فيس بوك
جوجل بلاس
رئيس دائرة النقابات بإصلاح المهرة يطالب بسرعة إطلاق رواتب موظفي المحافظة
الهجري: انتفاضة 2 ديسمبر إضافة لمعركة الخلاص الوطني نحو استعادة الدولة
المهرة.. إصلاح سيحوت والمسيلة يحتفلان بذكرى الاستقلال ويشيدان بتضحيات اليمنيين في معركة التحرير
التكتل الوطني: جريمة قصف سوق مقبنة وقتل المدنيين يكشف قبح وبشاعة مليشيا الحوثي
رئيس الهيئة العليا للإصلاح يهنئ رئيس وشعب الإمارات باليوم الوطني
الإصلاح بوادي حضرموت ينظم ندوة بذكرى الاستقلال ويؤكد على توحيد القوى الوطنية نحو استعادة الدولة
التجمع اليمني للإصلاح.. مواقف مبدئية ثابتة ونضال مستمر (1) محافظة إب
الإصلاح بعدن يهنئ بعيد الاستقلال ويدعو لتوحيد الصف لمواجهة الأخطار واستعادة الدولة ومؤسساتها
30 نوفمبر.. دور الاصطفاف الوطني في مقاومة الاحتلال البريطاني حتى الجلاء
توحيد الصفوف.. دور الإصلاح في حشد القوى الوطنية لمواجهة الانقلاب واستعادة الدولة
الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني أحد الشخصيات الكبيرة والمشهورة في اليمن وعلى مستوى العالم الإسلامي. له حضور فاعل في المجال العلمي وفي الحياة السياسية والحياة العامة.
نشأ في كنف والده وانتقل معه إلى عدن، ثم سافر إلى جمهورية مصر العربية لمواصلة دراسته العليا، إلا إنه وبعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، عاد إلى الوطن مع أبي الأحرار القاضي محمد محمود الزبيري رحمه الله، ورافقه طوال نضاله بعد ثورة 26 سبتمبر حتى استشهد وهو بجواره على جبال برط.
كان الزييري-رحمه الله- يعتمد عليه في الكثير من المهام والأعمال، وكان هو الوسيط في زواجه بابنة المناضل الأستاذ عبد السلام صبره رحمه الله، ولمكانته منه جعله الزبيري الوصي على أسرته من بعده، وقد كان الشيخ عبد المجيد اليد اليمنى التي يعتمد عليه المناضل الزبيري في كثير من القضايا، وكان حينها في سن الشباب أشد مايكون نشاطاً وحماسة وعزماً.
وللشيخ عبدالمجيد الزنداني جهوداً مشهودة في التصدي للاستبداد والفكر الإمامي الكهنوتي، فكان مشاركاً في توعية الشعب بأهمية النظام الجمهوري عبر إذاعة صنعاء، وبيان أن الجمهورية ليست ضد الإسلام -كما روج الإماميون- وقد ظل مع الاستاذ الزبيري في مرحله نضاله ورافقه في صنعاء، وعند خروجه إلى القبائل حتى لحظة اغتياله في جبال برط.
واصل الشيخ عبد المجيد الزنداني نضاله على طريق الزبيري، واستمر يحمل راية التوعية والتنوير والمشاركة في تثبيت الجمهورية والدفاع عنها، واهتم بالتعليم ونشر العلم، وأسهم في يمننة المناهج الدراسية وتنقيتها من الشبهات والنظريات الباطلة كنظرية دارون في التطور، التي كانت تدرس في المرحلة الثانوية كنظرية صحيحة مُسَلّمٌ بها!
عمل مديراً عاماً للتربية العلمية في وزارة التربية والتعليم، وفي تلك الفترة كانت موجة الإلحاد طافحة وقوية سواء في اليمن أو في الدول العربية الأخرى، فقام الشيخ عبد المجيد الزنداني مع الكثير من العلماء بالتصدي لتلك الموجة، والرد على الشبهات التي تشكك في العقيدة الإسلاميَّة، وألف كتاب " توحيد الخالق" الذي اعتمد فيه على الحقائق العلمية والإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وعلى الأدلة العقلية والعلمية التي تناقش الملحدين والشيوعيين، وكانت له معهم صولات وجولات انتهت بفضل الله بهزيمة الفكر الإلحادي وتراجعه ورفعه للراية البيضاء، والتسليم بأن الاسلام هو دين الله الخالد والحق الذي به يصلح حال البشرية في كل مجالات الحياة، وأن عقيدة التوحيد هي العقيدة الصحيحة.
