الجمعة 26-04-2024 01:49:58 ص : 17 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الصحفيون المختطفون في سجون الحوثيين.. سبع سنوات من التعذيب والتنكيل والانتهاكات

الإثنين 13 يونيو-حزيران 2022 الساعة 12 مساءً / الإصلاح نت - خاص | عبد السلام الحاتمي

 

تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية ارتكاب مختلف الانتهاكات والجرائم البشعة بحق الصحفيين المختطفين في سجونها منذ سبع سنوات، وترقى تلك الانتهاكات إلى جرائم حرب لا تسقط بالتقادم، ولا تعبأ المليشيا بالمطالب والمناشدات الصادرة عن منظمات محلية ودولية للإفراج عن الصحفيين المختطفين في سجونها وإيقاف التنكيل الذي يطالهم وما تلاقيه أسرهم من تعذيب نفسي حزنا وخوفا عليهم.

وتتعدد أشكال انتهاكات المليشيا الحوثية بحق الصحفيين ما بين الخطف، والقتل، والتشريد، والإخفاء القسري، والاعتداء الجسدي، والتعذيب الوحشي في المعتقلات، واحتلال المؤسسات الإعلامية، والتهديد، وحجب مواقع إخبارية، والمنع من التغطية، وإصدار لوائح وتعليمات قمعية، ونهب ممتلكات وسائل إعلام، ومصادرة مقتنيات الصحفيين وممتلكاتهم ومحاكمتهم، وإيقاف رواتب إعلاميين، وتوقيفهم عن العمل.

كما تمنع مليشيا الحوثيين أقارب الصحفيين المختطفين في سجونها من زيارة ذويهم، وتحرمهم من حقهم بالتواصل معهم، وغياب الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، يضاف إلى ذلك التعذيب الجسدي والنفسي والحرمان من تلقي العلاج أو عرضهم على الأطباء والذهاب بهم إلى المستشفى في تعمد واضح وصريح لتعريض حياتهم وسلامتهم الجسدية للخطر.

- حرب شاملة على الصحفيين

في يونيو 2015، اختطفت مليشيا الحوثيين الإرهابية عددا من الصحفيين بعد حملة مداهمات بحق الإعلاميين المناوئين لها في أعقاب سيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، ووجهت لهم ما تسميها تهم "مساندة العدو والعدوان"، في إشارة للحكومة اليمنية الشرعية وتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية.

ووفق آخر إحصائية لنقابة الصحفيين اليمنيين، فإن 49 صحفيا قدموا أرواحهم ثمنا للحقيقة، منذ بداية الانقلاب والحرب التي أشعلتها المليشيا الحوثية قبل أكثر من سبع سنوات.

وفي 11 أبريل 2020، أصدرت محكمة حوثية -تفتقد لأي صفة قانونية- حكما بإعدام أربعة من الصحفيين المختطفين في سجونها وهم: عبد الخالق عمران، وأكرم صالح الوليدي، وحارث صالح حميد، وتوفيق المنصوري.

- معاناة متزايدة

وتتزايد معاناة الصحفيين المختطفين في سجون الحوثيين كلما طالت مدة اعتقالهم، ففي أواخر مارس 2021، كشف محامي الدفاع عن الصحفيين المختطفين في سجون الحوثيين عن تضاعف معاناة الصحفيين الأربعة المختطفين في سجون الحوثيين بصنعاء والمحكوم عليهم بالإعدام.

وقال المحامي عبدالمجيد صبرة، في صفحته على فيسبوك، إن الصحفيين الأربعة الذين حكمت عليهم المليشيا بالإعدام يتعرضون للتهديد المستمر بتنفيذ ذلك الحكم إن لم يتم الإفراج عنهم بصفقة تبادل الأسرى.

وأفاد "صبرة" بأن مليشيا الحوثيين تواصل منع الزيارة عن الصحفيين الأربعة منذ أواخر العام 2020، بالإضافة إلى منع الرعاية الصحية عنهم.

واعتبر المحامي "صبرة" ما صدر من المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة ضد الصحفيين الأربعة "لا يعد حكما قضائيا بالمعنى القانوني، بل يعد في الواقع أمرا بالقتل، حيث لا ينطبق على إجراءات صدوره أي نص قانوني أو دستوري"، مؤكدا أنه "مخالف لكل ذلك وافتقد لأدنى وأبسط مقومات المحاكمة العادلة".

