الجمعة 29-03-2024 08:45:47 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الامتداد التاريخي للحركة الإصلاحية اليمنية (2-2) حركة الإصلاح السياسي الاجتماعي خلال الفترة 2022-1942م

الأحد 20 مارس - آذار 2022 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت-خاص-عبد العزيز العسالي
 

 


توفي الإمام الشوكاني، رحمه الله، عام 1250 هجرية، فتردت الحالة الفكرية في اليمن ودخلت مرحلة جديدة من الجمود والتقليد والتعصب طيلة 132 عاما. لقرون طويلة ظل الشعب اليمني يرزح تحت وطأة ثلاثية اللعنات (الجهل والفقر والمرض).. إنها الثلاثية المتراكمة عبر القرون.

مولود سلالي جديد هو جيفة التاريخ:

الشاعر الفضول، رحمه الله، وصف الإمام يحيى حميد الدين بأنه "جيفة التاريخ".. إنه وصف حقيقي ودقيق بكل ما تحمله الجملة، ذلك أن الشعوب العربية اتجهت لنشر التعليم والصحة وشق طرق السيارات، وغير ذلك مما كان ممكنا في ذلك السياق الظرفي، وبقي الشعب اليمني معزولا خلف ستار حديدي يعكس نفسية جيفة السلالية التي تشربت كل صور الحقد والتعصب الطائفي المذهبي المتحيز، الذاوي في أعماق وهاد التاريخ المنغمس في أسوأ عفونات التخلف.

جيفة التاريخ تتحلل:

سنقدم للقارئ صورا (مقرفة) تحللت عن تلك الجيفة في النقاط التالية:

- تسلم يحيى حميد الدين الحكم من الأتراك بموجب اتفاق تضمن انسحاب الأتراك، فانطلقت الدعاية الطويلة أن العماد يحيى حميد الدين هو الإمام الأعظم المنقذ الوحيد لليمن والناصر لدين الله وأنه يتمتع بشروط الخلافة.

إنها دعاية نفثتها السلالية في ذاكرة شعب مثقوبة، كيف لا، والأمية الحرفية جاثمة بنسبة 99%، وهنا كشف الإمام عن بؤرة العفونة المحورية وهي:

1- إذلال الشعب:

- دخل الإمام يحيى مدينة صنعاء وسط هتافات النصر ويحيط به شيوخ القبائل ورجالاتها فاعتلى منبر الجامع الكبير بصنعاء وطلب من شيوخ القبائل الذين اصطلوا بنار الحرب ضد الأتراك، أن يقدموا أولادهم رهائن إلى سجن الإمام ضمانا لاستقرار دولة السلالة.

- انصاع شيوخ القبائل للقرار، نظرا لحالتهم المنهكة بعد قتال طال سنوات ضد الأتراك من جهة، ومن جهة ثانية اكتشف رجال القبائل أنهم حوصروا بين جدران المسجد تحيط بهم شلة من المجرمين قطاع الطرق استأجرها الأمام للفتك السريع بمن سيتردد.

إنه إذلال، لكن الإمام يعتبرها مكافأة ومنحة من الإمام يليها تقبيل الركب والأقدام.

2- إدارة غريبة:
- اشتهر زمن الإمام يحيى بوصمتي تخلف مزرٍ هما البخل وإدارة أبسط قضايا الدولة بنفسه بشكل لا يقبله الشخص العادي.

لقد كان الإمام يحرر أوامر صرف الكدم لعساكره، وكذلك سلال التبن، أي أعلاف الحمير والبغال بخط يده.

3- أعلى الامتيازات:
أعلى امتياز يقدمه الإمام يحيى بخط يده حرفيا (خاص بالعكفة*): اصرفوا سلة تبن للعكفي فلان "وارزموا"، أي اضغطوا على التبن كي تتسع السلة لكمية تبن أكثر، وهذا امتياز خاص للعكفي.

4- وطنية غريبة:
طيران بريطانيا ضرب منطقة حريب في مأوب، فطلب الناس موقفا من الإمام تجاه بريطانيا فأجاب قائلا: كم تدفع حريب ومأرب من الزكاة؟ يعني المنطقة التي تدفع أموالا للخزينة هي وطن السلاليين لا غير.

5- الموت جوعا شهادة:
عام 1942م ضربت المجاعة شمال اليمن، ومات الكثير من الجوع، فتقدم شيوخ ووجهاء القبائل بعريضة للإمام يحيى بأن يتصدق بكدمتين لمن ألصقهم الجوع بالتراب أمام القصر، وجاء الرد كتابيا أعلى العريضة: أحسنتم، ولكن الوضع لا يتسع، واعلموا أن من مات فهو شهيد ومن عاش فهو بالابتلاء سعيد.

