الثلاثاء 23-04-2024 10:49:33 ص : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

نحو إعادة بناء ثقافة المجتمع (الحلقة 2) ثقافتنا بين تكييف القرآن وورثة الآبائية

السبت 26 نوفمبر-تشرين الثاني 2022 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص | عبدالعزيز العسالي
  


أولا، مقاصد القرآن: رحمة، وهداية، وتخفيف:

سنقتصر على بعض نصوص القرآن ذات الدلالات المقاصدية الهادية إلى بناء ثقافتنا التي تمكن العقل من امتلاك ناصية الفكرة الفاقهة للعلاقات بين السنن ونقد الزيف، وصولا إلى تقديم البديل الثقافي الأفضل والأحسن، كون الثقافة القرآنية تمنح العقل معايير واضحة يحتكم إليها أولا، ثم يحولها إلى آليات حاضنة وحامية للكرامة والحقوق ومستشرفة للمستقبل.

باختصار استشهدنا بنوعين من النصوص: النوع الأول، نصوص ذات دلالات عامة تضمنت هدايات ثقافية كثيفة حددت أبرز الأسس العقلية البانية للثقافة الحية الناقدة المستندة إلى الرحمة الربانية هداية وتخفيفا.

النوع الثاني:
- نصوص "كيّفتْ" واقعنا الثقافي بما في ذلك الأسباب النفسية والفكرية والاجتماعية التي انزلقت بالمسلمين عن طريق المحجة إلى استبدال المحذور قرآنيا.

- نصوص "وصفت" تصرفاتنا الثقافية، وهي ثقافة الإصر التي جاءت مقاصد القرآن لإزاحتها، لكن المسلمين تنكبوا طريق المحجة - رحمة الله، هداية، وتخفيفا، وإلهاما، فهي الأجدر ببناء عقل مسلم مهتدٍ وهادٍ في آن.

ثانيا، نصوص الرحمة هداية وتخفيفا:

1- قال تعالى: "يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم".
"والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين اتبعوا الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما".
"يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا" (النساء: 26-28).

2- لا شك أن مقاصد النصوص الآنفة واضحة الدلالة على:
- مراد الله الرحيم العليم بمصالحنا، وبضعفنا، كي لا نتيه ونتخبط ونضيع الأعمار في صحراء العلوم الإنسانية والتجارب الفاشلة، حيث قدم لنا بذور العلوم الإنسانية، داعيا العقل إلى البحث وفق تلك المعايير، فيهتدي بها العقل ويهدي وينقُد ويحتكم إليها.

وهذا أعظم تخفيف لا يدركه إلا من وقف على تخبط النظريات الاجتماعية الغربية.

3 دلالة "التوبة" اللافتة للنظر:
- نحن أمام نص معصوم يقرر مقصدا قرآنيا.. أجزم وفي حدود علمي أنه لا يوجد فقيه أو مفكر مسلم وقف عند هذه التوبة الداعية إلى التزام أمر الله وإرادته المتعلقة بركني الإيمان بالله واليوم الآخر والمتمثلة في التعاطي مع السنن الحاكمة للاجتماع.

بربك أيها القارئ هل سمعت واعظا أو فقيها أو أكاديميا تطرق إلى هذا النوع من التوبة؟ أكتفي بتلك الإشارتين.

ثالثا، النصوص التي "كيّفتْ" واقعنا الثقافي:
قال تعالى:
1- "فخلف من بعدهم خلف ورِثوا الكتاب يأخذون عرَض هذا الأدنى ويقولون سيُغفرُ لنا وإن يأتهم عرَضٌ مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألّا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدّارُ الآخرةِ خير للذين يتقون أفلا تعقلون".

2- "والذين يُمَسِّكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين" (الأعراف: 169-170).

3- الدلالة المحورية" الآبائية":
- الوِرْثة الآبائية إحدى الكوارث المدمرة للاجتماع الإنساني.

