الخميس 28-03-2024 14:38:53 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

ثقافة التفاهة.. إذلال الإنسان وخدمة الطغيان

الأحد 13 نوفمبر-تشرين الثاني 2022 الساعة 11 صباحاً / الاصلاح نت - خاص | عبدالعزيز العسالي
 

 

خلق الله الإنسان ليعبده ويعمر الأرض وفق المنهج الرباني الذي قرر كرامة الإنسان وتفضيله على كثير من خلق الله، قال تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا".

هنا سؤال يقول: لماذا هذا التكريم الرباني المطلق؟ الجواب هو أن الإنسان هو ملتقى التكليف بالأمرين – عبادة الله وعمارة الأرض، وهذا شأن المسلم، أو بعمارة الأرض، ولكن وفق منهج الله، فلا إفساد أو مصادمة سنن الله في الكون والنفس والاجتماع.

وبما أن التكليف متعلق بالإنسان، فهذا يقتضي التكريم المطلق للإنسان.

كرامة الإنسان محور مقاصد الشريعة:

1- الله أنزل تشريعا مقدسا يحمي الإنسان كرامة وحرية وحقوقا.

2- نصوص القرآن والسنة النبوية حصرت كبائر الذنوب فيما يمس إنسانية وحقوقه مساسا مباشرا أو غير مباشر.

3- حماية العقل مقصد شرعي: حماية عقل الإنسان وتفكيره هي إحدى الضرورات الشرعية الكبرى.

4- مفهوم حماية العقل: مفهوم الحماية يعني صيانة العقل، والحفاظ عليه، وحمايته من كل ما يفسد العقل مثل المسكرات، والمخدرات، والكحوليات، ويدخل في هذا الإطار ضرورة حماية الفكر من المؤثرات المعنوية، كإفساد التصور بالمفاهيم المغشوشة، والظنون، والأوهام، والخرافات، وقلب الحقائق، وتقديس الأشخاص، والتعصب، والتحيز، والتدليس، والتلبيس، سواء كان تحت شعار الدين أو غيره، فهذا محرم شرعا وتدينا، ومرفوض عقلا ومنطقا وثقافة، لأنه مصادم لمنهجية مقاصد الشريعة، ومفسد لسنن الاجتماع - يقود إلى الفساد المهلك للحرث والنسل.

إذن، لا غرابة إذا قررنا أن كرامة الإنسان "محور مقاصد الشريعة".

ثقافة التفاهة:

أولا، السلالية الإبليسية المتسيدة:

1- للتافهات التافهون

وفي التفاهة يركضون

والحالمون بكل دون

وبكل أرباب العمائم يؤمنون

الصانعون لكل معضلة

ثقافة القطعان هي الرجولة عندكم

صعب مجاراة الرجال

وهيّنٌ تعميم سلّة **

2- القطرنة والتخضير: التافه السلالي العنصري أحمد يا جناه، عمم التفاهة إلى الشعب اليمني باستعمال "القطران" (قطرة صغيرة على الجبهة).

3- السلالي أحمد يا جناه، سمع أن القرود (الرباح باللهجة الدراجة) أفسدت المحاصيل فأمر بقتل القرود، وعلى كل من يقتل قردا أن يوصل ذيل القرد إلى مقام الحاكم السلالي.

4- وتفاهة أقبح، تحريم الذؤابة (أي إسدال طرف العمامة) على كل الشعب، لأن إسدال الذؤابة من خصوصياته فقط، باستثناء من كان سلاليا لكنه غير حاكم، فيسمح له بذؤابة مقدار أربع أصابع خلف الرقبة فقط.

5- تكريس تلكم التفاهة الهدف منها الإمعان العابث وحشو العقل وإفساد التفكير حيث يظل التفكير في تيه عبثي لا وجهة له ولا هدف.

6- النذور والحروز: النذور والحروز يستقبلها أحمد يا جناه، ويحرم تسليمها إلّا له فقط، كونه إماما بن إمام خمس درجات.

