الخميس 28-03-2024 22:20:02 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الوحدة الوطنية رافعة الحضارة اليمنية عبر التاريخ

الأربعاء 25 مايو 2022 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت-خاص- سعد اليوسفي

  

من يستعرض التاريخ اليمني عبر محطاته المختلفة، ابتداءً من قبل التاريخ وما بعده مروراً بوسطه وانتهاءً اليوم، يجد أن اليمن لم تكن لتزدهر وتقوى وتتقدم نحو العلا إلا في ظل وحدة تاريخية قوية تسع كل أبناء اليمن وتتعاضد فيه كل أيادي اليمنيين؛ فكل المحطات العريقة واللحظات المفصلية والحاسمة التي دونتها أسفار التاريخ اليمني كانت في ظل وحدة وتكاتف اليمنيين، وكل انتكاسة شهدتها اليمن إنما كانت في محطات التمزق والشتات وإقامة الدويلات.
لقد دون القرآن الكريم وصور بإشارات مختلفة لحالات القوة والانكسار في الدول اليمنية المختلفة، فقال عن عاد إرم وهو يصور قوتها: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً}فصلت15، {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ}هود52، ثم جاءت دولة سبأ من بعدها التي كانت رأس حربة الدول اليمنية التاريخية ووصف قوتها وأهلها في القرن العاشر قبل الميلاد بقوله عنهم على لسانهم: {قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ}النمل33 {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ}سبأ18 ظاهرة، أي: قوية شديدة، بدليل الأمان فيها.
بتلك القوة التي وصل إليها أبناء اليمن بوحدة الصفوف والأهداف بنوا اليمن، وكونوا أفضل وأعرق الحضارات الإنسانية في العالم القديم.

حينما تتوحد الجهود وتتعاضد المشاريع ويكون للجميع رؤية واضحة الهدف والغايات تتكامل القوة وتثمر المنجزات الكثيرة والكبيرة على الأرض التي تكون بحجم هذه الوحدة والقوة.
جاء الإسلام وصدى اليمن في كل أرجاء الأرض مؤثراً في أحداثها رافعة لإنسانيتها، انعكست كل تلك التأثيرات والصور في إشارات قرآنية مختلفة، تأثر بها فيما بعد المجتمع الإسلامي الجديد، لأنها دون في القرآن الكريم التي أشار القرآن إليها إشارات عابرة حتى لفت أنظار العرب جميعاً إليها {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ }النصر1، عنت اليمنيين الداخلين في الإسلام من الأشعريين وغيرهم، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }المائدة54، سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عمن يكون هؤلاء، فأشار إلى أبي موسى الأشعري وقال: "هم قوم هذا"، {وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ}الحج45. {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ}الدخان37..والكثير من الإشارات والآيات غيرها.
استعانت الدولة الإسلامية الوليدة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم باليمنيين كونهم أهل كتاب، ونظام وقانون، ودواوين، وصناعة وتجارة، وجيش منظم وعلم ومعرفة فجزء منهم التحق بالجيش وفتح الأمصار، وجزء التحق بالعلوم المختلفة فكانوا رافعة ثقافية من المفسرين ورواة الحديث والشعراء وأصحاب الدواوين، وهكذا حتى كان تأثيرهم في الحضارة الإسلامية يفوق كل تأثير، وهذا لا شك ناتج عن كم معرفي، ودولة منظمة بنظام قوي وذي مشروع نهضوي.

التمزق يورث الذل والانحطاط

لم تكد تطأ أقدام الإمامة والسلالية عبر بذرتها الخبيثة الأولى يحيى بن الحسين الرسي حتى تعرضت وحدة اليمن للهدم والتشتيت، وظهرت المشاريع التمزيقية المختلفة، فوهنت اليمن بعد قوة، وذلت بعد عزة، وخارت بعد تمكين، وجاعت بعد ثراء وشبع.
انتشرت العصبيات المختلفة في أرجاء اليمن فقاتل بعضهم بعضا، وشرد بعضهم بعضا، فأجدبت البلاد، وهاجرت العباد، وخلت اليمن على عروشها، وسالت دماء اليمنيين أنهارا، وانتشرت المجاعات المختلفة، وظهرت الأوبئة التي حصدت ما أنقصته المعارك.
شهد القرن الأفريقي طلائع هجرات يمنية متعددة، وازدحمت مكة بالمهاجرين من بطش الإماميين الذين أرادوا حكم اليمن بالمنطق الإبليسي وعنصريتهم السلالية المقيتة (أنا خير منه)، وخربت الديار، واندثرت القرى والمدن، ووهنت اليمن وذبلت بعد أن كانت (بلدة طيبة ورب غفور).
لم تكن تلك الصور الرديئة والممزقة لليمن لتقتصر على الرسي وعهده بل صارت تتناسل جيلاً بعد آخر، وبدل أن كانت اليمن موئل المهاجرين، وإقامة الظاعنين، صارت بلاد الطاردين، لتدخل في عصور انحطاط لم تقم لها قائمة إلا في عصور متأخرة.

