السبت 20-04-2024 14:18:03 م : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

أحكام الإعدامات الحوثية..الملف المنسي في ادراج المنظمات الدولية

الأحد 12 فبراير-شباط 2023 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

واصلت مليشيا الحوثي الإرهابية، انتهاكاتها بحق المدنيين في مختلف مناطق سيطرتها، أبرزها أحكام الإعدام التي أصدرتها مؤخرًا بحق عشرة من المدنيين المختطفين في سجونها منذ سبعة أعوام، ثلاثة منهم من أبناء محافظة المحويت، وسبعة من أبناء محافظة صعدة.

حيث أصدرت المليشيا في 31 ديسمبر الماضي، أمرًا بإعدام التربوي "صغير فارع"، والتربوي "عبدالعزيز العقيلي" من أبناء المحويت المختطفين منذ 29 سبتمبر 2015م، والشاب "اسماعيل أبو الغيث عبدالله"، المختطف منذ 20 يوليو 2015م.

جاءت الأحكام الحوثية بحق المختطفين من أبناء المحويت، بعد أقل من شهر على إصدار المليشيا أحكاما مماثلة قضت بإعدام سبعة من أبناء محافظة صعدة، معقل مليشيا الحوثي، وهم: محمد يحيى محسن المالكي، محمد أحسن حسن هلال، سالم أحمد دائل راشد، عبدالرزاق رجب علي المحرق، محمد حسين الغاوي، فهد يحيى جبران سويدان، وليد يحيى حسين العيزري؛ بناء على اتهامات ملفقة، ومحاكم سياسية، لا تمت للحقيقة بصلة.

وكالعادة، كانت التهم الكيدية التي عادة ما تسوقها المليشيا ضد خصومها السياسيين تتمثل بمزاعم التعاون والتخابر مع ما تسميه بـ"العدوان" في إشارة إلى التحالف العربي بقيادة السعودية، وهي التهم التي نسبت إليهم وإلى سابقيهم، بموجب أقوال انتزعت منهم تحت التعذيب والإكراه، وقدموا لمحاكم لا تنطبق عليها مبادئ المحاكمة العادلة.

 

إعدام القانون والخصوم

لم تكن أحكام الإعدام التي أصدرتها مليشيا الحوثي بحق المختطفين في سجونها من أبناء صعدة والمحويت خلال ديسمبر الماضي هي الأولى، بل جاءت امتدادًا لأحكام مماثلة أصدرتها المليشيا بحق عدد من المختطفين اليمنيين منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء 21 أيلول/ سبتمبر 2014م.

حيث رصد تقرير حقوقي دولي، إصدار مليشيا الحوثي 350 حكم إعدام منذ سيطرتها على صنعاء في 2014م، شملت سياسيين ونشطاء معارضين وصحفيين وعسكريين، وسط مخاوف من التفاقم إزاء الصمت الدولي المريب بحق ما يتعرض له اليمنيين من قبل مليشيا الحوثي.

وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في بيان على حسابه في تويتر، بتاريخ 24 ديسمبر 2022م، "أن الحوثيين أصدروا 350 حكم إعدام، شملت سياسيين ونشطاء ومعارضين وصحفيين وعسكريين، نفذت منها 11 حكما على الأقل" منذ سبتمبر 2014م.

وأشار المرصد الدولي الذي يتخذ من جنيف مقرًا له، إلى أن مليشيا الحوثي تجاهلت تطبيق معايير حقوق الإنسان في كل قضية تقريبًا، وحرمت المتهمين من الحق في محاكمة عادلة ونزيهة، وبدلاً من ذلك، أدانتهم بتهم تعسفية وذات دوافع سياسية.

وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن إصدار مليشيا الحوثي أحكام الإعدام الجماعية ضد المتهمين بناءً على اتهامات كاذبة ظاهريًا يعكس التكلفة الباهظة لتجاهل المساءلة للمسؤولين عن إصدار أو تنفيذ أحكام سابقة مماثلة.