7- سلالية بعضها من بعض: سلالية القرن الـ21 تنهب براميل الطلاء الأخضر من التجار، لطلاء الأجساد، والحيطان، والجذوع، والكلاب، والخراف، باسم "قرين الشيطان"، ونصرة للنبي، والحرب على اليهود وأمريكا.

أي تفاهة؟ أي عبث؟ أي انحطاط طال كرامة وقذفها إلى درك الكلاب؟

8- امتداد التفاهة السلالية عبر التاريخ: تفاهة السلالية ممتدة عبر التاريخ، وإليكم نماذج سريعة:

- تراب قبر السفاح المجرم عبد الله بن حمزة ينفع للأمراض التي تصيب الإنسان.

- تراب قبر السفاح يطرد البراغيث (القملان) من المنزل والفئران والنمل والصراصير... إلخ.

- ليس أخيرا، الحاكم السلالي يختبر الطلاب في الشهادة الأساسية الذين يحفظون نسب الحاكم السلالي من أحمد يا جناه وانتهاء بالرسول صلى الله عليه وسلم.

صدق الشاعر إذ قال:

للتافهات التافهون

والحالمون بكل دون

ثانيا، تطاير عمائم طهران.. قانون حركة التاريخ:

1- بعد عقود أربعة من حشو العقول بالتفاهات في إيران، ها هي سنة الله (قانون حركة التاريخ) بدأت تطال عمائم الدجل والتفاهة والزيف، وصلت إلى إسقاط المجسمات المقدسة والصور التي لوّثت الجدران بتفاهتها.. إنها بدايات المؤشرات السننية – تصفع خلفيات العمائم.

2- صحيح أن أغلب العمائم المتطايرة هي العمائم البيضاء - أصحابها ليسوا من البطنين، لكن الأهمّ هو أن ذوي العمائم السوداء قد انزووا كالجرذان في الأزقّة وخلف الجدران والثقوب، ونتحداهم يخرجوا إلى الشارع.. ذوقوا أيها التافهون اللطمات الأولى.. تجرعوا بعضا من هرائكم – تصدير الثورات.

شعر:

إذا ما الدهر جرّ على أناسٍ

كلاكله أناخ بآخرينا

فقل للشامتين بنا أفيقوا

سيلقى الشامتون كما لقينا

"سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا"... إلخ.

ثالثا، غباء التافهين:

1- الغباء الإبليسي أوقع إبليس في لعنة الله الأبدية.

2- التافهون راسفون في غبائهم.. إنهم يرون "نتائج التفاهة" التي لوثت العقول وامتهنت كرامة الإنسان عبر التاريخ.. يشاهدون سقوط الطغاة التافهين ولكن أنّى لعقولهم المحشيّة بالتفاهات أن تفيق من تفاهة صدئها المتراكم؟ إنهم راسفون في وهم عشش في عقلياتهم يقول لهم إن التفاهة الرابضة في مخيلاتكم لن تؤثّر عليكم.

نماذج للتفاهات:

1- كرة القدم: يعذرني القارئ العزيز.. أنا لست ضد كرة القدم، لكن أريد إيضاح الهدف التافه، ومعه عدد من التفاهات القابعة عند الساسة التافهين.

2- الهدف من كرة القدم:

- إشغال الشباب بالتفاهات، فما الثقافة الجادّة التي قدمتها كرة القدم؟

- إليك مثال واضح: الحاضرون في المدرج الرياضي لو وجدوا أن الحكم احتال في حكمه تنهال عليه النعالات، بل ينزلوا يضربوه.

وهنا يتجسد الامتهان العابث بالعقول، ذلك أننا نعلم جميعا أن الكرة هي "لعب" لا غير.

