الجمعة 29-03-2024 11:19:05 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

مليشيا الحوثي.. بين الفشل العسكري وسياسة الأكاذيب وبث الإشاعات

الإثنين 30 يناير-كانون الثاني 2023 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت-خاص

 

 

الأخبار الزائفة تكلف الاقتصاد العالمي أكثر من 78 مليار دولار سنويًا، 400 مليون دولار منها يتم إنفاقها على الأخبار الكاذبة أثناء الحملات السياسية، بحسب دراسة اقتصادية حديثة.

وتشير الدراسة التي أجرتها شركة الأمن السيبراني (CHEQ) بالتعاون مع جامعة بالتيمور الأمريكية إلى أن الخسائر الاقتصادية تؤكد تزايدا كبيرا في انتشار المعلومات المضللة والأخبار المزيفة كخطر عالمي كبير يهدد المجتمعات، مما يلحق الضرر بالقطاعات الرئيسية بما في ذلك قطاعات الرعاية الصحية، والتجارة الإلكترونية، والإعلام، والموارد المالية والسياسة.

وفي الفترة الأخيرة تزايدت نسبة الأخبار الكاذبة في اليمن لاسيما على الجانب الحوثي، فإلى جانب حرب المليشيا الحوثية التي تشنها منذ أكثر من ثماني سنوات، تخوض المليشيا حرباً نفسية لا تقل ضراوة وضررا في نسيج المجتمع اليمني عن حربها العسكرية، من خلال بث الرعب في أوساط المواطنين، ونشر الإشاعات والأخبار الكاذبة عبر الكثير من وسائلها المختلفة.

 

أضرار نفسية

وقد أجبرت مليشيا الحوثي المنظمات الدولية على إغلاق مشاريع الدعم والتأهيل النفسي في مناطق سيطرتها، خصوصا العاصمة صنعاء بذريعة "إضعاف الروح الجهادية".

وتقول مصادر إخبارية إن منظمة "هانديكاب" الدولية أغلقت في وقت سابق مشروع التأهيل النفسي في صنعاء نتيجة لضغوط مارستها مليشيا الحوثي على العاملين فى المنظمة الدولية ومنع الفريق الخاص بالمشروع من ممارسة عمله.

وقد أصدرت منظمة "هانديكاب إنترناشونال" المتخصصة في مجال الإعاقة، بالتعاون مع المنظمة الدولية للمعوقين، تقريراً مشتركاً حول الأضرار النفسية الناجمة عن الحرب التي تسببت بها مليشيا الحوثي.

ويقول تقرير المنظمتين إنّ الحرب خلفت آثاراً نفسية مرهقة للغاية، وإنّ هناك حاجة ماسة لتقديم الكثير من الدعم النفسي والاجتماعي، مشيرا إلى أن فريق المنظمتين قدم الدعم النفسي لأكثر من 16000 شخص، بينما كان يتم التخطيط لتدريب أكثر من 400 عامل صحي لعلاج الأشخاص الذين يعانون من صدمة جسدية ونفسية شديدة، مع ازدياد المحتاجين للدعم النفسي في صنعاء.

 

سياسة الصوت الواحد

وتهدف المليشيا الحوثية من خلال حربها النفسية وبث الشائعات والأخبار الكاذبة عبر كافة الأساليب الدعائية ووسائل الإعلام المختلفة إلى إضعاف صف الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وكسر الروح المعنوية التي يتمتعون بها، كواحدة من أساليب المليشيا في حربها الممنهجة التي تشنها منذ انقلابها على الحكومة الشرعية، بالإضافة إلى سعيها لبث الرعب في المجتمع ليسهل إحكام قبضتها على مناطق سيطرتها، وضمان عدم ظهور أي صوت مناوئ لها.

وقد عمدت المليشيا إلى تكميم الأفواه وخنق الأصوات المعارضة وملاحقة الصحفيين واختطافهم، سعيا منها إلى تطبيق سياسة الصوت الواحد، ليتسنى لها ممارسة حربها النفسية بأكبر قدر من التأثير، وهو الأمر الذي نفذته المليشيا الحوثية منذ اليوم الأول لانقلابها على إرادة الشعب، في قيامها بإغلاق مقار ومكاتب جميع وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، المعارضة لسياستهم أو المستقلة منها، بالإضافة إلى قيامهم بحجب كل المواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت سواء المعارضة لسياسة الحوثيين، أو التي لها خط مستقل وسياسة مستقلة في نقل الأخبار، ليبقى المجتمع أسيرا لما تبثه وسائل إعلامهم وأبواقهم الدعائية من معلومات كاذبة ومضللة، وحجب الحقيقة وتضليل الرأي العام.

