الخميس 18-04-2024 05:36:36 ص : 9 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ألغام بحرية وقرصنة وإرهاب.. كيف تهدد المليشيا الحوثية حركة الملاحة الدولية؟

الأربعاء 28 ديسمبر-كانون الأول 2022 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

تُمثّل مليشيا الحوثي تهديدًا مباشرًا لليمنيين في كافة مناحي الحياة، وإزاء ذلك فقد شرع اليمنيون لمواجهة هذه الجائحة منذ ما قبل انقلابها على الدولة في سبتمبر 2014، إبّان توسعها في محافظات حجة والجوف وعمران خلال 2011 وحتى اليوم.

لم تقتصر هذه التهديدات الحوثية على اليمن فحسب؛ بل باتت تمثل تهديدًا عابرًا للمنطقة برمتها، وما الصواريخ التي أطلقتها المليشيا الانقلابية المدعومة إيرانيًا، على السعودية والإمارات، خلال الفترة الماضية؛ إلا خير دليل على ذلك. كما أن تلك التهديدات تجاوزت اليمن ودول المنطقة إلى تهديد الملاحة البحرية، والتجارة الدولية، وتحديدًا في البحر الأحمر وباب المندب، وما يمثله ذلك من مخاطر على الأمن والسلم الدوليين.

تتجلى هذه التهديدات الحوثية في الممرات المائية، والملاحة الدولية يومًا بعد أخر، من خلال سفن السلاح التي تتوالى وصولها إلى مليشيا الحوثي من إيران، والتي يتم السيطرة على بعضها من قبل التحالف والبحرية الأمريكية والبريطانية، فيما تصل السفن الأخرى إلى المليشيا، محمّلة بمختلف أنواع الأسلحة والصواريخ، عبر ميناء الحديدة الذي حولته إلى منصة لتهديد حركة التجارة الدولية.

ألغام بحرية

لم تكتف مليشيا الحوثي بزراعة الألغام في المناطق الجبلية والصحراوية التي سيطرت عليها، والتي بلغت بحسب الحكومة اليمنية أكثر من مليون لغم، كإحصائية تعد هي الأكبر عالميًا منذ الحرب العالمية الثانية؛ بل قامت المليشيا الحوثية بزراعة الألغام البحرية، مهددة بذلك حياة الصيادين والملاحة الدولية على حد سواء.

خلال السنوات الماضية، قامت مليشيا الحوثي الإرهابية بعملية زراعة الألغام في المياه الإقليمية اليمنية، قبالة سواحل ميناء ميدي، والبحر الأحمر، وكذا سواحل الجزر الآهلة بالسكان، وأماكن الصيد، وبالقرب من خط الملاحة الدولية في البحر الأحمر، غرب جزيرة بكلان إحدى الجزيرة التابعة لمديرية ميدي بمحافظة حجة، عبر عناصرها الذين تم تدريبهم، أو عبر خبراء إيرانيون ولبنانيون تم استقدامهم لهذا الغرض.

وحسب مصادر عسكرية، فإن المليشيا كثّفت زراعة الألغام البحرية، وعملت على تمويه بعضها، وزراعة بعضها الأخر بشكل عشوائي، في مساحات شاسعة من البحر، مستخدمة بذلك القوارب والزوارق البحرية لهذا الغرض، فضلا عن تحويلها المياه الإقليمية اليمنية إلى منصة لاستهداف عدد من الموانئ السعودية، منها ميناء جازان، وينبع، والتي أفشلتها قوات التحالف أكثر من مرة.

وخلال العام الماضي، أعلنت قوات التشكيل البحري التابعة للجيش الوطني، إتلاف أكثر من 52 لغمًا بحريًا، واعتراض خمسة زوارق مفخخة خلال العام 2021م، فيما أعلن التحالف تدمير 175 لغمًا بحريًا زرعتها مليشيا الحوثي عشوائيًا خلال العام 2020م، وأن تلك الألغام "إيرانية الصنع".

