الخميس 02-05-2024 09:34:21 ص : 23 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

اختطاف السياسة وتجريفها.. محمد قحطان 3000 يوم خلف قضبان مليشيا الإرهاب

الأربعاء 21 يونيو-حزيران 2023 الساعة 07 مساءً / الاصلاح نت-خاص

 

 

تنطلق غداً الخميس حملة الكترونية، للتذكير بمُضي ثلاثة آلاف يوم، على اختطاف مليشيات الحوثي وإخفائها قسرًا للقيادي في حزب الإصلاح وعضو مؤتمر الحوار الوطني "محمد قحطان"، في واحدة من الجرائم التي ارتكبتها المليشيا الحوثية بحق رجال السياسة في اليمن.

منذ انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة في سبتمبر 2014، تتعرض الحياة السياسية في اليمن للتجريف بشكل غير مسبوق، فمن الانقلاب على الدولة ومؤسساتها الدستورية، إلى حملات الاختطاف والاخفاء القسري، والاغتيالات التي طالت عددًا من رجال السياسة والأحزاب السياسية والناشطين والصحفيين والحقوقيين وأصحاب الرأي، واختطاف رموزها واستخدامهم ورقة للابتزاز السياسي.

ويأتي في مقدمة تلك الرموز السياسية التي تعرضت للاختطاف والاخفاء القسري السياسي اليمني البارز محمد قحطان، الذي أمضى حتى الآن ثلاثة آلاف يوم على اختطافه من قبل مليشيا الحوثي من داخل منزله، واخفاءه قسرًا، منذ أبريل 2015، وحولت قضيته الإنسانية إلى ورقة ابتزاز ضد الشرعية.

لقد كان اختطاف مليشيا الحوثي للسياسي اليمني البارز محمد قحطان، واخفاءه قسرًا على مدى تسع سنوات، تأكيد واضح على الانتهاكات التي قامت بها مليشيا الحوثي ضد اليمنيين، بمختلف توجهاتهم وفئاتهم، وجرفت معهم الحياة السياسية برمتها، لتحل البندقية محل الحوار، والعنف والحرب مقام السياسة.

 

لماذا قحطان؟

معاناة كبيرة تعيشها أسرة السياسي الكبير محمد قحطان، منذ اختطافه قبل تسع سنوات، حيث توفي ثلاثة من عائلته منهم والدته وعمه وخاله، ناهيك عن معاناة الأسرة جميعها منذ اختطافه، وعدم سماح المليشيا لعائلته بالتواصل معه فضلا عن الإفراج عنه.

ورغم تبني الأمم المتحدة قضيته ومطالبتها الحوثيين أكثر من مرة بالإفراج الفوري عنه، إلا أن المليشيا الحوثية ترفض بشكل دائم السماح للصليب الأحمر بزيارته، ولم تستجب لكل تلك الدعوات التي أطلقها مجلس الأمن أو بيانات المبعوث الأممي المتكررة بشأنه.

ويرى مراقبون أن محمد قحطان مثّل سياسة اليمن طوال الفترة الماضية، وعندما كانت تنعدم الحلول كان الحل لدى "قحطان"، وأن الحاجة اليوم لقحطان أشد من أي وقت مضى، فاليوم تنعدم الحلول في "أسوأ أزمة عرفتها اليمن"، وعندما كانت اليمن بحاجة قحطان لم يخذلها؛ لكن الميليشيا ترفض حتى الإفصاح عن مكانه؛ لأنها لا تريد حلاً ولا تريد فكرة تنقذ البلاد والعباد من عبثها.

لقد أثبت المناضل الوطني محمد قحطان جسارة كبيرة عند دخول المليشيات إلى صنعاء في سبتمبر 2014م، وعرى خططهم في كل المجامع، وعند احتجاز المليشيات للرئيس الأسبق (هادي) كان قحطان الصوت الجسور المطالب برفع الإقامة الجبرية عنه، وعند وصول الرئيس هادي الى عدن هنّأه قحطان بسلامة الوصول.

إن مواقف قحطان الوطنية المؤمنة بزوال انتفاشة المليشيات، لم يطقها القادمون من الكهوف، بل أخافت دعاة الخرافة، ذلك أن قحطان الضارب في جذور القيم الوطنية لم يكن ليقدم خطابا مداهنا، ولم يكن لمثله أن يهادن، قحطان مهندس الإجماعات الوطنية أخاف اللاعبين على وتر الانقسامات والتشظي، ولذا أختطفوه.

