الخميس 28-03-2024 19:18:31 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

موروث إمامي وأجندة إيرانية.. سبع سنوات من الاستهداف الحوثي للثقافة والسياسة والشباب

السبت 18 ديسمبر-كانون الأول 2021 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت – خاص |عبدالله المنيفي
 

 

تقرير | عبدالله المنيفي

باتت مناطق سيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، ساحة لتجريف الهوية اليمنية، بكل مقوماتها، وميدانا لفرض ثقافة بائدة وأفكار وافدة تشكل القاعدة الأساسية للمليشيا الحوثية (الإمامية) ومشروع إيران التدميري التوسعي.

فمنذ الانقلاب الحوثي المشؤوم على الدولة اليمنية وإرادة الشعب اليمني في 21 سبتمبر 2014، اتجهت المليشيا إلى ما يشبه حرق الأرض، وما يطلق عليه المثقفون "تدمير الثوابت وترسيخ النوابت"، وهو ما اتضح جلياً باستهداف الرموز الجمهورية في تواريخها ومعالمها وشخوصها، واستجرار ماضي الإمامة، واستيراد هوية وافدة ومناسبات طائفية سلالية لا تخدم سوى مشروع إيران في المنطقة.

لقد كانت أهم ثلاث واجهات ميزت اليمن خلال العقود الماضية، في مرمى الحقد الحوثي، التي ركزت على تجريف الثقافة والهوية، وسحق الشباب ومؤسسات الرياضة، وضرب العمل السياسي السلمي، إلا أن المقاومة المجتمعية لا تزال تفشل الاستهداف الحوثي للمشهد الثقافي، ومثله الشبابي والسياسي.

سحق الثقافة وإحلال النهب والخرافة

تستهدف مليشيا الحوثي الماضي وتدمر الحاضر وتفخخ المستقبل، من خلال توجيه سهامها العنصرية نحو الثقافة اليمنية العربية الأصيلة، وهو ما يعكس حجم الفكر الدموي الذي يحمله الحوثيون، وخطرهم على تاريخ اليمن وحاضره ومستقبله، وتدمير المعالم التاريخية والموروث الحضاري، لتصبغ المشهد الثقافي اليمني بلون الثورة الخمينية.

وحتى يتسنى لها تدمير البنية الثقافية لليمن، جاءت بأفكارها التي تستند إلى الخرافة ونظرية الحق الإلهي وقدمتها على أنها ثقافة قرآنية، وغلفت أفكارها الدموية بغلاف "الهوية الإيمانية" في مواجهة الهوية اليمنية الوطنية، وحولت الأدباء والمثقفين إلى هوامش في المجتمع، وملاحقين لمليشياتها، واستهدفت المؤسسات الثقافية، وأنهت المشهد الثقافي في البلاد، لتحويل اليمن إلى بؤرة لترويج الفكر العنصري والعنف والدموية.

خلال الأيام الماضية فقط، حولت مليشيا الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، بيت الثقافة الشهير وسط صنعاء ليكون معرضا لبيع الملابس الجاهزة في معارض الكتب والفعاليات الثقافية والفن التشكيلي، حيث يعد بيت الثقافة أحد أهمّ الأروقة الثقافية في اليمن، وأصبح منذ افتتاحه في العام 2000م، منارة حضارية وساهم في الحراك الثقافي اليمني، كوجهة مهمة للفعاليات الثقافية والفنية.

بعدها بساعات عرضت المليشيا مبنى الهيئة العامة للمعاشات للإيجار بعد نهب أموال المتقاعدين وإيقاف معاشاتهم والتي تم خصمها من رواتب الموظفين وإحالتهم إلى التقاعد في أكبر عملية نهب تشهدها اليمن منذ قيام النظام الجمهوري مطلع ستينيات القرن الماضي، ولتستثمر المبنى لصالح قيادات حوثية والتي أصبحت تمتلك العديد من العقارات بالعاصمة صنعاء وفي العاصمة الإيرانية طهران واللبنانية بيروت.

والمحصلة، أن النشاط الثقافي في اليمن شهد تراجعاً كبيراً وانحداراً مخيفاً خلال السنوات الماضية، وبات المثقفون في مناطق سيطرة المليشيا معزولين عن محيطهم، فغابت معارض الكتب والإصدارات الثقافية، وطفت على السطح أفكار ضحلة تمثل هرطقات مؤسس الجماعة العنصرية أطلقوا عليها أسم ثقافة، وهو ما أعاد إلى الأذهان العزلة الرهيبة التي عاشتها اليمن أثناء الحكم الإمامي البائد.