وفي مطلع مارس الماضي، كشفت نقابة الصحفيين اليمنيين عن تعرض الصحفيين (حارث حميد، وتوفيق المنصوري، وعبد الخالق عمران) لعمليات تعذيب وحشية من قبل مليشيا الحوثيين في سجن الأمن المركزي بصنعاء.

وقالت النقابة -في بيان لها- إنها تلقت "بلاغا من أسر الزملاء (عبد الخالق عمران، وتوفيق المنصوري، وحارث حميد) المعتقلين منذ العام 2015 في صنعاء، يفيد بتعرضهم للضرب والتنكيل والتعذيب داخل المعتقل بصنعاء".

وشددت على أن "هذه الجرائم بحق الزملاء الصحفيين لا تسقط بالتقادم، ولن يفلت مرتكبوها من العقاب، ولا بد أن ينالوا الجزاء الرادع والعادل".

وفي أبريل 2021، تحدث خمسة صحفيين أفرجت عنهم مليشيا الحوثيين لصحيفة "الجارديان" البريطانية، وتطرقوا إلى حجم المعاناة في سجون المليشيا، وأكدوا أنهم تعرضوا لمعاملة مثل التعذيب والتجويع والحبس الانفرادي لسنوات قبل أن يتم عرض قضيتهم أمام قاض عينه الحوثيون في أبريل 2020، وأدانت المليشيا العشرة جميعا، لكن تم إطلاق سراح ستة منهم في ظل ظروف رقابة صارمة ومُنعوا من مزاولة مهنة الصحافة، بينما حُكم على الأربعة الآخرين بالإعدام.

وقال بيان شاركه الصحفيون مع صحيفة الجارديان: "سنحتاج إلى كتابة كتب لوصف (بشكل كامل) ما مررنا به وعانينا في مراكز الاحتجاز هذه، والله وحده يعلم مصاعب ومعاناة عائلاتنا في غيابنا، وما يزال هناك أربعة صحفيين محكوم عليهم بالإعدام داخل هذه السجون المظلمة ينتظرون القدر للتدخل لإنقاذ حياتهم وإعادتهم إلى أبنائهم".

- قيادات حوثية متورطة بتعذيب صحفيين

في مايو 2018، كشف تقرير حقوقي تحت عنوان "ثمن الخذلان"، أصدرته منظمة "صدى"، أسماء تسعة من قيادات المليشيا الحوثية تورطوا في تعذيب الصحفيين، أحدهم مقرب من زعيم المليشيا، في معتقلات مليشيا الحوثيين في صنعاء وذمار، وعن المواقع التي يتواجدون فيها.

وأفاد التقرير بأن المسؤولين عن تعذيب الصحفيين هم: يحيى علي الهميل المكنى أبو علي، وعبد الخالق المطري، وهاني السريحي. وهؤلاء كانوا يعذبون الصحفيين في سجن هبرة، وعلي الحوثي ويحيى سريع في سجن الأمن السياسي (المخابرات).

ورصد التقرير الذي أعدته منظمة "صدى" للإعلاميين اليمنيين "تورط علي الحوثي مشرف الحوثيين في الأمن السياسي وأحد المقربين من زعيم المليشيا، وآخر يعمل مشرفا للحوثيين في الدائرة العاشرة بصنعاء يكنى أبو حمزة، في تعذيب الصحفيين في الأمن السياسي، وأبو فاضل في قسم الجديري، وعادل يحيى مطهر المكنى أبو عبد الملك في سجن هران بذمار، وخالد قائد الطيري المكنى أبو خالد في سجن هران بذمار".

كما رصد التقرير 25 نوعا من أساليب التعذيب التي تعرض لها الصحفيون، من أبرزها: التعليق على الأيدي والأرجل، والصعق الكهربائي، والتعليق على شكل صليب، والسجن الانفرادي، وتنفيذ حالات إعدام وهمية، والتهديد بسجن عوائلهم، والحبس مع مختلين عقليا، والضرب بالسلاسل.

- اهتمام "الإصلاح" بقضية الصحفيين في سجون المليشيا

يولي التجمع اليمني للإصلاح قضية الصحفيين المختطفين في سجون مليشيا الحوثيين اهتماما خاصا، ويكرر دائما مطالباته للمجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحرية الرأي والتعبير باستمرار الضغط على مليشيا الحوثيين للإفراج فورا عن جميع الصحفيين المختطفين في سجونها والتوقف عن الحرب الشعواء التي تشنها المليشيا على الإعلام والإعلاميين في مناطق سيطرتها.