إذن، كيف تحول اللعب إلى "جِدٍّ" يا قوم؟ ألسنا نلعب؟ نعم، نلعب. طيب لماذا تحول اللعب إلى "جد"؟ أليست هذه تفاهة الثقافة؟

يا قوم، الحاكم يظلم، يستبد، يقتل، يشرّد، يسجن، يصدر الأحكام الإجرامية، أليس هنا هو "الجد"؟ فلم لا تذهبون لمعاقبته كما تعاقبون حكم اللعب؟ وعليه، أخي القارئ هل اتضح لك الهدف الطغياني التافه؟

3- السحر الأخطر: السوشال ميديا، والإعلام الرسمي عموما، والعنكبوتي خصوصا.

كلّنا يعلم أن أتفه الأشياء في السوشال ميديا فتاة تنقل بيت شعر أو مقولة صغيرة من صفحة الشاعر أو الكاتب، ويلاحظ بعد دقائق 70 ألف تعليق وتأييد ومديح... إلخ، في حين أن صفحة صاحب المقولة تكاد تكون فارغة، وفي أحس الأحوال تعليقات بعدد الأصابع.

4- الغناء التافه: سيول جارفة – تفاهات، تهتك، إسفاف، بل حمار في مدرج، يفوز بما لا ينقص عن 3 ملايين مشاهدة أو مليونين.

المقياس هنا نفترض أن 100 ألف من أولئك هم يمنيون، وبالتالي سألناهم عن أغنية وطنية، أجزم أن الغالبية الساحقة سيقولون: مفردات الأغاني الوطنية صعبة.

5- تفاهة وهم تحقيق الذات: بعض الشعوب فقدت إحساسها بالذات بسبب القهر والاستبداد والطغيان المركب المتراكم المتخادم الموروث، يلاحظ أنهم يمارسون بعض التفاهات تقليدا لثقافة الغير.

نعم، يهرعون إليها، وتلك طبيعة العقول والأذهان المتشبعة بالتفاهات، فهيهات أن تقلد في القيم الإيجابية، لأنهم يبحثون عن ذواتهم المصادرة سياسيا وفكريا وثقافيا، فيمارسون أعمالا تقذف بهم إلى وهاد الانحطاط، معتبرين ذلك انتصارا وتحقيقا لذواتهم.. المهم أن الهدف المستبد والطغيان يطول أمده في ظل هكذا ثقافة.

6- تفاهة مصارعة الثيران: هذه تفاهة تدمر الإنسان، والذي اخترعها -حسب علماء الأنثروبولوجيا- أنه أحد المستبدين لإلهاء المجتمع.

7- شرب بول الحمير: مقطع يوتيوب خلاصته إعلان عن فتح بوفية للعصائر الطازجة، وبالمناسبة تم تقديم بول حمير للبعض في الشارع فشربه العدد الموجود واستحسنوه، ثم قيل لهم إنه بول حمير.. الكل سكت عدا امرأة.. بربكم أي إهانة للإنسان؟

رابعا، ألوان من التفاهات:

1- قداسة الخرافة عبث بالشرع والعرض:

- أحد المتصوفة، سلالي عفن، قال إن عمامته نزل بها جبريل من السماء.

- تدليس التفاهة بخبث الأفاعي: قال إنه يؤمن بأن الرسول صلى الله عليه وسلم مد يده من القبر وسلم على الشيخ الرفاعي. وأضاف مخاطبا السامع: إذا لم تؤمن بهذا لا عليك، لكن يلزمك أن تعتقد بإمكان حصول ذلك.

أرأيتم كيف يغرسون التفاهة البابوية القائلة: لا تجادل من خارج المسيحية، إنما عليك اعتناقها أولا ثم ناقش. وبعد الدخول في المسيحية يقال له: اغمض عينك واتبعني ولا تناقش.

- الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوة غداء: جاء رجل من المغرب في القرن العاشر الهجري، ووصل إلى باب المدينة المنورة، فاعترضته فاطمة الزهراء: إلى أين؟ قال: إلى حبيبي محمد.

الزهراء: أبي غير موجود اليوم، إنه في دعوة غداء بحضرموت، ضيافة محمد علي حبشي.