وكانت للشيخ الزنداني مناظرات مع منكري الإيمان بالله خالق الكون والحياة، ومن أعجبها مناظرة حدثت عام 1972م في مدرسة عبد الناصر بصنعاء مع أحد المدرسين السوريين الذي كان يبشر ويدعو لعقيدة التثليث، ولم يتمكن ذلك الأستاذ السوري المسيحي أن يصمد أمام الحجج والبراهين التي قدمها الشيخ عبدالمجيد الذي أثبت بالأدلة العقلية وما ورد في كتب الأناجيل أن الله سبحانه وتعالى واحد لاشريك له، ولكن المناظرة انتهت بمعركة حامية الوطيس سالت فيها الدماء، بين أنصار الشيخ المؤمنين بوحدانية الله جل جلاله وأولئك الذين تعصبوا مع الأستاذ المسيحي، ليس لأنهم نصارى ولكن كراهية للدعاة والعلماء، وانتصاراً لما يظنونه تقدماً ورُقِيّاً، وانتهت المواجهة بأن سيق الفريقان إلى السجن، وتلك قصة معروفة ومشهورة، تدل على المستوى الذي كانت قد وصلت اليه الدعوات المنحرفة التي تجاهر بالكفر والإلحاد!
ولم يقتصر جهد الشيخ عبدالمجيد على مواجهة الفكر الإلحادي والتغريبي فحسب، بل مضى على أسلوب استاذه الزبيري وطريقته في تجميع العلماء وحشدهم حول الكثير من القضايا التي تهم المجتمع سواء ما يتعلق منها بمحاربة المنكرات أو الدعوة إلى تيسير الزواج، بما في ذلك الخروج إلى القبائل لإصلاح ذات البين وإنهاء الثارات وإطفاء الفتن. وكانت تلك الأعمال من ضمن ما عرف عن الشيخ رحمه الله.
وقد تبنى إقامة معهد للتوعية والتنوير تم فتحه في مدرسة جمال جميل بالتحرير، سمي معهد التوجيه والإرشاد وكان يمارس نشاطه من بعد العصر، ويشارك في الدروس والمحاضرات علنا مع دعاة من خريجي الأزهر والكليات الإسلامية.
وتبنى أيضاً تشكيل الجمعية العلمية اليمنية التي جمعت العلماء من كل الأطياف والمذاهب الموجودة في اليمن من زيدية و شافعية، وكان كبارهم لا يرد له طلباً، لأنه يطلب منهم مواقف تنصر الإسلام وتدافع عن الدين، وما كان بوسع أحد منهم أن يتخلى عن مثل هذه المطالب، وشارك أولئك العلماء في تأليف كتب التربية الإسلامية للتعليم العام وكتابة الفقه المدرسي المنتخب من الكتاب والسنة.
وكان الشيخ عبد المجيد ينزل بنفسه لتدريس كتاب التوحيد في مدارس صنعاء والحديدة وتعز وفي المدن الأخرى، ويظل في بعض المحافظات شهراً كاملاً يدرب المدرسين ويعلم الطلاب ويرد على الشبهات التي كانت تثار خاصة مع وجود أنشطة الفكر الإلحادي الذي كانت تتبناه المراكز الثقافية السوفيتية، وكذا السفارة الصينية التي كانت تنشر كتب وأفكار ماوتسي تونج فيما كان يسمى بالثورة الثقافية.
وكان الشيخ عبدالمجيد يلقي المحاضرات والدروس العامة في المساجد وغيرها والتي يقبل عليها الخاصة والعامة. وفي صنعاء لم ينقطع عن المحاضرات والدروس، وكان يخطب الجمعة في مسجد قبة المتوكل حيث كان يرتاد المسجد الكثير من المثقفين والشخصيات الاجتماعية والسياسية، التي تجد في خطب الشيخ عبد المجيد الزنداني ما يجيب على تساؤلاتها ويشفي صدورها.
واستجدت أحداث في عهد الرئيس عبدالرحمن الإرياني رحمه الله اضطُر فيها الشيخ عبد المجيد أن يغادر صنعاء واستقر في قبيلة آل أبو جبارة شمال صعدة وأسس معهداً للتعليم، وظل هناك حتى جاء حكم الرئيس إبراهيم الحمدي الذي عينه رئيساً لمكتب التوجيه والإرشاد، فواصل رسالته بنشر الوعي الإسلامي واستضاف الكثير من كبار المفكرين وعلماء العالم الإسلامي أمثال الشيخ محمد الغزالي، والدكتور أحمد العسال والدكتور جعفر شيخ ٳدريس، والدكتور يوسف القرضاوي والأستاذ يوسف العظم، والشيخ أبو الحسن الندوي والشيخ حسن أيوب، وعدد كبير من الدعاة والعلماء الذين كانوا يأتون الى اليمن ويلقون محاضرات قيمة..
