الخميس 28-03-2024 22:46:07 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

التجمع اليمني للإصلاح.. تجسيد قيم الانتماء والاصطفاف الوطني

الثلاثاء 14 يونيو-حزيران 2022 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد العزيز العسالي

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت".

نعم، ذلكم النص هو شعار حزب الإصلاح.. وفي السطور التالية سنستعرض أبرز مواقف الاصطفاف التي جسدت قيم الانتماء الوطني، كما يؤمن بها الإصلاح نظريا وسلوكا عمليا.

مواقف الاصطفاف تكتنز فيها دلالات ساطعة كالشمس في رابعة النهار، لا ينكرها إلا من سفه نفسه.

دعوات الإصلاح إلى الاصطفاف الوطني:

انطلق حزب الإصلاح بمواقفه العملية أولا، وموجها النداء عبر وسائله الإعلامية إلى كل شرفاء الوطن أن يحافظوا على مكاسب الشعب من خلال آليات الاصطفاف الوطني، حيث تكرر هذا السلوك الرائد كترجمة عملية لقيم الانتماء الوطني جاعلا منها آليات سلمية تحمي الشعب ومكاسبه أرضا وإنسانا ومقدرات.

الجدير ذكره أن آليات الاصطفاف والبناء السلمي كثيرة، غير أننا سنذكر أبرزها منذ عام2011 وحتى عام 2022، وذلك على النحو التالي:

1- المبادرة الخليجية: لقد تكررت دعوة الإصلاح إلى الاصطفاف حول المبادرة الخليجية، ثم تلتها دعوة متكررة شملت الالتفاف حول المبادرة الخليجية، والخطة المزمّنة التي وضعها المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر، ذلك أن الخطة المزمنة تضمنت الكثير من الآليات الهادفة إلى حماية حقوق الشعب بدءا من الشرعية الدستورية والإدارية والاقتصادية والقانونية والحقوقية، فقد كانت بمثابة إعلان دستوري متكامل، حسب تقييم أهل القانون والمهتمين بالسياسة الذين أشادوا بتلك الخطة إشادة عالية.

دعوة حزب الإصلاح إلى الاصطفاف حول ما سبق، استمرت إلى حد الملل، وصولا إلى الخطوة التالية.

2- الدخول في الحوار الوطني: وجه حزب الإصلاح ومعه اللقاء المشترك الدعوة إلى منظمات المجتمع المدني إلى الانخراط في لجنة الحوار الوطني.

3- تغليب الاصطفاف: كانت المليشيا الحوثية الإرهابية قد انخرطت في الحوار لكنها كانت في ذات الوقت تخوض حربا ضد المواطنين في عدد من المناطق.

غير أن حزب الإصلاح ومعه اللقاء المشترك استخدموا كل الوسائل لإقناع أعضاء الحوار الوطني بالاستمرار في الحوار وصولا إلى مخرجات الحوار، مؤكدين للجنة الحوار أن التمسك بسلوك الحوار كفيل بامتصاص تلك الفوضى المليشاوية الإرهابية.

4- مسيرة الاصطفاف الوطني: أطلق الإعلام يومها مصطلح "مسيرة الاصطفاف الوطني"، والتي تم تشكيلها بقيادة شخصيات وطنية من العيار الثقيل، نعم، خرجت مسيرة الاصطفاف الوطني في صنعاء ضمت حشودا هائلة غير مسبوقة.

قدم الإصلاح الدور الأكبر في الدعوة إلى تلك المسيرة، كما أن بقية أحزاب اللقاء المشترك قدموا دورا في تحريك كل شرائح الشعب.

دعوة الإصلاح إلى تلك المسيرة جسد فيها قيم الانتماء الوطني من جهة، ومن جهة ثانية كانت دعوة الاصطفاف صادرة عن وعي تام، بل إن الإصلاح وضح للشعب مآلات ذلك الاصطفاف، حفاظا على شبكة العلاقات الاجتماعية، ووحدة وسلامة النسيج المجتمعي، والالتفاف حول الشرعية الدستورية، وكل ذلك، باختصار، أن الاصطفاف هو آليات ذات فاعلية ستحمي مكاسب الشعب وستجنب الوطن ويلات الدمار.

5- اصطفاف تعز: بعد انقلاب المليشيا الإرهابية على الشرعية الدستورية يوم 21 سبتمبر المشؤوم، اجتاحت المليشيا الانقلابية عددا من المحافظات ووصلت إلى تعز، فتحرك حزب الإصلاح ومعه اللقاء المشترك في أوساط الجماهير موجهين الدعوة إلى منظمات المجتمع المدني ومنظمات المرأة وكل شرائح المجتمع، تحت شعار "الحفاظ على مدنية تعز"، فاندفعت الجماهير بقيادة منظمات المجتمع المدني، كما تم تشكيل منظمات مجتمع مدني جديدة وتكتلات ومنتديات، فقدمت تعز لوحة اصطفاف وطني في أقوى صورها – مَسِيرات ووقفات احتجاج، ومنتديات وندوات، وحضور مقايل الوجاهات والعقلاء، وحضور مقايل مشرفي المليشيا... إلخ.

