الجمعة 29-03-2024 13:45:07 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

من الهدم إلى التأميم.. سياسة حوثية جديدة في التعامل مع ممتلكات المعارضين

السبت 11 يونيو-حزيران 2022 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص | صادق عبد المعين

 

لا يزال مسلسل نهب الممتلكات في تواصل مستمر في مناطق النفوذ الحوثي، ولا تزال المليشيا تصادر الكثير من منازل المواطنين المعارضين للممارسات الإجرامية للجماعة، كإجراءات عقابية اتخذتها المليشيا ضد المعارضين، ومصدرا لتعزيز أموال الجماعة، وسياسة اتبعتها منذ بداية الانقلاب المشؤوم والاستيلاء على السلطة في 21 سبتمبر 2014.

وتعد قيادات حزب الإصلاح أبرز المتضررين من سياسة الإجرام الحوثية المتبعة، حيث صادرت الجماعة الحوثية -وفق إحصاءات- الكثير من المؤسسات والعقارات والأملاك الخاصة، التابعة لحزب الإصلاح وقياداته في مختلف مناطق سيطرة الجماعة، إذ لم تكتفِ المليشيا بتشريد معظم قيادات الحزب وملاحقتهم، بل شرعت في مصادرة ما يخص تلك القيادات من أموال ومنازل وعقارات.

إستراتيجية جديدة

وقد اتبعت المليشيا الحوثية مؤخرا سياسة جديدة في التعامل مع ممتلكات خصومها ومعارضيها على خلاف سياستها السابقة، فمنذ بداية الحرب التي شنتها المليشيا وإلى وقت قريب كانت تعمد إلى تفجير منازل المعارضين لسياستها، إذ وحسب الهيئة المدنية لضحايا تفجير المنازل فقد فجرت مليشيا الحوثي، منذُ انقلابها على الدولة نهاية 2014 وحتى منتصف العام 2020، أكثر من (816) منزلاً في مختلف المحافظات، غير أنها عمدت مؤخرا إلى انتهاج إستراتيجية جديدة تمثلت في الاستيلاء على منازل وممتلكات الخصوم، بدلاً من تفخيخها وتفجيرها، وهو ما حدث بحق الكثير من القيادات في مختلف مناطق سيطرة المتمردين الحوثيين.

العيب الأسود

ووفقا لتقرير صدر حديثا عن "التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان باليمن" حمل عنوان "العيب الأسود"، فقد وثق انتهاكات المليشيا الحوثية الخاصة باقتحام المنازل السكنية.

وتصنف جرائم اقتحام المنازل ضمن الجرائم المركبة باعتبارها انتهاكا لحرمة المسكن وحياة ساكنيه، وفقا للمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها اليمن.

وبحسب التقرير فقد تم توثيق اقتحام مليشيا الحوثي 12038 منزلا خلال الأعوام الستة الأولى للانقلاب من الفترة يوليو 2014 وحتى ديسمبر 2020، وهي المدة الزمنية التي تناولها التقرير.

ويشير التقرير إلى أن مداهمات المليشيا الحوثية للمنازل توزعت على 17 محافظة يمنية، وأسفرت عن تفجير (853) منزلا، وإلحاق أضرار كلية وجزئية بـ(462) منزلا، واحتلال (243) منزلا، ونهب والعبث بمحتوى (1592) منزلا.

شهية الإجرام

وفي أحدث عمليات الاقتحام والاستيلاء التي تمارسها الجماعة بحق المناوئين والمعارضين لها، اقتحمت مليشيا الحوثي في صنعاء منزل البرلماني الراحل والقيادي في حزب الإصلاح الدكتور عبد الرحمن بافضل وطردت أسرته من المنزل.

وتقول مصادر إن عشرات الحوثيين المدججين بالأسلحة، إضافة إلى مجموعة ممن يطلق عليهن "الزينبيات"، اقتحموا منزل الدكتور بافضل في حي دارس، مما تسبب بحالة خوف وهلع في أوساط سكان الحي.

