، ونزوح (41) قسراً إلى خارج المدينة، فيما بلغ إجمالي الأضراز الاقتصادية لقطاع المياه مبلغ (35.041.723) دولار، وفقا لمعلومات المركز.

ومنذ اندلاع الحرب في المدينة وقعت معظم آبار المياه تحت سيطرة مليشيا الحوثي في منتصف أغسطس 2015، كما توقفت المؤسسة المحلية للمياه عن ضخ الماء للسكان تماماً، بعد أن عجزت عن توفير الوقود جراء الحصار المطبق على المدينة ليُحرم أكثر من (300) ألف مواطن من المياه، فيما تعرض (51) بئراً منها للجفاف، نتيجة زيادة السحب لتغذية سكان المدينة المحاصرة بالماء، حيث وجد السكان أنفسهم وبشكل مفاجئ دون ماء كما أنهم حرموا من مصادر المياه الارتوازية المستخرجة من الحقول المائية التي تغذي المدينة بعد أن استولت عليها مليشيا الحوثي، ومنعت وصول المياه للمدينة منذ نهاية العام 2015 وحتى اليوم، وهو ما تسبب بأزمة مياه خائقة بنسبة 756 من احتياج السكان، ولسد فجوة نقص المياه لجأ سكان المدينة المحاصرة إلى الحفر العشوائي للأبار التي بلغ عددها (70) بئراً، جف معظمها ولم يتبق منها سوى (22) بئراً، وفقا لبيانات التقرير.

 

ثمن الحرية

ولم يبق جانب من جوانب الحياة المختلفة إلا وطالها الضرر جراء الحصار الخانق الذي فرض على أبناء محافظة تعز، لا لشيء إلا لأنها أعلنت انحيازها لخيار الوحدة والجمهورية وتمسكها بمكتسبات الثورة، فقد ركز التقرير على جانب التعليم ورصد الأضرار التي لحقت به، حيث ألقى الحصار آثاره على تعز بشكل كبير على قطاع التعليم بمراحله المختلفة (رياض الأطفال، المدارس، المعاهد، الجامعات)، وتوقفت العملية التعليمية في بداية الحرب، ولم يتمكن الطلاب من الوصول إلى مدارسهم وجامعاتهم، خاصة خلال عامي 2015 و2016.

ووفقا للتقرير فقد بلغ عدد الطلاب المتضررين من عدم القدرة على الوصول إلى الجامعة (12484) طالبا بسبب قطع الطرقات والحصار المفروض على المدينة.

أما في المعاهد الفنية والتقنية بالمدينة فقد بلغ متوسط عدد الطلاب قبل الحصار (10,300) طالب في العام، بينما انخفض العدد إلى (2136) بعد الحصار، أي أن الطلاب الذين لم يتمكنوا من الوصول للتعليم بفعل الحصار (8337) طالبا، كما وثق المركز في قطاع التعليم الأساسي والثانوي إغلاق (31) مدرسة بسبب الحصار والحرب بالمدينة، وتضرر بفعل إغلاقها (32,200) طالب، فيما بلغ عدد الكوادر النازحة من العاملين في قطاع التعليم الأساسي والفني والمهني (10464) شخصا، فيما بلغت الأضرار الناتجة عن الحرب والحصار في القطاع التعليمي مبلغ (81.262.135) دولارا، توزعت بين دمار كلي وجزئي للمباني، وتدمير وضياع تجهيزات أثاث وتجهيزات مكتبية ووسائل نقل ومواصلات ومولدات للطاقة الكهربائية، فيما بلغت الخسائر البشرية للفطاع التعليمي (883) وفاة، و(4725) نزوح، (20) إعاقة، (268) هجرة خارجية، (157) هجرة داخلية.

 

منشآت معزولة

كما ركز التقرير أيضا على قطاع الصناعة والتجارة والذي يعتبر من أكثر الأنشطة الاقتصادية التي تأثرت بالحرب والحصار بصورة كبيرة، حيث تقع أهم المنشآت الصناعية والتجارية في المناطق التي تخضع لسيطرة مليشيا الحوثي، منها مجموعة شركات "هائل سعيد أنعم وشركائه" و"مصنع السمن والصابون" و"مصنع اسمنت البرح"، وقد أدى الحصار الذي فُرِض على مدينة تعز إلى "عزل هذه المنشآت المهمة عن مركز المحافظة، وفقدان المئات من أبناء المدينة لوظائفهم فيها، حيث بلغ إجمالي الأضرار التي لحقت بقطاع الصناعة خلال فترة الحرب والحصار مبلغ (22.364.606) دولارا، تمثلت تلك الأضرار بتدمير وضياع تجهيزات آلية وسلع مخزنة، وأثاث ووسائل نقل، كما بلغ إجمالي الأضرار التي لحقت بقطاع التجارة نحو (2.581.754) دولارا، تمثلت تلك الأضرار بتدمير وضياع تجهيزات آليات وسلع مخزنة، وأثاث ووسائل نقل.

 

خسائر قطاع الكهرباء

كما تضررت الكهرباء أيضا من فعل الحرب والحصار الذي لا زال مفروضا حتى هذه اللحظة، فقد "كانت المدينة تعتمد بشكل أساسي في الطاقة الكهربائية على محطة المخا التي كانت تنتج (160) ميجاوات، ومحطة عصيفرة التي تنتج (15) ميجا وات"، بيد أن الحرب أدت إلى تدمير المحطتين وخروجهما عن الخدمة، وحرم السكان من مصدر الطاقة الوحيد منذ تسعة أعوام، الأمر الذي كان له بالغ الأثر في خلق تبعات كبيرة على القطاع الصحي والخدمي بالمدينة اللذين توقفا عن تقديم خدماتهما خلال فترة الحصار المطبق، الذي استمر تسعة أشهر، كما تضررت شبكات نقل وتوصيل التيار الكهربائي، الأمر الذي أخرج الشبكة العامة للكهرباء عن الخدمة منذ بداية الحرب -يتابع التقرير- إذ إن "معظم الناس يعيشون من بداية الحرب بدون طاقة كهربائية ويتكبد السكان تكاليف باهظة لتوفير بعض من مصادر الطاقة بوسائل أخرى.

وقد بلغت الأضرار التي تعرض لها قطاع الطاقة مبلغ (36.767.437) دولارا، شملت أضرارا في المباني، وتدمير وضياع تجهيزات آلية وسلع مخزنة وأثاث ووسائل نقل، كما بلغ إجمالي الخسائر البشرية لهذا القطاع (207) حالة وفاة، و(314) حالة نزوح".

ويجمل المركز الأمريكي للعدالة في تقريره خسائر القطاع الخاص والشركات التجارية التي بلغت نسبة غير مسبوقة، حيث يؤكد أن عدد المؤسسات والشركات والمصانع التجارية بلغت قبل الحصار (100) شركة بينما انخفضت بعد الحصار إلى (17) مؤسسة، فيما بلغ عدد الوكالات التجارية والموردين التجاريين قبل الحصار أكثر من (400) وكيل ومورد، بينما أصبح العدد بعد الحصار (صفرا)، وبلغ عدد المتضررين من عمال القطاع الخاص بفعل الحصار (9.000) عامل بسبب ما تعرضت له المنشآت من دمار كلي أو جزني بفعل الحصار والحرب، حيث كان عدد العمال قبل الحصار (18.000) عامل.

كلمات دالّة

#اليمن