نهضة اليمن الوسيط

مرة أخرى، جاءت أيادي قوية، لبصائر عامرة، تنظر بالهدى ومشاريع النهضة فانتشلت اليمن من غرق مبين، وبعثته كطائر الفينيق المنبعث من تحت الرماد، وتوحد بعد فرقة، وتجمع بعد شتات، وعز بعد ذل، وارتفع بعد سقوط على أيدي الدولة الرسولية، التي جمعت كل أيادي سبأ المتفرقة، وأحدث بنو رسول نهضة قوية في اليمن سمع صداها في أنحاء المعمورة مجدداً، وما ثقافة اليمن اليوم المتراكمة التي نستلهمها إلا من صنيعة هذه الدولة التي كانت عاصمتها تعز، ووحدت اليمن كما كان عبر جغرافيته الطبيعية من الجزيرة العربية.
كسر المشروع الرسولي المشروع السلالي، وحكم الرسوليون اليمن بالعدل، حين وحدها مجدداً الملك المنصور عمر بن علي رسول، الذي حاول الإنقلابيون الإماميون بالتعاون مع بعض الأسر الحاكمة على اغتياله في مدينة الجند عام 647هـ وضاعت اليمن لوهلة بسيطة، وظهرت المشاريع التمزيقية مجدداً، غير أن الملك المؤسس الثاني المظفر يوسف بن عمر عمل على كنس كل تلك المشاريع، وأخذ يطهر اليمن ويستعيدها شبراً شبراً؛ أحاط بالجغرافية اليمنية من كل اتجاه بدءاً من السواحل الغربية والجنوبية حتى ضيق الخناق على كل تلك المشاريع التمزيقية وعلى رأسها الإمامة وحاصرها في جبل اللوز بصنعاء.

إرتكاسة يمنية عبر الإمامة

ظلت الإمامة تحاول استعادة ما خسرته فكانت في مواجهة الشعب الجديد الواعي بكل مشاريعها ولم تستطع كسر اليمن العظيم إلا بالتعاون مع المماليك بعد أكثر من 200 عام ضد الدولة الطاهرية سنة 923هـ.
ارتكست اليمن مرة أخرى عبر المشروع السلالي الإمامي البغيض، وشهدت اليمن أسوأ تمزيق في تاريخها كلها حينما استولت الإمامة على اليمن بعد خروج الأتراك منها سنة 1145هـ، ولم يكن التمزيق على مستوى اليمن كدولة فقط بل وصل الإماميون بهذا التمزيق إلى حد تقطيع أواصر القربى بين الناس على مستوى الأسرة الواحدة والقرية الواحدة، وجزأوها بين سلالتهم، وظهر أئمة كثر كل يدعي الأحقية بالإمامة وتقاتلوا باليمنيين وأفنوا اليمنيين بالحروب والثارات، وما نقص أكملته المجاعات التي صنعتها الإمامة بأيديها عبر نهب أموال اليمنيين وأراضيهم وتجارتهم واستصفاء أموالهم، فهجروا الزراعة، وبارت الأرض وقلت المحاصيل، وهاجر الناس وأجدبت الأرض وأمسكت السماء، بينما خزائن الإمامة ملأى بأصناف الحبوب والأموال المكنوزة، وتم تغيير الأرض والمناطق بالغزو الديموغرافي والإحلال السلالي الناهب كما فعلوا بإب وبعض تهامة وريمة.
ظلت الإمامة تنخر في اليمن حضارة وإنساناً، لا تستسيغ وحدة ولا تكتلاً ولا تقدماً ولا استقراراً، وكانت في كل زمن وبين فترة وأخرى تحاول تدمير كل مكاسب اليمنيين.