- القرآن العظيم تعددت صور حجاجاته حول خطورة هذا الداء السنني، فأصبح مقصدا قرآنيا بارز النتائج والمآلات الكارثية كما في البند التالي.

4- إرث التديّن - دلالات، ومآلات:
- إرث الكتاب يعطينا مفهومين كبيرين: المفهوم الأول، "وِرْثة التدين".
- التدين المتوارث يعني تقليد واتباع الآبائية - وإن كانت مخالفةً لتعاليم القرآن.. الغريب أن المقلدين يمتلكون التبريرات الخاطئة، مثل قولهم: لسنا أفضل من آبائنا.. مخالفة الآباء تسفيه لعقولهم.. البركة في الاتباع.

المفهوم الثاني: ورثة عمارة الأرض - إصلاح شؤون الحياة.
- نضرب مثالا تقريبا للفكرة وتفاديا للإطالة، هذا "س" من الناس بنى دارا أنيقة، قدم فيها جهدا بدنيا وماليا وسهر الليالي وتحمل مشاقا مختلفة وديونا... إلخ، وكلما وجد خدشا في بقعة ما أو غيره يبادر لإصلاحه، فهو من تجرع أنواع الغصص في سبيل بناء الدار الشاخصة في مخيلته وبالتالي هيهات أن يتهاون في إصلاح أي خدش فضلا عن خلل كبير.

توفي "س" وورثه ابن أو أكثر، وسكن/وا في الدار، فيا ترى هل سيصل حفاظهم على الدار نصف أو ربع بل سدس درجة أبيهم؟ الجواب: لا، والحياة زاخرة بالأمثلة.

- إذا أسقطنا المثال السابق على جانب التدين والوعي الثقافي لدى الأبناء، لا شك أن الأمر سينحرف بطريقة أو بأخرى سلبا وإيجابا.

- ماذا عن الاهتمام لو أن أحدا، أو كل، أو بعض الأحفاد سكن في الدار؟

- ماذا لو أسقطنا موقف الأحفاد تجاه إرث التدين؟

- سيتراكم الإهمال أكثر فأكثر في مجالي التدين أو الحفاظ على الدار كلما طال العهد حتى الانهيار: "طال عليهم الأمد فقست قلوبهم".

من هنا نعرف دلالات رحمة الله بالخلق في تتابع الرسالات السماوية.

الخلاصة، تلكم هي دلالات إرث الكتاب تدينا وحياةً.

رابعا، مآلات إرث الكتاب:

المآلات والنتائج هي منظومة عنقودية "كارثية" متداخلة متراكمة، تحضر فيها البذور، فتنعكس على الفكر فالثقافة فإصلاح شؤون الحياة.

- بدورنا سنذكر أهم المآلات والنتائج القاتلة فيما يلي:
1- التقليد والجمود العقلي.
2- التدين الشكلي وفقدان روح التدين ومقاصده.
3- إرث الكتاب يعني تعطيل نعمة التكريم الرباني للإنسان التي تميز بها الإنسان عن سائر المخلوقات، إنها نعمة العقل التي هي أعظم هبة ربانية.

4- حضور الآبائية العمياء: "بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون".

5- معاداة العقل -كل من يحاول التفكير- حد كلام غوستاف لوبون ما معناه: ليكن الحيوان قدوتك في عدم إعمال العقل وسترتاح من نقمة المجتمع، أما أن تكون إنسانا تفكر فودع راحتك بل حياتك.

الكارثة الحقيقية هي أن معاداة العقل يضفى عليها قدسية الدين، دفاعا عن الله والرسول والسلف... إلخ.

6- التوحّل في بؤرة لعرَضِ الأدنى:
- مفهوم القبول بالعرض الأدنى يحمل دلالات وأبعاد خطيرة، نفسيا، وإنسانيا، وقيميا... إلخ.

- فالقبول بالأدنى - الدون سواء التدين الشكلي، أو الأشياء الدنيوية كتقديس الأشخاص أو السلالة أو المذهب... إلخ، فهذا دليل انحطاط النفس، وسقوط عزة النفس المؤمنة التي حررها التوحيد تحريرا كاملا روحا وجسدا.

