الجمعة 19-04-2024 02:02:17 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ما وراء التصعيد الحوثي ضد أساتذة الجامعات في مناطق سيطرتها؟

السبت 24 ديسمبر-كانون الأول 2022 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت-خاص

 

لم تكتفِ مليشيا الحوثي الانقلابية بنهب مرتبات الموظفين، وخصوصًا أساتذة وأكاديميي الجامعات منذ سنوات؛ بل قامت بمصادرة منازلهم، وفرضت مزيدًا من القيود عليهم، وصل بها الأمر إلى محاولة منعهم من العمل في الجامعات الأهلية، لتجفيف مصادر قوتهم اليومية.

مؤخرًا، أصدرت المليشيا الانقلابية، تعميمًا يفرض مزيدًا من القيود المستمرة على العاملين في المؤسسات الأكاديمية، ومنها مراقبة وتقييد عمل الأساتذة في جامعات أهلية، من خلال مطالبة رؤساء الجامعات الحكومية في مناطقها "أسماء أعضاء هيئة التدريس الذين يعملوا في الجامعات الأهلية وكذلك الذين غادروا للعمل في دول العدوان (في إشارة للسعودية) أو غيرها".

التعميم الذي أصدره وزير التعليم العالي في حكومة الميليشيا حسين حازب، وجّه رؤساء الجامعات الحكومية في تلك المناطق بتشديد الإجراءات ضد "أعضاء هيئة التدريس العاملين في الجامعات الأهلية وخارج الوطن"، وكذا منع "العمل في الجامعات الأهلية بدون أخذ موافقة رئيس الجامعة الحكومية، كما يمنع الجمع بين عمادة كليتين في الجامعة الحكومية والأهلية".

كما ألزمت المليشيا "أعضاء هيئة التدريس العاملين في الجامعات الأهلية الالتزام بالتدريس في جامعتهم لمدة يومين على الأقل في الأسبوع ومن لم يلتزم باليومين على الجامعة اتخاذ الإجراءات المناسبة".

الموت جوعًا

يأتي هذا في الوقت الذي لجأ فيه عدد من الأكاديميين الى التدريس بالساعات في الجامعات الأهلية لسد جزء من احتياجاتهم، وذلك مع استمرار أعمالهم في الجامعات الحكومية دون مقابل؛ في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها نتيجة قطع الميليشيا رواتبهم منذ العام 2016.

وردًا على هذا القرار، استهجن أساتذة جامعات على مواقع التواصل التعميم الحوثي، وتعليقا على ذلك كتب الدكتور عبد الكريم الوصابي على صفحته في الفيس بوك "لابد أن يموت الدكاترة من الجوع، لابد من ملاحقة الدكاترة ومنع أي مصدر دخل يعيشون منه وأسرهم، لم ينفع معهم قطع المرتبات مدة سبع سنوات، فمازالوا يعيشون".

وأجبرت الظروف المعيشية عدد من الأكاديميين اليمنيين للعمل في مهن مختلفة، ومنها العمل في الدراجات النارية، أو باص أجرة كما هو حال الأكاديمي اليمني البارز الدكتور عبدالله معمر الحكيمي أستاذ علم الاجتماع جامعة صنعاء، الذي اضطر للعمل في باص الأجرة بصنعاء؛ بحثًا عن الرزق، وتوفير قوت اسرته، بعد انقطاع مرتبه.

وترك الحوثيون أساتذة وأكاديميي الجامعات، يواجهون مصيرًا مأساويًا؛ بعد عقود من الخدمة في تخريج الأجيال، حيث صادروا رواتبهم وامتيازاتهم، وطردوا كثيرين منهم من السكن الجامعي، ما دفع البعض إلى تفضيل الموت بدلاً عن الانخراط في مشروع الجماعة الإرهابية.

مصادرة مساكن الأكاديميين

بالإضافة الى نهب مليشيا الحوثي الانقلابية لمرتبات الأكاديميين في الجامعات، قامت بمصادر مساكنهم، وإجبارهم على الخروج من أسرهم، وفي حال الرفض يتم استقدام ما يعرف بـ"الزينبيات"، المليشيا النسائية؛ لإخراج عوائل الدكاترة بالقوة، كحال أسرة الدكتور أحمد الدغشي، أستاذ الفكر التربوي بجامعة صنعاء، وغيره من الدكاترة المتقاعدين والمتوفين، حيث عمدت على اخراج عوائلهم بالقوة، رغم صدور أحكام قضائية تؤيد حقهم بالبقاء في تلك المساكن.