الموت للشباب بدلاً من الرياضة

الأسبوع الماضي، احتفل كل اليمنيين بتتويج المنتخب الوطني للناشئين ببطولة غرب آسيا المقامة في مدينة الدمام السعودية، بينما أطلقت مليشيا الحوثي حملة في محاولة منها لاختطاف فرحة اليمنيين بأول بطولة ينالها منتخب يمني، فخرج اليمنيون بشعار موحد "بالروح بالدم نفديك يا يمن" الذي لم يرق للمليشيا وشعرت بالغربة والفشل بعد سبع سنوات من استهداف القطاع الشبابي وتدمير المؤسسات والأندية الرياضية.

ويأتي بعد ذلك مقتل مراهق استقطبته مليشيات الحوثي ودفعته للموت في جبهات مأرب، بعد أن كان يحلم بأن يصبح بطلاً للجمباز.

هذه الأحداث ليست منفصلة، بل هي حلقات في سلسلة جرائم وانتهاكات حوثية مستمرة، ليس أولها احتلال ومصادرة أندية رياضية وتحويلها إلى مقار للمليشيا وسجون لليمنيين، وليس آخرها الادعاء أن زعيم مليشيا إرهابية دعم في الآونة الأخيرة الرياضيين وهو الذي لا يعترف بهم أصلاً، وما بين ذلك ما تعرض له لاعبون ونجوم للقتل أو الاعتداءات، علاوة على قصف المنشآت الرياضية.

وخلال السنوات الماضية، أقدمت مليشيا الحوثي (الإيرانية) على نهب المليارات من صندوق النشء والشباب منذ انقلابها الدموي، وباتت تبتلع إيراداته البالغة نحو 6 مليار ريال سنوياً.

العمل السياسي السلمي وغدر الإمامة

باءت محاولات القوى السياسية اليمنية والجهود الدولية المصاحبة منذ وقت مبكر، في تحويل الحوثي من مليشيات وسيلتها العنف والسلاح، إلى حزب سياسي، لأن ذلك في نظر الكثيرين في حكم المستحيل، لمليشيا نشأت على أساس العنف والدماء، ولا تؤمن بالعمل السياسي وأدواته السلمية وسيلة للتنافس على السلطة.

أصاب انقلاب مليشيا الحوثي العمل السياسي في مقتل، فقد كانت مبرمجة من قبل ممولها للعمل على تجريف العمل السياسي، ودشنت جريمتها المشهودة بنسف الحوار الوطني ومخرجاته الذي توافقت عليه كل القوى اليمنية.

لقد شاهد العالم كيف أن مليشيا الحوثي صادرت الحياة السياسية برمتها لصالح العصابات المليشياوية، ومضت معاكسة لإرادة اليمنيين، الذين يأملون عودة الحياة السياسية إلى مناطق سيطرة المليشيا، لتسود لغة السلام والحوار، الذي هو قرين للعمل السياسي السلمي.

وترى مليشيا الحوثي أن العملية السياسية القائمة على التنافس السلمي وأدوات العمل الديمقراطي والانتخابات تتناقض كلياً مع فكرها الإمامي، فسارعت للعمل على نسف مكتسبات اليمنيين، فعادت الأحزاب ووجهت نحوها سلاحها، واقتحمت مقرات الأحزاب وصادرتها ونهبتها، ولاحقت السياسيين والكوادر الحزبية، واختطفتهم ومارست بحقهم التعذيب والتصفيات، في جرائم يندى لها الجبين، ولا أدل على ذلك أن عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح ورجل الحوار الأستاذ محمد قحطان مُغيب قسرياً منذ اختطفته المليشيا في بداية أبريل 2015، دون أن تعرف أسرته عنه شيئاً.

ورأى سياسيون أن تجريف مليشيا الحوثي الإرهابية للحياة السياسية جريمة حقيقية، كما اعتبر مراقبون نهب ومصادرة مقراتها وسيلة لإثراء قادة المليشيات، عبر تحويلها لاستثمار خاص.

لقد مثل استهداف مليشيا الحوثي لثلاث من أهم الواجهات في البلاد "الثقافية والسياسية والشبابية" حرباً إيرانية على الشعب اليمني، أداتها مليشيات عنصرية، لكنها أدركت مؤخراً أن مهمتها مستحيلة في ظل صحوة يمنية واضحة المعالم.

كلمات دالّة

#اليمن