وكان الجيش الوطني، قد أكد أن خبراء إيرانيون يتولون تدريب عناصر حوثية في ساحل مديرية اللحية شمالي الحديدة، على استهداف السفن وتفخيخ خطوط الملاحة الدولية، من خلال عدد من الزوارق البحرية ذاتية الدفع، مؤكدًا أن عملية التدريب تجرى كذلك بالقرب من جزيرتي "تلاوين والملك" ومنطقة "خور العلوي" في إيران، والتي تتخذ المليشيا من مزارعها مخابئ للأسلحة ومعسكرات تدريب.

اختطاف السفن والاعتداء عليها

اضافة إلى ما سبق، شنت مليشيا الحوثي عدة هجمات متفرقة على عدد من السفن في المياه الإقليمية اليمنية، والبحر الأحمر، وذلك ضمن تهديداتها المتكررة لحركة الملاحة الدولية، من خلال ميناء الحديدة الذي حولته إلى منصة لتهريب السلاح، وتهديد الملاحة الدولية.

ومن المهم الإشارة في هذا الصدد، إلى السفينة الإماراتية "روابي"، التي قامت مليشيا الحوثي مطلع العام 2022 باختطافها، قبالة ميناء الحديدة، في البحر الأحمر، وتم الإفراج عن طاقمها البالغ عددهم 14 شخصًا من الجنسيات الأمريكية والهندية والفلبينية والإندونيسية، في أبريل الماضي، بوساطة عمانية.

وجاء اختطاف السفينة من قبل مليشيا الحوثي، أثناء نقلها لمعدات طبية من جزيرة سقطرى إلى منطقة جازان السعودية، في عملية وصفها التحالف العربي بقيادة السعودية بأنها "عملية قرصنة"، والتي جاءت لتأكد التهديدات الحوثية المستمرة لقطع الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

ومنتصف آذار/ مايو الماضي، أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، تعرض سفينة شحن لهجوم من قبل أشخاص يستقلون زوارق بحرية على بُعد 34 ميلا بحريًا (63 كيلومترا) جنوب غربي الحديدة باليمن.

وفي أغسطس/آب، أعلنت القوات البحرية الأمريكية، إحباط محاولة سفينة دعم تابعة لبحرية الحرس الثوري الإيراني، الاستيلاء على سفينة آلية (بدون طاقم) يديرها الأسطول الخامس الأمريكي في مياه الخليج، حيت تسعى إيران عبر مليشيا الحوثي لتجزأت واحدية منظومة الأمن الاقليمي البحري، وفقا لمراقبين.

تهريب السلاح

حولت مليشيا الحوثي ميناء الحديدة إلى منصة لتهديد الملاحة الدولية، حيث أكد الجيش اليمني مرارًا أن إيران تواصل تهريب الأسلحة للمليشيا الحوثية عبر موانئ الصليف ورأس عيسى، وميناء الحديدة، والذي حولته المليشيا إلى ثكنة عسكرية.

وكانت صحيفة عكاظ السعودية، قد نقلت عن مسؤول عسكري يمني قوله، إن الحوثيين مستمرون في تهريب السلاح من إيران عبر بعض الجزر اليمنية والقرن الإفريقي، فيما تتولى زوارق صغيرة إدخاله إلى عدة مناطق عدة على الشريط الساحلي غرب البلاد.

وتستغل إيران الساحل الطويل لليمن الممتد على البحر الأحمر، وميناء الحديدة، لتزويد الحوثيين بالأسلحة والذخائر، حيث يتم تهريب السلاح إلى الحوثيين عبر زوارق صغيرة، تحمل صواريخ مفككة ويتم تركيبها من قبل خبراء إيرانيين موجودين في اليمن.

منتصف الشهر الماضي، ضبطت قوات خفر السواحل اليمنية، سفينة "صنبوق كبير" بالقرب من ميناء المخا حيث كانت في طريقها لمليشيا الحوثي، وفقا لما أعلنه مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية.