 

تلفيق الأكاذيب

وفي خضم الحرب النفسية والدعائية الحوثية التي نشطت المليشيا في تكثيفها وما يندرج في إطارها من كافة أساليب الدعاية والإعلام، فقد نجحت المليشيا في تضليل فئة كبيرة من أبناء الشعب، وتمرير الكثير من الأفكار والمعلومات المغلوطة، ووجدت لها رواجا في أوساط الكثير من أبناء الشعب الذين يسوقونها في تناولاتهم وأحاديثهم، حيث يعتبر ذلك من أبرز أهداف الحرب النفسية التي يشنها الحوثيون، من أجل تشويه صورة الجيش الوطني، وإحداث شرخ في العلاقة بينه وبين الحاضنة الشعبية.

وقد عمد الحوثيون أيضا إلى إطلاق فرية أخرى وتسويقها وتخويف الناس من خلالها بأن حربهم ضد قوات التحالف إنما تأتي خوفا على الأعراض وحماية لها من انتهاكات قوات التحالف التي تتشكل من جنسيات مختلفة، في حال تم السماح لها بدخول المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

كما يروج الحوثيون من خلال إشاعاتهم وادعاءاتهم التي تبث عبر وسائل إعلامهم أنهم يشنون حربهم لاستهداف الجماعات التكفيرية والإرهابية والجماعات الداعشية كما يصفونها وتخليص أهلها من بطش الجماعات الإرهابية كما يزعمون، في حين أن ما يتحدث عنه الواقع مغاير تماما للصورة التي تحاول المليشيا الحوثية أن ترسمها في أذهان أبناء المجتمع، إذ إن ما يحدث هو وجود تحالف حقيقي قائم بين الجماعات الإرهابية المتطرفة والحوثيين أنفسهم، وتنسيق أمني وعسكري ومخابراتي بين المتحالفين، ناهيك عن أن مختلف الجرائم التي تتم في مناطق سيطرة الحوثيين تتم بطريقة أبشع بكثير من مما يحذر منه الحوثيون.

 

إرهاب إلكتروني

ولم يكتف الحوثيون بنشر الأكاذيب والشائعات والترويج لها عبر آلتهم الإعلامية وأبواقهم الدعائية، بل عمدت المليشيا إلى اختراق العديد من الشبكات الإخبارية ووسائل الإعلام المختلفة وصفحات الناشطين طوال السنوات الماضية.

فقد تعرضت العديد من الشبكات الإخبارية التابعة للجيش الوطني والمقاومة الشعبية لاختراق المليشيا الحوثية المدعومة بجيش من خبراء التقنية والمعلومات من جنسيات إيرانية وعراقية ولبنانية وغيرها، والذين ووفقا لتقارير يديرون حرب المليشيا الرقمي والمعلوماتي والمخابراتي.

ومن بين الشبكات التي تم اختراقها شبكة الحطامي عاجل التي تأسست قبل 9 سنوات لتقديم خدمة صحفية تقدم للمشتركين في حساباتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي كانت تضم أكثر من 20 ألف مشترك من خلال اختراق الجوال الخاص بالشبكة والسيطرة على الكود الخاص بها، في سبتمبر من العام 2019.

ويتحدث مدير الشبكة الصحفي عبد الحفيظ الحطامي لـ"الإصلاح نت" عن المشكلة التي عاناها والتي تعرضت لها شبكته قبل ثلاثة أعوام، حيث يقول: "تم اختراق قناة التليجرام الخاص بالشبكة وكان بها قرابة ٢٢ ألف مشترك وذلك عبر اختراق التلفون الخاص بحساب الشبكة في التليجرام ومصادرته، وأصبحت القناة المخترقة وسيلة لنشر أخبار مفبركة تخدم الحوثيين، وتثير الكثير من الأخبار المزعجة للجيش وقيادات الشرعية وقبائل وشخصيات اجتماعية وأحزاب وطنية، في محاولة من مليشيا الحوثي لاستغلال انتشار خدمة الشبكة وتوظيفها لصالح أجنداتها".