وتشير المصادر إلى أن المليشيا قامت على الفور بطرد الأسرة، ومصادرة كافة الممتلكات، مما أثار سخط وغضب سكان الحي.

وخلال السنوات الأخيرة من فترة الانقلاب، ارتفعت وتيرة إجرام جماعة الحوثي وزادت شهيتها في التركيز على منازل وممتلكات معارضيها، فقد أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة الخاضعة لسلطة الحوثيين، مطلع شهر مارس من العام 2020، حكما يقضي بإعدام 35 برلمانياً يمنياً ومصادرة أموالهم العقارية والمنقولة داخل الجمهورية وخارجها، بتهمة التعاون مع التحالف العربي.

سابقة خطيرة

وقد أصدرت منظمة "سام" للحقوق والحريات (مقرها جنيف) بيانا أدانت فيه الأحكام الصادرة عن الجماعة الحوثية، مشيرة إلى أن هدف تلك الأحكام الانتقام السياسي وإرسال رسائل سياسية للخصوم، ولم يكن القضاء سوى المنصة المعبرة عنها، إضافة إلى رغبة الجماعة في مصادرة ممتلكات معارضيها العقارية وإضفاء مشروعية زائفة على ممارساتها هذه، واصفة الحكم بـ"المنعدم"، كونه صادر عن محكمة فقدت صفتها القضائية بموجب قرار صادر عن مجلس القضاء الأعلى، التابع للحكومة الشرعية، فضلا عن الإخلال بمبادئ المحاكمة العادلة.

واعتبرت المنظمة الحكم الصادر سابقة خطيرة ووصمة عار في جبين القضاء، الذي تحول إلى آلة قمع وأداة من أدوات تصفية الحسابات السياسية بين جماعة الحوثي ومعارضيها من الأحزاب السياسية.

وينقل البيان عن رئيس المنظمة "توفيق الحميدي" قوله: "إن القضاء الواقع تحت سيطرة الحوثيين يؤكد أنه أصبح أداة من أدوات الانتقام السياسي تشهره الجماعة الحوثية متى أرادت الانتقام من خصومها ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم".

تنفيذ الأحكام الجائرة

وقد سارعت جماعة الحوثي في اليوم التالي لصدور الحكم الى اقتحام منازل بعض المحكوم ضدهم بواسطة فريق "الزينبيات"، والعبث بمحتويات المنازل والسطو على ما يمكن أخذه من الأثاث والممتلكات، حيث اقتحم مسلحو الجماعة منزلين للأكاديمي والبرلماني صالح السنباني، والعبث بمحتوياتهما وإجبار أسرته وحراسة المنزلين على تركهما تحت تهديد السلاح، كما تم اقتحام منزل النائب البرلماني عبد الكريم الأسلمي في حي الأعناب المكون من ثلاثة طوابق وملحقاتها بعدة أطقم عسكرية مع حارس قضائي.

كما اقتحم الحوثيون أيضا منزل النائب "عبد الوهاب معوضة" رئيس لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان بمجلس النواب، وطردت النساء والأطفال منه، بحسب المنظمة.

تهمة بلا استثناء

واستمرارا لمسلسل النهب لسلطة المليشيا الحوثية والذي دأبت عليه في مختلف المناطق والمديريات، فقد أقدمت المليشيا الحوثية على حجز منزل الأكاديمي والقيادي في حزب الإصلاح الدكتور "رشيد الصباحي" في منطقة المحمول جنوب مدينة إب في مارس من العام الجاري 2022، على الرغم من تواجد الدكتور "الصباحي" خارج البلاد وتحديدا في ماليزيا، إذ إنه ليس من المقيمين في المحافظات المحررة أو السعودية، وهي التهمة ذاتها التي يبرر بها الحوثيون الكثير من جرائمهم.