وحسب المركز "فإن السفينة بحسب التصريح قادمة من الصومال إلى ميناء المخا وعلى متنها 9 بحارة يمنيين يشتبه بعملهم في مجال التهريب لمليشيا الحوثي"، مؤكدة أن طاقم السفينة اعترف خلال التحقيق أن اتجاه السفينة كانت متوجهة إلى ميناء الحديدة وأن كتابة الترخيص كان لغرض التمويه.

الاعتداءات على المنشآت النفطية

كشفت الاعتداءات التي قامت بها المليشيا الانقلابية، مستهدفة ميناء الضبة النفطي بحضرموت، وميناء قنا النفطي بشبوة، الموقف المتخاذل من قبل المجتمع الدولي تجاه مليشيا الحوثي الإرهابية، باعتبار تلك الاعتداءات تمثل أكبر تهديدًا للسلم الأهلي، ومشروع السلام المعلن عنه في اليمن.

إذ مثّلت تلك الاعتداءات الإرهابية، ضرب لأخر مقومات الاقتصاد الوطني، ناهيك عن التهديد للمصالح الإقليمية والدولية، والملاحة الدولية العابرة في منطقة أعالي البحار، وهي الاعتداءات التي قوبلت بإدانات دولية واسعة لكنها غير كافية لمواجهة هذا الصلف الحوثي؛ باعتبار المتضرر الوحيد من تلك الاعتداءات هو المواطن اليمني بأمنه واقتصاده، وفقًا للسياسي اليمني عبده سالم.

ولذا فقد أكدت الحكومة اليمنية أن الهجوم الإرهابي الذي شنه الحوثيون على ميناء الضبة النفطي بحضرموت، تصعيدًا خطيرًا يهدد الملاحة الدولية، وحرب اقتصادية غير مقبولة، معتبرة أن التهاون في هزيمة ميليشيات الحوثي يشكل خطرًا وجوديًا على المنطقة والملاحة الدولية.

يأتي في ظل التهديدات الحوثية المستمرة باستهداف كافة الشركات الملاحية والبحرية، وكذلك الشركات النفطية الأجنبية والمحلية العاملة في اليمن، وذلك في مؤشر واضح على التصعيد العسكري لمليشيا الحوثي، التي باتت تمارس ابتزازًا واضحًا للمجتمع الدولي، من خلال رفضها تمديد الهدنة، والتهديد المستمر بضرب المنشآت النفطية.

موقف المجتمع الدولي

وبالرغم من المخاوف الدولية المتكررة من امتداد لهيب الحرب في اليمن ليهدد ممرات الملاحة الدولية والتجارة العالمية في البحر الأحمر وباب المندب، بالتزامن مع استمرار تدفق السلاح الإيراني إلى مليشيا الحوثي، إلا أن الموقف الدولي لا يزال يراوح مكانه، مكتفيًا بعبارات التنديد الذي يصدرها بين كل وقت وأخر، دون الانتقال الفعّال لمواقف أكثر جديّة تعمل على إنهاء الصراع في اليمن بدلًا من إدارته.

ورغم أن الموقف الدولي لم يتجاوز الإدانة فقط؛ إلا أن تلك الإدانات قوبلت باستمرار التصعيد الحوثي، متحديّة بذلك القرارات الدولية، والمجتمع الدولي الذي يظهر تراخيا في اتخاذ أي اجراء حاسم، يسهم في وضع حد للانقلاب الحوثي في اليمن.

فالواقع اليمني، بعد ثماني سنوات من الحرب، يؤكد أن المجتمع الدولي يظهر مرونة وتساهلا غير مبرر مع تلك الأعمال الإرهابية التي تقوم بها مليشيا الحوثي في اليمن منذ انقلابها على الدولة-بذريعة الوصول إلى هدنة مستدامة- وهي الاتهامات ذاتها التي تؤكدها الحكومة اليمنية بين الحين والآخر، خصوصًا مع صمت المجتمع الدولي إزاء قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، وعدم اتخاذه أي موقف إزاء ذلك.

