الجمعة 19-04-2024 05:56:08 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

هجمات الحوثيين على الإمارات والسعودية.. أمن الإقليم يبدأ من اليمن

السبت 29 يناير-كانون الثاني 2022 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت-خاص | عبد السلام الحاتمي

 

بعد الهجمات الأخيرة التي شنتها مليشيا الحوثي على السعودية ودولة الإمارات بواسطة صواريخ بالستية وطائرات مسيرة، يكون خطر الإرهاب الطائفي/الفارسي على أمن الإقليم قد انتقل إلى مرحلة متقدمة وتجاوز الخطوط الحمراء، خصوصا أن دولة الإمارات -تحديدا- تعد أبرز مركز تجاري إقليمي وتوجد فيها فروع إقليمية للعديد من الشركات من جنسيات مختلفة، في حين تعد السعودية من أبرز مصادر الطاقة في العالم، ما يعني أن تهديدات إيران لدول الجوار لم تعد تقتصر على التلويح بإغلاق المضائق أمام تجارة النفط والملاحة الدولية بشكل عام، وإنما باتت تلك التهديدات تصل إلى عمق الدول المستهدفة، وتتخذ من تلك التهديدات وسائل لابتزاز دول الإقليم أو المجتمع الدولي برمته سواء لتحقيق مكاسب فيما يتعلق بالمفاوضات حول برنامجها النووي أو لحماية مليشياتها في دول المنطقة وتخفيف الضغوط العسكرية عليها كلما بدأت تتكبد خسائر فادحة.

وسواء كانت مليشيا الحوثي هي من نفذت بالفعل الهجمات التي استهدفت الإمارات أو نفذها الحرس الثوري الإيراني من على متن سفن في البحر أو نفذها عسكريون إيرانيون من داخل مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، فإن تصعيدا خطيرا كهذا يتطلب تكاتف جميع دول الإقليم المستهدفة من قِبَل إيران ومليشياتها لوضع حد لتلك التهديدات والحزم في مواجهتها عسكريا، وتحييد مصادر التهديد تلك من خلال استمرار العمليات العسكرية ضد مليشيا الحوثي حتى القضاء على الانقلاب واستعادة الدولة، لأن مصدر التهديد الرئيسي ضد أمن الإقليم ينطلق من مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، وبالتالي فإن أمن الإقليم يبدأ من القضاء على مليشيا الحوثيين في اليمن، وما عدا ذلك فإن خطر تلك المليشيا وغيرها من مليشيات إيران في المنطقة سيظل يتنامى، وسيظل أمن الإقليم وأمن المضائق والبحار والمراكز الإقليمية التجارية تحت خطر إيران ومليشياتها، وستتنامى أطماع التوسع والتخريب ولن تقف عند حد معيّن، وكلما تأخر الحزم في مواجهتها ستكون كلفة المواجهة المؤجلة كبيرة.

 

- توحش المشروع التخريبي لإيران ومليشياتها

المتأمل في طبيعة الهجمات التي تشنها مليشيا الحوثي، وبدعم من خبراء إيرانيين، يلاحظ أنها تستهدف غالبا المنشآت الحيوية والمدن والأحياء الآهلة بالسكان ولا تستهدف المعسكرات، سواء كانت تلك الهجمات موجهة نحو السعودية أو الإمارات أو بعض المحافظات المحررة في اليمن، مثل محافظة مأرب، ويعكس ذلك توحش وإرهاب إيران ومليشياتها ضد دول المنطقة، باعتبار أن الهجمات التي تستهدف المناطق الحيوية والمنشآت تكون أكثر إيلاما، كونها تزعزع الأمن وتنشر الرعب في أوساط المدنيين وتؤثر على النشاط التجاري لدول الجوار.

إن فشل مليشيا الحوثي في تحقيق هدفها بالسيطرة الكاملة على مأرب، وتكبدها خسائر فادحة في أطراف المحافظة طوال العام الماضي، ثم تقهقرها خلال الأيام الأخيرة بعد قدوم ألوية العمالقة التي تمكنت من تحرير ثلاث مديريات بمحافظة شبوة كانت مليشيا الحوثي قد سيطرت عليها في سبتمبر الماضي، ثم التحام تلك الألوية بقوات الجيش الوطني في جنوبي محافظة مأرب، ومطاردة المليشيا من المديريات والمناطق التي كانت قد سيطرت عليها في أطراف المحافظة، كل ذلك دفع مليشيا الحوثيين وحليفتها إيران للثأر من السعودية والإمارات، من خلال قصف أراضي الدولتين بواسطة طائرات مسيرة وصواريخ بالستية، بسبب دعمهما للجيش الوطني وألوية العمالقة خلال المعارك الأخيرة في شبوة ومأرب، ومطاردة مليشيا الحوثيين هناك وتكبيدها خسائر كبيرة في الأرواح والآليات العسكرية.