ظلت قضية تحكيم الشريعة الإسلامية وإثباتها في الدستور اليمني من القضايا التي تبناها أبو الأحرار محمد محمود الزبيري في مؤتمر عمران عام 1963م، وعلى نفس النهج استمر تلميذه الشيخ عبدالمجيد الزنداني يحشد جهود العلماء والمشايخ والسياسيين ورجال القانون ليتم النص في الدستور بأن الشريعة الإسلامية مصدر القوانين جميعاً، شاركه في ذلك الأستاذ عبده محمد المخلافي والشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمهما الله وآخرون، فتم تثبيت حكم الشريعة الإسلامية بحيث لا يتناقض معها أي قانون أو أي نظام أو تشريع.. وكان البعض يرى بأن هذا الأمر لا يمثل أولوية، ولكن الشيخ عبدالمجيد ومن معه ممن تبنوا هذا الموضوع أرادوا إغلاق الباب في وجه من يريد الانتقاص من الشريعة الإسلامية حتى لا يفتح المجال للتشريعات الوضعية المستوردة التي تخالف الإسلام، وظل هذا محل اهتمام الشيخ عبد المجيد، لا يفرط فيه، وله صولات وجولات استغلها بعض الحاقدين عليه لتشويه توجهه ودعوته.
وكان للشيخ عبد المجيد الزنداني حضور لافت حيثما حل وارتحل، وعندما انتقل من اليمن إلى المملكة العربية السعودية أنشأ الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وكان ذلك بالنسبة له فتحاً جديداً على مستوى العالم الإسلامي، وقد انبهر العلماء بمكانته وعلمه وقدراته، خاصة في مجال الإعجاز العلمي والإثبات بالأدلة العقلية والنقلية عقيدة التوحيد والرد على شبهات الملحدين والمشككين، وقد دعا الى مؤتمرات متعددة حضرها الكثير من علماء الطب والفلك والجيولوجيا وغيرها، من مختلف القارات وأسلم على يده الكثير منهم، وصار الإعجاز العلمي في القرآن والسنة معلم من المعالم التي طبعت حياة الشيخ الزنداني.
وبعد تحقيق الوحدة اليمنية عاد إلى اليمن وكان له ٳسهام في نشر الوعي ومخاطبة الجماهير، فمحاضراته التي يلقيها كانت لا تتسع لها إلا الميادين العامة، وشارك بفعالية في الاستفتاء على دستور الجمهورية حتى انتهى الأمر بالنص في الدستور على أن الشريعة الإسلامية مصدرٌ جميع التشريعات.
وبعد أول انتخابات نيابية بعد الوحدة عام 1993م، تم انتخابه عضواً في مجلس الرئاسة، وخلال تقلده هذا المنصب الذي لم يدم طويلا كان مثالاً للمسؤول الملتزم بالدستور والقانون الذي يفي بواجباته الوظيفية ولم يعهد عنه أنه تخلف عن واجب من الواجبات التي أسندت إليه، وكان نزيهاً طاهر اليد، فلم يأخذ شيئا من المال العام حتى الاعتماد المخصص له كان يوزعه بالكامل إما على الفقراء والمساكين المحتاجين أو لمن لديه مشروع عام من المشروعات التي تحتاج الى دعم، ولم يصل إلى يده من ذلك الاعتماد ريالا واحدا، ومن فضل الله عليه أنه كان حينها في غنىً أن يأخذ من الدولة شيئاً، وكان لا يقبل أي هدية أو عطاء من أحد، والهدايا التي قدمت له من السفراء الذين كان يقابلهم سلمها لمكتب الرئاسة عندما انتهى عمله في مجلس الرئاسة بعد أن تحول نظام الرئاسة إلى رئيس ونائب بدلا من رئيس وأعضاء مجلس رئاسة.
وفي حرب الانفصال عام 1994م كان له دور في حشد الجهد الشعبي لدعم الجيش في معركة الدفاع عن الوحدة، وذلك في سياق الجهود المشتركة الشعبية منها والقبلية والرسمية التي وقفت صفا واحدا للدفاع عن الوحدة والجمهورية ودحر الانفصال.