6- منظمة "مد": في 11 أكتوبر دعا حزب الإصلاح ومعه اللقاء المشترك أبناء تعز إلى خروج مسيرة بقيادة فريق شاب من كل ألوان الطيف تحت شعار منظمة "مد"، والمعنى هو: حرف "م" يرمز إلى "مواطن"، وحرف "د" يعني "دولة".

الجدير ذكره أن تلكم المسيرة لم تشهد مدينة تعز مثيلا لها من قبل لأسباب متعددة منها أن عددا غير قليل من المواطنين تذكروا اغتيال الرئيس الحمدي، رحمه الله، فبادروا بالإعلان في الساحة والشوارع وعبر وسائط النت، فكانت مقدمة المسيرة أمام مدرسة الشعب وآخرها أمام بنك الإنشاء والتعمير في شارع جمال، لقد كانت مسيرة اصطفاف مذهلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لكن للأسف لم يحظَ ذلكم الاصطفاف الفريد بالتوثيق الإعلامي.

7- اصطفاف تعز مستمر: استمر حزب الإصلاح ومعه اللقاء المشترك وكذلك منظمات المجتمع المدني وفريق من الشباب، شكلوا لجنة بقيادة الشهيد صادق منصور الحيدري، الأمين العام المساعد لحزب الإصلاح بتعز، وحددت اللجنة هدفا واحدا هو الحوار مع مشرفي المليشيا والسلطة المحلية وقيادات الوحدات العسكرية بتعز وقيادات المؤتمر.

الحقيقة أن ذلك الاصطفاف ظل حاضرا بقوة، وبصور مختلفة، تلا ذلك الخروج ببلورة هدف موحد مفاده دعوة قيادات وحدات الجيش المحيط بتعز إلى القيام بواجبها الوطني – حماية تعز.

قيادات الاصطفاف بتعز يومها لم تدخر وسعا بل كثفت طرق الحوار وصولا إلى الخروج باتفاقيات بين قيادات الاصطفاف والسلطة المحلية ومشرفي المليشيا بأن يمارسوا عملهم الإشرافي تجاه دوائر السلطة المحلية، لكن المليشيا كانت تدفع أحد عناصرها للتوقيع فيأتي آخر فيرفض، وهنا جسدت المليشيا أخلاقيات يهود: "أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم" (البقرة، 100).

استمر حزب الإصلاح في تعز مناضلا عبر آليات السلم المتمثلة في الاصطفاف الوطني، حماية للإنسان وحفاظا على وحدة النسيج المجتمعي وحماية تعز من فوضى المليشيا.

8- مع مجلس الرئاسة القيادي: تجلى موقف حزب الإصلاح من اللحظات الأولى لقيام مجلس القيادة الرئاسي مباركا المجلس الجديد، وشاكرا المؤسسة السالفة، وداعيا الشعب إلى الالتفاف حول المجلس بهدف إخراج الوطن من أزمة الحرب القذرة، مؤكدا للمرة الألف دعوته إلى تنفيذ اتفاق الرياض.

9- جدد الإصلاح مباركته عبر دائرة الإعلام للحزب، داعيا الشعب اليمني إلى الالتفاف حول المجلس الرئاسي حتى يتمكن المجلس من تنفيذ مهامه بدءا من هيكلة الجيش ووضع حد للحرب العبثية بالطريق التي يراها المجلس سياسيا أو عسكريا، تنفيذا لاتفاق الرياض.

إن حزب الإصلاح لم يدخر وسعا في ميدان الاصطفاف الوطني، فقد بذل الكثير في هذا المضمار تأييدا لكل خطوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، مباركا كل موقف يخدم وطننا الحبيب، حقنا لدماء الشعب وفك الحصار على شعبنا عموما ومدينة تعز خصوصا.

دلالات الاصطفاف:

كثيرة هي الدلالات التي جسدها موقف الإصلاح الثابت تجاه الاصطفاف الوطني وإليك أبرزها:

أولا، دلالات ثقافية:

أبرز الدلالات الثقافية هي:

1- نكران الذات عند حزب الإصلاح، ذلك أن شعار الإصلاح هو "كل شيء يهون في سبيل مصلحة الوطن"، وعليه، فلا مكان للمكاسب الشخصية أو الحزبية عند الإصلاح.