6- تعفنت الحبوب بسبب طول بقائها في المدافن في مناطق العدين ومذيخرة، فطلب الوجهاء من الإمام توزيع تلك الكميات المتعفنة -دينا مضمونا- رغم عفونتها، على أن يكون السداد بعد الحصاد الذي اقترب زمنه، لكن "جيفة التاريخ" انبعثت من قلب الإمام فرفض.

الجدير بالذكر أن الإمام أرسل مفتشين للمدافن -بصورة سرية- فوجدوا الحبوب قد تحولت إلى كتل من الطين المتعفن، فأمرهم بإخراجها ليلا ورميها بعيدا من أعلى الجبال الشاهقة حتى لا يأكل منها الجوعى.

7- عصر ما قبل التوراة:

مؤرخ مصري وصل إلى اليمن في مطلع أربعينيات القرن العشرين وكتب قائلا: المسافة الحضارية بين مصر وأوروبا 100 عام، والمسافة بين دول الخليج بما فيها السعودية وأوروبا 300 عام، أما اليمن فهي تعيش عهد ما قبل التوراة.

8- لا جمعة ولا رمضان:
الصحفي اللبناني أمين الريحاني في كتابه "ملوك العرب" تحدث بحيرة واندهاش حد الذهول قائلا: زرت عواصم محافظات يمنية فوجدتها لا تعرف شيئا اسمه الجمعة ناهيك عن بقية الصلوات الخمس، ولا يصومون رمضان.

الإصلاح السياسي.. نشأته، معالمه، منطلقاته:

1- التواصل الثقافي:
مطلع ثلاثينيات القرن الماضي تمكن بعض العلماء والقضاة والمدرسين من الحصول على مجلة المنار وكتب العقد الاجتماعي لجان جاك روسو ومونتسكيو، أيضا صحف ومجلات كانت تصلهم عبر البريد طيلة ثماني سنوات، فحدث حراك فكري وثقافي بين العلماء والقضاة، فتطلعت تلك الشريحة إلى الإصلاح الاجتماعي والسياسي.

2- الرواد الأوائل:
ظهرت صحيفة البريد الأدبي بصنعاء تتبع وزارة التربية والتعليم، وكان في طليعة أولئك الرواد العلامة أحمد المطاع والعلامة الوريث وغيرهم من القضاة وأحمد الحورش وغيره، وكان الهاجس هو إصلاح الوضع السياسي عن طريق الخطاب الإسلامي (الوعظ بالتي هي أحسن).

3- أبو الأحرار القاضي الزبيري:
في عام 1940م قرر الزبيري السفر إلى مصر طلبا للعلم في الأزهر ودار العلوم، غير أنه عاد عام 1942م.

4- معالم الإصلاح:
- استلهام منطلقات حركة الإصلاح الفكري عند ابن الوزير والمقبلي والأمير الصنعاني والشوكاني.
- برنامج إصلاح: تقدم الزبيري بعريضة تضمنت نصوصا قرآنية وأحاديث نبوية وأفكارا تدعو الإمام إلى القيام ببعض الإصلاحات - فتح مدارس للتعليم وكذلك الاعتناء بالصحة والعدل في المحاكم وتخفيف الواجبات المالية التي أرهقت الشعب لدرجة أن كثيرا من المواطنين هاجروا وباعوا مزارعهم.

- تجاهل الإمام تلك العريضة تجاهلا تاما.
- نصيحة علنية أطلقها الزبيري عقب صلاة الجمعة في الجامع الكبير بحضور الطاغية والذي بدوره أمر بسجن الزبيري في أسوأ سجن وهو سجن الأهنوم، طيلة تسعة أشهر.

-تم إطلاق الزبيري بعد إطلاق الرجاء من الزبيري والعلماء... إلخ.

5- الأفعى الناعمة:
كان الطاغية أحمد نجل الإمام حاكم تعز فطلب الزبيري والنعمان وعددا غير قليل من رواد الإصلاح ووعدهم بإصلاح الأمور بعد وفاة والده العجوز، غير أن الأيام أثبتت أن حاكم تعز هو أفعى بن الحية.

6- انطلق الزبيري والنعمان وغيرهما إلى عدن فأنشؤوا حزبا لكن بريطانيا رفضت دعما للإمام، وتم تغيير اسم الحزب إلى الجمعية اليمانية الكبرى وأصدروا صحيفة "صوت اليمن".