 

إحصائية تفصيلية

دشنت مليشيا الحوثي أحكام الإعدام بحق معارضيها بإصدارها في ابريل 2018 حكما بالإعدام بحق ثمانية من المختطفين في سجونها بتهمة التخابر مع السعودية والحكومة الشرعية وهم، شوقي عبده أحمد إبراهيم، وعلي محمد علي حسيني، مجاهد حسين ناصر أحمد الجزيفة، وإبراهيم صالح على حراب، وأحمد أحمد على حماص، وبسام محمد ناجي الصراري، وعبدالحافظ سيف عبدالله الصراري، وعبدالعزيز حسين محمد القاضي.

وفي يوليو 2018 أصدرت المليشيا حكما بإعدام أربعة مواطنين من أبناء صعدة بالتهمة ذاتها، كما أصدرت مليشيا الحوثي مطلع أيار/مايو 2018 حكمًا بإعدام وحبس 109 من المختطفين في سجونها المختلفة.

وفي ديسمبر 2019 اصدرت المليشيا حكما بإعدام أربعة من المختطفين في سجونها، وفي اواخر يوليو 2019 أصدرت المليشيا حكما بإعدام اثنين من موظفي الأمن السياسي المختطفين في سجونها بتهمة التخابر مع السعودية. ومنتصف يوليو 2019، أصدرت مليشيا الحوثي حكما بإعدام 30 مختطفا غالبيتهم من أعضاء حزب التجمع اليمني للإصلاح.

ومطلع ديسمبر 2020 أصدرت مليشيا الحوثي حكما بإعدام المواطنيَن المدنييَن "أمين أحمد وزيد الاحمدي"؛ بتهمه التعاون مع التحالف العربي بقيادة السعودية، كما أصدرت في الشهر ذاته حكما بإعدام المواطن المختطف في سجونها "جبران محمد حسن البحري"، بذريعة التعاون مع السعودية.

وفي مارس 2020 أصدرت محكمة حوثية حكما بإعدام زعيم الطائفة البهائية في اليمن ومصادرة ممتلكاته، وذلك بعد أيام من إصدارها حكما بإعدام 35 برلمانيا يمنيا من الموالين للشرعية ومصادرة ممتلكاتهم.

ومطلع يناير 2021، أصدرت مليشيا الحوثي حكما بإعدام 75 ضابطًا من الشرعية ممن يحملون رتبا عسكرية عليا، ومصادرة أموالهم، بينهم وزير الداخلية. ومطلع نيسان/أبريل 2021، أصدرت مليشيا الحوثي حكما بإعدام تسعة مدنيين من شباب الثورة المختطفين في سجونها بمحافظة حجة.

وفي نهاية أغسطس 2021م، أصدرت مليشيا الحوثي أحكاما بإعدام 11 شخصًا من أعضاء المؤتمر الشعبي العام، بينهم أكاديمي وامرأتين بتهمة تشكيل خلية تابعة لـ"عمار صالح"، حيث نص الحكم على الاعدام تعزيرا على كلا من "محمد المالكي، د. علي الشاحذي، حنان مطهر أحمد الشاحذي، ألطاف المطري، نجيب البعداني، سمير العماري، عصام الفقيه، عبدالله مقريش ونبيل الانسي، عبدالله الخياط، وعبدالله سرور وعمار صالح".

وفي نهاية فبراير 2022، أصدرت مليشيا الحوثي حكمًا بالإعدام تعزيرًا بحق التربوي، فهد السلامي مدير أكبر مدرسة أهلية في اليمن (النهضة الحديثة)، إضافة الى التربويين الأخرَين صادق المجيدي، وخالد العلفي.

وفي 20 نوفمبر 2022، أصدرت مليشيا الحوثي، حكمًا بإعدام 18 من قيادات الشرعية بينهم الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، ونائبه علي محسن صالح، ووزير الدفاع السابق محمد المقدشي، وعضو المجلس الرئاسي طارق صالح وآخرين من قيادات عليا في الحكومة الشرعية.