- البعد الإنساني يتمثل في انسحاق أو تلاشي قدسية كرامة الإنسان على كثير من مخلوقات الله.

- البعد القيمي - حضور ثقافة القطيع، وتسقط هيبة كرامة الإنسان وحريته وقدسية حقوقه على مستوى الفرد والمجموع، وهذا يقود إلى مآل كارثي أخطر كما في البند التالي.

7- هشاشة وتلاشي شخصية الأمة، فتصبح الأمة لا وزن لها في عين خصومها، وهذا هو عين الانهيار الحضاري - وجود الأمة كعدمها.

8- قرار خالد: انطلاقا مما سبق قرر فقهاء الأصول باتفاق ما يلي:
- الفقيه المقلٍد لمذهب فقهي ليس بفقيه، لأن أدلة فقيه المذهب قد يكون بعضها غير صحيح، وهذا يعني أن المقلد لا عقل له لا سيما في"الأصول".

- قرروا أن المقلّد لا عبرة بقوله إذا خالف البقية. **

خامسا، نصوص "توصيف" واقع الأمة:

1- النص العام:
قال تعالى: "تشابهت قلوبهم قد بيّنّا الآيات لقوم يوقنون" (البقرة: 118).

2- النص الخاص:
قال تعالى: " كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُوٓاْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَٰلًا وَأَوْلَٰدًا فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلَٰقِهِمْ فَٱسْتَمْتَعْتُم بِخَلَٰقِكُمْ كَمَا ٱسْتَمْتَعَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُم بِخَلَٰقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِى خَاضُوٓاْ ۚ أُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَٰلُهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ ۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ "
(التوبة: 69).

3- يلاحظ أن جلال النص قد وصف واقعنا الثقافي بوضوح، وعليه فالسعي لإيضاح الواضح إفساد لجلال المعنى.

4- الدلالة الجديدة الأهم: النص وصف "العرض الأدنى" بصفة "خلاق"، ذلك أن دلالة الخلاق أكثر تحقيرا، إنها أشبه بمادة "المكياج" يُطلى بها الوجه وبعد إزالتها يظهر الوجه بشكل مختلف.

5- دلالة الخسران: الحِجاج القرآني دقيق جدا في مقاصد دلالاته اللافتة للنظر، فالنص انتهى مقررا حال السابقين أنهم "حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون".

فهذا النوع من الحجاج العجيب ذكر استمتاع وخوض الفريقين، ثم قرر الخسران التام للأمم السابقة، ولم يقرر مصير التابعين عشاق العرض الأدنى، كونهم مقلدين، فهذا تحريك لتفكير التالي، وحتما سيصل إلى تقرير نفس المصير لفريق الدونية (العرض الأدنى)، وحسب علماء الألسن أن هذا النوع من الحجاج أقوى تأثيرا، لأنه يجعل التالي أو السامع هو الذي يقرر وهذا أقوى في التاثير والإقناع.

سادسا، حصائد العرض الأدنى وتجلياته:

حصائد وتجليات العرض الأدنى كثيرة وعميقة وشاملة كل مجالات حياتنا الإسلامية.. ولكي نقدم للقارئ أكبر قدر من المعلومات فقد حدد مجالات لنتحدث من خلالها فيما يلي:

المجال الأول، غياب المنهج المقاصدي:

1- المنهج المقاصدي هو مقاصد القرآن، ومقاصد البيان النبوي العملي، وهو فقه التطبيق الراشدي والصحابة في كل البلاد التي وصلوا إليها.

2- المنهج المقاصدي قدم تشريعا مفصلا في مجال الثوابت، وقدم منهجا كليا في مجال المتغيرات الحياتية.

3- لأسباب وسياقات مختلفة نتج عنها حضور قوي للفكر الجزئي تأصيلا وتطبيقا مع الاستحضار الذهني للمنهج المقاصدي.