7- صياغة الدستور:
تم صياغة الدستور تحت توقيع ما يزيد عن 350 عالما وقاضيا وشيخ قبيلة، نص الدستور على رفض العنف وانتظار وفاة الإمام يحيى واختيار إمام آخر.

8- مفاجأة غير متوقعة:
تم اغتيال الإمام يحيى بطريقة غامضة فاجأت رجال الدستور، غير أن اختفاء ولي العهد بتعز جعل رجال الدستور يعلنوا ثورة 1948م.

9- استطاع ولي العهد الانقضاض على الثورة وحصد ما يزيد عن 38 رأسا لكبار العلماء والقضاة وبعض التجار.

10- جهل الشعب:
- محللون وكتاب أعادوا فشل ثورة 1948 إلى جهل الشعب.

ثورة الـ26 من سبتمبر:
1- انطلقت ثورة الـ26 من سبتمبر المجيدة عام 1962م.

2- نجحت الثورة بسبب ارتفاع منسوب الوعي الشعبي الذي رسخه رواد الحركة الإصلاحية.

3- مدنية الدولة:
كان الاتفاق بين رجالات الحركة الإصلاحية على مدنية الدولة.

4- ملابسات مختلفة:
برزت ملابسات داخلية وخارجية في مواجهة فلول الملكية فترجح ميزان جمهورية العسكر.

الحركة الإصلاحية:

1- تصويب مسار الثورة:
اشتدت وطأة إكراهات الواقع، وبدأت تغذية التمايز، لكن تيار الحركة الإصلاحية المدنية ظل ثابتا على قضية مدنية الدولة رغم الاستفزازات والأخطاء الصادرة عن تيار جمهورية العسكر.

2- التصويب بحكمة:
النضال السلمي اتجه لإصلاح الدستور بحيث يكون منطلقا من هوية الشعب وعقيدته.

3- كان تيار جمهورية العسكر يرى تأجيل تطبيق مدنية الدولة حتى تنتهي المعركة مع فلول الملكية.

4- مؤتمرات شعبية:
التيار المدني بقيادة الزبيري اتجه لإقامة مؤتمر جماهيري لإصلاح الدستور وإقامة الحكم المدني، وبعد استشهاد الزبيري، رحمه الله، أقيم مؤتر جماهيري بعمران تأكيدا على المضي والسير في خط "مدنية الدولة".

الجمهورية الثانية:
1- اتجه الجميع نحو مدنية الدولة في عهد رئاسة القاضي العلامة عبد الرحمن الإرياني رحمه الله.

2- أولوية الإصلاح الاجتماعي:
رغم الإكراهات الداخلية والإقليمية والدولية التي خلقت صورا أخرى من الصراع الفكري في هذه الفترة، والتي انعكست سلبا على الوضع عموما، نجد أن الحركة الإصلاحية الممتدة ممثلة بالعلماء والمعلمين والخطباء والمرشدين حددت أولوية الإصلاح الاجتماعي من خلال الخطاب الديني الهادئ من جهة، واتجهت للعناية بالمعلمين من جهة ثانية، وإصلاح المقرر المدرسي من جهة ثالثة.

3- قضية الإصلاح الاجتماعي كانت ولا زالت وستظل كأولوية للحركة الإصلاحية اليمنية.

4- الجمهورية الثالثة:
في عهد الرئيس الحمدي، رحمه الله، كشف أول تعداد سكاني أن نسبة المتعلمين 17%، فأعلنت السلطة يومها الاستنفار في مكافحة الأمية الحرفية.

فاتجهت الحركة الإصلاحية إلى مكافحة الأمية من خلال تأليف المقررات والقيام بمكافحة الأمية، كون الجهل هو العدو الأكبر.

5- تأسيس المعاهد العلمية:
في هذه الفترة صدر قرار الرئيس رحمه الله بتأسيس المعاهد العلمية، فانتدب الكثير من معلمي وزارة التربية إلى المعاهد العلمية.

6- ترشيد الخطاب المسجدي:
اتجهت الحركة الإصلاحية إلى ترشيد الخطاب المسجدي نحو أولويات أبرزها: الحفاظ على مؤسسة الأسرة، وترسيخ القيم والأخلاق ومواجهة الثقافة الوافدة وفي ذات الوقت السعي -قدر الإمكان- إلى إصلاح الأعراف الاجتماعية المعوجة، وكذلك العناية بالناشئة من الجنسين تربية وتثقيفا في حدود المتاح دستوريا وعرفيا.