وأصدرت المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة التابعة لمليشيا الحوثي في العاصمة صنعاء، مطلع ديسمبر 2022، أوامر الإعدام بحق 16 مدنياً وسجن 13 آخرين لسنوات تتراوح بين 10 ـ 15 سنة، جميعهم من أبناء محافظة صعدة، معقل المليشيا الحوثية، بتهمة " التخابر وإعانة العدوان".

 

صحفيون في مواجهة الموت

وكانت مليشيا الحوثي قد أصدرت نهاية 2019م، أحكامًا بإعدام أربعة من الصحفيين المختطفين في سجونها وهم: عبدالخالق عمران، وتوفيق المنصوري، وحارث حميد، والصحفي والمختطفين في سجونها منذ يوليو 2015م.

وحسب تقارير حقوقية، فقد تعرض الصحفيون المختطفين لتعذيب إجرامي في سجون المليشيا الحوثية فاق كل صنوف الوحشية، وتسبب في إقعاد بعضهم وإصابتهم بأمراض خطيرة، لإجبارهم على الاعتراف بجرائم كيدية والتوقيع على محاضر تحقيق جاهزة، لإشباع نزوتها الدموية الإرهابية بحق أبناء الشعب اليمني الرافضين لإرهابها وجرائمها.

كما أخضعتهم المليشيا لمحاكم صورية هزلية معروفة نتائجها سلفا، وفاقدة لكل إجراءات التقاضي السليمة، بعد سبع سنوات من الإخفاء والتعذيب لإجبارهم على القبول بأي إجراء تتخذه المليشيا بحقهم حتى وإن كان الذهاب إلى مقصلة الإعدام، وهي الأحكام التي اعتبرها مراقبون تهديدا فعليا للسلام الذي يشهده اليمنيون والمجتمع الدولي.

 

مذبحة أبناء تهامة

كانت الجريمة الأكبر التي نفذتها مليشيا الحوثي بحق المختطفين، هي قيامها بإعدام 9 من أبناء تهامة وسط ميدان التحرير بالعاصمة صنعاء منتصف سبتمبر 2021م، وهي الجريمة التي قوبلت حينها بإدانات محلية وعربية ودولية واسعة، لمواصلة مليشيا الحوثي انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان، معتبرين الحادثة "جريمة إرهابية جديدة" ارتكبتها المليشيا بحق اليمنيين.

حيث نفذت مليشيا الحوثي في الـ 18 من سبتمبر 2021، أحكام الإعدام بحق 9 من أبناء تهامة، رميا بالرصاص، بعد محاكمة صورية مفضوحة، على خلفية مزاعم المليشيا بوقوف أبناء تهامة خلف مقتل صالح الصماد، الرئيس السابق لما يسمى المجلس السياسي الأعلى للحوثيين.

واعتبر حقوقيون جريمة إعدام أبناء تهامة، بأنها واحدة من أبشع الجرائم الحوثية التي ارتكبت ضد المدنيين اليمنيين بدم بارد، وليست إلا واحدة من جرائم بلا حساب، في إطار الجريمة الكبرى المتمثلة بالانقلاب الحوثي على الدولة، واحتلال المدن والمؤسسات ونهب الحقوق.

مؤكدين أن جرائم الإعدام الحوثية، تشكل انتهاكًا خطيرًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، والاتفاقيات الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وميثاق روما المشكل للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقية جنيف الرابعة وقواعد لاهاي وغيرها من الاتفاقيات التي جرمت أي اعتداء أو تهديد لحياة الأفراد.

 

محاكاة النموذج الإيراني

واعتبر مراقبون، أحكام الإعدام التي تصدرها مليشيا الحوثي بحق المختطفين اليمنيين في سجونها، بأنها عبارة عن تصفية جماعية، وامتداد لأعمال القتل والإرهاب المستوحاة من التجربة الإيرانية القمعية.