استيلاء الحوثيين على منزل الأكاديمي "الصباحي" سبقته جريمة أخرى ارتكبتها الجماعة الحوثية، فقد استحوذت سلطة المليشيا في محافظة إب، في 6 مارس الماضي، على أرضية خاصة بورثة بيت "الصباحي" تبلغ مساحتها 85 قصبة، بقيمة تزيد عن 5 مليارات ريال، وهو ما أكدته مصادر محلية.

وتعليقا على عمليات السطو التي قام بها الحوثيون يقول الصباحي: "من تجرأ على بيوت الله، واستباح الدماء والأعراض، ليس غريبا منه استباحة الأموال، وعزاؤنا انهم قد اختطفوا بلدا بأكمله مع خيراته، وظلموا شعبا وحرفوا عقيدة، وأكلوا أموال ملايين الموظفين، وجوعوا النساء والأطفال، وفجروا بيوت الأبرياء، وآذوا من خالفهم وغيره ممن لم يواجههم، حتى الأشجار والأحجار والحيوان والهواء والماء، بل الأرض والسماء، كل ذلك قد اشتكى منهم، ولعله الظلام الشديد الذي يعقبه الفجر إن شاء الله".

إرهاب متصاعد

وإمعانا منها في عمليات السطو والنهب لمنازل المواطنين، صادرت المليشيا، مطلع شهر نوفمبر الماضي، عمارة (بناية) تعود ملكيتها للمواطن "عبده الصبري" في حارة الصلبة القريبة من الاستاد الرياضي وسط مدينة إب، بحجة قرابته من البرلماني "عارف الصبري" عضو مجلس النواب، في الوقت الذي أكد مالك المنزل أنه لا علاقة له بأي نشاط سياسي، وأنه بنى ذلك المنزل بكده وعرقه، بعد غربته منذ عشرات السنين.

وفي يوليو من العام 2020، اقتحمت مليشيا الحوثي الانقلابية منزل رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح في صنعاء واستولت عليه.

ووفقا لبيان أصدره الحزب، فإن "مليشيا الحوثي اقتحمت المنزل الكائن في منطقة بيت بوس بعدد من الأطقم، وأقدمت على طرد الأسرة التي كانت تقطن المنزل بالقوة".

وأكد البيان أن الحوثيين "أحكموا السيطرة على المنزل بعشرات المسلحين وروعوا سكان الحي".

وأشار إلى أن الحوثيين كانوا قد أقدموا قبل أربعة أشهر على اقتحام المنزل نفسه و"العبث بمحتوياته وخطف رب الأسرة لعدة أيام وتهديد القاطنين، قبل أن يعاودوا اقتحامه من جديد والسيطرة عليه".

واتهم الحزب المليشيا الحوثية بـ"ممارسة التنكيل بحق من تبقى من أعضاء مجلس النواب في صنعاء وبأسرهم ومصادرة ممتلكات من تمكنوا من الخروج من مناطق سيطرتها".

مسيرة النهب الحوثية لم يسلم منها أحد من المواطنين، فقد طالت حتى المختطفين في سجون الحوثيين منذُ سنوات، حيث شرعت سلطة المليشيا بصنعاء، مطلع العام الجاري 2022، في حجز منزل الأكاديمي المختطف في سجونها الدكتور "نصر السلامي"، تمهيدا لمصادرته من قبل ما تسمى بـ"المحكمة الجزائية المتخصصة" وهي ذات المحكمة التي تستخدمها المليشيا لتمرير الأحكام بحق المعارضين.

سطو شامل

محافظة ذمار كانت ضمن المحافظات التي طالها نهب وتعسفات الجماعة وإرهابها، ففي الثالث والعشرين من شهر فبراير من العام الماضي 2021، دشنت سلطة المليشيا في محافظة ذمار مرحلة جديدة لمصادرة ونهب ممتلكات خصومها في مديريات المحافظة، وقال بلاغ لوزارة الداخلية التابعة للمليشيا إن ما وصفتها بـ"اللجنة الرئاسية المكلفة باستكمال الإجراءات القانونية بحق المتورطين في الخيانة" دشنت مهام الحجز التحفظي على ممتلكات من تصفهم بـ"المرتزقة المنخرطين في صفوف العدوان من أبناء ذمار"، في إشارة إلى معارضي المليشيا والمتواجدين في صفوف الحكومة الشرعية، حيث تجاوز عدد المنازل التي تمت مصادرتها خلال الفترة الأخيرة في مديرات ذمار 19 منزلا، حسب ما أفادت مصادر محلية وحقوقية.

