فيس بوك
جوجل بلاس
وفد من الإصلاح يشارك في حفل ذكرى تأسيس جمهورية الصين والعلاقات اليمنية الصينية
دور الاصلاح في حشد القبيلة للحفاظ على الجمهورية والهوية الوطنية
الإصلاح بسقطرى يحيي الذكرى الـ34 للتأسيس ويؤكد على مواصلة دوره النضالي والوطني
الإصلاح.. تحذير مبكر من عودة الإمامة ومواجهة مفتوحة لنسف أفكارها الضالة
توحيد القوات العسكرية والأمنية.. أولوية في تصور الإصلاح لمشروع الدولة
رئيس تنفيذي الإصلاح في المهرة: حضورنا قوي والقضية الجنوبية أولوية
رئيس تنفيذي الإصلاح بحجة: ذكرى تأسيس الحزب محطة لاستلهام دوره السياسي
"من لا يحترمنا لن نحترمه.. صوروا كلامي هذا وأرسلوه للحوثي، لسنا خائفين منك، أنت لست سيدًا ونحن من ألبسناك البدلة"، هكذا تحدث الشيخ فارس الحباري أحد مشايخ قبيلة أرحب، وأحد الموالين لمليشيا الحوثي والمُعين من قبلها محافظًا لمحافظة ريمة، أمام حشود غفيرة من أبناء القبيلة بصنعاء، والذين طالبوا الحوثي بتسليم أحد المتهمين بقتل أحد أبناء قبيلة أرحب.
لم تكن هذه الكلمات تخرج عبثا، وليست مجرد تصريحات عابرة، فهي بلا شك علامة فارقة في تحديد علاقة الحوثي بالقبائل اليمنية، وخصوصًا الواقعة في طوق صنعاء، والتي أخذت تتآكل يومًا بعد آخر، وتتجه بقوة صوب الصراع المرير الذي باتت ملامحه ظاهرة بصورة أكبر من ذي قبل، لتبدو القبيلة عصية على تطويع الحوثي رافضة استخدامها لخدمة مشروعه.
تكشف هذه التصريحات التي جاءت بالتزامن مع تصريحات لقيادي حوثي آخر يدعى صادق أبو شوارب من قبيلة حاشد، بجلاء عن العلاقة المتوترة بين القبائل ومليشيا الحوثي، والتي بدأت تتدحرج ككرة الثلج، ما تلبث أن تكبر وسرعان ما تنفجر لتعيد إلى الأذهان معادلة القبيلة والسلطة والمألات التي تكررت على الدوام في تاريخ زيدية الحكم في اليمن.
كما تكشف هذه التصريحات غير المسبوقة، عن مواصلة مليشيا الحوثي لنزيف تحالفاتها مع القبائل في مناطق سيطرتها، بعد أن استخدموها لتجنيد عشرات الآلاف خلال سنوات المواجهة مع القوات الحكومية على مدى عشر سنوات، فمن أرحب إلى حاشد، ومن حراز إلى الحدأ وبني حشيش، وآنس ورداع، تتآكل علاقة المليشيا برجال القبائل وتنحو صوب الصراع بوتيرة متزايدة منذ مطلع العام الجاري.
مواجهات مع القبائل
سنحاول رصد أبرز المواجهات التي اندلعت بين مليشيا الحوثي والقبائل اليمنية في عدد من المحافظات منذ مطلع العام الجاري، أخرها يوم السبت الماضي، مع قبيلة الحدأ بمحافظة ذمار، حيث نفذت مليشيا الحوثي الإرهابية، حملة مسلحة على قرية الزور في مديرية الحدأ بمحافظة ذمار، واختطفت عشرات المواطنين.
وحسب المصادر، فإن مليشيا الحوثي اقتحمت القرية وخطفت نحو 40 شخصاً من أبنائها بما في ذلك الطلاب من المدرسة، وأطلقت النار العشوائي على المواطنين واعتدت على مزارعهم ونهبت ممتلكاتهم، مشيرة إلى أنه وإزاء تلك الانتهاكات تبادل عدد من أبناء القرية النار مع الحملة الحوثية ما أدى إلى مقتل أحد عناصر المليشيا، وإصابة 2 من أبناء القرية.