حيث سَعَت مليشيا الحوثي الإيرانية منذ انقلابها على الدولة اليمنية، نحو السير على النهج الايراني في قمع وارهاب المجتمع؛ لكنها تواجه كل يوم بمقاومة مجتمعية، ورفض شعبي في مختلف المحافظات اليمنية بما فيها المحافظات الخاضعة لسيطرتها، الأمر الذي يدفعها لإصدار هذه الأحكام في محاولة منها لترهيب المجتمع وفقا لمراقبين.

ويرى مراقبون، أن قرارات الإعدام التي تصدرها مليشيا الحوثي بحق أحرار اليمن الذين اختطفتهم تحت مبررات وأكاذيب واهية تستهدف بها إخضاع الإرادة والعزيمة لدي أبناء الشعب اليمني في مواجهة مشروعها السلالي، مؤكدين أنها ستكون انطلاقة شعلة النضال والكفاح لليمنيين لإنهاء مشروعها الكهنوتي.

إذ تحاول مليشيا الحوثي الإرهابية غسل جرائمها، وقتل خصومها عن طريق استخدامها القضاء لإصدار أحكام الإعدام بحق معارضيها السياسيين، وهو ما يؤكد أنه لا نجاة لليمن واليمنيين بل والمنطقة العربية الخليجية إلا باستئصال مشروعها الطائفي العنصري الخبيث وهزيمتها عسكريًا.

 

استنكار حقوقي واسع

أحكام الإعدام الحوثية لاقت رفضًا واستنكارًا واسع من قبل المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، حيث أكدت المنظمات والنقابات المختلفة إدانتها الكبيرة لأحكام الإعدام الحوثية بحق المختطفين في سجونها، دون أي التزام بمبدأ المحاكمة العادلة.

وفي هذا الصدد، أدانت رابطة أمهات المختطفين، إصدار مليشيا الحوثي الإرهابية، أحكامًا بالإعدام في حق المختطفين اليمنيين في سجونها، وطالبت بوقف المحاكمات السياسية، وإسقاط ما يترتب عليها من أحكام الإعدام التي تم إصدارها بحق أبنائها المختطفين بعد اختطافهم وإخفائهم وتعرضهم للتعذيب لإكراههم على الاعتراف ضد أنفسهم، ثم تقديمهم لمحاكمات لا تلتزم بمبادئ المحاكمة العادلة.

بدورها، استنكرت نقابة المعلمين اليمنيين أحكام الإعدام الحوثية بحق عدد من أعضاءها التربويين، وناشدت المجلس الرئاسي، وكل القوى السياسية الحية والمنظمات الحقوقية والنقابات الفئوية والمهنية والعمالية ووسائل الإعلام الحرة بأنواعها إلى إدانة هذه الجرائم الشنعاء ضد معلمين مسالمين يحملون الأقلام ومشاعل العلم والمعرفة لإنارة دروب الإنسانية.

ودعت المنظمات الحقوقية، الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان، إلى التدخل العاجل والضغط لإيقاف الأحكام الجائرة بحق المختطفين الذين أصدرت بحقهم أحكام إعدام أو أحكامًا بالسجن، والعمل على إنهاء معاناتهم وإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط.

كما أعلن الاتحاد الأوروبي رفضه لإحكام الإعدام التي يصدرها الحوثيون في اليمن، معربا عن أمله في نجاح مهمة المبعوث الأممي لإحلال السلام في اليمن، ووقف المعاناة التي تواجه الشعب اليمني.

بدوره، أعرب المبعوث الأممي في إحاطته لمجلس الأمن في أكتوبر 2021 عن صدمته جراء الاعدامات العلنية التي نفذتها مليشيا الحوثي بحق أبناء تهامة بصنعاء، مؤكدًا حاجة اليمن "إلى تسوية سياسية شاملة تفاوضية تنهي العنف كليا، وتعيد لمؤسسات الدولة قدرتها على العمل، وتمهد الطريق أمام النهوض الاقتصادي والتنمية، وتؤدي إلى حكم خاضع للمساءلة، وإلى العدالة وسيادة القانون، وتعزز وتحمي كامل حقوق الإنسان لليمنيين".