 

اختطاف قحطان غياب السياسة

لم يكن اختطاف مليشيا الحوثي للسياسي البارز محمد قحطان من فراغ، وإنما عن عمد وقصد، لمعرفتهم الدور الكبير الذي يمثله، ليس باعتباره رمزاً سياسيا وحسب بل ولكنه فكرة ومبدأ، ولذا كان ولا يزال قحطان في قلب التضحية يلهم اليمنيين قولا وفعلا، ما يليق به وبالقضية اليمنية.

وحسب الكاتب والأديب اليمني جمال أنعم فإن قحطان قصة كبيرة وغنية بالمعاني والدلالات، فجسد قحطان هناك، بينما روحه وأفكاره ومساره وتاريخه هنا يتحرك في كل الاتجاهات يتجاوز السجن والسجان. مؤكدا أن ما يبقي قحطان حيًا هو الحفاظ على قضيته حيّة، وإعطاء تضحيته معناها وأبعادها الوطنية والإنسانية ورمزيتها الكبرى على صعيد المقاومة والنضال.

 

اختطاف قحطان مؤشر على انتهاء السياسة

بالمقابل يرى نائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح عدنان العديني، بأن اليمن خسر توجهاً سياسياً كان يعبر عنه قحطان وهو ترك التصادم، والجنوح للتجاور السياسي، إلا أن مليشيا الحوثي حينها وبدعم من إيران وأطراف أخرى قد اختارت التصادم والمواجهة مع الكل، لذا سارعت إلى تغييب قحطان مبكراً، قبل التحرك إلى مواجهتها على كل الصعد.

واعتبر العديني، الاختطاف الحوثي لقحطان، مؤشراً على انتهاء السياسة واختطافها وإلغاء عهد كامل من العمل السياسي.. لافتا إلى أن عودة السياسة غير ممكن دون إطلاق قحطان، وخروج قحطان يعني عودة العمل السياسي والحريات السياسية للناس، وانتهاء مرحلة الحرب، وعدم إطلاق قحطان يعني البقاء في مرحلة الحرب، مهما كان الحديث عن عملية السلام.

 

انتهاكات حقوق الإنسان

منذ انقلابها على الدولة، تصدرت مليشيا الحوثي قوائم الانتهاكات التي ارتكبتها بحق اليمنيين المدنيين، رجالا ونساء وأطفال، حيث انتهكت كل حقوق الانسان التي كفلها الدستور والإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي أعلنتها الأمم المتحدة 1948، وصادقت عليها اليمن، كواحدة من أوائل الدول في المنطقة.

وبالنظر إلى وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فقد وضعت أهم مضامينها "احترام حرية التعبير، وحرية التجمع السلمي، والتحرر من الخوف والحاجة، واحترام حقوق الأفراد... وغيرها)، والمتتبع لما قامت به مليشيا الحوثي بحق اليمنيين منذ انقلابها على الدولة، يلحظ المرء انتهاكها لكل الحقوق الأساسية التي كفلها الدستور، والمواثيق الدولية.

لقد جرّمت المليشيا حرية التعبير، ووضعت السياسيين ومنهم الأستاذ قحطان والصحافيين والنشطاء في زنازينها، وحولت الصحافة والكلمة إلى تهمة تستوجب المحاكمة، باعتبارها خطر أعظم من المقاتلين في الجبهات كما قال عبدالملك الحوثي في أحد خطاباته، كما قامت المليشيا بتجريم حرية التجمع السلمي، حيث واجهت أي تجمعات سلمية بالحديد والنار.

كما قامت بانتهاك حقوق الأفراد، سواء الموظفين أو المدنيين، وجعلتهم تحت نار الخوف والحاجة، واختطفت الصحفيين، والسياسيين وعلى رأسهم محمد قحطان والعسكريين المفرج عنهم، فيصل رجب، واللواء محمود الصبيحي، وناصر منصور هادي، وانتهكت حقوقهم الإنسانية.

 

تجريف الحياة السياسة

باختطاف قحطان، جرفت مليشيا الحوثي الحياة السياسية في اليمن برمتها، ولا عجب فالمليشيا لا تؤمن بالسياسة وأدواتها السلمية، وباتت تضيق بالسياسة، والأحزاب السياسية التي باتت تراها خطرا على حضورها وطموحاتها.

إن محاولات المليشيا الحوثية استهداف الأحزاب اليمنية، باعتبار ذلك استهداف للحياة السياسية، ومحاولة تفريغها بحيث تصبح هشّة وقابلة للتبديد والاختراق، وملئ الحياة السياسية بالسلطات الهشة، وجماعات العنف والإرهاب.

