الخميس 18-04-2024 06:48:16 ص : 9 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الوحدة اليمنية.. رسوخ في التاريخ والناظمة للدولة والمستقبل

السبت 20 مايو 2023 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت – خاص
 

 

لم يكن يوم 22 مايو عام 1990، سوى تحقيقاً لحلم الشعب اليمني الراسخ في استعادة وحدته المنشودة، التي ناضل من أجل تحقيقها أمدا طويلا ضد الاستعمار وضد كل أشكال التفرقة والتمزق والهيمنة، وضحى من أجل هذا الهدف بخيرة أبنائه البررة.

وفي حين يستقبل الشعب اليمني عيده الـ33، ذكرى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، فإنه يستذكر أحداث هذه الذكرى والخطوات التي أدت إليها، ومراحل النضال الوطني الذي أثمر، مستلهما أحداث التاريخ ومحطاته للبناء عليها والسير على نهج رموز النضال اليمني، الذين أنهوا ما يزيد عن قرن من التشطير والتشرذم الذي صنعته الإمامة والاستعمار.

 

الوحدة وحقائق التاريخ

تقول حقائق التاريخ اليمني، القديم والوسيط والحديث، إن الوحدة كانت هي الأصل وأن التشطير والتجزؤ هو الاستثناء، فقد كانت الوحدة هي السمة المميزة لمعظم فترات التاريخ اليمني، ولم تقتصر على فترات محددة، أو ترتبط بعهود حكام بعينهم كما هو شائع.

ويؤكد الدكتور عبد الحليم نور الدين، رئيس هيئة الآثار المصرية السابق وأستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومؤسس قسم الآثار بجامعة صنعاء، في حديث سابق له في العام 2004، إن "الوحدة اليمنية وحدة طبيعية وتاريخية معبرة عن أرض واحدة وشعب واحد وحضارة واحدة ولا إمكانية للحديث عن جنوب أو شمال في الحضارة اليمنية سواء في سبأ أو معين أو حمير أو في قتبان أو أوسان أو حضرموت، كلها حضارة واحدة بثقافة واحدة وشعب واحد وأرض وطبيعة واحدة، والوحدة اليمنية سوف تقود اليمن إلى مزيد من الازدهار ومزيد من القوة، ونحن العرب بحاجة إلى الوحدة اليمنية كما الشعب اليمني محتاج إليها كقوة تدعم الوطن العربي والشعب العربي".

 

هدف الحركة الوطنية ومحور نضالها

وقد سجلت الحركة الوطنية اليمنية في صفحاتها سجلاً ناصعاً من النضال على طريق إعادة توحيد اليمن (الموحد أصلاً أرضاً وإنساناً) وجمع شتات اليمنيين، تحت ظل دولة تحقق لهم العدالة والحرية والعيش الكريم، وتنهي فصولاً من الشتات والتشرذم والصراع الذي لا يخدم إلا أعداء اليمن.

وفي هذا الصدد يقول السياسي الجنوبي، متعب بازياد: "إن نضال اليمنيين وكفاحهم من أجل الجمهورية والوحدة والديمقراطية كان طويلاً ومريراً.. سقط على هذا الدرب أفضل الرجال وخيار الأحرار.. ولو كان التراجع عن تلك المكاسب والمنجزات خياراً في أي لحظة، لما وصلنا أنا وأنت - أبناء الريف الكادحين - لما وصلنا إليه من التعليم والثقافة والحرية والمواطنة التي نعتز بها كيمنيين منظمين سياسيا للنضال من أجل عزة ورفعة بلدهم".

وقد شكلت تضحيات الحركة الوطنية اليمنية وعيًا وطنيًا ونضاليًا كبيرًا، لا شك في هذا، وفق ما يرى الباحث نبيل البكيري، الذي أكد في كتابات سابقة له، أن هذا النضال الذي تجسد بفكرة الدولة اليمنية الحديثة بكل سلبياتها وإيجابياتها، والتي عرفناها على مدى أكثر من نصف قرن من الزمن، تلك الدولة التي أوجدت هويتنا السياسية التي يتم اليوم التنكر لها ومحاولة تجاوزها والعودة للوراء عقودًا من خلال واقع الإمامة الزيدية الجاثمة شمالًا، وواقع الانفصالات المتجسدة في كامل الجغرافية اليمنية، بتلك الكانتونات المتنافرة.

وقد مثل يوم 22 مايو ذروة الإرادة الوطنية لجماهير الشعب اليمني في الجنوب والشمال الذين جسدوا الوحدة وشكلوا حالة إجماع وطني منقطع النظير، وقبل ذلك كله ثمرة نضال طويل وكفاح مرير خاضت الحركة الوطنية اليمنية غماره إلى أن تحقق المنجز بعد عقود من دحر الإمامة والاستعمار.