تشطير الأئمة لليمن الحديث

لم تكن الإمامة عبر التاريخ صاحبة مشروع وحدوي نهضوي لليمن ولو بحسب ثقافتها الفكرية السلالية، بل كانت تنخر وحدته وأجاءه الممزقة، فتزيد من تشتيت المشتت وتمزيق الممزق عمداً أو بسبب الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار السياسي.
حيث عمل الإمام المهدي عبدالله بن أحمد المتوكل القاسمي كل جور وضعف، وكذلك الجور والتسلط والنهب الذي كان يبديه الأئمة القاسميون على مناطق اليمن الأسفل، فقدت دولة المهدي السيطرة على الأوضاع، وبدأت الكيانات تنشأ في عدة مناطق من ضمنها عاصمتا الإمامة صنعاء وذمار، وبسبب اختلاف الثقافات الدينية بين مناطق الإمامة والمناطق الجنوبية، كان من الطبيعي أن يهتبل السلطان فضل بن علي السلامي العبدلي الفرصة المواتية و(فصل) عدن ولحج من سلطة الأئمة سنة 1248هـ، ويعتبر هذا الانفصال النهائي والأخير لعدن ولحج عن اليمن الطبيعي الذي استمر حتى إعادة الوحدة عام 1990، وجرى ذلك الانفصال في عهد الإمام المهدي عبدالله بن أحمد المتوكل بن المنصور حسين، لكنه لم يدم كثيراً حيث دخلت بريطانيا على الخط واحتلت عدن وهرب سلطان لحج وعدن من عدن تحت القصف البريطاني سنة 1255هـ، وسيطر الاحتلال البريطاني على عدن منذ ذلك التاريخ، وقام بتعزيز انفصال المناطق الجنوبية، حيث سارع الاحتلال البريطاني لضم كل المناطق الجنوبية تحت مسميات المحميات والانتداب البريطاني الذي ضم كافة الجنوب والشرق اليمني.
كانت سلطنة لحج مسيطرة على عدن حتى العام 1839م، حين خسرت ميناء عدن لصالح الإمبراطورية البريطانية في 19 يناير عام 1839م.
حتى ذلك التاريخ لم يكن الأتراك قد دخلوا اليمن الدخول الثاني، حيث دخلت طلائعهم اليمن في الحديدة وزبيد واللحية عام 1849م، أي بعد تسع سنوات من الاحتلال البريطاني لعدن والمناطق الجنوبية، واستولوا على صنعاء عام 1872م فقد بث الإماميون – نكاية بالأتراك- أن البريطانيين والأتراك هم من قسموا اليمن إلى شطرين مبرئين جانب الإمامة من هذا التقسيم، وهذه المعلومة ماتزال مبثوثة إلى اليوم ويتداولها الكثير من الناس.
حاول الأتراك في العصر الحديث الحفاظ على وحدة اليمن واستعادتها من أيادي البريطانيين إلا أنهم لم يفلحوا بسبب تخاذل وتواطؤ الإمام يحيى حميد الدين مع البريطانيين.
لم يسعَ الإماميون إلى استرداد وحدة اليمن بعد ذلك التاريخ، بل على العكس تماماً، فقد وقع الأئمة معاهدات واتفاقيات بينهم وبين الاحتلال البريطاني تعزز من هذا التقسيم، حتى أنهم وقفوا ضد محاولة بعض قادة الجيش التركي استرداد عدن بعد استرداد لحج لصالح مركز اليمن الذي كان صنعاء حينها.
فقد كان الجيش التركي ووالي تعز سعيد باشا استرد لحجاً من الانجليز وحكمها، وبعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى ساءه أن تعود لحج إلى حكم الانجليز فراسل الإمام يحيى في صنعاء ليتسلم لحجاً باعتباره كان المؤهل عسكرياً يومها.
ففي عام 1918م كتب الجنرال علي سعيد باشا قائد ومتصرف نواحي الجنوب، ويتمركز في لحج، عدة رسائل الى صنعاء يطلب فيها إرسال مندوب من الإمام يحيى لاستلام مناطق الجنوب التي كان مركزها لحج، وهي – كما في رسالته بتاريخ 2 نوفمبر 1918م – لحج، والضالع، والصبيحة، والحواشب، ويافع، وبلاد الفضلى، وكذلك بلاد حضرموت التي تعود تابعيتها الينا، بالإضافة الى المناطق "من ساحل باب المندب الى شقره والمواقع العثمانية المقابلة لباب مدينة عدن وللشيخ عثمان داخل عدن"(موقع نشوان نيوز).