2- الولد للفراش، وإن تباعد الزوجان: هذه تفاهة مخالفة للشرع والعقل والدين والعرف والاجتماع، فلو أن شخصا من صنعاء أقام في أرض المغرب وله بنت في صنعاء فأملك بها لرجل في المغرب وأصبحت حامل فالولد لأبيه، كيف؟ الجواب: قد يكون الزوج من أهل الخطوة، قفز لصنعاء، والمهم الإيمان بالخرافة أفسد الدين والفقه... إلخ.

هذا المخرف الدجال ينتسب إلى مذهب مالك الذي قيل له إن فتاة عازبة حامل وتدّعي زواجها بشخص من الجن، فأجاب مالك: يقام عليها الحد ودعواها مردودة.. مالك لم يكن في عهده تخريف ودجل.

3- فقيه آخر ينتسب لذات المذهب في القرن الـ12 الهجري، أسند ما كتبه في الفقه عبر سلسلة طويلة انتهت إلى جبريل عن الله.

4- تعصب وانفتاح ببركة نومه: قال عبد الوهاب الشعراني إنه رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وسأله: هل ما قاله الفقهاء الأربعة وأتباعهم هو من شريعتك؟ فأجاب الرسول صلى الله عليه وسلم: "نعم كل ذلك أنا قلته"، أو هكذا قال.

5- فقيه بحجم الدنيا: فقيه شافعي في القرن العاشر الهجري، تملكه الإعجاب بحجم الدنيا فافتخر بعلمه، فاعترض عليه خصوم داخل المذهب.

الخلاصة أنه فسر خرافة بخرافة – تفاهة العبث بالدين عادي، المهم أنه أتى بالجديد قائلا: الولي الذي يراه الناس في كل الأرض، وعدّد أمثلة ممن صلوا الجمعة في عرفات أو القاهرة ولكنهم صلوا بالناس في مساجد أخرى في نفس اللحظة.. وعندي أن هؤلاء الأولياء تتضخم أجسامهم إلى أن تملأ الآفاق أشبه بالشمس والقمر فيراهم الناس جميعا في كل مكان.. أرأيتم ثقافة التفاهة كيف تعبث بالعقول وتفسد الدين والشرع والقيم؟

6- الشيطان في الكرسي: لا يجوز للمرأة أن تجلس على الكرسي لأن الشيطان يمارس معها الجنس فلتتق الله حرام تجلس على الكرسي.

وبعد أيام تظهر زوجة هذا الدجال وتقول بالفم المليان: إن الله أنقذني بزوجي فلقد وجدت كلامه عن الشيطان والجنس والكرسي حقيقة لا مراء فيها.

لا ندري، هل وجدت ذلك بعد تحريم زوجها أم قبل؟

7- دعاوى الإجماع: هذه الدعاوى جمعت بين حشو تافه مخالف للشرع صراحة، وإرهاب فكري، خلاصته التكفير ببساطة.

- فتوى الخمس للسلاليين: هذا نموذج مجمع عليه، كيف؟ نعم وإليك كتاب أكثر من 500 صفحة جمعه من لا يفهم أبجديات المنهج ودعمه معمم لم يشم رائحة الفقه في هذا المجال.. المهم إجماع، كافر من يخالفه.

يا هذا، قضية الخمس لم يعلمها الراشدون والصحابة، فعن أي تفاهة تتحدث؟ أي إجماع هذا الذي لم يعرفه الراشدون ولا الصحابة؟

الخلاصة، التفاهة الثقافية واسعة، ولكن حسبنا ما قاله المثل العربي: "حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق"، وبالتالي قس على قولي تكن فقيها.. نلتقي بعونه سبحانه.

------------------

هامش:

** منقول بتصرف من قصيدة الرمال المتحركة، د. صادق القاضي، مع الاعتذار للشاعر، كوني أدرجت جملة ثقافة القطعان... إلخ.

ويضبط إيقاع حركة الإنسان ثانيا.. "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم"، "يهدي إلى الرشد".

                                                                                                                                                                                                                              

كلمات دالّة

#اليمن