2- روح الفريق: أثبتت مواقف حزب الإصلاح، من خلال التفافه مع كل الشرفاء، أن الإصلاح يسعى بكل جهوده إلى ترسيخ روح الفريق كون وحدة الهدف إحدى المكاسب الوطنية.

3- المبادئ قبل الحزب والأشخاص: أثبتت مواقف الإصلاح العملية في سبيل الاصطفاف الوطني أن حزب الإصلاح يعيش للمبادئ وليس لمكسب حزبي ولا شخصي.

4- الانطلاق من القواسم المشتركة والحفاظ عليها.

5- الحفاظ على وحدة الوطن، والحيلولة دون الانجرار إلى العنف.

6- حماية شبكة العلاقات الاجتماعية والتي تصب في حماية الشرعية الدستورية، والسعي لإقامة الدولة وضمان بقائها، وترسيخ مبدأ المواطنة المتساوية، وصولا إلى هيكلة الجيش، وكل ما من شانه أن يحقن دماء الشعب يجب تنفيذه والحفاظ عليه بشتى السبل.

ثانيا، دلالة السلم والسلام:

1- يسعى حزب الإصلاح إلى ترسيخ آليات ضامنة ترسي السلام والسلم الدائمين، حفاظ على السكينة و الاستقرار.

2- تحصين الشعب من ثقافة التمزق والتفرق والشتات، والهدف هو حماية كرامة الشعب أفرادا ومجموع.

مرتكزات فكرية:

قيم الانتماء الوطني المتمثلة في: الولاء الوطني، والولاء للمبادئ، والولاء للأمة، واحترام إرادة الأمة... إلخ، هي ثقافة راسخة لدى حزب الإصلاح، تترجم للعقلاء إلى حد كبير مدى استشعار المسؤولية لدى حزب الإصلاح، وتبرهن أنها قيم متجذرة فكريا ومواقف منبثقة من كلّيات الدين الإسلامي ومقاصده، ومن حسن التأسي بمقاصد تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أرسى معالم فقه الموازنات – تنزيلا على الواقع ومراعاة للمآلات والنتائج.

فها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يختار الحصار في شعب أبي طالب ولم يقبل التنازل عن العقيدة، لأن العقيدة في ذلك الظرف كانت هي المكسب الدعوي الوحيد لا غير.

والعكس كان يوم أُحُد مثلا، فقد كانت التضحية بـ70 شهيدا، لماذا؟ لأن هناك مكاسب يجب حمايتها – سيادة المدينة، وحماية بناء مجتمع المدينة، وحماية دولة المدينة... إلخ، وحماية كل ذلك يخدم العقيدة.

إن مقاصد تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم تعطينا أعظم بيان عملي منهجي مقاصدي يرسي آليات حماية الحاضر والمستقبل، منهج يقول بلسان الحال والمقال: هنا يجب التضحية حماية للمكاسب.

وعليه، نقرر جازمين أن حزب الإصلاح سلك طريق السلم في بناء المجتمع، رافضا كل ما يؤدي إلى التغيير بالعنف، وتلك هي الوسيلة الثابتة في التغيير، وفي حالة الاستثناء ها هو الإصلاح يقدم التضحيات بكل اقتناع في ربوع الوطن الحبيب ترجمة لقيم الانتماء الوطني ودفاعا عن سيادة الوطن وحماية للشرعية الدستورية، وولاء للأمة واحتراما لإرادتها المتمثلة في الإجماع الشعبي على مخرجات الحوار، فالتضحيات في هذا الصدد تعتبر ضرورية، كيف لا وهي تصد أسوأ مليشيا انقلابية إرهابية أفسدت الحرث والنسل ودمرت مقدرات الأمة وحاصرت الملايين طيلة ثماني سنوات ولا زالت.

الخلاصة، تجسيد الإصلاح لقيم الانتماء الوطني من خلال الاصطفافات المذكورة أعلاه، وكذلك التضحية بدماء قياداته وأعضائه، يعطينا البراهين والدلالات على عظم المسؤولية التي اختارها بوعي واقتناع تامّين اعتقادا وسلوكا.

وليس أخيرا، هذه أبيات جدير إثباتها في هذا المقام مقتبسة من قصيدة "مصطفى" للشاعر عبد الله البردوني، رحمه الله، حيث قال:

يخشون مكان موتٍ

وأنت للموت أألف

وبالخطورات أغرى

وبالقرارات أكلف

لأنهم لهواهم

وأنت بالناس أكلف

يجزؤون المجزأ

يصنفون المصنف

كفجأة الغيث تهمي

وكالبراكين تزحف

يا مصطفى يا كتابا

من كل قلب تألّف

ويا زمانا سيأتي

يمحو الزمان المزيف

نلتقي بعونه سبحانه..

 

كلمات دالّة

#اليمن