الجمعة 29-03-2024 16:21:03 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

التجمع اليمني للإصلاح.. حارس قيم الجمهورية ورسوخ الدولة وشرط السياسة

الأحد 15 يناير-كانون الثاني 2023 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت – عبدالله المنيفي

 

 

كان ميلاد التجمع اليمني للإصلاح أبرز حدث سياسي بعد تحقيق الوحدة اليمنية، ذلك أن حزباً سياسياً استثنائياً أُعلن على الأرض اليمنية، ومع ذلك فإنه لم يكن وليد تلك اللحظة التي جاءت تتويجا لجهود الحركة الإصلاحية اليمنية التي بدأها الرواد الأوائل.

وهو حسب الإعلان الصادر عنه في ذكرى تأسيسه الـ26 "حزب سياسي يمني المنبت والجذور، يشكل امتداداً لحركة الإصلاح اليمنية التاريخية فكراً وسلوكاً في جميع ربوع اليمن".

وحسب المادة (1) من الفصل الأول/ الباب الأول من النظام الأساسي للحزب، فهو تنظيم شعبي، سياسي، يسعى للإصلاح في جميع جوانب الحياة، على أساس مبادئ الإسلام وأحكامه، ويأخذ بكل الوسائل المشروعة لتحقيق أهدافه.

في أحد مؤتمراته العامة نهاية الألفية الماضية، كان الأمين المساعد للمؤتمر الشعبي العام د. عبد الملك منصور، يصف الإصلاح في كلمة له بأنه "حزبٌ ولد عملاقاً"، ذلك أن الإصلاح جمع بين النخبوية والجماهيرية، وضم في صفوفه كل فئات وشرائح وقطاعات الشعب اليمني، منطلقاً من قيم ومبادئ الشعب اليمني وثوابته الوطنية والعقدية، منسجماً مع هذه القيم والمبادئ حاضراً في كل المناطق اليمنية.

وفيما كان الهم الوطني هو الأولوية لدى الإصلاح منذ إعلانه في 13سبتمبر 1990، فقد استمر الحزب في بنائه المؤسسي، وترسيخ العمل السياسي الديمقراطي داخل أطره، وذلك ما عكسه الانعقاد المنتظم لمؤتمراته العامة، والتجديد المستمر في قيادته، وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية، وإعطاء المرأة دوراً أكبر في العمل السياسي والجماهيري.

ومع كل ذلك حرص الإصلاح على بناء التحالفات السياسية ومد يده إلى مختلف شركاء العمل السياسي على الساحة الوطنية، وبلغت هذه التحالفات ذروتها بتشكيل اللقاء المشترك.

 

الحفاظ على المبادئ وحراسة الثوابت

 

ظلت قيم الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية هي الأبرز في أدبيات الحزب منذ نشأته، حاضرة في خطابات قياداته وكوادره في مختلف المحطات والمناسبات. ولأكثر من ثلاثة عقود ظل الإصلاح الكيان الوطني الضارب بجذوره في التراب اليمني، والرقم الصعب في المعادلة السياسية، حاملاً قضايا الوطن والشعب، منحازا إلى الجماهير، حتى امتلك رصيداً كبيراً من العمل الوطني على امتداد الساحة اليمنية، مدركا لواقع الوطن مستشرفا آفاق المستقبل.

ظل التجمع اليمني للإصلاح حاملاً لواء الجمهورية وقيم الثورة السبتمبرية، صاحب الدور الريادي في مواجهة السلالية الكهنوتية المتمثلة في الفكر الإمامي العنصري، محذراً من مخلفات الإمامة، فأهداف ومبادئ وقيم ثورة 26 سبتمبر كانت وما تزال تشكل الأساس المتين في الفكر الوطني الإصلاحي، الذي يرى في ثورة اليمن الأم أبرز إنجاز لليمن في تاريخها، وأن أهدافها ورموزها النضالية وشهداءها الذين ضحوا ليستعيد الشعب اليمني حريته وكرامته، هم مجد الشعب اليمني، وحداة سيره إلى المستقبل.

وفي سبيل توضيح ذلك فقد حدد البرنامج السياسي للإصلاح هدفين مركزيين؛ الأول: "الإصلاح الثقافي: ببناء الوعي المجتمعي، والثاني: "الإصلاح السياسي" ببناء الدولة وفقا للدستور والقانون، الذي هو روح الجمهورية.