وذكرت المصادر، أن الحملة جاءت عقب خلاف بين اهالي قرية (الزور ـ ثوبان) مع أهالي قرية (نشال ـ نصرة) حول أراضي متنازع حولها ومنظورة لدى المليشيا التي انحازت للطرف الآخر، وحمّل أهالي القرية، محافظ مليشيا الحوثي في ذمار، القيادي محمد البخيتي، مسؤولية إشعال الفتنة بين أبناء المنطقتين وانحيازه لصالح طرف في قضية متنازع عليها.
وكانت مليشيا الحوثي قد دخلت في مواجهة مع قبيلة "الحداء" في محافظة ذمار، على خلفية اعتقال رئيس نادي المعلمين الشيخ أبو زيد الكميم، حيث قامت باختطافه قبل الإفراج عنه بعد نحو ثمانية أشهر، بعد ضغوط القبائل وتهديداتهم بالتصعيد، بعد اتهامه بقيادة الاحتجاجات المطالبة بصرف مرتبات المعلمين الموقوفة منذ ثمانية أعوام.
قبيلة همدان
قبيلة همدان هي الأخرى، لا تزال تشهد مناطقها توترا كبيرا، وسخطا شعبيا جراء محاولة المليشيا تفتيت القبيلة، وتقسيم مديرياتها وضم أجزاء منها لمديريتي معين وبني الحارث التابعتين لأمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، وهو ما رفضته القبيلة ونفذت اعتصامات مفتوحة رفضا لهذه القرارات.
وشهدت صنعاء مظاهرات لأبناء قبيلة همدان خلال شهر مايو الماضي، رفضًا للتوجيهات الحوثية بانتزاع منطقة شملان من القبيلة وضمها إلى مديرية معين، إضافة إلى مناطق أخرى وضمها لمديرية بني الحارث؛ بهدف السيطرة على الأراضي وتقسيم القبيلة، وهو ما اعتبرته خطوة نحو تفكيك قبائل طوق صنعاء والسطو على أراضيهم وممتلكاتهم.
وكانت المليشيا الحوثية قد دخلت في مواجهة مع قبيلة «بني حشيش»؛ بسبب استيلاء قادة في الجماعة على محاجر المنطقة وتنكيلهم بقبيلة «الجاهلية» في منطقة همدان بمحافظة صنعاء، قبل أن تذهب لاستعداء قبيلة «آنس»، التابعة لمحافظة ذمار، وهي من القبائل الحليفة لها، حيث قاموا باعتقال مدير «شركة برودجي للأنظمة»، ومصادرة الشركة، وإصدار حكم بإعدامه، وسط تجاهل تام للاحتجاجات القبيلة التي نفذتها قبيلة آنس، ومطالبها بالإفراج عنه وإعادة شركته.
بالتزامن، شهدت مديرية ماوية في شرق محافظة تعز، التي يسيطر عليها الحوثي، خلال شهر مايو الماضي، اشتباكات بين حملة حوثية وعسكري في قوات النجدة مناهض للحوثي كان الحوثيون قد اختطفوه قبل سنوات أثناء التصدي لهم بمنطقة الحمية وأُفرج عنه ضمن صفقة تبادل أسرى مع القوات الحكومية.
زيادة الصراعات القبلية
وكان «مشروع بيانات النزاعات المسلحة»، قد حذر في وقت سابق، من زيادة الصراعات القبلية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وقال إنها بلغت أعلى مستوى من العنف خلال الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة.
ورأى المشروع أن ذلك يكشف حجم التباينات في أوساط قيادة الحوثيين أولاً، واستحقاقات الأطراف القبلية المتحالفة معها في الحرب، التي تطالب بنصيبها من المكاسب والسلطة، بعد أن استحوذ قادة الجماعة على أغلب المناصب والأموال.
وبحسب المشروع، الذي يراقب النزاعات المسلحة حول العالم، فإن العامل الأساسي المشترك الذي أشعل فتيل النزاعات المحلية هو وقف الأعمال العدائية على المستوى الوطني؛ لأن الهدنة سمحت بعودة رجال القبائل إلى أماكنهم الأصلية؛ مما أدى إلى إشعال الخلافات التي لم يتم حلها.