7- الجمهورية الرابعة:
نهاية عقد السبعينيات إلى عام 1990م تزامنت فيها الحرب الباردة بين الرأسمالية والشيوعية فانتهزت الحركة الإصلاحية تلك الفرصة لتوسيع المعاهد العلمية وإصلاح المقررات المدرسية والجامعية وبناء المساجد وتوسيع دور تحفيظ القرآن.

استطاعت الحركة الإصلاحية إدخال المعاهد العلمية إلى المناطق المحرومة من التعليم خلال قرون.

8- الانفتاح التعايشي

عززت الحركة الإصلاحية -خلال فترة الجمهورية- مزيدا الانفتاح والتعايش، وفي أوج زخم انتشار المعاهد تم تصعيد شخصية هاشمية رئيسا للهيئة العامة للمعاهد العلمية، هذا الانفتاح التعايشي ساعد كثيرا على انتشار التعليم في مناطق شمال الشمال التي حرمت أبجديات التعليم طيلة قرون.

9- رافق ذلك إصلاح الخطاب المسجدي حتى تلاشى أو كاد التعصب المذهبي الطائفي أن يخفت إلى حد كبير، بل وتعلمت حيث اتجهت راغبة في التعليم في ظل أمن وطمأنينة عند أسرتها المحافظة حد التيبس.

10- كانت مقررات المعاهد العلمية شاملة بهدف تخفيف التعصب وترسيخ الحب والإخاء فهناك تفسير المراغي شيخ الأزهر وتفسير الشوكاني وهنالك كتب لعلماء آخرين في اللغة والنصوص والتاريخ... إلخ.

عهد الوحدة اليمنية:

1- لكل حدث مشاكله المختلفة، وأشد الإشكالات رافقت الوحدة قضية التعددية السياسية وقضية الحريات العامة وقضية المرأة وهلم جرا.

لقد ولدت تلك القضايا دفعة واحدة مع ميلاد الوحدة دون أية إرهاصات أو مقدمات، كيف لا، وفي يوم 21 مايو 1990 الحزبية ممنوعة دستوريا في الدولتين، وفي يوم 22 مايو الحزبية مباحة دستوريا.

2- دستور دولة الوحدة:
ولدت صحف كثيرة وانطلقت بين مؤيدة للدستور والعكس، في وضع شعبي محافظ وتناولات وتفسيرات لنصوص الدستور بصورة فجة، غير أن حركة الإصلاح -رغم إكراهات الواقع العاصفة من كل اتجاه- ظلت في خطها الإصلاحي الاجتماعي العام، كما نهضت بالعبء الجديد وهو الإصلاح السياسي بدءا من إصلاح الدستور وفق خطة سلمية تحت شعار "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت".

3- تلا ذلك وبنفس الطريقة السلمية الاعتراض على قانون التعليم.

4- خاضت حركة الإصلاح الانتخابات البرلمانية 1993م، علما أنه رافق الانتخابات قرار مشاركة المرأة، وكان هذا يمثل تحديا في مجتمع محافظ، فتعاملت حركة الإصلاح بمسؤولية تجاه القانون وتحديد لجنة خاصة بالمرأة ونجحت الفكرة بامتياز، وخاض أبناء الشعب من الجنسين تجربة الديمقراطية، واكتسب الشعب ثقافة التعايش... إلخ.

5- إصلاح الثقافة السياسية:
أفرزت الانتخابات وضعية برلمانية تبوأت فيها الحركة الإصلاحية المركز الثاني لكنها تنازلت لتكون في المركز الثالث وشعارها نحو رشد مجتمعي سياسي.

وكما دخلت حركة الإصلاح معترك السياسة بالديمقراطية فقد خرجت من الائتلاف الحكومي بذات الطريقة في الدورة الثانية 1997م.

6- انتخابات رئاسية مباشرة:
اتجهت الحركة الإصلاحية نحو حركة ترسيخ ثقافة سياسية أعمق وأكثر رشدا لدى المواطن اليمني، وذلك من خلال تقديم مبادرة سياسية بإجراء انتخابات رئاسية مباشرة، والهدف ترسيخ مفهوم سياسي دستوري ثقافي مفاده: أيها المواطن أنت اليوم لديك حق كفله الدستور، هذا الحق هو أنك قادر على انتخاب رئيس الدولة بكل حرية.

