الجمعة 19-04-2024 09:47:45 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

خطاب الحوثيين الموجه إلى الخارج.. ادعاء المظلومية وجناح أسود لتبييض الجرائم

الأربعاء 30 مارس - آذار 2022 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت-خاص | عبدالسلام الحاتمي

 

يختلف خطاب مليشيا الحوثيين الموجه إلى الخارج عن خطابها الموجه إلى الداخل تماما، والقاسم المشترك في الحالتين هو اعتماد الحوثيين الكذب والتضليل ومحاولة تزييف الحقائق، لكن ذلك كله بات مكشوفا، ولم يعد ينطلي على أحد، فمثلا، كان الخطاب الحوثي الموجه إلى الخارج يركز على مسألة مكافحة الإرهاب، بهدف تضليل المجتمع الدولي من خلال تصوير المليشيا كعدو للإرهاب حتى لا يتم تصنيفها منظمة إرهابية، لكن جرائم الحرب التي ترتكبها المليشيا لا يمكن مواراتها خلف مزاعم مكافحة الإرهاب، فقد صنف مجلس الأمن مليشيا الحوثيين منظمة إرهابية، كما صنفها منظمة إرهابية أيضا مجلس وزراء الداخلية العرب، في حين لوحت الولايات المتحدة الأمريكية بإعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.

 

- جناح أسود لتبييض جرائم الحوثيين

في الوقت الذي تتزايد فيه جرائم مليشيا الحوثيين التي ترتكبها بحق اليمنيين، إضافة إلى هجماتها على المنشآت النفطية السعودية وتهديداتها المستمرة لطريق التجارة الدولية عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر، عمدت مليشيا الحوثي الإرهابية إلى تشكيل جناح أسود تابع لها في الخارج، يدعمه اللوبي الإيراني في أوروبا وأمريكا، وتنحصر مهمته في تبييض جرائم مليشيا الحوثيين، وتزييف الحقائق، ويصل الأمر أحيانا إلى تصوير ضحايا مدنيين قصفت منازلهم المليشيا الحوثية، وتقديم تلك الصور إلى حكومات ومنظمات غربية والزعم بأن أولئك الضحايا قصف التحالف بقيادة السعودية منازلهم.

في أكتوبر 2021، كشفت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية عن لوبي إيراني-حوثي في الولايات المتحدة يدعمه أعضاء بارزون في الكونغرس الأمريكي ومنظمات تمولها إيران.

وقالت المجلة، في تقرير كتبه أستاذ الاقتصاد الأمريكي ويليام هوكينز، والذي عمل ضمن طاقم مهني في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، إن ما تسمى بـ"لجنة التحالف اليمني"، ومقرها كاليفورنيا، و"حركة التحرير اليمنية" ومقرها ديترويت، تتبنيان وجهات نظر حوثية إيرانية وتدعوان إلى وقف دعم التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، لكنهما في الوقت ذاته لم تتطرقا إلى العدوان الحوثي أو تسليح إيران للحوثيين.

وذكرت المجلة الأمريكية أن تلك اللجنتين لم تبدآ دعوتهما من أجل السلام في اليمن بالتزامن مع عدوان الحوثيين على الحكومة اليمنية، بل بدأتا نشاطهما من جانب واحد فقط في عام 2015، عندما تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في أعقاب استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء.

وهاتان اللجنتان، بحسب كاتب المقال هوكينز، تلقيان باللوم على الأزمة الإنسانية التي خلقتها الحرب بالكامل على التحالف العربي، وتتجاهلان الحوثيين تماما الذين هم سبب الحرب والدمار في البلاد.

وأوضح أن "أولئك الذين يطالبون الولايات المتحدة بوقف كل شحنات الدعم والأسلحة للعرب لا يتطرقون لتسليح إيران للحوثيين".

