الخميس 02-05-2024 05:19:40 ص : 23 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثية.. أداة إيران لاختراق الزيدية في اليمن وتطويعها لمشروعها

الثلاثاء 27 يونيو-حزيران 2023 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

لإيران مشروع توسعي إمبراطوري تسعى لتحقيقه بنفَس طويل، وتوظف لأجل ذلك كل ما أمكنها توظيفه من جماعات ومليشيات طائفية متطرفة، وتريد من تلك المليشيات والجماعات أن تكون مجرد توابع لها تأتمر بأمرها وتنفذ سياساتها، وتقف خلف ذلك آلة إعلامية تروج لخطاب المظلومية وثقافة الكراهية والعنف والإرهاب، وهو خطاب يلقى صدى لدى الطوائف الشيعية في العالم العربي، من بينها مليشيا الحوثيين في اليمن.

ونظرا لأن ما يمكن وصفه بالحاضنة الشعبية للحوثيين على المذهب الزيدي، فإن إيران اتخذت من الحوثيين (الجاروديين) وسيلة لاختراق ذلك المذهب وجرجرته إلى المذهب الجعفري الاثنى عشري، المعروف أيضا بـ"الرافضة"، للعمل تحت راية المشروع الفارسي الإمبراطوري وعمامة "الولي الفقيه"، رغم الخلاف القديم بين الزيدية والاثنى عشرية، حيث تسعى إيران لجعل مختلف الطوائف الشيعية تحت إمرتها، ولا تقبل أن تتعامل معها بندية، فهي تريد أن تتزعم الطوائف الشيعية، ولا تقبل بظهور طائفة منافسة لها على زعامة الطوائف الشيعية بشكل عام.

 

- الحوثيون وإيران.. علاقة قديمة

بدأت علاقة إيران بمؤسسي مليشيا الحوثيين ودعمهم في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، عندما زار وفد من كبار فقهاء الإمامية (منهم بدر الدين الحوثي ومجد الدين المؤيدي) طهران سنة 1980، للحصول على دعمها للمشروع الإمامي، الذي بدأ يعمل حينذاك لاستعادة دوره بعد نحو عشر سنوات على انتهاء الحرب بين الجمهوريين والملكيين عقب ثورة 26 سبتمبر 1962، ثم نشط الدور الإيراني في تسعينيات القرن الماضي، إذ استغلت إيران تحسن علاقتها ببعض الدول العربية بعد انتهاء حربها مع العراق، فاتخذت من ذلك التحسن ستارا لمد نفوذها إلى اليمن وغيره بشكل تدريجي وغير لافت للانتباه، حتى وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم.

وكانت البداية الفعلية لاختراق إيران المذهب الزيدي الشيعي في اليمن واستقطاب عدد من أتباعه الذين تحولوا إلى المذهب الاثنى عشري، المذهب الرسمي لإيران، بعد حصولهم على بعثات دراسية إلى هناك تمت بموافقة السلطات اليمنية.

هذا الاختراق الإيراني المبكر للزيدية شجعها على دعم ما يمكن وصفه بـ"الإحياء الزيدي"، لكنه إحياء كان هدفه حرف أتباع المذهب الزيدي إلى المذهب الاثنى عشري، وكان ذلك "الإحياء" يتخذ من مواجهة الفكر السلفي غطاء لما تهدف إليه إيران من اختطاف للزيدية وتطويعها لمصلحتها.

وفي النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، استغلت إيران تحسن علاقتها مع اليمن لعقد كثير من الاتفاقيات التي ركزت على الجانب الثقافي والتعليمي لتتمكن طهران من التغلغل في المجالات المهمة التي تستطيع عبرها الترويج لمذهبها الشيعي وإيجاد قنوات حوار مع حلفائها في اليمن (مليشيا الحوثيين وغيرها).

كما استغلت إيران شيعة العراق الذين كان مرحبا بهم في اليمن بحكم العلاقة القوية التي كانت تربط صنعاء ببغداد، والذين أتوا إلى اليمن بأعداد كبيرة طوال تسعينيات القرن الماضي نتيجة الحصار الاقتصادي على العراق، وقد توغل الشيعة العراقيون في كثير من الأجهزة الحكومية التربوية والصحية مستغلين الثقة الممنوحة لهم من قِبل الحكومة اليمنية في نشر المبادئ والأفكار الاثنى عشرية، لا سيما في أوساط التجمعات الزيدية، ولوحظ حينها التزايد الشديد للمكتبات الشيعية والتسجيلات التي تدعو إلى الفكر الشيعي.

وبفضل الأموال الإيرانية الكبيرة التي كانت تدعم مثل تلك الأنشطة، فقد حققت إيران اختراقات ملحوظة للزيدية، وعملت على تشكيل خلايا تبشيرية بالتشيع الاثنى عشري، وحاولت التقرب مع الحالة الشيعية الزيدية، من خلال عدد من الأنشطة، كدعوة عدد من ممثليها لزيارة طهران، تحت لافتات عدة كالمشاركة باحتفائية الثورة الخمينية ومؤتمرات الصحوة الإسلامية وغيرها.

 

- حسين الحوثي والتبشير بالاثنى عشرية

كان حسين الحوثي، الشقيق الأکبر لزعيم المليشيا حاليا عبد الملك الحوثي، من أوائل المنخرطين عمليا في المشروع الإيراني التخريبي في اليمن ومحاولة تطويع المذهب الزيدي للعمل تحت إمرة طهران وحرفه نحو الاثنى عشرية منذ عام 1991، ولأجل ذلك فقد شارك، أي حسين الحوثي، في تأسيس ما أطلق عليه "حزب الحق" في اليمن، وشارك في الانتخابات التي جرت عام 1993، وأصبح عضوا في البرلمان اليمني.