ويضيف الحطامي: "بعد أسبوع من الاختراق تم فتح قناة جديدة في نفس الشهر وتم تأمينها بشكل جيد وعليه تم الإعلان عن اختراق القناة وتم نشر رابط القناة الجديدة واستعدنا 11 ألفا من المشنركين حتى الآن، ومن خلال متابعتنا للقناة المخترقة هبط عدد متابعها إلى أقل من 8 آلاف مشترك".

ويردف مدير الشبكة بالقول: "في نفس العام أيضا تم اختراق عدد من حساباتنا في مجموعة الواتساب بعد أن وصلنا لعدد 600 مجموعة، وتم اختراق قرابة 120 مجموعة بعد اختراق أرقام تلفونات هذه الحسابات، واستخدمت منها 10 مجموعات من قبل مليشيا الحوثي لنشر الأخبار المفبركة التي كانت تنشرها في قناة التليجرام المخترقة".

ويكشف الصحفي الحطامي أن هذه الاختراقات "سببت الكثير من المشاكل النفسية والمادية وخاصة تعرضي للاستدعاء من أكثر من طرف في الشرعية وكذا من الأجهزة الأمنية والجيش وبعض التهديدات من أطراف أخرى وكنا في كل وقت ننشر نفيا وردودا نوضح فيها ما حدث من اختراق".

وكما هو الحال مع شبكة الحطامي عاجل، فقد تعرضت أيضا شبكة "الصحوة الإخبارية" لعملية اختراق مماثلة من قبل نفس العصابة ليتم توظيف مجموعات الواتساب المنتشرة في نشر الكثير من الأخبار الكاذبة والإشاعات، بالإضافة إلى قيام المليشيا أيضا باختراق شبكة "فري بوست" الإخبارية للأهداف ذاتها وبنفس الطريقة.

 

فشل عسكري

وقد اعتمدت مليشيا الحوثي على مطابخ متعددة لضخ الشائعات في معركة مأرب وغيرها من المعارك التي خاضتها مع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، ووفقاً لخبراء فقد بدت النكهة الإيرانية حاضرة بقوة في هذا النوع من المعارك، ابتداء بتوظيف الخطاب الديني والزعم بأن ما يجري في مأرب هو جهاد ضد عملاء أمريكا وإسرائيل والكفار وفق خطاب المليشيا، وصولاً إلى استغلال مسألة أعراض النساء كطريقة مبتكرة لإثارة حمية رجال القبائل واستقطابهم للقتال في صفوفها من جهة، وتحييد رجال القبائل داخل مأرب بعدم قتالها من جهة أخرى.

وتأتي سياسة المليشيا الحوثية هذه نتيجة لصلابة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية والمقاتلين القبليين واستبسالهم في الدفاع عن مواقعهم، إذ اضطرت مليشيا الحوثي للجوء إلى سلاح معنوي سيجعلها على أقل تقدير في منأى من النزيف البشري الهائل والذي كلف المليشيا الحوثية الآلاف من مقاتليها الذين زجت بهم في أتون الحرب التي تشنها لمواجهة الجيش الوطني واستهداف المدنيين.

فقد كثفت مليشيا الحوثي من عملية نشر شائعاتها التي تزعم فيها أن مئات الجنود من القوات الحكومية تركوا مواقعهم في جبهات القتال في مأرب وعادوا إلى صنعاء "معلنين التوبة"، كما دأبت المليشيا على لسان عدد من قياداتها على توجيه دعوات أخرى لمن تبقى منهم بعد منحهم عفواً عاماً.