حيث قامت المليشيا بالاستيلاء على مساكنهم الخاصة في مباني السكن الخاص بأعضاء هيئة التدريس بالجامعة، وطردت أسرهم منه، وذلك في إطار ملاحقة الأساتذة المختلفين معهم فكريًا وسياسيًا، واقتحام منازل بعضهم، وإخراج غير الموالين لهم مع أسرهم للعراء، وهو ما اعتبره قانونيون مخالف لقانون الجامعات اليمنية رقم ٢٣٨ لسنة ١٩٩٨م.

ووصف مراقبون ما تقوم به المليشيا من ممارسات بحق الأكاديميين في الجامعات بأنه إمعان لسياسة التمييز العنصري الذي تقوم به ضد الدكاترة والأساتذة المخالفين لها، حيث قامت بإخراج بعض الدكاترة وطردهم مع أسرهم إلى العراء، في الوقت الذي أكد عدد من الأكاديميين بالجامعة أن المليشيا قامت بتسكين بعض الموالين لها في السكن الخاص بالدكاترة، وليس لهم أي صفة اكاديمية في الأساس.

وحسب مصادر مطلعة، فإن تلك الإجراءات التي تقوم بها المليشيا بحق مصادرة مساكن الأكاديميين في جامعة صنعاء لا تستهدف سوى المخالفين لهم، والرافضين الانخراط في مشروعها الطائفي، حيث تقوم بممارسة الترهيب بحقهم، والانتقام منهم، عبر مصادرة مساكنهم، بعد مصادرة مرتباتهم.

مستحقين للزكاة

إضافة إلى ما سبق، واصلت مليشيا الحوثي الإرهابية تعسفاتها واجراءاتها بحق أكاديميّ الجامعات اليمنية، في استهداف واضح للعملية التعليمية في الجامعات، في محاولة منها لتعطيل دورها ومكانتها، من خلال اقصاء عدد من المخالفين لها، وتعيين عدد من الموالين لهم ممن ليس لهم أي صفات اكاديمية.

وفي إطار سياسة الإذلال التي تمارسها المليشيا بحق الأكاديميين في الجامعات ومنها جامعة صنعاء، تحويلهم إلى أشبه بمتسولين من خلال توزيع سلال غذائية لهم عبر المنظمات المحلية والدولية، وكذا مستحقين للصدقات عبر مطالباتهم بتخصيص مبالغ مالية زهيدة للأساتذة عبر الهيئة العامة للزكاة.

ووصف مراقبون، مساعي الجامعة لصرف تلك المبالغ للأكاديميين والدكاترة عبر هيئة الزكاة، بأنها إهانة كبيرة للأكاديمي، الذي آثر الاستمرار في عمله على الرغم من مضايقات المليشيا، ومصادرتها لرواتبها، التي كانت تبلغ أكثر من 300 ألف ريال قبل الانقلاب.

وسخر أساتذة الجامعة من مطالب الحوثيين بتحويل مبالغ لهم من هيئة الزكاة، معتبرين تلك المطالب بأنها إهانة في حقهم، بعد أن أظهرتهم كشحاتين، مؤكدين أن تلك المطالب نتيجة التساهل من قبل الدكاترة في المطالبة بمرتباتهم. وطالبوا المليشيا بصرف مرتباتهم التي هي حق من حقوقهم، وترك أموال الزكاة لمستحقيها، وفقا للدكتور هشام ناجي عضو الهيئة الإدارية لنقابة أعضاء هيئة التدريس بالجامعة.

دورات ثقافية

وواصلت المليشيا حملات الابتزاز والتعسف ضد أساتذة الجامعات، من خلال إجبار الدكاترة على حضور دورات ثقافية، وكذا الزامهم بتدريس مقررات طائفية فرضتها عليهم مؤخرا، وتهديد الرافضين بالإيقاف عن العمل، وذلك بعد رفض واسع من قبل الدكاترة لتلك المقررات.