ونتيجة لذلك، ولدوره الوطني في نصرة الجمهورية والوحدة تعرض الشيخ الزنداني للكثير من الافتراءات والكذب والإساءات التي زعمت بأنه أفتى باستحلال قتال أبناء الجنوب، وكان الحقد والمماحكات السياسية وتصفية الخلافات القديمة هي الدافع لذلك البهتان، لأن القول بقتال شعب مسلم لا يرد على لسان عاقل، فكيف بعالم يعلم حرمة دم المسلم وماله وعرضه، وبالتأكيد فإن طبيعة الحروب التي تمت في الشمال أو في الجنوب كان لها أسبابها ودوافعها السياسية ولم تكن الفتوى الدافع لها. ومن حيث المبدأ فقد نأى الإصلاح وعلماؤه بأنفسهم عن الزج بالفتوى الدينية في خضم المعترك السياسي، ولم يعرف عن الإصلاح أو أحد دعاته- وبخاصة الشيخ الزنداني- إقحام الفتوى في الصراعات أو الحروب التي نشبت في شمال اليمن أو جنوبه، ولا يمكن تصور حدوث ذلك عقلا وشرعا وسياسة من قبل حزب سياسي مدني كالإصلاح أو من قبل أحد قادته الكبار كالشيخ الزنداني الذي آمن بالحوار والتعايش وأمضى جل عمره محاورا ومجادلا بالتي هي أحسن.
ومع ذلك فإن الشيخ عبدالمجيد طالب الذين اتهموه أن يأتوا بدليل مكتوب أو مسجل للفتوى المزعومة، فلم يثبتوا شيئاً من تخرصاتهم، فلجأ إلى القضاء وتقدم بدعوى ضد صحيفة الشورى التي نشرت ذلك الافتراء، وعجز أصحاب الصحيفة عن الرد على الدعوى، وتبين أنهم اختلقوا تلك الكذبة ونسبوها لصحيفة ألمانية لم يأتوا بها، وبعد المرافعات حكمت المحكمة بإغلاق الصحيفة لمدة ستة أشهر، مع الاعتذار للشيخ عبدالمجيد ونشر الاعتذار في ثلاثة أعداد متتالية.
ظل الشيخ عبد المجيد مشغولاً بالهدف الذي نذر حياته له وهو تثبيت الإيمان في النفوس وتفنيد شبهات المشككين وأعداء الإسلام فأسس جامعة الإيمان التي استقطبت الطلاب من مختلف محافظات اليمن، والتحق بها طلاب من كثير من دول العالم، لذلك لا تستغرب أن تجد طلاب الشيخ عبد المجيد الزنداني ينتشرون في القارات الست، وقد استغربت عندما زرت إندونيسيا فوجدت شخصاً قد سمى ابنه زنداني حباً في الشيخ عبدالمجيد الزنداني! وكثيراً ما يكون العالم مجحود القدر عند أبناء وطنه لكنه مشهور ومحبوب ومحل التقدير خارج بلاده كما هو الحال مع الشيخ عبدالمجيد عند الكثير من المسلمين خارج اليمن.
ومع ذلك فإن الشيخ عبدالمجيد لم يكن بعيداً عن الناس في اليمن، يعيش همومهم ويتبنى قضاياهم، ودروسه ومحاضراته متاحة للجميع حيث يستمع الناس منه مباشرة لمعاني الإيمان والتوحيد والإعجاز العلمي في القرآن والسنه بأسلوب رائع وواضح وميسر يخاطب العقول والقلوب.
وقام الشيخ عبدالمجيد بتشكيل هيئة علماء اليمن التي لها مواقف مشرفة وتصدر عنها بيانات في جميع القضايا المهمة في اليمن والعالم العربي والإسلامي.
ظل الشيخ الزنداني هدفاً لجهات غربية متعددة اتهمته زوراً وظلماً وبهتانا بالإرهاب، لكنها لم تجد على تهمتها دليلاً واحداً. حتى جاءت جماعة الحوثي لتقوم بالمهمة مقابل تمكينها من السيطرة على الحكم في اليمن.. وحدث للشيخ عبد المجيد ما حدث لغيره عندما هوجمت جامعة الإيمان واعتدي على حرسه الخاص وتم قتل بعضهم وتفجير سيارته، وعبثت الجماعة بالجامعة ومكتبتها فاضطر للتخفي حتى تمكن من الخروج من اليمن، وأخيراً استقر في تركيا بعد رحلة نضال طويلة وشاقة، وعلى الرغم من حالته المرضية إلا إنه استمر في أداء رسالته والتواصل مع علماء العالم الإسلامي نصرة لقضايا المسلمين في العالم وأولها قضية فلسطين.
والحديث عن الشيخ الزنداني وجهاده ذو شجون ويحتاج إلى كثير من التوسع. لكن سأكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.