وفي المحويت دشنت سلطة المليشيا، في فبراير الماضي، حملة مصادرة بحق المناوئين للجماعة، إذ طالت الحملة العديد من الممتلكات التابعة لمواطنين نزحوا من المحافظة خوفا من بطش الجماعة.

اما في تعز فقد دشنت المليشيا إجراءاتها في المديريات الخاضعة لسيطرتها، وبدأت عمليات مصادرة أملاك المواطنين المعارضين لها من مديرتي التعزية وخدير، وغيرها من المديريات التابعة لمحافظة تعز، والتي تقع ضمن مناطق سيطرة الجماعة.

وفي محافظة صعدة، كانت البداية بتاريخ 26 فبراير من العام الجاري 2022، حيث شرعت المليشيا في مصادرة العديد من المنازل والأراضي والمزارع والممتلكات التابعة للمواطنين المعارضين للجماعة بينهم "محمد شبيبة"، و"هادي طرشان" و"عبد القادر شويط"، وهو ما نشرته وكالة "سبأ" بنسختها الحوثية.

وفي السابع من شهر مارس الماضي، دشن الحوثيون عمليات الاستحواذ على ممتلكات المواطنين في محافظة الحديدة، إذ طالت حملتهم جميع المديريات الخاضعة لسيطرة المليشيا، حسب قولهم.

وكسابقتها بدأت سلطة المليشيا في محافظة البيضاء في نفس الشهر حملات مصادرة واسعة بحق المواطنين المعارضين للجماعة.

وفي مارس أيضا، شرعت السلطة المحلية التابعة للمليشيا في محافظة عمران في مصادرة ممتلكات المناوئين للجماعة من وسط المدينة، وذلك عقب يومين من اجتماع لها لمناقشة إجراءات السطو على المنازل والعقارات.

قيادات رفيعة

يشار إلى أن جماعة الحوثي الانقلابية قد شنت حملة واسعة منذ بداية الانقلاب طالت الكثير من ممتلكات معارضي الجماعة، وصادرت الكثير من الأموال والمنازل والعقارات، حيث شملت تلك الحملة، وفقا لعملية رصد قامت بها منظمة "سام" للحقوق والحريات، شخصيات دينية وسياسية وحزبية من بينها رئيس مجلس شورى الإصلاح الشيخ عبد المجيد الزنداني، ورئيس حزب الإصلاح محمد اليدومي، والأمين العام للحزب عبد الوهاب الآنسي، والأمين العام المساعد شيخان الدبعي، ووزير الخارجية السابق عبد الملك المخلافي، ورئيس المجلس الرئاسي اللواء رشاد العليمي، والدكتور عبد الله لملس، ومستشار رئيس الجمهورية رئيس حزب الرشاد د. محمد العامري، والسياسي اليمني ياسين سعيد نعمان، وهو سفير اليمن لدى بريطانيا والأمين العام السابق للحزب الاشتراكي اليمني، وعضو مجلس النواب والقيادي في حزب العدالة والبناء عبد العزيز جباري، والناشطة الحائزة على جائزة نوبل توكل كرمان التي اقتحم منزلها في نهاية 2015 وتم العبث بمحتوياته، ومدير مكتب الجزيرة باليمن سعيد ثابت سعيد، وسيف الحاضري رئيس مؤسسة الشموع للصحافة، إضافة إلى نهب منزل المحامي فيصل المجيدي، ومنزل وزير التعليم العالي السابق د. عبد الرزاق الأشول.

كلمات دالّة

#اليمن