وبالرغم من رفض المليشيا المقترحات الأممية بشأن الهدنة التي انتهت مطلع أكتوبر الماضي، والتنازلات التي قدمتها الحكومة اليمنية، وإعلان مجلس القيادة قرار تصنيف مليشيا الحوثي جماعة إرهابية، إلا أن الموقف الدولي لا يزال يتعامل مع المليشيا كطفل مدلل، يخشى هزيمتها ربما أكثر من الحوثي ذاته، وفقا لمراقبين.

ولعل اللافت في الأمر هو الموقف الخجول للمجتمع الدولي إزاء التحذيرات الدولية المتكررة من مخاطر المليشيا على الملاحة الدولية. حيث قال تقرير لفريق الخبراء الأممي، إن مليشيا الحوثي المسلحة تحصل على مبلغ يقدر بنحو 26 مليون دولار بشكل شهري من ميناء الحديدة عبر الشاحنات النفطية ورسوم جمركية.

وحذر فريق الخبراء عبر تقرير له قدّمه إلى مجلس الأمن، حذر من استخدام المليشيا تلك الأموال في نشر أسلحة متطورة تهدد عملية الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وهي التحذيرات التي لا يزال المجتمع الدولي يصمّ أذانه عن سماعها، خصوصًا الدول ذات العلاقة بالملف اليمني.

موقف الشرعية والتحالف

تبقى الطريقة الوحيدة لإنهاء المخاطر التي تواجه حركة الملاحة الدولية، والتجارة العالمية، مرهونة بإنهاء الانقلاب الحوثي في اليمن، وكذا الحل السياسي وفقا للمرجعيات الثلاث، وهو ما تؤكد عليه دومًا الشرعية اليمنية، والتحالف العربي بقيادة السعودية.
ومن المهم الإشارة إلى تطابق الرؤى بين الحكومتين اليمنية والسعودية إزاء هذا الأمر، من خلال التأكيد المستمر على أن تهديدات المليشيات الحوثية ليست إلا بمثابة تهديد وجود دول واقتصاديات شعوب المنطقة كاملة، على أساس أنها أحد الأذرع للنظام الإيراني في المنطقة، ويرجع هذا إلى العلاقة التاريخية بين اليمن والمملكة، والتي تنبع من الدين والدم والنسب والأخوة والجوار.

عدا ذلك، سيظل الخطر الحوثي يهدد اليمن والمنطقة والملاحة الدولية، باعتبار أن المليشيا الحوثية ليست سوى أداة لتنفيذ الأجندات الإيرانية في المنطقة، وجنديٌ مطيع لتوجيهات الحرس الثوري الإيراني؛ ولذا كان استعادة الدولة، وتنفيذ القرارات الدولية الملزمة هي الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار والسلام في اليمن والمنطقة، وتأمين الملاحة الدولية، وإمدادات الطاقة وحركة التجارة العالمية.

ويرى مراقبون، أن إيران وبحكم تركيبتها كدولة استعمارية توسعية ذات جذور فارسية، تطمح لاستعادة نفوذها وتاريخها البائد، وترى أن تواجدها في مضيق باب المندب وخليج عدن وبحر العرب ستجعل منها دولة قائدة في المنطقة، وسيسهل عليها التحكم بمضيق باب المندب وخليج عدن ومضيق هرمز كشريان دولي للتجارة العالمية وخطوط نقل النفط والمضايق الاستراتيجية، وفقا للسياسي اليمني علي الجرادي.

خلاصة القول، إن أمن مضيق باب المندب وجنوب البحر الأحمر، وحركة الملاحة العالمية، مصلحة دولية مشتركة يجب على المجتمع الدولي القيام بمسؤولياته تجاهها، وهي كذلك مسؤولية الأطراف اليمنية لتجاوز الخلافات، ورص الصفوف؛ باعتبارها الحجر الأساس في استعادة الدولة اليمنية، وانهاء الانقلاب، وأن التهاون في هزيمة ميليشيات الحوثي يشكل خطرًا وجوديًا وتهديد حقيقي ليس على اليمن وحسب بل وعلى المنطقة والمصالح الدولية برمتها.

كلمات دالّة

#اليمن