ويرى الإصلاح اليوم أن ابتناء اليمن الجمهوري الاتحادي الديمقراطي، المنطلق من هويته الوطنية العربية الإسلامية، هو مسؤولية كل القوى الوطنية اليمنية، وواجب الوفاء لتاريخ الحركة الوطنية اليمنية ومناضليها وشهدائها.

ولقد ظل الإصلاح ثابتاً على مواقفه ومبادئه التي تأسس عليها، الأمر الذي أكسبه ثقله الوطني، وبالمقابل فقد كان الإصلاح أكثر مرونة في القضايا السياسية، وفي المقابل جعله العدو الأبرز لمليشيا الحوثي الإرهابية منذ أول وهلة، التي رأت في الإصلاح الصخرة العقبة الرئيسية أمام تحقيق مشروعها الكهنوتي العنصري، فأوغلت في استهداف الحزب ومقراته وقياداته وكوادره، فلا يزال عضو هيئته العليا المناضل محمد قحطان مخفياً منذ أبريل 2015، والعديد من ناشطي الحزب وكوادره وإعلامييه مختطفون لسنوات، مستهدفة المؤسسات والمنازل والأملاك الخاصة، تأكيداً على أن الإصلاح هو الصخرة التي تحطمت عليها أوهام الإمامة السلالية، التي أصبحت أداة بيد المشروع الفارسي المعادي للأمة العربية والإسلامية.

 

نضال من أجل استعادة الدولة وبنائها

 

لم يكن التجمع اليمني للإصلاح طوال مسيرته السياسية إلا مع الدولة بمفهومها الكبير، حتى وهو في صفوف المعارضة للسلطة الحاكمة، ذلك أن مفهوم الدولة لدى الإصلاح واضح المعالم، فالدولة هي التي تستوعب كافة الأطراف والشرائح اليمنية للتعايش دون تسلط أي فئة أو أبوية، تلك هي دولة المؤسسات التي تخدم الشعب اليمني، وفق مبدأ الشورى والاختيار الشعبي الحر، وترسيخ التعددية السياسية ومبدأ التداول السلمي للسلطة. وبهذا الفكر المتجذر لمفهوم الدولة، أصبح الإصلاح أحد أهم الروافع الوطنية.

في 22 مايو الماضي وبمناسبة العيد الوطني الـ32 لتحقيق الوحدة، كان مجلس القيادة الرئاسي ملتئماً في العاصمة المؤقتة عدن، واعتبر الإصلاح -عبر نائب رئيس دائرته الإعلامية عدنان العديني- أن ذكرى الوحدة هذا العام تأتي بوقع خاص ومختلف عن سابقاتها منذ الانقلاب في 2014، إثر مجريات سياسية وطنية هدفت إلى توحيد الصف الوطني الجمهوري المقاوم للانقلاب، كمعالجة ضرورية للتباين الذي انعكس في مجمل الأداء، وتحديداً في معركة استعادة الدولة اليمنية، ووجدها فرصة لدعوة كل القوى السياسية إلى تجاوز الماضي والسعي نحو بناء دولة حقيقية لليمنيين، دولة تضمن لهم جميعا حقوقهم المعيشية وتكفل حرياتهم السياسية.

 

هذا الموقف يأتي انسجاماً مع فكر ومفهوم الإصلاح لبناء الدولة، والذي جاء في بياناته وأدبياته وتصريحات قياداته ومواقفه العملية في مختلف المراحل، وأهمها ورقته لمؤتمر الحوار الوطني، حول رؤيته لشكل الدولة، التي تحقق اللامركزية بالشكل الذي يناسب اليمن أرضا وإنسانًا، "دولة مدنية ذات نظام جمهوري تحقق أهداف الثورة اليمنية وبما يحفظ لليمن وحدته وسيادته وأمنه واستقراره، وأن تضمن مبدأ الانتخاب كأساس لتشكيل وتكوين قيادات الحكم اللامركزي، وتحقق مبادئ المواطنة المتساوية والشراكة الوطنية في السلطة والثروة.