4- نفق التقليد المذهبي: دخل العقل الفقهي نفق التقليد من زاويتين: الزاوية الأولى هي التقليد في الفروع، والزاوية الثانية هي زاوية التقليد في الأصول وهي الزاوية الأخطر بل والأكثر إرباكا للعقل للفقهي.

5- غياب المنهج المقاصدي: غياب المنهج المقاصدي هو القفل الصدئ الذي أغلق العقل الفقهي عن المنهج المقاصدي الحيوي الهام.

كان التقليد هو الطابع العام فقهيا وأصوليا، كانت هناك استثناءات لكنها لاقت حربا في الفضاء الفقهي العام.. وهذا انعكس سلبا على جوانب الحياة بدرجة أو بأخرى.

المجال الثاني، غياب مقاصد التزكية:

1- حضور التصوف الفلسفي الهندي الحامل لأفكار التشيع الباطني فاختل ميدان التزكية وبصورة رسمية، فانتشرت الزوايا في أنحاء العالم الإسلامي، وهنا تقيأ أفكاره المسمومة في سبيل تحقيق أهدافه لإزاحة الإسلام وذلك من خلال ما يلي:

2- إضاعة مقاصد التزكية: لقد عمل التصوف الفلسفي والتشيع جنبا إلى جنب تغييبا وإفسادا وتمييعا لمقاصد التزكية، تأمل المفهوم الإجرامي التالي.

3- الطبيعة ميدان كوارث الخالق.. والإنسان ميدان كوارث طغيان السلطان.. وبما أنه لا يجوز الاعتراض على الله فكذلك لا يجوز الاعتراض على الطغيان المفسد المهلك للحرث والنسل.

هذا المفهوم الإفسادي عقيدة وقيما وشريعة... إلخ، انتشر في الفضاء الفقهي والثقافي والاجتماعي ولكن بتحريف ألعن وأقذر، للتكيف مع عقل العامة: إنه قدر الله.

4- صبر العلماء دستور نافذ.. نكبات العلماء بدأت مبكرا، والعجيب أنه تم حفظها ذهنيا وخطيا، وتداولتها المنابر والزوايا وغيرها، وقد تعاورتها إضافات وتحريف، تكريسا لثقافة "العرض الأدنى"، وقد آتت أكلها أضعافا مضاعفة.

5- فقدان آليات ردع الطغيان: الحصائد السابقة واللاحقة عطلت العقل الفقهي عن التفكير بأي آليات تحمي كرامة الإنسان فردا ومجموعا، فالصبر هو الدستور الإسلامي النافذ.

6 مبررات الكذب لترسيخ التزكية: ثقافة الرضى بالدونية المتكئة إلى العرض الأدنى أفقدت المؤمن عزته، فتولد عنها حصائد عنقودية أسوأ أبرزها دفن كرامة الإنسان، فهل توقف الأمر؟ كلا، بل إن زوايا التزكية المنحرفة زورت روايات كثيرة على الرسول صلى الله عليه وسلم.

اختلفت الصيغ الباطحة، وتقارب الجزاء، وهذا نموذج مدمج تجنبا للإطالة.

علماء أمتي، كل أمتي، من طالته مظالم السلطان، فضيلة أمتي الصبر على ظلم السلطان فالجزاء شفاعتي لهم، الجزاء هو أن المظلوم يعطيه الله يهوديا بيمينه ونصرانيا بشماله، ثم يقول له ألقِ بهما في النار وأنت ادخل الجنة.

السؤال: أين الطاغي الفاجر المفسد؟ لا عقاب،فالكتابيان يغطيان موقعه في النار.. ما هذا الغلاط؟ كذبة الكتابيان بيد المظلوم لا الظالم.. لا لا، الكتابيان فدية للظالم يقدمها المظلوم ويشعر بالسعادة.