وحسب مصدر أكاديمي بجامعة صنعاء، فقد أجبرتهم المليشيا على حضور دورات ثقافية طائفية، مؤكدا أنه أجبر على الحضور مع بعض زملاءه الأكاديميين بعد أن تخلفوا عن حضور هذه الدورة لأكثر من عام. مؤكدا أنه شعر بالإذلال عقب حضوره لتلك الدورة، التي اعتبرها انتقام من سنوات الخدمة التي قدموها في تعليم الأجيال على مدى ثلاثة عقود.

وتعد هذه الدورات الطائفية، بمثابة المعيار الأول للمليشيا للحصول على منصب ما داخل الجامعة أو الإقالة منه، حيث تسعى المليشيا لإجبار الدكاترة على الايمان بأفكارها الطائفية في الجامعات، التي تعد بالنسبة لها مصدر خوف وقلق، وذلك مع انعدام القبول لتلك الأفكار التي تحاول جاهدة بثّها في أوساط الجامعات، سواء الطلاب أو الدكاترة.

حيث أكدت مصادر مطلعة، أن مليشيا الحوثي الانقلابية تواجه صعوبات كبيرة في فرض مناهجها الطائفية أمام العصيان الواسع في الوسط الطلابي والأكاديمي في الجامعات اليمنية، وتحديدا جامعة صنعاء، رغم إجراء المليشيا تغييرات عميقة في مناهج الجامعات لصالح أفكارها الطائفية.

يأتي هذا في ظل مطالبات أكاديمية للمنظمات الدولية العاملة في صنعاء، بالتدخل لوقف هذه الممارسات التي تستهدف الإضرار بالتعليم في مناطق سيطرة المليشيات، والتي أصبحت عملية ممنهجة بغرض جعل الجيل الناشئ جيلاً جاهلاً، يسهل تطويعه وتسخيره لخدمة هذه الجماعة السلالية وأفكارها الضالة وممارساتها غير الإنسانية، وتغييبه عن الهوية الوطنية الجامعة.

ملاحقة واختطاف

كما قامت المليشيا الانقلابية باختطاف عدد الدكاترة وأساتذة الجامعات اليمنية، كما تعرض بعضهم للضرب داخل قاعات الجامعة، بسبب الآراء المعارضة لهم، كحال الدكتور عدنان ياسين المقطري أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء، الذي قامت المليشيا بالاعتداء والضرب عليه داخل قاعة المحاضرة، بصورة مهينة، وتلفيق عددًا من التهم بحقه، بعد أن قام بانتقاد ما قامت به المليشيا من انقلاب داخل قاعة المحاضرة.

كما اختطفت الدكتور عدنان الشرجبي عضو هيئة التدريس في كلية الآداب جامعة صنعاء، أثناء ذهابه إلى جامعة صنعاء، لامتحان الطلاب، وظل مختطفا في سجن المليشيا لبضعة أسابيع، وأفرجت عنه وهو بحالة صحية سيئة، توفي بعدها بأيام، دون مراعاة لمكانتهم العلمية، ودورهم في تخريج الكوادر اليمنية على مدى سنوات.

كما اختطفت المليشيا البرلماني السابق، والدكتور في جامعة صنعاء، عبدالله المقالح من منزله بصنعاء، بعد تطويق منزله بقوة عسكرية، وتخويف وترويع أسرته، وقامت باقتياده إلى جهة مجهولة. يأتي هذا في الوقت الذي لا يزال فيه الدكتور يوسف البواب أستاذ اللسانيات بجامعة صنعاء واحد أبرز علماء اللغة في اليمن، مختطفا في سجون مليشيا الحوثي، منذ ثمان سنوات.

وأوغلت المليشيا الحوثية ظلمًا بحق الأكاديميين وأساتذة الجامعات اليمنية في مناطق سيطرتها، في محاولة لإجبارهم على الطاعة العمياء، دون مراعاة لقدسية مكانتهم العلمية والأكاديمية، باعتبارهم عقل الأمة، وسر تفوقها. وحسب مراقبون فإن المليشيا الانقلابية تهدف من خلال الضغوطات المختلفة على الأكاديميين في الجامعات؛ تهدف إلى تسريحهم، واستبدالهم بآخرين من صفوفها.

كلمات دالّة

#اليمن