ووفقا لخطة النظام الإيراني، فقد كان مقررا أن يرفض تيار الحوثيين وهو في بداية نشأته مواجهة الحكومة اليمنية قبل تشكيله حتى لا يصطدم معها منذ البداية.

بيد أنه بعد ذلك، واستجابة لأوامر أوامر النظام الإيراني، انشق حسين الحوثي عن حزب الحق عام 1997، وشكل مجموعة مليشياوية باسم "تنظيم الشباب المؤمن"، وذلك علی غرار حزب الله اللبناني، وحول اسمها لاحقا إلى "أنصار الله" الذي ما زال قائما.

وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وجه النظام الإيراني بوصلة "تنظيم الشباب المؤمن" باتجاه الأفكار المناهضة للولايات المتحدة الأمريكية، کما بدأ التنظيم في الوقت نفسه بمعارضة الحكومة اليمنية، واعتُقل عدد من أعضاء "تنظيم الشباب المؤمن"، ثم بدأ ذلك التنظيم بمواجهة الحكومة عسكريا منتصف عام 2004، وعلى إثر تلك المواجهات قُتِل حسين الحوثي في نفس العام.

وكان حسين الحوثي، وشقيقه عبد الملك الحوثي، ووالدهما بدر الدين الحوثي، قد خضعوا لدورات تدريبية في مجالات دينية وسياسية وأمنية لمدة أکثر من سنة بمدينة قم الإيرانية، في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وتكررت زياراتهم لها بعد ذلك بشكل مستمر، وتفيد تقارير إعلامية بأن عبد الملك الحوثي اعتنق الفكر الشيعي الإمامي الممثل بالشيعة الاثنى عشرية، إلا أنه وبتوصية من النظام الإيراني امتنع عن إعلان ذلك حتی لا يصبح معزولا في صفوف الشيعة الزيدية.

وخلال المدة من 2004 وحتى 2011، شاب العلاقات اليمنية الإيرانية نوعا من الفتور والتوجس والريبة، نتيجة للاتهامات اليمنية المتكررة للحكومة الإيرانية بوقوفها وراء دعم وتشجيع مليشيا الحوثيين الإرهابية، وكان الدعم الإيراني للحوثيين يتزايد أثناء حروب صعدة الست، بعد أن كان ذلك الدعم خلال السنوات الماضية يتم تحت ستار التجارة والأعمال الخيرية والبعثات التعليمية.

وبعد أن بدأ الحوثيون تمردهم الثاني على السلطة اليمنية الشرعية، بعد التوقيع على المبادرة الخليجية وتسلم عبد ربه منصور هادي رئاسة البلاد، قدمت إيران دعما كبيرا للحوثيين، خاصة تهريب السلاح، وتم خلال تلك الفترة القبض على عدة سفن وزوارق إيرانية كانت في طريقها لتهريب السلاح للحوثيين، كما أُلقي القبض على عدة خلايا تجسسية تعمل لمصلحة إيران في اليمن، بلغ عددها ست خلايا.

كما مولت إيران، خلال تلك المدة، إنشاء وتأسيس أحزاب طائفية ومذهبية موالية لها، مثل حزب الأمة والحزب اليمني الديمقراطي، ومولت إنشاء قنوات فضائية ناطقة باسم الحوثيين أو تروج لمشروعهم، وأنشأت معسكرات تدريب للحوثيين في أرتيريا.

 

- من مظاهر الاختراق

هناك الكثير من مظاهر الاختراق الإيراني للزيدية في اليمن وجرجرتها نحو الاثنى عشرية عبر الحوثيين، ومن نماذج ذلك الاختراق، من الناحية العقائدية، إحياء مآتم عاشوراء، وإحياء أربعينيات الحسين بن علي، وإحياء ما يسمى بعيد الغدير (يوم الولاية)، والاحتفاء بمناسبة المولد النبوي ونهب أموال المواطنين والتجار بذريعة تمويل الاحتفاء بتلك المناسبة، وأيضا مزاعم إعلان البراءة من المشركين، وإحياء شعار الصرخة الخمينية في المساجد، خصوصا في أدبار الصلوات والجمعة والأعياد، وسائر المناسبات الأخرى، وجعله من فروض الأعيان على أتباعهم، لا الكفايات، كأقل واجب في ما يسمونه واجب الجهاد والبراءة من أعداء الله.

ومن الناحية السياسية، فالاختراق الإيراني الزيدية يتمثل في اتباع نفس السلوك التوسعي لبسط السيطرة والنفوذ على عدة محافظات يمنية، وتطبيق السياسة الإيرانية في منطقة الأحواز السنية في إيران وسائر محافظات العراق السنية، وكذلك سياسة حزب الله في لبنان، على حد سواء.

يضاف إلى ذلك أسلوب الحشد الجماهيري والخطابات الرنانة وإظهار الشعارات الخادعة، كالعداء الصوري لأمريكا واليهود وأعوانهم، والإشادة دوما بدولة إيران وحزب الله، والإعجاب الشديد بسياستهم، ويظهر ذلك في ملازم حسين الحوثي، وتبني نفس المواقف التي تتبناها إيران.

وأخيرا الاختراق الاقتصادي، ومن نماذج ذلك: فرض ما يسمى بالخمس، وكثرة الإتاوات من ضرائب وواجبات لنصرة المقاتلين، وغير ذلك من أنواع التسلط، خصوصا على غير أتباع مذهبهم، والمتاجرة بالمخدرات والحشيش وغيرها.

كلمات دالّة

#اليمن