لاحظوا معي كيف أن التزكية الفاسدة المفسدة حولت دين الإسلام وعدل الله إلى حصن للطغيان دنيا وأخرى، فالمفسد في الأرض لا يجوز الإساءة إليه دنيا، وفي الآخرة لا نجد عليه أي حساب، وإنما المظلوم يقوم بالمهمة والرسول صلى الله عليه وسلم يشفع إذا انتهى أهل الكتاب من عرصات المحشر.

الخلاصة، الانبطاح للظلم والطغيان عقيدة لازمة في الدنيا وفرحة غامرة في القيامة.. هكذا نصت الأكاذيب على الله ورسوله.

الطاغية السلالي:
الطاغي السلالي مقدس مقدما، ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن السلاليين الطغاة: صالحهم لي، وطالحهم عليّ.. ألم يقل الله للرسول صلى الله عليه وسلم: "ولسوف يعطيك ربك فترضى".

نعم، الرسول قادر يدخل من يشاء الجنة بدون إذن من الله يوم القيامة، وما لم نسلم بهذا سنكون والعياذ بالله مكذبين بالآية: "ولسوف يعطيك ربك فترضى".

ومكذبين بعظمة محمد وامتيازاته، هكذا يقول الشيعي المتصوف محمد بن علوي المالكي في كتبه، بل إن خلود الإسلام يعود إلى وجود قبر الرسول بخلاف بقية الرسل فقبورهم ضائعة وكذلك أديانهم.

7- كُرباج انحراف مفهوم التوبة: كرباج التوبة يجلد النفوس والعقول، وعاظ طيلة 1200 عام يصرخون: توبوا إلى الله، هكذا لغة قطيع نابذة القرآن الذي نص صراحة أن لكل ذنب توبته الخاصة: "يريد الله أن يتوب عليكم".. وردت هذه التوبة في سياق القرآن حول الأخذ بالسنن الحاكمة للاجتماع.
عُد إلى مقدمة هذا المقال.

8- غياب فقه الوسائل: حرمت أمتنا من التفكير باجتراح وسائل وآليات تحاصر الطغيان وتقلم أظافر المستبدين، وتمنع تغول المفسدين في الأرض بسبب صبر العلماء.

نعم صبر العلماء فضيلة خاصة بهم فمتى كان صبرهم واجب علينا الالتزام به؟ من قال هذا؟ لقد مر على أمتنا 1200 من العجز القاتل الفاشل بسبب غياب المنهج المقاصدي الداعي إلى ابتكار أنواع الوسائل لخدمة مقاصد القرآن وحماية كرامة الفرد والمجموع.
وها نحن المسلمين منكوسين في وهاد التخلف الشامل بسبب ثقافة القطيع الضحل.

بالمقابل، ثقافة تهش لها الأفئدة.. شخص أمريكي أخطأت المحكمة في حقه فسجن 40 عاما، وبعد قضاء المدة الظالمة تقدمت إليه المحكمة باعتذار ثم قال له القاضي: اطلب ما تشاء من تعويض؟ رفض الرجل متعللا أي تعويض بعد انتهاء عمري سجينا؟ إن كان ولا بد من تعويض فالغوا تلكم القوانين المجرمة في حق المواطنين؟
يا الله يا الله ماذا يقول الأمريكي؟ بادرت المحكمة باجتماع مع كل الجهات ذات العلاقة وألغت كل القوانين الماسة بكرامة الإنسان.. أين الإسلام من المسيحية؟ وأين المسيحي من كرباج الوعاظ؟

الجدير ذكره أن هنالك أمثلة كثيرة جراء حصائد ثقافة العرض الأدنى التي حذر منها القرآن، ولكن موقف الرجل الأمريكي أذهلني جدا.
وعليه، أكتفي بهذا القدر، على أمل اللقاء بعونه سبحانه مع عنوان من العرض الأدنى إلى قيم الخلود.

......................
** تنويه:
- شخصية الأمة سنتحدث عنها في سلسلة قادمة.

- أفردنا الحديث في الحلقة القادمة حول قيم الخلود، انطلاقا من النص 170 سورة الأعراف: "والذين يمسّكون بالكتاب..." إلخ.

كلمات دالّة

#اليمن