الجدير ذكره أن البعض قال إن موقف الحركة الإصلاحية في هذه الانتخابات كان هروبا سياسيا من حصول مواجهة وشيكة بين الحركة الإصلاحية ورأس النظام يومها.

والجواب هو: على صحة هذا الافتراض فإن هروب الحركة الإصلاحية يحسب لها، كونها حولت الموقف إلى مكسب شعبي وأرست أسس السلم والسلام والتعايش.

7- صدر قرار بإلغاء المعاهد العلمية وتم قبول القرار بكل سلمية.

8- تجربة اللقاء المشترك

أثبتت الحركة الإصلاحية أنها حركة إصلاحية سياسية وإصلاحية اجتماعية وثقافية وذلك من خلال تكوين اللقاء المشترك.

وقد لاقى هذا العمل إشادة عربية ودولية لصالح الحركة الإصلاحية بأنها ذات توجه نحو إصلاح اجتماعي وسياسي من موقع المسؤولية الوطنية.

9- ثورة 11 فبراير السلمية:
يمكننا القول إن الخروج الشعبي السلمي يوم 11 فبراير 2011 كان إعلانا عن سنة اجتماعية معلنة في وجه النظام الحاكم منتهي الصلاحية. من جهة ثانية، كان الخروج الشعبي وارد لا محالة وليست عدوى عربية كما يردد البعض. من جهة ثالثة كان الخروج الشعبي مفاجئا للقوى السياسية عموما.

10- كان للقاء المشترك دور ترشيدي متأخر تجاه الشباب بالتحلي بالصبر وأن نقطة ضعف النظام هي الصمود والسلمية مهما اتجه النظام لسفك الدماء.

11- وجاءت المبادرة الخليجية:
خرج الإصلاح واللقاء المشترك مرحبا بالمبادرة الخليجية رغم اللغط الذي بلغ العنان رفضا للمبادرة.
اتجهت القوى السياسية كلها لتنفيذ بنود المبادرة بدءا من عملية انتقال السلطة إلى نائب الرئيس من جهة، وبقاء السلطة في يد حزب المؤتمر الشعبي، وصولا إلى عملية الحوار الوطني، وتم إنجاح عملية الحوار الوطني رغم الصعوبات التي اعترضتها.

12- الانقلاب على الشرعية والنظام الجمهوري:

انقلبت المليشيا الإرهابية على الإجماع الوطني وعلى الشرعية الدستورية، وسعت مليشيا الإرهاب لاهثة قبل الانقلاب وبعده إلى جرجرة الإصلاح نحو الصراع، فانفلت الإصلاح وأعلن الانضمام إلى الشرعية الجماهيرية، واتجه مع كل القوى الوطنية الشريفة تحت لواء الشرعية للدفاع عن مكاسب الثورة والوحدة ومخرجات الحوار الوطني وتنفيذ المبادرة الخليجية، الأمر الذي يعطي المنصفين دلالة قاطعة أن موقف الحركة الإصلاحية اليمنية الممتد من مطلع القرن التاسع الهجري ما زال كما هو حتى اللحظة، واضعا أولويات الإصلاح السياسي والاجتماعي السلمي وإن طال الزمن، وإن الإكراهات العارضة التي اعترضت مسيرة الحركة الإصلاحية، رغم أنها استثنائية، لكنها لم تخرج عن نطاق الدولة الشرعية والدستور والقانون في كل الأحوال.

------------------------
هامش:
مصطلح عكفي هو مصطلح ديني طائفي سلالي يطلق على شريحة محددة من عساكر الإمام، تمييزا لهم بأنهم وحدهم الجديرون بالعكوف حول المذهب، حماية عقدية-تنظيمية حزبية عصبية، ولو كان العكفي لا يصلي ولا يصوم... إلخ، يكفيه فقط أنه ينفذ أوامر الإمام، فذنبه مغفور ودخول الجنة مكفول بلا أدنى نزاع.

هذا الكلام سمعته حرفيا من جاري العكفي صالح الهمداني عام 2013م، الطاعن في السن البالغ عمره 130 عاما، حيث خدم الإمام يحيى وولده أحمد وخدم بعد ثورة 26 سبتمبر ولم يقبل بالتقاعد- حد قوله- إلا في عام 1985م، وكان قد بلغ من العمر 90 عاما، وهو صحيح الجسد والعقل والبصر والأسنان.
سألته: هل تعلم ما هو المذهب؟
فرد قائلا: ليس لي دخل، أنا مقتدي بإمام وكفى.

كلمات دالّة

#اليمن