تدرك مليشيا الحوثي، ومن ورائها إيران، أن استهداف المناطق الحيوية والمناطق الآهلة بالسكان في السعودية والإمارات سيقلب الطاولة عليها، وستدفع ثمنا باهظا لتلك المغامرات، لكن هجماتها الأخيرة، خصوصا التي استهدفت الإمارات، كانت بدافع الثأر واليأس وليس بدافع تحقيق انتصارات عسكرية تعوض هزائمهما في غربي شبوة وجنوبي مأرب، كما تهدف المليشيا من تلك الهجمات إلى رفع معنويات مقاتليها في الجبهات الذين يفرون بجلودهم كلما تقدمت قوات الجيش الوطني وألوية العمالقة نحو مواقعهم، أي أن المليشيا كلما تكبدت هزائم وخسائر على الأرض، تسارع إلى دفن رأسها في الرمال، وتقدم على مغامرات عسكرية تعتقد أن نتائجها ربما تكون لصالحها، لكن ما يحدث دائما يكون عكس توقعاتها وتقديراتها الخاطئة.

كما أن المليشيات الحوثية تعتقد أن الهجمات على أهداف حيوية في السعودية أو الإمارات، سواء كانت منشآت نفطية أو صناعية أو تجارية، من شأنها تحييد الدولتين عن التدخل الداعم للسلطة اليمنية الشرعية، من أجل الحفاظ على مصالحهما، لكن ما أثبتته الأحداث خلال السنوات الماضية أن تلك أيضا تقديرات خاطئة، فالسعودية لم توقف تدخلها العسكري المساند للسلطة الشرعية رغم هجمات الحوثيين على منشآت حيوية فيها منذ سنوات، وكذلك الإمارات لا يبدو أنها ستنحني أمام هجمات مليشيا الحوثي بصرف النظر عن المنفذ الحقيقي للهجمات على أراضيها، بدليل أنها، وبالاشتراك مع السعودية، كثفتا من غاراتهما الجوية على مواقع تمركز الحوثيين في جبهات مأرب، بالإضافة إلى استهداف مواقع الحوثيين في صنعاء والحديدة وصعدة وتعز وغيرها بكثافة، فضلا عن كون الدولتين لديهما منظومات دفاع جوي حديثة تتصدى لأي مخاطر على أراضيهما، مما يقلل من فاعلية هجمات إيران ومليشياتها على أراضيهما وتحييدها.

 

- كيف طوقت إيران منطقة الخليج بمليشياتها؟

في ظل سباق تسلح بين الدول الفاعلة في الإقليم، يزيد من خطورته مضي إيران في تطوير برنامجها النووي، ومخاوف من أن تصل تقنيات ذلك البرنامج إلى أيدي مليشياتها في المنطقة، فإن مخاطر التساهل مع المليشيا الطائفية التابعة لإيران ستبرز في المستقبل، خصوصا أن إيران تمكنت من تطويق دول الخليج العربي بمليشيات طائفية من جهات عدة، وتجاهر تلك المليشيا بعدائها للحكومات القائمة، وتتبادل المقاتلين والخبراء العسكريين وغيرهم، وتعزز علاقاتها فيما بينها.

ًكما لا يمكن إغفال خطورة الوضع الراهن الذي يمثل حصادا لمجمل تراكمات التمدد الإيراني في المنطقة وتشكيل ودعم مليشيات إرهابية طائفية تدين لها بالولاء، ويتمثل ذلك الوضع في تمكن إيران من تطويق السعودية وغيرها من دول الخليج العربي بالمليشيات الطائفية من جهات عدة، ودعمها بالسلاح والخبراء العسكريين، وتعزيزها بكتائب من الحرس الثوري الإيراني الذي أنشئ أساسا ليكون ذراع إيران للتدخل العسكري في خارجها ضمن أهدافها لتصدير الثورة الخمينية وملشنة المنطقة بالمليشيات الطائفية الإرهابية، والحرص دائما على تعزيز مكاسب مليشياتها وتعبئتها عقائديا لتستمر في القتال لأجلها إلى ما لانهاية.

لقد استغلت إيران تحسن علاقتها مع بعض الدول العربية خلال تسعينيات القرن الماضي لتشكيل ودعم مليشيات طائفية إرهابية تابعة لها، لا تجيد سوى العنف واستخدام السلاح، كما استقدمت كثيرا من قيادات تلك المليشيات أو أبناءهم إلى أراضيها بذريعة الدراسة وغيرها، ومن ثم شحنهم بفكر طائفي عنصري سلالي بغيض، وتحريضهم على القتال ضد حكومات بلدانهم واستباحة دماء مخالفيهم عقائديا، وتدريبهم على استخدام الأسلحة، وتكثيف خطاب المظلومية في أوساطهم، وأنشأت كثيرا من القنوات الفضائية الطائفية التي تكرر من شكاوى المظلومية والاضطهاد.

أما الهدف من ذلك فيكمن في إيغار الصدور ودفع المليشيات الموالية لها إلى سفك دماء الآخرين أو اختطافهم ومحاكمتهم بدوافع ثأرية وانتقامية غذتها إيران، وتدرب تلك المليشيات عبر ما تسميه الحرس الثوري، الذي يعد يدها العسكرية الضاربة في الخارج التي تؤسس المليشيات وتحرضها ضد الحكومات والشعوب وتدربها وتدعمها، وقد تم ذلك في غفلة من حكومات دول المنطقة، التي فتحت ذراعيها لتحسين العلاقة مع إيران، التي كانت حينها قد خرجت للتو منهكة بسبب حربها مع العراق لمدة ثماني سنوات، ولم يتبين خطر تلك المليشيات إلا بعد بروز تحولات في أزمات الإقليم تميل نحو الصراعات الطائفية التي تغذيها إيران.

كلمات دالّة

#اليمن