وتكررت رسائل وتوسلات سعيد باشا الى شهر ديسمبر الى الإمام يحيى ولكن دون جدوى، وقال في رسالة تلغرافية من آخر رسائله ما يلي نصه "نحن مجبورون على ترك تربة اليمن المقدس وأهله إخواننا.. فإذا نحن تركنا هذا اليمن المقدس فإننا نتمنى لإخواننا في الدين، الاتحاد والاتفاق التام، وأن لا يقبلوا تولية النصارى قطعياً".. انتهى ص 64 – التاريخ العسكري (المصدر السابق).
كان الإمام يحيى يعمل بأجندة بريطانية ولا يريد مواجهتها حتى تعترف بسلطته في صنعاء، وكل ذلك كان مقدمة للتوافق بينهما على عدة أجندات ومن ضمنها اتفاق صنعاء بعد حين.
ففي عام 1934م أبرم الاحتلال البريطاني ممثلاً بالمقيم السياسي البريطاني في عدن (برنارد رايلي) مع حكومة الإمام يحيى في صنعاء (فبراير 1934م) اتفاقاً ومعاهدة تم بموجبها تقسيم اليمن الى شطرين، واشترط (برنارد رايلي) للتصديق عليها انسحاب الإدارة والقوات التابعة للحكومة المتوكلية من مناطق الضالع والعواذل وبيحان ويافع وغيرها فانسحبت القوات والادارة من 69 قرية ومنطقة في الضالع وما جاورها وثماني مناطق وقرى في العوالق –بلاد الفضلي والعولقي– وبات جنوب اليمن تحت استعمار وحماية بريطانيا.
وفي عام 1939م قامت قوة بريطانية ومعها أمير بيحان بغزو منطقة شبوة التي كان الشيخ الشهيد علي ناصر القردعي حاكماً لها من جانب الإمام يحيى، وقد تصدى القردعي بقوته المحدودة ( 500 مقاتل ورشاشين) للقوات البريطانية عدة اسابيع انتظر خلالها إرسال إمداد عسكري من الإمام يحيى الذي ماطل وامتنع عن ذلك حتى اضطر القردعي الى الانسحاب من شبوة وتم للانجليز احتلالها بسبب تهاون الإمام في يونيو 1939م (ربيع الثاني 1358 هجرية).


صور الشهيد القردعي هذا الأمر في أبيات شعرية من ضمنها:
قدهم على شور من صنعاء الى لندن
متخابرين كلهم سيد ونصراني

منذ ذلك التاريخ واليمن مقسم إلى شطرين؛ جنوبي تحت الاحتلال البريطاني، وشمالي تحت حكم الكهنوت الإمامي الذي لم يسع – ولو بأبسط الخطوات- لتوحيد اليمن الطبيعي.
كانت إيران مرجعية الإماميين عبر التاريخ، وكان لعلاقتها ببريطانيا الحديثة التي اتحدت معها ضد الأتراك الدور البارز في عدم مواجهة الإمامة للتشطير واسترداد لحج وعدن من أيدي بريطانيا.
تكرر الحوثية مع اليمن اليوم، وبدعم إيراني نفس الدور السلبي الذي لعبته دولة يحيى حميد الدين مع بريطانيا، والمضي في تشتيت اليمن وتجزئته مجدداً، وما مسيرة الانقلاب الحوثي وما ترتب عنها اليوم من مشروع تمزيقي إلا في إطار هذا التعاون والأجندة المختلفة.
إنه نفس الدور والسيناريو الذي يتكرر مع كل هيمنة إمامية مهما كان العصر الذي يعيش فيه هذا المشروع الإمامي؛ لأنه يجد نفسه ومصالحه في ظل يمن مجزأ وضعيف، وإلا لن تقوم له قائمة.

إعادة الوحدة مجدداً

في الثاني والعشرين من مايو عام 1990 تم توحيد اليمن مجدداً بسعي كافة القوى السياسية يومها بشكل أو بآخر، وأجبر الشعب وتلك القوى نظامي صنعاء وعدن بالمضي في الوحدة اليمنية في الوقت الذي كان العالم كله يتجه نحو توحيد المشاريع والرؤى والتكتلات المختلفة.
وعلى الرغم من الإساءات المختلفة لمشروع الوحدة والنكوص على الأعقاب فيه ظل التجمع اليمني للإصلاح، وبعض القوى الوطنية الحية، هو الكيان الواعي والحامي لهذا المشروع النوراني اليمني انطلاقاً من عقيدة إسلامية راسخة تحث بالوحدة والاتحاد المورث للقوة والبناء، ومصلحة قومية يمنية يكون رافعة حضارية لبناء يمن جديد ومستقر.
ففي الوقت الذي توجد فيه ردة عن الوحدة اليوم، وتسعى أطراف مختلفة للعمل بقوة على تشتيت اليمن مجدداً يحاول الإصلاح التشبث بكل وسيلة للحفاظ والإبقاء على هذا المشروع الذي لم يعرف اليمن ذاته وقوته إلا فيه.
تبقى الوحدة اليمنية أهم ضامن حقيقي لمستقبل الشعب اليمني، وهذا ما أدركته بعض القوى الخارجية التي لم يرق لها هذا الأمر وتحاول عبر أدواتها في الداخل السعي لتمزيق الوطن مجدداً، مختلقة بذلك الأعذار الواهية والمختلفة للقضاء على اساس عزة اليمنيين؛ إذ بدون هذه الوحدة فإن الشعب اليمني سيدخل في التيه مجدداً وقد لا تقوم له قائمة مستقبلاً.
وبهذه المناسبة العظيمة يتعين على كافة الأحزاب والقوى الوطنية والشخصيات السياسية والاجتماعية تناسي خلافاتها والعمل الجاد معاً لأجل بناء بلد موحد قادر على مواجهة الصعاب في مختلف الظروف.

كلمات دالّة

#اليمن