 

تسويق عبثي

وقد خصصت وسائل إعلام حوثية أرقام هواتف قالت إنها للتواصل مع من تطلق عليهم "المغرّر بهم"، لمغادرة مأرب التي تقول عبر إشاعاتها إن سقوطها بات وشيكا في أيديهم، حسب مزاعمها. كما لجأت المليشيا أيضا إلى تسويق لقطات متلفزة، تعود إلى بدايات الحرب، وتحديدا في عام 2015، تظهر فيها عناصر من مليشيا الحوثي وهي على تخوم سد مأرب، لتضليل المجتمع وإيصال رسالة بأن الحوثيين وصلوا مأرب بالفعل، بينما الواقع أن محافظة مأرب تحت سيطرة القوات الحكومية، يضاف إلى ذلك إعلان رئيس استخبارات المليشيا -المدرج في قوائم الإرهاب الأمريكية والأممية- أبو علي الحاكم، في وقت سابق عن امتلاك جماعته لمئات العناصر وتوزيعها داخل محافظة مأرب، مهددا بقلب الطاولة من الداخل وتغيير الموقف، زاعما أن العناصر يقومون برصد كافة تحركات القيادات العسكرية الموالية للشرعية، لتشتيت السلطات الحكومية وإرباك تحركاتها.

وقد عمدت مليشيا الحوثي في وقت سابق إلى تسويق بيان نسبته لتنظيم "داعش" في اليمن، يزعم أن التنظيم حقق انتصارات على الحوثيين في إحدى جبهات القتال في مأرب، في محاولة وسعي منها لتشويه صورة القوات الحكومية وإظهارها كحاضنة لعناصر إرهابية من التنظيم في صفوفها، بالإصافة إلى مغازلة المجتمع الدولي وخصوصا الأمريكيين الذين يبدون اهتمامهم بهذا الملف إلى حد كبير، وإقناعهم بأن المليشيا تخوض حربا ضد التنظيمات الإرهابية، للحصول على الدعم وشرعنة عملياتها الإجرامية ضد المدنيين والحكومة الشرعية، وعززت مليشيا الحوثي هذه الشائعة ببيانات رسمية من مكتبها السياسي وتصريحات لقيادات حوثية بارزة، ليتضح بعد ذلك -وفقا لمراقبين- أن الحسابات والمواقع الرسمية التي اعتادت نشر بيانات "داعش" في اليمن خلت من أي موقف رسمي، الأمر الذي كشف عن زيف تلك الإشاعة وبرهن على أنها معلومات مضللة وغير حقيقية.

 

عزيمة فولاذية

واستمرار لهذا النهج نشرت وسائل إعلام حوثية في العام 2019 تصريحا للمتحدث العسكري باسم مليشيا الحوثي "يحيى سريع" يقول فيه إن خسائر الجيش السوداني في اليمن تجاوزت 8 آلاف عنصر، بينهم 4 آلاف و253 قتيلًا فيما البقية جرحى، وأن 850 عسكريًا سودانيًا قُتلوا خلال عامي 2015 و2016.

وقد قوبلت هذه التصريحات برد للمتحدث باسم الجيش السوداني نافيا هذه المزاعم، فقد وصف الأنباء التي ينشرها الحوثيون حول خسائره باليمن بأنها "ادعاءت تأتي في إطار الحرب النفسية".

ويصف المتحدث باسم الجيش السوداني العميد عامر محمد الحسن "ادعاءات الحوثيين حول خسائر القوات المسلحة بحرب اليمن بمثابة حرب نفسية ضد الجنود السودانيين المرابطين فى اليمن ومحاولة لتأليب الرأى العام السوداني".

ويضيف الحسن أن "عدد القتلى المعلن من قبل الحوثيين لا يسنده أى منطق، والجيش السوداني خاض حربًا أهلية لنحو 21 عاما ولم يفقد كل ذلك العدد من الأرواح، فكيف بحرب اليمن؟".

وأشار إلى أن المجتمع السودانى بطبعه متكافل ويستحيل مع ذلك أن يقتل كل ذلك العدد دون أن يكون له صدى فى المجتمع المحلي.

وقد وصف رئيس هيئة الأركان العامة قائد العمليات المشتركة عزيز بن صغير في وقت سابق الوضعية التي يتمتع بها الجيش بـ"العزيمة الفولاذية التي يتمتع بها أبطال الجيش وأحرار اليمن، لا شك بأنها ستتوج بالنصر الكبير ضد العصابة الكهنوتية، وقطع الطريق أمام المخططات الإيرانية التخريبية في اليمن والمنطقة".

وأشار إلى أن "المليشيا الحوثية تلجأ إلى الحرب النفسية لتضليل وخداع البسطاء من الناس، وهو ما يدل على ضعف عناصرها وخسائرها التي تتكبّدها في جبهات وميادين الحرية والكرامة".