وتطرق هوكينز إلى ما ذكرته صحيفة "بوليتيكو" في 6 أكتوبر 2021 بأن "لجنة التحالف اليمني" و"حركة التحرير اليمنية" قد انضمتا إلى منظمة "كوديبينك وجوست فورين بوليسي" في الدعوة إلى قرار أكثر صرامة من قانون سلطات حرب الأمن القومي المعلق (NSPA). والتشريع، الذي يرعاه أعضاء مجلس الشيوخ بيرني ساندرز، وكريس مورفي، ومايك لي، من شأنه أن يحد من السلطة الرئاسية فيما يتعلق بمشاركة الولايات المتحدة في العمليات العسكرية الخارجية.

وتبدأ الحجج التي قدمتها هذه المجموعات الأربع من نقطة غريبة، حيث يزعمون أن الأمريكيين اليمنيين وغيرهم من الجماعات المهمشة "تم استبعادهم من المجموعة الأمريكية البيضاء ذات الغالبية الساحقة التي قدمت المشورة في عملية الصياغة".

وأكد هوكينز أن هذه المجموعات الأربع ليست معنية حقا بأي حجج دستورية متضمنة في نقاش صلاحيات الحرب، وهي بالتأكيد ليست مرتبطة بـ"السلام" بأي معنى مجرد. إنهم يعارضون العمل الأمريكي الداعم لمصالحها الوطنية أو مصالح حلفائها ويعملون على التأثير في التغيير السياسي الداخلي لدفع قضايا المصالح الخارجية، ولا سيما تلك المتعلقة بإيران.

ولفت إلى أن ما تسمى بـ"حركة التحرير اليمنية" كانت أكثر عنفا في لغتها المعادية لأمريكا. ويقع مقر هذه المجموعة في ديترويت، وتعلن: "نحن ندرك أن شعبنا في اليمن وفلسطين والعراق وهايتي وفنزويلا والصومال وإثيوبيا ومينيسوتا وشيكاغو وديترويت، على سبيل المثال لا الحصر، هم ضحايا نفس المشروع الإمبريالي الأمريكي قتل أطفالنا هنا وتجويع أطفالنا في اليمن".

 

- إشهار الورقة الإنسانية

رغم أن مليشيا الحوثيين الإرهابية هي من تسبب بالأزمة الإنسانية في البلاد، والتي توصف بأنها الأسوأ في العالم، وهي من دمر الاقتصاد الوطني لصالح اقتصادها الموازي، وتمارس النهب والسلب واللصوصية، وتسرق رواتب الموظفين، وتثقل كاهل التجار والمواطنين من خلال الضرائب والجمارك الباهظة والإتاوات بذريعة دعم المجهود الحربي، لكنها ما زالت توظف الورقة الإنسانية وتشهرها كلما بدا أن ثمة تصعيدا عسكريا ضدها أو حتى عند الدعوة للحوار، حيث تشترط للانخراط في الحوار رفع الحصار عن المطارات والموانئ، وتبرر ذلك بأنه لرفع المعاناة الإنسانية، بينما الهدف الرئيسي هو تهريب الأسلحة ومنح قياداتها فرصة للانتقال إلى خارج البلاد.

وتحرص المليشيا على تضليل الخارج منذ بداية انقلابها على السلطة الشرعية وإشعالها حربا أهلية مدمرة وحتى اليوم، حيث نشطت منذ وقت مبكر بدعم إيراني لاستقطاب وتجنيد نشطاء وموظفين في منظمات دولية للتضخيم من المأساة الإنسانية بشكل يعود بالنفع على المليشيا، سواء للتأثير على المسار العسكري أو عرقلة جهود التسوية السياسية، أو لاستجلاب المزيد من المساعدات الإنسانية التي تنهبها المليشيا لصالحها.