ومؤخرا، دعا "الإصلاح" إلى "حملة وطنية تعري المليشيا الحوثية وإرهابها بحق الصحفيين وتقدم قادتها على حقيقتهم للعالم كمجرمي حرب ومرتكبي جرائم يندى لها الجبين، والتضامن مع كل الزملاء الذين واجهوا هذا العنف".

وقالت الدائرة الإعلامية للإصلاح، في بيان لها بمناسبة يوم الصحافة اليمنية (9 يونيو): "إن ما تعرضت له الصحافة ومنتسبو العمل الصحفي، على مدى أكثر من سبع سنوات من الانقلاب الحوثي العنصري الغاشم، هي جرائم غير مسبوقة، حيث تعرض عدد من الصحفيين للقتل، والتصفية، ووضعهم دروعا بشرية، وتعرض العشرات للاختطاف، والإخفاء القسري، وانهالت على أجسادهم سياط وأدوات التنكيل من قبل جلادي المليشيا وعناصرها الموغلة في البطش والتنكيل".

وأشار بيان الدائرة الإعلامية للإصلاح إلى أن مليشيا الحوثي نهبت مستحقات الصحفيين ورواتبهم وأفقدتهم أعمالهم، ودفعت بالمئات منهم إلى الهجرة بعيدا عن آلة الموت الحوثية، أو الموت جوعا تحت سطوة مليشيا امتصت كل شيء.

وأضاف البيان: "لا ننسى المؤسسات الإعلامية والصحفية التي اقتحمتها مليشيا الحوثي، وصادرتها، ونكلت بأصحابها، في مسعاها الهمجي إلى تغييب شهود الحقيقة وفرسان الكلمة الحرة، وهي الجرائم الوحشية التي لن تسقط بالتقادم".

وأهابت الدائرة الإعلامية للإصلاح -بمناسبة يوم الصحافة اليمنية- بمجلس القيادة الرئاسي، والحكومة، وكل الجهات المعنية، إلى الاهتمام بقضايا الصحفيين الذين واجهوا طوال سبع سنوات أبشع صنوف التنكيل، مؤكدة على أهمية إصدار قائمة سوداء بقادة العصابة الحوثية الذين أشرفوا ونفذوا المذبحة ضد الصحافة والإعلام اليمني بكل اتجاهاته وتوجهاته والعمل على ملاحقتهم.

وشددت الدائرة الإعلامية للإصلاح -في بيانها- على أهمية الضغط من أجل إطلاق بقية الصحفيين والإعلاميين المختطفين، وفي مقدمتهم الأربعة الصحفيين الذين صدرت بحقهم أحكام إعدام، وهم يدخلون عامهم الثامن في سجون المليشيا، تعرضوا خلالها لأبشع أنوع التعذيب الوحشي الجسدي والنفسي، فقط لأنهم مارسوا عملهم الصحفي.

ودعا الإصلاح إلى العمل على إعادة من فقدوا أعمالهم وصرف مستحقاتهم ليواجهوا متطلبات الحياة وتخفيف المعاناة عن كاهلهم، وإعادة الاعتبار لحرية الصحافة والتعبير.

كما دعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة وكل المنظمات الحقوقية، وبالأخص المهتمة بحرية الصحافة والإعلام، إلى الوقوف إلى جانب الصحفيين اليمنيين، ومساندتهم وهم يواجهون أقبح عصابة ارتكبت بحق الصحافة والإعلام ما لم ترتكبه بقية جماعات العنف.

الجدير بالذكر أن منظمة "مراسلون بلا حدود" ومنظمات أخرى كانت قد صنفت مليشيا الحوثيين ثاني تنظيم في العالم بعد تنظيم "داعش" من حيث الانتهاكات والجرائم التي تُرتكب بحق الصحفيين.

ومع ذلك لم يبذل المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحرية الرأي والتعبير الجهود المطلوبة للضغط على مليشيا الحوثيين للإفراج عن الصحفيين المختطفين في سجونها رغم ما يلاقونه من صنوف التنكيل والتعذيب منذ سبع سنوات، واعتبار ذلك ملفا إنسانيا بامتياز، والصحافة ليست جريمة.

كلمات دالّة

#اليمن