لم يكن كل ما سبق مجرد رؤى ونظريات فحسب، بل لقد كان الإصلاح أبرز الأحزاب والمكونات اليمنية، التي انحازت للدولة بكل إمكاناته البشرية والمادية، حين داهمها الخطر الكهنوتي العنصري المتمثل في مليشيا الحوثي الإرهابية، حيث تجلى موقف الإصلاح الواضح منذ البداية، الرافض للانقلاب على الدولة والشرعية والإرادة الوطنية، مقدماً التضحيات الجسيمة لاستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، مؤكداً أهمية وحدة الصف والعمل الوطني المشترك لتحقيق هذه الغاية، وذلك ما أكدت عليه القوى السياسية مراراً في معرض تهانيها للإصلاح بذكرى تأسيسه، وتأكيدها أيضاً على وفاء الإصلاح للمصالح العليا للشعب اليمني ومكاسبه الوطنية، وفي مقدمتها هوية الشعب وثوابته والجمهورية والوحدة والانحياز للإجماع الوطني.

ولتأكيد مفهوم الدولة، قدم نائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح، عدنان العديني، في مايو الماضي، ورقة لخص فيها رؤية الحزب لمفهوم الدولة، والعوامل التي ساهمت في نضوجها، وتفريق الإصلاح بين الدولة والسلطة، وتحديد الشروط الضرورية للدولة اليمنية وتحقيق وجودها واستقرارها.

وحددت رؤية الإصلاح للدولة، وفق العديني، وفق شرطين أساسيين، الأول: تحييد المؤسسات السيادية عن التنافس السياسي، وتحريرها من سيطرة الحكام والقوى السلطوية، والثاني: ألا تذهب المعارضة إلى تفتيت المجتمع إلى مكوناته الأولية، الأمر الذي كثيرا ما لجأت إليه كنتيجة لتمترس السلطة خلف المؤسسات السيادية.

 

شرط السياسة ورسوخ الديمقراطية

 

عمل التجمع اليمني للإصلاح على إنضاح التجربة الديمقراطية الوليدة مع الوحدة اليمنية، وخاض معترك العمل السياسي التعددي بروح وطنية مسؤولة، منذ أول معارضة سلمية حضارية له، ودخل العديد من المحطات الانتخابية (رئاسية، وبرلمانية، ومحلية).

ورغم ما اعترى هذه التجربة من تشوهات إلا أن الإصلاح حاول جاهداً العمل على تعزيز هذه التجربة وترسيخ العمل الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة، والحفاظ على المكتسبات، جنباً إلى جنب مع مناشط وجهود إثراء العمل السياسي والوطني في اليمن، عبر التحالفات السياسية الوطنية في مراحل مختلفة، والتأكيد على تعزيز قيم المواطنة والعدل والمساواة، والقبول بالآخر، وصولاً إلى تصدره مرحلة النضال السلمي لنيل الحقوق والحريات.

لقد وصل الإصلاح إلى كل منطقة ومنزل في اليمن بأدوات العمل السياسي السلمي المنصوص عليها في الدستور والقانون، وانتقل بين السلطة والمعارضة بواسطة صناديق الاقتراع،.

وحين عادت حشود الظلام الإمامية، بدأت بتوجيه سهامها باتجاه العملية السياسية الديمقراطية، النقيض للإمامة الكهنوتية العنصرية، ولأن الإصلاح هو شرط السياسة والشراكة الوطنية، فكان المستهدف الأول لمخلفات الإمامة الرجعية، التي جرفت الحياة السياسية، وألغت الخيارات السلمية.

وقد أوضح نائب رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع اليمني للإصلاح رئيس إصلاح حضرموت، المهندس محسن باصرة، في مارس الماضي، خلال كلمته في مؤتمر للحزب الشيوعي الصيني، أن الجماعات والمليشيات المتطرفة تعمل على تجريف الحياة السياسية وتلغي الخيارات السلمية والآمنة، وتعطل الديمقراطية التي تعكس الإرادة الشعبية، وهو ما حدث ولا يزال يحدث في اليمن، منذ انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة والإرادة الشعبية، مشيراً إلى انقلاب مليشيا الحوثي أحل أدوات العنف وسلاح المليشيا مكان الأدوات السلمية والخيار الديمقراطي، وتمارس المليشيات كافة أشكال الإرهاب ضد المجتمع المحلي والإقليمي والدولي.

وفي سبتمبر الماضي، ومع احتفال الإصلاح بالذكرى الـ32 لتأسيسه، أبدى عضو اللجنة العامة في المؤتمر الشعبي العام، الدكتور عادل الشجاع، مخاوفه من أن المشروع الديمقراطي يحتضر في اليمن، مؤكداً أن وجود حزب الإصلاح شرط لقيام الديمقراطية واستمرار التعددية السياسية البناءة.