كما أن التهدئة حررت موارد الدولة التي يستغلها الحوثيون؛ لتغطية نفقات الحشد والمقاتلين، وتم توجيه هذه الموارد نحو الحملات الأمنية، لقمع معارضيها بما فيها القبائل الموالية لها وخصوصا في مناطق طوق صنعاء.
تصاعد التوترات
مع بداية العام الجاري، بدأت التوترات بين الحوثيين والقبائل اليمنية تتصاعد بشكل ملحوظ، ويرى مراقبون أن هناك عدة عوامل ساهمت في هذا التصعيد، من بينها، استمرار مليشيا الحوثي في تهميش القبائل وتحويلهم إلى مجرد أدوات لتمرير مشروعها الطائفي.
كما زادت حدة الانتهاكات التي قامت بها مليشيا الحوثي ضد أبناء القبائل، حيث زجّت بعشرات من مشايخ القبائل في سجونها، بعضهم كان لهم دور بارز في تعبيد الطريق أمامها للسيطرة على العاصمة صنعاء والمحافظات نهاية 2014.
كما سعت المليشيا لتحجيم دور القبائل، واقتصار دورهم على مجرد حضور الفعاليات الطائفية أو الوقفات الاحتجاجية وغيرها من الفعاليات التي تقوم بها بين فترة وأخرى، دون مراعاة لدور القبيلة في تعزيز اللحمة الوطنية، والسلم الاجتماعي.
ويرى مراقبون، أن مليشيا الحوثي عملت على تنصيب عدة مشايخ موالين لها لمواجهة مشايخ القبائل المعروفين، في إطار مساعيها الرامية لزعزعة القبيلة عبر إحلال مشايخ جدد متجاوزين المشايخ المعروفين لضمان ولائهم، نظرا لانعدام الثقة بين المليشيا والقبائل.
خيارات القبائل
وإزاء ما تقوم به مليشيا الحوثي وما قامت به ضد القبائل في مناطق سيطرتها، وتحول العلاقة بين الطرفين من التحالف إلى الصدام، يتوقع مراقبون أن توحد القبائل اليمنية صفوفها، وتعزز وحدتها؛ لتقوية موقفها في مواجهة الحوثي، اضافة إلى التحالف مع القوات الحكومية والمقاومة الشعبية.
وحسب مراقبين، فإن على القبائل اليمينة كذلك، تأمين المناطق المحررة، وتعزيز تحالفاتها البينية لمواجهة التحديات التي تفرضها واقع المرحلة، والحفاظ على الروابط الاجتماعية والقبلية، وتعزيزها لضمان ولاء أفراد القبائل وتماسكهم في مواجهة التحديات.
كما ينبغي على القبائل اليمنية العمل على حل النزاعات الداخلية لضمان وحدة الصف القبلي وتجنب الانقسامات التي قد يستغلها الحوثيون لبث الفرقة والانقسام بين القبائل، لتحقيق مشروعهم الطائفي، ناهيك عن ضرورة مشاركتها الفاعلة في جهود السلام الدولية والإقليمية كطرف رئيس لضمان حصولها على دور فاعل في مستقبل اليمن السياسي.
وحسب مراقبين، فإن القبائل اليمنية لا تزال لاعبًا أساسيًا لا يمكن تجاهله في أي حل مستقبلي للنزاع في اليمن، فيما تسعى مليشيا الحوثي لتحجيم دور القبائل وجعلها اداة لخدمة مشروعها، وهو ما ترفضه القبائل وتعمل لأجل يكون لها اليد الطولى، بحيث لا يمكن للحوثي تجاوزها.
فبعد عشرات سنوات من الحرب في اليمن، لا تزال القبائل تلعب دورًا حاسمًا في تغيير موازين القوى على الأرض، ويثبت ما تقوم به القبائل في مواجهة مباشرة وغير مباشرة مع الحوثيين في عدد من مناطق سيطرتها أنها عصية على التطويع، ولن تكون أداة بيد جماعة ترى فيهم مجرد أدوات وبيادق بيد الجماعة لتحقيق مشروعها الطائفي وحسب.