كما أن العلاقة المشبوهة بين بعض المنظمات الأجنبية ومليشيا الحوثيين، جعلت تلك المنظمات تعمل على حماية المجرمين الحوثيين من خلال التلويح بالورقة الإنسانية، وهكذا تم توظيف معاناة المواطنين لحماية المجرمين الذين تسببوا بتلك المعاناة، فمعركة تحرير الحديدة، في منتصف العام 2018، تم إيقافها تحت ضغوط منظمات دولية بذريعة ما سيتسبب به ذلك من تفاقم للمعاناة الإنسانية، كما أن تلك المنظمات تضغط باتجاه رفض تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، بذريعة أن ذلك سيؤثر على تدفق المعونات الإنسانية، وسيزيد من تفاقم المأساة ومعاناة المواطنين.

 

- خطاب متناقض

يتسم خطاب المليشيا الحوثية الموجه إلى الخارج بالتناقض، وهو تناقض يعكس ارتباك المليشيا وتخبطها ومحاولتها لعب عدة أدوار دفعة واحدة، وبالتالي فهي لم تستطع ضبط ذلك الخطاب وجعله منسجما ومتناسقا، لكي تستطيع تمريره بسلاسة، وكان ذلك الخطاب المتناقض أحد عوامل انكشافها وبروزها على حقيقتها كمليشيا إرهابية ذات ارتباطات وأجندة خارجية تخريبية تسعى لنشر الفوضى والخراب في اليمن والمنطقة.

ومن نماذج ذلك التناقض، أن المليشيا ترفع شعار المظلومية وتروج له، وتحرص -من خلال وسائل إعلامها وجناحها الأسود في الخارج- على الترويج لذاتها بأنها أقلية مضطهدة، أملا في استدرار عطف المجتمع الدولي وتجنب أي ضغوط ضدها لإيقاف الحرب والتسوية السياسية للأزمة، لكنها فجأة تنسى مزاعم المظلومية والأقلية المضطهدة لتقدم نفسها بأنها هي الشعب اليمني بكامله، وتتحدث باسم الشعب اليمني، وتطالب بأن يكون الحوار لأجل التسوية السياسية بينها وبين التحالف بقيادة السعودية، أي أن تحاور هي السعودية ياسم اليمن، وكأنها هي من تمثل اليمن، وتتجاهل السلطة الشرعية والمكونات اليمنية كافة، وتحاول بذلك تقديم نفسها للمجتمع الدولي بأنها هي اليمن، أو أنها الطرف الوحيد المخول بتمثيل اليمن، وتصوير الأزمة باعتبارها أزمة بين السعودية واليمن وليس بين حكومة شرعية ومليشيا إرهابية انقلابية.

وفي حين تتبنى المليشيا الحوثية خطاب المظلومية والأقلية المضطهدة، فإنها تزعم تحقيقها انتصارات كبيرة على الجيش الوطني والسعودية، فكيف أقلية مضطهدة وبنفس الوقت تزعم أنها تحقق انتصارات عسكرية على كل الأطراف.

كما تقدم المليشيا الحوثية نفسها مدافعة عن سيادة البلاد وتصف كل مكونات المجتمع اليمني بالمرتزقة، لكنها بنفس الوقت تبدي ارتزاقها لإيران من خلال القبول بتعيين إيران حكاما عسكريين للمليشيا في صنعاء بمسميات دبلوماسية، والعمل وفق الإملاءات الإيرانية، بل وتزعم بأنها ضمن ما يسمى "محور الممانعة"، وهو مسمى تضليلي لإيران ومليشياتها في المنطقة، ويعكس ذلك مدى ارتهانها لإيران وأجندتها التخريبية، وتوظيف القضية الفلسطينية سياسيا في محاولة لغسيل جرائم إيران ومليشياتها ضد العرب لدواع طائفية. وهكذا تتخبط المليشيا الحوثية في خطابها الموجه إلى الخارج، لأنه خطاب يعتمد على الكذب والتضليل وتزييف الحقائق.

كلمات دالّة

#اليمن