لقد مثلّت الأحزاب اليمنية إحدى مكونات المشهد السياسي والاجتماعي اليمني، وباتت المعضلة الكبرى التي تواجه الأحزاب اليوم هو تعطيل مليشيا الحوثي للحياة السياسية بشكل كامل في الداخل اليمني، حيث عملت منذ انقلابها على الدولة، على تجريف الحياة السياسية والسعي لإغلاق المجال العام واحتكاره من قبلها والتحكم به.

ويرى مراقبون، أن مليشيا الحوثي تهدف من وراء تجريف الحياة السياسية في اليمن باعتبارها مليشيا قائم وجودها على السلاح لفرض أفكارها الطائفية والسلالية، وفي منهاج السياسة لا توجد البندقية، وحين تحضر السياسة ينتفي وجود السلاح الذي تتمدد عن طريقه المليشيا، ولذا تلجأ مليشيا الحوثي للقوة باعتبارها وسيلة مليشاوية إرهابية في مواجهة السياسة وأدواتها الناعمة.

ولذا فقد كان موقف الأحزاب السياسية اليمنية داعمًا للدولة، في معركتها العسكرية ضد الانقلاب الذي قامت به مليشيا الحوثي؛ لأن ذلك يصب في صميم المهمة السياسية الرامية لاستعادة الدولة الضامنة لحريات المواطنين وحقوقهم، وهو ما تعمل المليشيا الحوثية على تجريفه ليبقى صوتها الواحد في سياق مشروع عودة الإمامة، وحكم الملالي.

 

استغلال الحوثي للقضاء

مطلع العام الجاري سلّط تقريرٌ دوري صادر عن لجنة من خبراء الأمم المتحدة المعنيين باليمن، الضوء على انتهاكات الحوثيين المتواصلة، مشيرًا إلى أنه في مناطق الحوثي يجري استغلال الاحتجاز، والنظام القضائي لقمع أي معارضة، أو اختلاف متصور في الرأي لاسيما من قبل الصحفيين والنساء والأقليات الدينية.

واستعرض التقرير الانتهاكات الحوثية والتي جاء أبرزها تجنيد المليشيا الحوثية للأطفال، واستخدام المساعدات الإنسانية للضغط على الأسر كي ترسل أطفالها للمشاركة في المعارك، واستخدام الحوثيين لموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى لاستهداف الملاحة جنوبي البحر الأحمر، وإطلاق الزوارق الملغومة.

التقرير أشار إلى حملات التطييف الذي تقوم بها مليشيا الحوثي في مناطق سيطرتهم، من خلال المراكز الصيفية، والدورات الطائفية، ناهيك عن ممارسة القمع ضد النساء الناشطات سياسيًا والمهنيات، وتحصيلهم رسوم وجبايات غير قانونية من القطاعات الاقتصادية المدرة للإيرادات المرتفعة، مثل النفط والاتصالات، ومصادرة أصول وأموال الأفراد والكيانات.

وأكد التقرير أن استخدام الحوثيين العشوائي للألغام الأرضية، ولا سيما على طول الساحل الغربي، شكّل تهديداً مستمراً للسكان المدنيين، مع ما يترتب على ذلك من آثار مأساوية على حياة الناس والأمن والصحة، من عواقب طويلة الأجل إذا لم يتم التصدي لها.

 

لماذا تستهدف المليشيا العملية السياسية؟

قامت مليشيا الحوثي باختطاف العشرات من السياسيين اليمنيين من مختلف الأحزاب السياسية وعلى رأسهم المناضل محمد قحطان، الذي يعد اختطافه اختطاف للحياة السياسية اليمنية برمتها؛ كونه اختطف من منزله، وتسعى مليشيا الحوثي لمقايضته بمقاتليها الذين تم آسرهم من قبل قوات الجيش الوطني في جبهات القتال المختلفة.

لقد كان استهداف مليشيا الحوثي لقحطان، استهدافا للسياسة والسياسيين والأحزاب السياسية، التي أدركت كارثية الخطر المحدق على المجتمع والإقليم بعد سيطرة المليشيا الإرهابية على الدولة، وما خلفه ذلك من خلق مفاهيم وعناوين غريبة ذات بُعد سلالي وطائفي، تحاول المليشيا فرضها على الناس من خلال تعميم تصوراتها الذهنية، وبث بذور التناحر بين اليمنيين على أسس وتوصيفات مذهبية وعرقية.

ولذا كان من الواجب اليوم على الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية العمل على لملمة صفوفها، كشركاء للعمل السياسي، بما يخدم استعادة الدولة، وإدراك الجميع بضرورة تكامل جهود شركاء العمل السياسي في كل ما يقرر مصير البلاد.