 

26 سبتمبر و14 أكتوبر.. واحدية النضال ووحدوية الهدف

لقد كانت الوحدة اليمنية (في 22 مايو 1990) بحق الهدف الأسمى لثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين، وكانت مكسبا تاريخيا عظيما، ومطلبا جماهيريا قدم الشعب اليمني شمالاً وجنوباً في سبيله الأرواح، منذ بداية ثورة 1948م وحتى ثورة 1955م وصولاً إلى ثورة 26 سبتمبر 1962م التي انتصرت على الحكم الإمامي الكهنوتي، ثم تلتها ثورة 14 أكتوبر 1963م التي تجسدت بالنصر على الاستعمار، واندحاره في 30 نوفمبر 1967، بالاستقلال المجيد، بفضل صمود المناضلين الأشاوس من أبناء اليمن شمالاً وجنوباً آنذاك.

وفي حكومات ما بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر، ومع كل تشكيل حكومي في الشطرين، كان لا يخلو تعيين فيهما من وزير أو مستشار لشؤون الوحدة، وتبادل تلك التعيينات بين الشخصيات الجنوبية في الشمال والشمالية في الجنوب.

وبعدها فلم يبق للشعب اليمني إلا تحقيق الهدف الأسمى من أهداف الثورة وهي الوحدة اليمنية التي ظلت محل نقاش وتقارب وتفاهم عبر محطات عديدة حتى 22 مايو 1990م الذي تحقق فيه الحلم.

 

الوحدة ناظمة النضال

وبينما لا يزال شعبنا اليمني اليوم يواجه ارتدادات الإمامة الكهنوتية السلالية البغيضة، ممثلة في مليشيا الحوثي، فقد كانت الإمامة والاستعمار قرينين للتشطير والانقسام والتشرذم عبر التاريخ، ومتحالفان ضد الشعب اليمني وإرادته الحرة في الوحدة والحرية والاستقلال.

وحينما بدأ الشعب اليمني نضاله ضد الانقلاب المليشياوي الحوثي، انطلق من واحدية النضال، الذي انطلق منه رواد الحركة الوطنية الأوائل، في مهام التصدي للانقلاب الحوثي، حفاظًا على وحدة اليمن وأمنه واستقراره ونظامه الجمهوري، التي كانت ولا زالت وستبقى على رأس أولويات المهام النضالية للشعب اليمني المناهض للعنصرية الإمامية، والرافض للعودة لعصور العبودية، وتحقيق السلام سلماً استنادًا إلى المرجعيات الثلاث.

وفي صحوة شعبية، تتصاعد وتيرة الوعي بأهمية العمل من أجل حماية الثوابت الوطنية المتمثلة بالنظام الجمهوري والوحدة الوطنية والديمقراطية والتعددية والسيادة، والالتزام بتحقيق أولوية حماية الثوابت وإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وتحقيق السلام والاستقرار ودعم كل الجهود التي تحقق ذلك انطلاقاً من الدستور والقانون والمرجعيات الثلاث كأساس لأي حل سياسي سلمي.

وقد شكلت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، التي تمثل الصيغة النهائية لتوافقات اليمنيين حول الدولة والمستقبل، أساساً متيناً للحفاظ على الثوابت والمكتسبات، وعلى رأسها الجمهورية والوحدة، بتبني صيغة جديدة للوحدة، متجاوزة نقاط الضعف والاختلالات، ومعتمدة على نقاط القوة، بوضع أسس حديثة تضمن توزيع السلطة والثروة على أسس عادلة، وتحافظ على كيان اليمن ووحدته وهويته الوطنية، وهو الخيار الأفضل كحل عادل للقضية الجنوبية والبلد برمته والخروج من الصراعات والأزمات المتتالية.

 

الدعوات النشاز وتقويض الدولة خدمة للإمامة

خلال الأيام الفائتة، أكدت هيئة رئاسة مجلس الشورى أن التصدي للانقلاب الحوثي والحفاظ على وحدة اليمن، والنظام الجمهوري، من أولوية المهام النضالية للشعب.

ورغم إيمان الشعب اليمني أن أي محاولات للنيل من الوحدة واستهدافها سوف ينتهي بها الحال إلى الفشل، إلا أن كلفة هذه الخطوات كبيرة، لا سيما وشعبنا لا يزال في مواجهة مع المشروع الإمامي العنصري الكهنوتي، الذي يعد مع دعاة التشرذم، العدو الحقيقي لوحدة اليمنيين، ولبناء دولتهم الوطنية.

وما بات ثابتاً أن مجرد الحديث عن الانفصال فيما لا يزال المشروع الإمامي الحوثي متربصا بالجميع، إنما يصب في مصلحة الإمامة الحوثية ومليشياتها، والمشروع الإيراني من خلفها، ولفرط غباء البعض فإنه يعتقد أنه في مأمن من مخاطر مشروع إيران وأدواتها، أما مراكز قوى فإنها متناغمة مع هذا المشروع الذي لا يهدد اليمن فحسب بل ومحيطه الخليجي والعربي.

أما الوحدة التي تمثل أسمى أهداف أبناء الشعب اليمني، والمقترنة بالحرية والعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان، فإنها راسخة برسوخها في الوجدان اليمني، ومواقف الأشقاء والأصدقاء، المساندة لأمن اليمن واستقراره وسيادته ووحدته.